>>>>



استرديت وعيي ،،
وكنت مستلقية في غرفة يملؤها اللون الأبيض ،، تفوح منها رائحة غريبة ،،
وكنت محاطة بساتر أبيض اللون ،،
ومن خلفه كان يوسف يجلس ،، ومعه رجل آخر يلبس معطف أبيض ..
سمعت يوسف يقول له :
أيها الطبيب كيف حالها الآن ،، هل هي بخير ؟
فرد عليه الرجل الذي دعاه بالطبيب :
حالتها مستقرة الآن ،،
ولكن أخبرني هل تواتيها حالة الإغماء هذه باستمرار ؟
- يوسف : لحد علمي هذه المرة الثانية .
- الطبيب : وتقول بأنها تصرخ من ألم رأسها ..
- يوسف : نعم ،، واعتقد بأنها فاقدة للذاكرة ،،
فكلما سألتها عن شيئ يخصها تقول بأنها لا تعرف ..
- الطبيب : إذن أنت لا تعرفها ؟
- يوسف : لا ،، أنا لا أعرفها ،،
فقد كانت مجرد عابرة سبيل ،، وأنا أشفقت عليها ،،
واتيت بها إلى هنا ،،
- الطبيب : في هذه الحالة ،، يجب أن تذهب لمركز الشرطة ،،
وتقدم بلاغ بوجود الفتاة معك ،،
لتخلي مسؤوليتك من الأمر،، وحتى لا تتهم بخطف الفتاة ..
وليتم التعرف على هوية الفتاة ،،
فلا بد بأن أهلها يبحثون عنها الآن ..

- يوسف : خطفها!!!!!!
أخبرتك بأنها طرقت بابي تريد المساعدة ،،
وأنا ساعدتها فقط ..





نهضت من على الفراش ،،
وتوجهت ناحيتهما ،، وقلت :
وهل يستطيع هؤلاء مساعدتي حقاً في معرفة من أكون ؟
- الطبيب : تعالي هنا يا بنيتي ،،
أخبريني ألا تتذكرين أي شيئ عن حياتك ،، ولو كان شيئاً صغيراً .


فقلت : لا ......
لا أذكر..
- الطبيب : حسنٌ أجلسي هنا ،،
وأخبريني ما هذا الشيء الذي تجلسين عليه ؟
قلت : مقعد


- الطبيب : وهذه التي أضع عليها أشيائي ؟
قلت : منضدة


وأخذ يسألني عن عدة أشياء ،،
وأنا أجيب ،، ويوسف يستمع لحديثنا ،،
انتهى الطبيب ،، ووجه حديثه ليوسف قائلاً :


إنها تعاني من فقد جزئي للذاكرة ،،
فالأساسيات موجودة في ذهنها والحمد لله ،،
وسأجري لها عدة فحوصات ،، للتأكد من سلامة الدماغ ووظائفه الأخرى..
- يوسف : ولكن ما سبب ألم الرأس الذي تعاني منه ؟
- الطبيب :


ذلك من رغبتها المتزايدة في تذكر ماضيها ،،
نتيجة ذلك ،،

يحدث ضغط على الأعصاب الموصولة بالدماغ فتشعر بالآلام ،،
فعليها أن لا تجهد عقلها في هذا الأمر ،،
فذلك قد يسبب تلف الأعصاب ،، وبالتالي العاقبة الغير محمودة للدماغ لا سمح الله ..




قام الطبيب بالفحوصات التي تحدث عنها ،،
ثم انتظرنا مدة من الوقت ،، حتى تظهر نتيجة الفحوصات ،،
فلما ظهرت ،،
أخبرنا الطبيب بأن كل شيء سليم ،،
وسوف تعود ذاكرتي تدرجياً ،،
ولكن ،،
ينبغي لي أن لا أجهد عقلي في التذكر ..
شكرنا الطبيب ،، وغادرنا ،،


وفي الطريق ،، أخبرني يوسف بأننا يجب أن نذهب لمركز
الشرطة ،،
كما قال الطبيب ،،
ولكن أولاً ،، يجب علينا الذهاب للسوق ،،
لأنه يريد أن يشتري لي ملابس ،، وعباءة تغطي جسدي ..


فقلت له : وهذه الملابس التي أرتديها ألا تصلح ؟؟

قال متبسماً : أنك ترتدين ملابسي ،، وهي ملابس رجالية ،،
أنا أقصد ملابس نسائية ,،
وكما يجب أن ترتدي العباءة ،، لتحميك من أعين الناظرين الجشعة ..
قلت مستسلمة : كما تشاء ..





ذهبنا للسوق ،،
ورأيت العديد من البشر ،، كما يسميهم يوسف ،،
ولكن ،،

أين الجن الذين تحدث عنهم ؟؟!
فلا أرى أحد منهم ،،
فسألت يوسف قائلة : كل هؤلاء يشبهونني أو يشبهونك ،، أي من البشر كما تسميهم ،،
فأين الجن الذين تخاف منهم ؟؟


فقال ضاحكاً : نحن لا نرى الجن ،،
نعم هم يعيشون معنا ،، ونحس بهم ،،
ولكنا لا نرى منهم إلا القليل النادر ..


قلت : ولماذا تخاف منهم ؟

قال : لأن الإنسان بطبعه ،، يخاف ما يجهله ،،
مثل الموت والمستقبل ،، فالإنسان لا يعرف عنهما شيئاً لذلك يخاف منهما ..
فنحن لا نعرف عن الجن إلا بما أخبرنا به القران الكريم ،، والسنة النبوية الشريفة ..


قلت : وماذا يقول القران الكريم عنهم ؟

قال : يقول القران أن من الجن :
مؤمن صالح ،، وهؤلاء لا خوف منهم ،،
ومنهم كافر مثل الشياطين ،، الذين يكرهون البشر ،، ويحبكون له المكائد ..


قلت : ولماذا كل هذا الكره ؟

قال : ذلك حديث يطول ،،
مفاداه أن الله سبحانه لما خلق أدم عليه السلام ،،
كانت الملائكة تعبد الله سبحانه_ وكان الشيطان معهم يعبد الله كذلك_ ،،
أمرهم بالسجود لأدم ،، فسجدوا له ،،
إلا الشيطان الأكبر ،، إبليس اللعين ،،
أبى السجود له حقداً وحسداً ،،
وعصى أمر ربه ،،
وتعهد لكل بني البشر بالغواية نكاية في أبيهم أدم ..


قلت : وهل يصح السجود لغير الله سبحانه ؟

قال : لا يصح ،،
فالله أمرنا بالسجود له وحده ،، ومن يفعل ذلك يلقى اللعن وسوء المصير ،،
أما ما كان من سجود الملائكة لأدم ،،
فهذا امتثال لأمر لله وإطاعة له .



شردت بذهني بعيداً ،،
بالقرب من عصيان الشيطان الأكبر لربه ،، وإطاعة الملائكة

لربهم ،،
وأن السجود لا يصح إلا لله سبحانه ..



<<<<