الفصل 12

من كنت مولاه فهذا علي مولاه
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وال محمد وعجل فرجهم والعن اعدائهم


من غمّه أمواج البحار.. ومن همه العظيم غبار الصحاري والقفار.. ومن كربه‏تساقط الأوراق وإصفرار الأشجار.. ومن إنكسار قلبه الحزين إنكسار كلّ حائط وجدار.. ومن قطع وتين قلبه المملوء بالحسرات والآهات أصوات الرعد في‏السموات.. والأمطار دموع السحاب على تلك الآهات..
وقالوا في تفسير قوله تعالى:
»وَإِنْ مِنْ شَىْ‏ءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ«:
أي بكاء جميع‏الأشياء على سيد الشهداء، وقسموا البكاء الى قسمين:
بكاء معنوي
وبكاء صوري
،وقد فصلنا ذلك في »التحفة الحسينية وسفينة النجاة«.
ومن تأمل بعين الباطن علم أن الواقع هو هكذا تماما، ويؤيد ذلك ما قاله الإمام‏السجاد في خطبته في المدينة بعد رجوعه من الشام:
أيّها الناس فأيّ رجالات منكم يسرون بعد قتله؟
أم أية عين منكم تحبس دمعهاوتضن عن انهمالها؟
فلقد بكت السبع الشداد لقتله، وبكت البحار بأمواجها،والسماوات بأركانها، والأرض بأرجائها، والأشجار بأغصانها، والحيتان ولجج‏البحار، والملائكة المقربون، وأهل السماوات أجمعون.
وما في الوجود معجم أو ناطق
إلّا عرته حيرة في استوى
كلّ انكسار وخضوع به
وكلّ صوت فهو نوح الهوا
وكلّ رطب ينتهي ذابلا
وذي قوام يعتريه النوا
أما ترى الآفاق مغبرّة
والشمس حمراء كمرة أو مسا
أما ترى النخلة في قبة
ذات انفطار وانفراج قسا
أما ترى الائل واهدابه
عند الرياح ذا حنين علا
أما سمعت الرعد يبكى له
والبرق والسحب بقطر همى
أما ترى النحل له رنة
في طيرانه شديد البكا
والسيف يفري نحره باكيا
والرمح ينعى قائما وانثنى
تبكيه جرد جاريات على
جثمانه وان تدق القرى
واللَّه ما رايت شيئاً بدا
في الكون الّا ببكاء تلا[