بسمه تعالت قدرته
ما حقيقة الجحود بالنعمة:

ليس جحود النعمة عدم شكر الله فقط، بل كل استغلال للنعمة و استثمار شاذ و منحرف لها يعدّ كفراً بها. أصلا هذه حقيقة الكفر بالنعمة و يأتي عدم الشكر بالدرجة الثانية. كما أنّ شكر النعمة معناه إنفاقها في الهدف الذي خلقت من أجله، و الشكر اللساني يقع في الدرجة اللاحقة، فلو قلت «الحمد لله» آلاف المرات بلسانك لكنّك أسأت الاستفادة منها عملياً فقد كفرت و جحدت بها!

في هذا العصر الذي نعيش فيه تُرى أبرز مصاديق تبديل النعمة بالجحود، لقد قُيدت القوى المختلفة لعالم الطبيعة بأيدي الانسان في ضوء الذكاء و الابداع الذي منّ الله به عليه، و سُخرت في طريق مصالحه. لقد بدلت الاكتشافات العلمية و الاختراعات الصناعية وجه هذا العالم، و قد رفعت الأعباء الثقيلة من على كاهل الانسان و وضعت على اكتاف مكائن المعامل. المواهب و النعم الالهية أكثر من أي زمان سبق، و صارت وسائل نشر الفكر و بسط العلوم من جميع مناطق العالم في متناول الجميع، و كان يجب أن يصبح الناس في هذا العصر سعداء من جميع الجوانب، من الناحية المادية و من الناحية المعنوية أيضاً، لكن و بسبب تبديل هذه النعم الالهية العظيمة الى الكفر و إنفاق الطاقات الجميلة و الكبيرة للطبيعة في طريق الظلم و الاستبداد، و استعمال الاختراعات و الاكتشافات في طريق الأهداف المخربة، بحيث أنّ كل ظاهرة صناعية جديدة تخضع للاستثمار التخريبي أولا ثم تأتي مرتبة الجوانب الايجابية و باختصار إنّ هذا الجحود بالنعمة المعلول للابتعاد عن تعاليم أنبياء الله البنّاءة أد;ى الى جرف المجتمع نفسه نحو دار البوار، دار البوار الذي هو عبارة عن مجموعة من الحروب الاقليمية و العالمية مع جميع آثارها المخربة. كذلك عدم الاستقرار، الظلم، الفساد، الاستعمار، و الاستثمارات التي تصيب مؤسسيها في النهاية كما رأينا ذلك في الماضي و نراه اليوم بأعيننا.ما أروع ماتنبأ به القرآن الكريم من أنّ كل قوم و أمة جحدت نعمتها فهي تسير نحو دار البوار(1).
1تفسير الامثل اية الله مكارم الشيرازي




--------------------