الساباط و أيام الصيف

ذكرني أخي المفيد بالساباط و ما أعرف الكلمة إذا كانت عربية أصلا أو مستوردة لكني أحببت أن أكتب لكم شيء عن السوابيط و عن فوائدها و كيف كانت شبه منتجعات في بعض القرى في أيام الصيف

فهي فعلا اندثرت عن كثير من القرى في القطيف، لكني لا أعرف إذا اندثرت عن القرى كلها

و الساباط هو عبارة عن سقف مبني يعلوه غرف نوم و أحيانا على الغرف خلوات، و موجود فوق طريق في وسط المدينة أو القرية

و لع منفعتان مباشرة و غير مباشرة

فالمنفعة المباشرة من هذا الساباط هي إما ربط منزلين لعائلة واحدة على جانبي الطريق لتكثير غرف نومهما و ربطهما من أعلى ببعض أو اتفاق بين الجارين على جانبي الطريق لاستعمال حائطيهما للبناء و اقتسام غرف ما على الساباط نصفين متساويين بين الطرفين – يعني توسعة للجميع

أما المنفعة غير المباشرة فهي للغير. و هي في بعض البلدات الداخلية كالشريعة مثلا كانت شبه منتجعات صيفية تستعمل لصالح أهل البلدة كعامل تبريد يقضون تحتها قيلولة أقسى ساعات النهار الحارة، بين الثامنة و العاشرة عربي بعد الظهر، فالهواء فيها عادة يكون بارد و كثيف

و هذه الميزة لا تحتاجها رجال أهل القرى الفلاحية لأن عندهم الأفضل و هي النخيل

فظلة نخلة أو حتى فسيلة أو شجرة قضب تحت هذا الجو المفعم برطوبة الأنهار و الضواحي و الشروب، هي حلم لا يحصل عليه حتى في أرقى منتجعات العالم و بدون دفع ثمن - دي لا يتشققوا النخالوة و ينك الوالد!

و كانوا الفلاحين يقضون هذه الساعات أيضا في النوم و تسمى القيلولة

و قبل أن يتجه الفلاح للنوم يبلل غترته و إزاره بالماء أو حتى يبلل ثوبه و يسوي له شيء من خوص النخل أو ورق القضوب النظيفة على الأرض فيفترشها و يضع غترته و إزاره فوق بدنه و ينام هنيئا مريئا – نوم العوافي

برودة طبيعية خلابة ليست له لوحده فقط، لكن الذباب أيضا الذي يملأ الأفق بسبب وجود الغداء من التمر و الرطب، فإنه يشعر بالحرارة و يريد أن ينام، فينام على جسد أخينا الفلاح بطوله و عرضه، و عند ما تنظر إلى الجسد الممدد على الأرض تراه قطعة سوداء على شكل جسد يشوبه لون أخضر لماع – يعني دبان متعافي واجد على جسده لكنه أعني الدباب لا يتحرك – يعني نائم

و نعود للساباط،، و أنا كنت صغير لكن أذكر أحداث متفرقة في القطيف من هنا و هناك لأني عشت في معظم مدنها و قراها بسبب كون عمي العلو في القلعة و عمتي في الشريعة و والدي من باب الشمال و الوالده و هي الأهم من القديح و أنا من البحاري - حشى بتاع كله

فأذكر منتجع من منتجعات السوابيط في الشريعة و هو ساباط في طرفها الغربي

هذا الساباط كان يقع تقريبا قريب من الخباز الأفغاني الآن الذي يقع على الناصية قريب من العبكري لمواد الكهرباء على شارع الملك عبد العزيز

و كل يوم يأتوا أهل الشريعة بعد بيعهم السمك لأن غالبيتهم متخصصين في هذا المجال و أخدهم حمام العوافي في حمام عين الشريعة و تناولهم الغداء يأتوا إلى هذا الساباط لأخذهم قليل من القيلولة

فتراهم صرعا كالأضاحي نائمين على جنوبهم مفترشين مديد أو حصر يهببون على أنفسهم بمراوح يدوية اشتروها من سوق الخميس صنعت في غالبها في التوبي أو لبعضهم من يستطيع الدفع أكثر صنعت في صفوى فهي أجمل و أغلا

لكن عند ما تنظر إلى ظهورهم تراها حمراء ملتهبة و بعضها تدمي، و أنا منهم، من شدة التقرح من الحر الشديد و الرطوبة و يتقلبون على الجوانب من شدة الألم

و لا يوجد طبيب و لا يوجد دواء، لذلك يستمر الحال على هذا الوضع أشهر حتى ينتهي فصل الصيف - عذاب

إذا الساباط و لكونه صنع أساسا لغرض التوسع في غرف النوم لكنه أيضا منتجع لبعض القرى الداخلية يقضون فيه الرجال قيلولة الظهر

و هنا لم أذكر النساء! فلهم البيوت خالية من الرجال يسرحون فيها و يمرحون بحريتهم الكاملة

فرحم الله السوابيط و أهلها و أيامها

و شكرا لحسن قراءتكم

العم أبو سلطان