<<<<<



ودعني وانصرف ،،
وأنا سارحة بخيالي في الأطفال الذين سأنجبهم ،،
قمت بالأعمال المنزلية ،، حتى جهزت الطعام ووضعته على الموقد ،،
أريد طهوه ،،
فتذكرت أن الأسطوانة فارغة ،،
أشعلت الموقد على سبيل المحاولة ،،ولكنه لم يشتعل ،،
خاطبت الموقد بغباء ،، كأنه يفهمني :
أشتعل أيها الموقد ،، فزوجي سيعود من العمل جائعاً ويريد طعامه جاهزاً ،،
هيا اشتعل ،، اشتعل ،، اشتعل ........


ثم اشتعل ،، لتخرج منه النار المناسبة لطهي الطعام ،،
قلت له : موقد جيد .
ثم أخذت في طهي الطعام حتى نضج ،،
وأصبح صالحاً للأكل ،، مصحوباً بمحبتي وشوقي لرؤية زوجي .


قاربت الشمس على الغروب ،، فتثأبت وبدأت بالاختفاء ،،
ليظهر القمر ،،
ويتمنى لها ليلة سعيدة ،، ومن ثم يحتل مكانها ،، ليزين لوحة السماء .


حينها ،،
حانت عودة يوسف ،، فهيئت نفسي لاستقباله ،،
فتزينت بأحلى زينة ،، وتطيبت بأجود أنواع الطيب.
دخل المنزل ،، فرسمت أجمل ابتسامة على وجهي ،،
ورحبت به ترحيباً يدل على شوقي لرؤيته ،، فرحب بي بشوق ولهفه .


قلت له : لابد أنك جائع ،،
اذهب لتستحم ،، فرائحتك نتنه ،، وسوف أسكب الطعام .


ضحك وقال : رائحتي نتنه شكراً لك ،،
سأذهب دونما إحراج .


غادر ،، ولكنه توقف في منتصف الطريق ،،
وقال :


راحيل ،، كيف طهوت الطعام ،، وأسطوانة الغاز فارغة ؟؟

قلت له ضاحكة :
لقد هممت بالطبخ ،،
ثم تذكرت بأنها فارغة ،، وبالتالي الموقد لن يعمل ،،
فخاطبت الموقد ببلاهة ،،
وطلبت منه أن يشتعل ،، فاشتعل فطهوت الطعام .


تجهم وجهه وقال :
راحيل لا تتلاعبي بي ،،
هل ترينني طفلاً صغير لأصدق كلامك ،،
هيا أخبريني بالحقيقة .


قلت ،، وقد علاني شيء من الضيق ،،
لتكذيبه إياي :
لماذا أكذب عليك ،، هذا ما حدث فعلاً .


قال : عزيزتي راحيل ،،
لسنا في رسوم متحركة ،، حتى يعمل الموقد من غير وقود .


قلت بضيق أكثر : ولماذا سأكذب عليك ؟

قال : عزيزتي ،،
أنا لم أقصد بأنك كاذبة ،،
ولكن ربما كان في الأسطوانة الشيء القليل من الغاز ،،
والذي جعل الموقد يعمل ،، فهذا منطقي أكثر من أمرك له

بالعمل ،، فأطاع الأمر وعمل .
قلت له : لعله مثلما تقول .



==============


جلسنا نتناول الطعام بهدوء على غير المعتاد ،،
وفي أثناء ذلك ،،
توقفت عن الطعام ،، وقمت بجلب الملح ،،
وقدمته ليوسف ،،
فقال : وما أدراك أني أريد الملح ؟
فقلت له : أنت قلت أن الطعام يحتاج لقليل من الملح .
قال مندهش : أنا لم أنطق بحرف .
قلت متضايقة : لا قلت ،، وأنا سمعتك أم أنك تشكك في سمعي أيضاً .
قال يوسف : أنا لم أقل أني أريد الملح ،، انما فكرت بذلك .
قلت متذمرة : لا ،، لقد قلت ،، وسمعتك بأذني هذه .
قال يوسف : ............. أنا أسف ،،
لربما نطقت بها من غير وعي ،، فأحيانا تفكرين في شيء ثم تجدين نفسك تتحدثين به ،،
أنا اعتذر إليك .
قلت له : لا بأس.
ثم عدنا لتناول الطعام ،،
ولكن بشهية أقل ،، لا أعلم ما باله يوسف اليوم .
قلت :أنا لم أنزعج منك ،، ولكن انزعجت لعدم تصديقك إياي.
شهق يوسف وقال : أقسم بالله أني لم أنطق حرفاً .
قلت مستنكرة : لا تحلف بالله كذبا ،، لقد سمعتك .
قال : أنا لم أحلف بالله كذباً .....حقاً أنا لم أتحدث ،،
فكيف عرفت ما دار في خلدي ؟
قلت : أنا صادقة فيما أقول ،،
لا أعلم ماذا دهاك اليوم ،، تريد افتعال المشكلات ،،
لربما مللت مني ،، وتريد الخلاص مني بهذه الطريقة .
قال : راحيل ،، لماذا تقولين ذلك ،،
أنا لم أمل منك ،،
ولكنك اليوم تبدين غريبة الأطوار ،، ابتداء بالموقد ،، وانتهاء بما يدور في عقلي .
نهضت باكية وأنا أقول : أنت لا تصدقني ....
أنت لا تحبني ......
للهم خذني إليك ،، ليرتاح يوسف مني .
قال يوسف : راحيل عزيزتي ،، كفي عن الدعاء على نفسك بالموت ،،
صدقيني أنا أحبك ،، ولا أريد الخلاص منك ،،
فأنت أجمل حدث في حياتي ،،
راحيل توقفي عن البكاء ،، فذلك يؤذي قلبي .
جلست القرفصاء في ركن من أركان البيت،، منكسة رأسي باكية ،،
فأقبل يوسف يعتذر مني ،،
مسح بيده الحانية على رأسي ،،
وقال : أنا أسف ،، أرجوك توقفي عن البكاء ،، لقد قطعت قلبي .
رفعت رأسي ،، أنظر إليه ،،
ثم هممت بالحديث ،، ولكنه قاطعني بقوله :
راحيل لما عيونك تبرق بهذا الشكل الغريب ؟
صرخت به : وعن أي بريق تتحدث الآن ؟
قال خائفاً : عيونك تبرق ،، مثل عيون القطط في الليل .
قلت صارخة : يوسف ماذا أصاب عقلك ؟
هل أنا مثل القطط ،، أبتعد عني لا أريد الحديث معك ....
ابتعد .
ثم أخذت أبكي بشكل هستيري ،،
لدرجة أن يوسف خاف حقاً ،،
فابتعد عني لعلي أهدأ .
هدأت ثورتي ،،
فنهضت من مكاني ،، وأخذت أجمع أغراضي ،، أهم بترك المنزل .
قال يوسف : ماذا تفعلين ؟
قلت : كما ترى ،،
أجمع متاعي ،، سأغادر المنزل ،، لأريحك مني إلى الأبد .
قال: وإلى ستذهبين ؟؟
وليس لك أحد سواي .
قلت : لي رب العالمين ،، يحميني ..
قال : والله أهل لذلك ،،
ولكنه لا يرضى للزوجة الخروج من منزلها ،، لمجرد شجار بسيط ،،
حدث بينها وبين زوجها .....
حسنٌ إلى أين ستذهبين ؟
قلت غير أبهة به : إلى المقبرة ،، إلى المكان الذي خرجت منه .
قال صارخاً : هل عدت لجنونك ؟؟
لا....... لن تخرجي .
فأقول بتحدي : ومن يمنعني....... أنت ؟
اتجهت ناحية الباب ،،
فثار كالبركان وقال : أن خرجت من المنزل رغماً عني ،،
سأغضب عليك ولن أرضى حتى يأتي يوم الحساب ،،
وعلى ما أعتقد ،، أني قد علمتك ماذا يعني غضب الزوج ،،
يعني غضب الله ،، ولعنه للمرأة الخارجة عن طوع زوجها ،، فمن خرجت من منزل زوجها مخالفة أمره ،،
لعنها الله وملائكته حتى تعود ،،
ومن نامت وزجها غاضب عليها ،، لعنها الله وملائكته حتى تستيقظ .
أن كنت تريدين ذلك فالباب أمامك .
ثم تركني وانصرف .

حرت في أمري ،،
أيهما أختار : غضب الله ولعنه لي ،، أم الثأر لكرامتي .
ثم قلت : سحقاً لكرامتي أمام رضا ربي ،،
عدت أدراجي ،، وأعدت الأشياء لمكانها ،،
وأنا أتعوذ بالله من الشيطان الرجيم ،،
ولكني لا أعرف لماذا أحسست بوخز في قلبي .




>>>>>