<<<<<



ارتديت عباءتي ،، وخرجت مع يوسف ،،
وسرنا حتى وجدنا سيارة تقلنا إلى مركز الشرطة ،،
وصلنا فارتعدت فرائصي خوفاً ،،
ماذا لولم يكونوا أهلي ....
أبعدت هذه الفكرة عني وتوكلت على الله .
دخلنا المركز ،، ولقد تذكرت أول مرة دخلت فيها المركز ،،
فزداد خوفي ،،
وأمسكت يد يوسف استمد منه الشجاعة ،، فربت على يدي مطمئناً ،،
خاطب يوسف أحدهم وأخبره بسبب قدومنا فوجهه لمكان معين ،،
ذهبنا للمكان الذي يقصده ،، وكان غرفة يجلس فيها رجل خلف مكتب ،،
وأمامه تجلس امرأة متشحة بالسواد معها رجل ،،
حياهم يوسف ،، ففعلت مثله ،، ثم قال للرجل خلف المكتب :
- لقد جئنا بطلب منكم بشأن أهل زوجتي .
- الرجل : نعم هذا الرجل وهذه المرأة يدعيان بأن أبنتهم مفقودة ،، وقد تكون زوجتك ،،
دعها تنظر إليهم فلربما عرفتهم .
أخذت أنظر للرجل مع المرأة ،، مرة بعد أخرى ،،
وأعصر ذاكرتي عصراً ،،
علها تنقدني ،، ولكنها تأبى ذلك ،،
شددت يد يوسف بيدي المرتجفة ،، فشد عليها بدوره ،،
ثم قلت والدموع تجمعت في مقلتي : أنا لا أعرفهم .
- يوسف : ألا تذكرين أي شيء قد يتعلق بهم ؟
قلت وقد سالت دموعي : لا ..... لا أتذكر شيئاً .


فقال يوسف : معذرة ،، ولكن زوجتي مصابة بفقد الذاكرة ،،
ولا تتذكرهم .


فقال الرجل خلف المكتب :
أذن دعهما يشاهدان وجهها ،، فلربما يتعرفان عليها .


ثارت الغيرة في صدر يوسف ،،
ثم قال : المرأة فقط تراها ،، وتكونان لوحدهما أيضاً .


عبس الرجل ،، ثم قال : كما تشاء .
غادر الرجال الثلاثة ،، وبقيت أنا مع المرأة ،، فكشفت كل واحدة غطائها ،،
رأيتها امرأة رسم الحزن عليه لوحاته ،،
قلت في نفسي : هل هذه أمي .


نظرت لي تتفحصني ،، ثم قالت بعد صمت رهيب دام لدهر : لا ،، لست أبنتي .
ثم أخذت بالبكاء ..


وقعت كلماتها عليَّ كخنجر ،، غرس في قلبي ليقتلعه ويتركني بلا حياة ،،
تسمرت في مكاني ،، مصدومة مذهولة ،،
كنت كالذي بنى قصراً عظيماً فخرَّ أمامه متحطماً ،،
هكذا كانت أحلامي التي رسمتها مع أهلي .


لم أشعر إلا بيد يوسف ،، والتي كانت تربت على كتفي،،

قال لي : راحيل أمنية روحي هل أنت بخير ؟

ارتميت على صدره باكية ،،
أخذ يواسني ،، ويمسح على رأسي ،، ويسمي بالرحمن ،،
قال لي : عزيزتي أين صبرك ،، أن الله يحب الصابرين ،،
فأن الله إذا أحب عبداً أبتلاه ،،
قوي عزيمتك بالله ،، وستجدين أهلك في نهاية المطاف صدقيني .


قلت باكية : يوسف لقد تعبت من الحيرة ،، من التيه ،،
أريد أن أعرف من أنا ،،
من هم أهلي ،، أريد أن يكون لي أب ،، وأم ،، وأخوة ،،
لقد تعبت من الوحدة .


قال مواسياً ،، وهو يمسح دمعي بيده : وأين أنا ،،
ألا يمكنك اعتباري أب لك ،، وأم وأخوة ،،
ألا يمكنك اعتباري هويتك ،، ذاتك ،، ملاذك ،، وطنك .


قلت : وأنت كذلك .

غادرنا ذلك المكان ،، بقلوب حزينة كسيرة ،،
بعد أن كانت ترقص طرباً .




>>>>>