( 3 )
" حتى في نفسه "
كان الوقت ليلاً ..
والأجواء صامتة ..
بهدوء خاشع استسلم لظلمة الليل ..
يقطع سكون الصمت أصوات متقطعة من الجنادب المعروف بـــ " مناوس الليل " ..
وكانت السماء تطل حالكة العتمة ..
لكن بين نجومها نجوم متقدة ..
ماهي إلا أضواء ناس قاموا يضيؤن كشموع الليل بينما الناس نائمون ..
من بين هذه الشموع عمار الخير
كانت سجادته خضراء ..
رسم عليها صورة لحرم النبي الكريم
" صلى الله عليه وآله"..
جلس عليها بخشوع .. مطأطئ الرأس ..
تدور في يديه حبيبات من نور تربة أبا عبدالله ..
يعطرها بأنفاس من تسابيح الزهراء ..
فكأنما تلتقي روح الزهراء بنحرالحسين ..
كلما أدار السبحة وسبح الله ..
وكان القرآن عن يمينه ..
كحارس ينتظر أن يسل سيفه ..
حالما تتلى آياته في وجه كل شيطانٍ مريد..
وزين خده بلآلئ صنعت في لحظات ..
لامن حبات الرمال ..
لكن من حب الله ..
في هذه الأثناء..
لكن ..
في أجواء مغايرة ..
قطب إبليس حاجبيه ..
وهو ينظر إلى الوسواس الخناس ..
وأخذ يسير ذهاباً وأياباً ..
وهو يحك أظافره في جدار المعبد ..
تاركاً أثراً فيها ..
والوسواس الخناس ..
ينظر إليه وهو واقفاً في مكانه ..
الوسواس الخناس : أتقترح أن نعقد اجتماعاً لكل جندنا؟؟
إبليس: تريث .. تريث
الوسواس الخناس : ولِـمَ التريث ..
ليزيد إيمانهم .. ويكثر أتباعهم
إبليس: مابك؟ .. لم أعهدك أحمقاً متعجل...
الوسواس الخناس: إذاً ماذا تريد ؟
مابجعبتك ؟
إبليس: قلت لي ما إسمه؟
الوسواس الخناس : عمار ..
عمار الخير يلقبه أهل قريته لشدة إيمانه..
إبليس : إنه تحدي .. أَنتظرَهُ منذ زمن ..
فكما ترى لقد ماجت الأرض وضاجت فسادا ًبفضلنا ..
ومنذ فترة طويلة ..
لم نرتطم بموجة عاتية كهذا ههه العمار..
الوسواس الخناس: إذا تريدني أن ..
إبليس يقاطع : أريدك أن تقيس إيمانه بادئ الأمر ..
أريدك أن تعقد له كل عقده ..
وأن تكيد كل مكيدة ..
عن يمينه وشماله ومن فوقه ومن تحته..
الوسواس الخناس : وحتى في نفسه .. لاتقلق مولاي..
إبليس : أوتعلم ماذا؟؟!
الوسواس الخناس: ماذا؟
إبليس: أريدك أن تذهب من فورك ..
الآن ..
فكما يقولون خير البر عاجله هههه....
الوسواس الخناس: أسعدتني..
في لحظات ..
في وقت أقل من لفظ كلمة ..
كان الوسواس الخناس ..
يقف خلف عمار في الغرفة ..
دار دورات كالمسعورحول عمار ..
يعاين الأجواء ومدى إيمانها وخطورتها عليه ..
ثم عاد واقفاً خلف عمار بينما كان يسبح ..
عمار رفع رأسه وكأنما أحسه ..
نظر نظرة حادة إلى يساره ..
فكأنما فطن إلى وجوده ..
عمار: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
صرخ الوسواس الخناس .. وفرَّ هارباً ..
لكنه سرعان ماعاد ..
أحس عمار بهواء خافت مرَّ من بين أصبعه من جهة اليسار وهو يمسك المسبحة ..
نظر إليها فوجدها قد انعقدت ..
فصار من غير الممكن التسبيح بها..
عمار : عقد الله لسانك أيها الشيطان ..
أحكم قبضته على المسبحة ممسكاً بها بيده ..
عمار: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ..
اللهم صلي على محمد وآل محمد ..
انحلت عقدت المسباح ..
فولى الوسواس الخناس هارباً ..
ومالبث أن عاد ..
فأحس عمار بريح خفيفة جداً..
عبرت من جهة اليمين من بين أصابعه ..
نظر إلى المسبحة ..
فوجدها قد انعقدت مجدداً..
عمار: تريد أن تطفأ نور الله أيها الشيطان ..
هيهات ..
إن الله متم نوره حتى لو أبيت ..
أمسك المسبحة وقبض عليها بيده ..
عمار: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ..
اللهم صلي على محمد وآل محمد ..
انحلت عقدت المسباح ..
وبسرعة ماغادر الوسواس الخناس بسرعة ماعاد ..
الوسواس الخناس : سنرى الآن
فأحس عمار بريح خفيفة باردة ..
أتت جسده كله من الخلف ..
نظر إلى المسبحة ..
وإذا بها قد انعقدت ثلاث عقد..
عمار وبقلب كله يقين وإيمان بالله :
والله ما زعزتني ولا ثانية عن سويعات خشوعي ..
نظر الوسواس الخناس إلى عمار منتظراً مايفعل ..
لكن انتظاره لم يطول ..
عمار: إلهي بفاطمة وأبيها .. وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها ..
إني أعيذ نفسي بك من الشيطان الرجيم ..
وجعلنا من بين أيديهم سداً ومن خلفهم سداً فأغشيناهم فهم لايبصرون ..
انحلت عقد المسباح مجدداً ..
هنا صرخ الوسواس الخناس ..
على إثر سهمين نوريين أتيا في صميم عينيه ..
ونشبت نيران من نوريه في أطراف ردائه ..
وغاب مباشرة في عمق الأرض ..
حتى صار تحت قدمي إبليس يتلوى ألماً كالفرخ الذي خرج تواً من بيضته ..
الوسواس الخناس : اللعنة عليه ..
اللعنة عليه .. مولاي اجعله يتوقف..
اجعل هذا الألم يتوقف ..
إبليس: تستحق ..
أن أجعل الألم يتوقف ..
تناول إبليس قارورة من قوارير المعاصي ..
وسكبها على الوسواس الخناس..
فنهض وكأنه لم يكن ..
إبليس: والآن أخبرني ما وجدت من عمار؟
الوسواس الخناس : وجدت أنه مؤمن لعين ..
قصة المسباح مقتبسة من قصة واقعية
.. المصدر ..
القصص العجيبة ..
... يتبع ...
المفضلات