( 7 )

" فبعزتك لأغوينهم أجمعين "





لو كان في تلك اللحظات ينبوع للغضب ..
لكان هو ..
كاد أن يسمع صرير أسنانه في بعضها ..

لشدة غيظه ..
كما كان يضرب أخماساً في أسداس ..

وهو يتمتم بصوت منخفض ..
إلى أن قاطعه الوسواس الخناس..

الوسواس الخناس : إذن .. إلى أين كانت زيارتك؟
إبليس : اللعين .. اللعين ..
لم يُجدي معه أعلى درجات مكري ..
لقد وصل إلى درجات المؤمنين .. الذين يحفظهم الله ويعصمهم منا معشر الأباليس ..

الوسواس الخناس : حقاً ! .. وماذا حدث ؟
روى إبليس ماحصل .. بينه وبين عمار ..
إلى الوسواس الخناس ..
وكأنه بئر مملوء بالغضب ..
وكأنما كان يعيش الوضع من جديد ..

الوسواس الخناس : من حسن حظك أنك وليت الأدبار ..
وإلا أبلاك بفيض من الملائكة .. ورماح وأسهم النور ..

إبليس بغضب وهو يلطم يداه ببعض :
من حسن حظي ..

أجل ..
من حسن حظي ..
لكن إعلم أيها الوسواس الخناس ..
أن هذه ليست نهاية المعركة ..
والحرب كـرٌّ وفر ..
وإن لم أقوى على عمار ..
فمن حول عمار ..

كالعجين بالنسبة لي أشكلهم كيفما أريد ..
الوسواس الخناس بغبطة : هذه أخبار جديدة لم نعلمها .. لكن لا تستخف بأتباعه يامولاي ..
إبليس : لاتقلق .. سأعدّ لهم العدّةَ من كل صوب حتى أفتك بهذا العمار ..
الوسواس الخناس : وما دوري يا سيدي
إبليس : في الوقت الحاضر ومن لحظتك ..
جلَّ ما أريد منك ..
أن تجمع أكبر وأخبث الشياطين ..
وتعدّ لي جيشاً لا كان ولا سيكون له في المثل ..
أريد أن تسكن المعصية أرجاء المعمورة ..
أريد من الفسق أن يمشي منتشياً بين مايبني البشر ..
وكأني أرى الفتنة ترقص بين البشر وهم في غيهم يعمهون ..
وأنت خير من يعلم بقسمي ..

الوسواس الخناس : فبعزتك لأغوينهم أجمعين ..
إبليس : من الجنة والناس ..
والآن إذهب .. وحالما تجمعهم ..
أعلمني فقط ..

الوسواس الخناس : في الحال



وماهي إلا لحظات ..
حتى تجمهر في قاعة محراب إبليس .. آلاف من الشياطين والمردة ..
فأخذ إبليس ينقل نظره بينهم وكأنه يحصيهم ..
وقف منتصباً من على عرشه .. ومشى خطوات قليلة ..
وهو حانياً رأسه يفكر ..

الوسواس الخناس : مارأيك
إبليس : جيد .. جيد

استقبل إبليس الجيش الذي أمامه .. وخطب فيهم

إبليس: تعلمون يا أبنائي ويا أتباعي ..
أني نذرت على نفسي قسماً قديم .. قديم جداً ..
ومنذ ذاك اليوم وأنا أعيش لأجله .. لأجله فقط ..
وهو الغواية ..
قد أقسمت بعزة الله أن أغوي الجميع من الجنة والناس ..
.. وفعلاً ..
حققت ذلك .. ليس لوحدي ..
لكن بمساعدتكم ..
وملأنا الأرض ظلماً وجوراً ..

كما ملأت قسطاً وعدلاً بدين محمد ..
فأحسنتم صنيعاً وعملاً ..
لكن هناك من قوي إيمانه .. واشتد ساعده ..
وهو كالمنارة يهدي من حوله من الناس ..
بل معظمهم وأوشك أن يذيع صيته ..
ويدمر ما أنجزناه ..
.. اسمه عمار ..
حتى أن أهل قريته .. يلقبونه عمار الخير ..
حتى إني ذهبت وكدت له بنفسي ..
فلم أفلح ..
بل حول كيدي إلى صالحه ..
فما أريده منكم .. أن تدمروا ما أنجز هو ..
وتكيدوا للناس حوله..
وأهل قريته فرداً فرداً .. كبيرهم وصغيرهم .. رجالهم ونساؤهم ..
انصبوا لهم حتى حين يشربوا الماء ..
والآن انصرفوا مباشرة .. إلى هناك وساحة معركة البداية هي الأسواق ..
والراية بيد قائدكم الوسواس الخناس ..
انحنى جميع الشياطين لإبليس ..
وذهبوا في الحال ..







كان صوت تقليب صفحات الكتاب بين يدي عمار ..
كهمس جميل في أذني مهدي ..
كان واقفاً بباب المكتبة لايعمل شيئاً ..
فقط يتأمل عمار .. مع ابتسامة خفيفة تعلو ثغره ..
فحانت إلتفاتة من عمار فرآه ..

عمار : منذ متى وأنت هنا يا صغيري ؟
مهدي : ليس طويلاً ..
عمار : ولماذا لم تدخل ؟
مهدي : أردت أن أفاجئك فقط .. كما أني لم أرد أن أقاطعك حين رأيتك منهمكاً في الكتاب ..
عمار : إن رؤيتي لك كل يوم ياصغيري هي أجمل مفاجأة ..
مهدي : وما تقرأ .. ياجدي عمار ؟
عمار : هذا الكتاب ياصغيري يتحدث عن أسباب الغيبة الصغرى والكبرى
للإمام الحجة (عجل الله فرجه ) ..
مهدي : ولماذا هو غائب ؟
عمار : هذه حكمة يريدها الله ..
لكن حين يحين الوقت سيظهر ..
وسيملأ كل هذه الأرض التي تراها والتي لاتراها قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً ..
فادعوا الله أن يرزقك حضور ذاك اليوم ..

وأن تكون من أنصاره ..
مهدي : حقاً .. أتمنى لو يحصل ذلك ..



في هذه الأثناء ..
وصل صوت مشاجرة إلى مسامع عمار ومهدي ..
فخرجا على عجل من المكتبة ..







... يتبع ...