طيف من عالم أخر
للكاتب : غريب في وطنه

-----------------------

فتحت عيني ،،
فلم أرى شيئاً فقد كنت في ظلام حالك ،،
حاولت الحراك فلم أستطع إلى ذلك سبيلاً ،،
حاولت الصراخ فلم أجد لي صوت يخرج ،،
أحس بالاختناق فلا هواء هنا لأتنفسه ،،
أحس بأني محتجزة في شيئٍ صغير ،،
جالت في ذهني الكثير من الأسئلة منها :
أين أنا ؟ كيف وصلت إلى هنا ؟
يجب أن أخرج أكاد أموت ..
بصعوبة بالغة استطعت رفع يدي ،،
لأتحسس ما في الأعلى ..
فوجدت رمال تسقط عليّ بروية من خلال شقوق في شيئٍ صلب لم أعرف ما هو ,،
استجمعت قواي أو ما تبقى من قواي ،، ورفعت بكلتا يداي ما في الأعلى ،،
وبقوة عجيبة حركته ،،
أنا عن نفسي ،، لا أعرف من أين جاءت تلك القوة ،،
تحرك ذلك الشيء وكأنه جبلاً ،،
لأغرق بعدها في بركة من الرمال التي دخلت إلى عيني وأنفي وفمي لتزيد من اختناقي ،،
استطعت رفع جسدي على أخر رمق بي ،،
وما أن شعرت بالهواء ،، حتى بدأت بالسعال الشديد ،،
حتى خلت أن قلبي سيخرج من مكانه ،،
نهضت من بركة الرمال ،، وجلت ببصري في المكان فلم أستطع الرؤية ،،
أغلقت عيني وفتحتها مراراً ..
لعلي أهتدي لمكاني فلم أنجح ،،
وبعد مرور شيئٍ من الوقت ،، ظهر ضوء خافت ،،
من خلاله رأيت ،، أرض جرداء بها جزء من الرمال

المرتفعة ،،
وفي بدايتها شيئاً عريض ،،
مكتوب عليه بعض العبارات التي لم استطع قراءتها ،،
تجولت في المكان بقلبٍ خائف مضطرب ،،
كنت أسير بين تلك الرمال المرتفعة ،، فأتعثر بإحداها وأسقط عليها فأنهض فزعة ،،
أنا عطشى ،،
والظمأ يكاد يفتك بي ،،
ليحيلني لميته أن كنت على قيد الحياة ..





وجدت باباً معدنياً كبيراً ،،
وقلت في نفسي : هذه الوسيلة الوحيدة للخروج ،،
ولكنه كبير وصلب ،، وأنا لا طاقة لي على دفعه فما

العمل ؟
هل أبقى هنا لحين طلوع الشمس فلربما رآني أحدهم وأخرجني ؟
ولكن لا يوجد أحد هنا غيري ،،
أخذت أوجه بصري هنا وهناك ،، فلربما أبصر طريقة للخروج ،،
نظرت للباب ملياً ،، فوجدت شيئاً مرتفع قليلاً

بجواره ،،
مددت يداي وأمسكت به ،، فأحسست بالخدر

فيهما ،،
ولكني قاومت ورفعت برجلي لتصل لأعلى ذلك الشيء ،،
ثم حاولت رفع جسدي ،، وبصعوبة بالغة نجحت ،،
فوصلت لسطحه ،، ورميت بجسدي عليه ،، وأنا أتنفس بقوة ،،
بعد مضيء شيئاً من الوقت ،، استعدت جزءاً من

قوتي ،،
ووقفت على رجلي المرتجفة ،،
ثم نظرت للمكان بعين متفحصة ،،
فرأيت شيئاً أعلى منه ،، فقفزت إليه ،،
أصبحت قريبة من الجدار الملتصق بالباب ،،
مددت يدي إليه ،، فأمسكت به ،، ثم رفعت جسدي محاولةً تسلقه ،،
نجحت في ذلك ،،
ولكن ،،
لضعف جسدي ،، لم أتزن فسقطت من عليه للجهة الأخرى ،،
وكانت سقطة غير سهلة ،،
فأحسست بعدد من عظامي تتكسر ،، إن لم تتكسر بأكملها ،،
بقيت هناك مرمية على الأرض ،،
أتأوه من فرط الألم ،، ولقد مر من الزمن ما مر ،،
مددت يدي استند للجدار ،، أحاول النهوض ،،
فنهضت كعجوز احدودب ظهرها ،،
وضعت يدي على ظهري ،، وسرت الهوينة ،،
و أنا متعبة ،، عطشى ،، جائعة ،، وخائفة حد الجنون ،،
سرت في أرض جرداء خاليه ،،
فكنت أسير تارة ،، ثم أقع تارة أخرى ،،
وهكذا حتى بصرت بضوءٍ قادم من بعيد ،،
هرولت له سعيدة ،،
حتى تبين لي أن الضوء يخرج من كوخٍ صغير ،،
وصلت للباب وأنا الهث ،،
طرقته بما أوتيت من قوة ،،

خرج لي صاحب الدار ،، وما أن رآني حتى كادت عيناه تخرج من محجريها ،،
وقال بصوت مرتعب :
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ،، بسم الله الرحمن الرحيم ،،
لابد أني أحلم ..
ثم أغلق الباب بقوة ،،
طرقت الباب مجدداً ،، ولكن بشكل أقوى من

السابق ،،

ففتح الباب بوجه مصفر وقال :
لم أكن أحلم ،، لم أكن أحلم ،،
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم .
ما باله خائفاً هكذا ؟!

دخلت للداخل ،، فتراجع هو رامياً الأشياء من خلفه ،، وهو يكرر كلامه السابق ،،
حاولت النطق فلم استطع ،،
فلساني كالخشبة المسندة من العطش ،،
حركت يدي لأفهمه ما أريد ،،
فازداد هلعه حتى وقع على الأرض ساكناً ..
هززت جسده بيدي ،، فلم يجبني هل مات يا ترى ؟
حاولت مجدداً ،، ولكن بدون جدوى ،،


تركته ثم بحثت عن بغيتي .... الماء ،،
لمحته من بعيد ،،
فأسرعت إليه ،، أمسكت بالإناء بيداً مرتجفة ،،
حتى أن نصفه أنسكب على الأرض ،،
قربته من فمي ،، وارتشفته ارتشافاً بللني من أعلاي حتى قدماي ،،
شربت وشربت حتى ارتويت ،،
بحثت عن شيئاً أكله ،، فوجدته ثم أكلت حتى شبعت ،،
رأيت الفراش ،،
وأنا أشعر بالتعب ،، فاستلقيت عليه ،،
ثم أسدلت جفوني ،، ورحت في نومٍ عميق ..