رواية
(( في محراب إبليس ))
للكاتب : بحور الغالي
-----------------
" في محراب إبليس "
( 1 )
في مكان ما .. في الكرة الأرضية ..
لكن ليس على سطحها !! ..
في عمق أعماقها ..
في الأماكن المجهولة والمنسية ..
التي استحالة أن تخطر على بال مخلوق.. في غياهب الخوف والظلمة ..
والنار والعتمة ..
استقام في وسط براثن نيران الأراض معبد ضخم ..
ربما يطلق إسم المعبد على أماكن عبادة الآلهة ..
سواء في العصور الوثنية ..
أو روما القديمة ..
وحتى عندنا نحن المسلمون مساجدنا هي معابدنا ..
لكن هذا المعبد كان مختلف ..
يبدو قديماً .. لكن ليس أزلياً ..
ويبدو قوياً .. لكنه ليس أبدياً..
في هذا المعبد كانت تمكث المعصية .. ويسجر الفجور ..
في هذا المعبد كانت الشياطين تنتشي غبطة بشرب كؤوس معاصي بني آدم .. حيث تقدم ذنوب وآثام البشر من قبل
الشياطين ،،
قرابين لإرضاء وتحقيق رغبة قائدها ..
قائد الشر..
الذي أقسم بجلال الله..
ليغوينهم أجمعين ..
هناك في محراب إبليس!!
تقدم يمشي بثقة من خلال ممر طويل .. على جانبي الممر كانت النيران تفور وتخمد باستمرار ..
كما أن الممر حتى نهاية القاعة التي يؤدي لها تعج برائحة نتنة ..
أشبه برائحة الجثث المتعفنة ..
وواصل التقدم حتى وصل لمنتصف القاعة ..
كان يرتدي ثياباً سوداء ..
يلتف حولها الحديد من كل جانب كالثعابين ..
وكانت رائحته لا تقل كراهية عن رائحة القاعة ..
كان هناك شيئا يحمله في يده ..
شيء أشبه بقارورة ممتلئة بجسم مشع بالداخل ..
لكنه كان يشع ظلاماً..
وصل أخيراً إلى نهاية القاعة ..
حيث كان هناك عرشاً قائماً..
يجلس عليه رئيس الشياطين ..
إبليس ..
كان إبليس يتأوه ويصرخ متألماً..
وكان يبدو أشد قبحاً مما يبدو عليه ..
تقدم الشيطان الآخر وانحنى أمام العرش ..
وأراد أن يتحدث ..
فتحدث إبليس قبله صارخاً
إبليس: اللعنة ..
اللعنة على هؤلاء القوم
الشيطان وهو منحنياً : عاش مولاي .. أتأذن لي ؟
إبليس : اللعنة .. قل
الشيطان : ماذا يعذب مولاي؟
إبليس وقد كان ينزع رمحاً منيراً منغرساً في جسده الذي كان ممتلىء بغيره من الرماح والسهام النورانية
إبليس : ألا تعرف مالوقت الآن ! ألا تعرف مالشهر!
الشيطان : بلى .. إنه المحرم يامولاي
إبليس: أجل يا مغفل .. المحرم .. وهؤلاء الشيعة الأوغاد ..
لايفتأوون يقيمون مجالس العزاء الحسيني .. أ وتعرف من ماذا يكثرون في هذه المجالس
الشيطان : من ماذا؟
إبليس: أبله ..
إنهم يكثرون من اللطم والبكاء على الحسين ..
والأسوء من ذلك أنهم يكثرون من الصلاة على محمد وآله ،،
فتمسح ذنوبهم التي أتعب أنا في جعلهم يقعون فيها ،،
وأبلى أنا بهذه الرماح والأسهم التي ترشقني بها الملائكة كلما صلوا على محمداً وآله..
قالها إبليس وهو قد أخرج الرمح من جسده وقد صرخ صرخة ترددت في أنحاء معبده..
الشيطان : وماذا لو جلبت لمولاي مايثلج صدره ويفرح خاطره
إبليس: ماعندك؟
الشيطان: في هذه القارورة أحمل إليك أحب المعاصي إلى قلبك
إبليس: وماهي؟
الشيطان: لقد جعلت رجل مؤمن يزني .. وبمن ؟
إبليس : بمن ؟
الشيطان: بزوجة جاره
إبليس: أبله .. أهذا ماعندك ..
أقول له شهر محرم يقول لي هذا .. أعطني القارورة
ومد إبليس يده التي كان شكلها كجثة متعفة ينهش الدود فيها ..
ولها أظافر سوداء مدببة..
وأخذ القارورة وفتحها ..
فخرج الجسم المشع وانتشر كهالة غبار مظلمة مصحوبة برائحة كريهة حول إبليس .. فبدا وكأن الهالة تدخل إلى جسد إبليس شيئاً فشيئاً حتى اندمل القليل من جراحه ..
التي أحدثتها الرماح والأسهم
إبليس : أرأيت ماصنعته فعلتك .. لم تفعل الكثير .. أغرب عن وجهي ولا تأتي إلا بما هو جرم عظيم
أصدر الشيطان صرخة حادة ..
وكأنها صرخة عذاب وغادر بلمح البصر ليغزو عالمنا ويبحث عن عبد آخر ليغذي إبليس بما يجعله يرتكب من معاصي .. وحالما غادر ..
سمع إبليس وقع خطوات ثقيلة ..
تتقدم من خلال ذلك الممر ..
صوتها يدوي في أنحاء المعبد ..
فتبسم إبليس وكأنه ميّز صاحب الخطى ..
المفضلات