<<<<<<
أدركت ما يرمي له ذلك اللعين ،،
قلت ليوسف : عزيزي يوسف ،، أنا أحبك أكثر من أي شيء أخر ،،
ولن أتخلى عنك ما حييت ،،
أخلص نيتك لله سبحانه ،، وقاتل ذلك اللعين فلقد علمتني أن نفعل جميع أمور حياتنا تقرباً لله تعالى ،،
أنه يحاول أن يثنيك عن قتاله ،، أنت أقوى منه بإيمانك ،،
أنظر حولك ألا ترى شياطينه صرعى ،،
أشدد عزيمتك ،، وقاتله على بركة الله .
قويت عزيمة يوسف ،، فشد على سيفه ورمحه ،،
وقال صارخا باللعين هاجماً عليه :
أقاتلك دفاعاً عن أمر ربي ،، أقاتلك لأرفع كلمة لا إله إلا الله محمداً رسول الله عالياً ،،
أقاتلك دفاعاً عن زوجتي ،،
التي أمرني بالإحسان إليها ،، والدفاع عنها ومحبتها .
قاتله بشراسة ،، ببطولة قلما نجد لها نظير ،،
قلت مشجعة : نعم ،، هذا زوجي الذي أعرفه ،،
هذا زوجي باسل من البواسل ،، شجاع من الشجعان الأشداء .
أخذت أدعو الله في سري ليحميه ،، قلت : ربي برز للقتال أغلى الناس على قلبي ،،
جهاداً في سبيلك ،، فاحفظه بحفظك .
دار قتال عنيف بين يوسف واللعين ،،
يوسف يهجم عليه تارة بسيفه ،، وتارة برمحه ،،
والشيطان يدافع بدرعه الناري ،، ثم يهجم على يوسف ،،
ليأخذ يوسف موقف المدافع ،،
توقف يوسف يستجمع قواه ،، ثم قال للعين :
إستسلم فأنك خاسر لا محالة ،، فأنت الشيطان الرجيم الذي لعنه الله وملائكته ،،
وتوعد له بسوء المصير ،،
أنا أقوى منك ،، فأنا أقاتلك بسلاح باطنه الرحمة ،، وظاهره العذاب المهين .
قهقه ذلك اللعين بصوته المقرف ،،
وقال : أنت أقوى مني ،،
أنا من أخرج أباك وأمك من الجنة ،، أنا من شجع الأخ على قتل أخاه ،،
أنا من أمر بقتل الأنبياء ،، أنا من تلاعب بكم كدمى ،،
فيكفي وسوسة صغيرة مني ،، لتفعلوا ما أمركم به ،،
أنت لا قدرة لك على قتالي ،، فتراجع قبل أن تهزم شر هزيمة .
قال يوسف : لا........ أنا مع الحق والحق معي ،،
أنت تتفاخر بأن هناك من أتبعك ،، وأنت وهم في الدرك الأسفل من النار ،،
ولكني مع المخلَصين بأذن الله الذي لا سلطان لك عليهم .
في أثناء ذلك غرس يوسف درعه في الأرض ،، وصعد على قمته ،،
وقفز عالياً رافعاً سيفه ،، ليهوى به على عنق اللعين ،،
ليفتك به ويحيله لذرات من النار ،،
سعدنا كثيراً ،، وأطلنا النظر في تلك الذرات ،،
وغفلنا عن سيف الشيطان الناري ،،
الذي أرسله لِيُغمد في صدر يوسف ،،
ضحك ذلك اللعين ،، وقال : هذه جولة من الجولات ،، وليست الحرب .
خر يوسف على الأرض ،، يرفل بدمه ،،
فُكت عني قيودي ،، وأسرعت لأحتواء يوسف ،،
ووضعت رأسه في حجري ،، وصرخت بأعلى صوت لدي:
يـــــــوســـــــــف
فليساعدني أحدكم ،، يوسف جريح ،، ساعدوه أرجوكم .
أجتمع حولي الجن ،،
رأيت أبي مقبلاً ،، رميت بنفسي على صدره ،،
وقلت باكية منتحبة : أبي زوجي جريح أرجوك ساعده .
ربت على كتفي مطمئناً .
حمله الجن ،، ثم أخذوه إلى الحكيم ،،
نظر في حاله وقال: الحمد لله الضربة ابتعدت قيد أنملة عن قلبه ،،
ولكنه نزف دماً كثيراً ويحتاج لدم بديل .
قلت باكية : خذوا دمي بأكمله ،،وأعطوه إياه .
قال الحكيم : ذلك لا يفيد ،، فأنت من خلقة وهو من خلقة
أخرى ،، وتركيبة دمك يختلف عن تركيبة دمه .
أنه بحاجة لدم بشري .
قلت : دعوني أرحل به لعالمه لِيُنقل له ذلك الدم .
نتقلنا بطريقةٍ ما لعالم البشر ،، بعد أن تهيئ أبي ومن معه على هيئة البشر ،،
أما أنا فبقيت على هيئة الإنسية راحيل .
وصلنا لعيادة الطبيب ،، الذي نذهب إليه دائماً ،،
وهممت بطرق الباب ،،
ولكني تذكرت أمراً فقلت لأبي : لقد نسيت ارتداء عباءتي ،، فيوسف يرفض خروجي من دونها .
فرقعت بأصابعي ،، ظهرت عباءتي فأرتديتها ،،
ثم دخلنا للعيادة ،، وطلبنا المساعدة ،، فقُدمت لنا ،،
وأُحضر له الدم الذي يحتاجه ،، ثم وُصِل بجسده ،، وجُعل تحت المراقبة .
قال الطبيب : أن جرحه عميق ،، ولقد فقد كمية كبيرة من الدم ،،
وهو في حالة حرجة ،، لقد عملنا له اللازم ويبقى أن ندعو له .
ولكن ما سبب أصابته ؟
فحرت بما أجيب فقلت له : عندما يستعيد عافيته بأذن الله سيخبرك .
قال : أنه جرحه عميق ،، ولابد من التحقيق في الأمر ،،
سأحول الموضوع لمركز الشرطة ،، لأخلي مسؤوليتي .
قلت له : لا داعي لأخبارهم ،، الموضوع بسيط ،، وعندما يفيق سيخبرك بنفسه .
قال : لا ذلك أمر ضروري ،، يجب عليَّ فعله .
غضبت ،، وصرخت به: قلت لك لا داعي لذلك .
قال بصوت مرتفع : لقد كنت أشك بأمرك منذ البداية ،، والآن تأكد شكي ،، أنت سبب جرحه ذاك سأبلغ الشرطة عنك .
نهض أبي ،، وواجه الطبيب ،،
نظر في عينيه فبرقت عيون أبي ،،
فسيطر على الطبيب بطريقة ما ،،
ثم قال أبي له : أخبرتك بأنه عندما يشفى بإذن الله سيخبرك بنفسه ،، ألا تفهم .
أخفض الطبيب رأسه مطيعاً ثم انصرف .
أقترب مني والدي فعانقني وقبل رأسي ،،
رميت نفسي في بحر حنانه ،،
أرتشف منه فقد قارب الظمأ على الفتك بي ،،
قلت له باكية : هل سينجو يوسف يا أبي ،، إن أصابه مكروه لن أسامح نفسي .
قال أبي ماسحاً على رأسي مواسياً: هوني عليك يا عزيزتي ،، سينجو بإذن الله الواحد الأحد .
أبعدني عنه ،، وأخذ ينظر لوجهي بحنان أبوي ،،
ثم قال : لقد اشتقت إليك يا صغيرتي ،، الحمد لله الذي أعطاني العمر لأراك مرة أخرى .
لقد أثر اختفاءك فينا كثيراً ،،
أمك وقعت طريحة الفراش حزناً عليك ،، وأخواتك فقدن بهجتهن ومرحهن ،،
وأخوك ذبل عوده بدونك .
بحثنا عنك كثيراً فلم نجد لك أثر ،، حتى خلنا بأنك فارقت الحياة لا سمح الله .
قلت له وأنا أقبل يديه : أنا آسفة يا والدي ،، لقد خالفت
أوامرك ،، وانتقلت لعالم البشر ،، أصبحت إنسية أعيش بينهم .
قال : نعم ،، لقد أخبرني يوسف بما جرى لك ،،
وأنا شاكر له كل الشكر على حسن صنيعه معك ،،
فهو رجل قلما نجد له نظير في هذه الأيام .
قلت له : كيف وجدكم يوسف ،، وكيف تمكنت من تكوين ذلك الجيش .
قال : لقد وجدناه تائهً ،، حائراً ،، خائفاً ،،
يبحث عن مأوى يلجأ إليه ،، آويناه وأكرمناه ،،
ولما أطمئنت نفسه ،، وسكن روعه ،، روى لنا قصته ،،
فتوصلت إلى أن زوجته التي تحدث عنها ما هي إلا أنت .
تجمع أكابر العشيرة ،، وبحثوا في الأمر ،،
ثم طلبوا مساعدة العشائر الأخرى ،، فلبوا النداء فتكون ذلك الجيش ،،
ولقد أنظم لنا يوسف ،، وأبلى بلاء حسن .
قلت له : أين أمي وأخواتي ،، لقد اشتقت إليهن كثيراً ،،
لقد كنت أعيش في عالم البشر وحيدة ضائعة بلا هوية ولا انتماء .
قال أبي : أمك ستأتي بعد قليل ،، ولكن أخوتك لا يستطيعون القدوم فهم دون السن القانوني للانتقال للعالم الأخر .
قلت له والدهشة تعلوني : السن القانوني وكيف ذلك ؟
قال : نحن معشر الجن ،، لا نستطيع الظهور في العالم الآخر ،،
إلا بعد أن يتجاوز الفرد منا ،، عدد معين من السنوات ،،
ولابد من التدريب المستمر من أجل تحقيق تلك الغاية .
قلت بغضب : إذن ذلك اللعين أستغل جهلي بهذا الأمر وخدعني .
قال : للأسف يا صغيرتي نعم لقد فعل .
>>>>>
المفضلات