السلام عليكم
دعواتي المخلصة بسعادة الدارين لمن قرء كتابي سواء رد ام لم
يرد
من كنت مولاه فعلي مولاه
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وال محمد وعجل فرجهم والعن اعدائهم
البكاء 26
الحديث الثامن
(كيف ما قبّلته كأخيه الحسن وقد أتانى باكيا)
روي في بعض كتب المقاتل المعتبرة عن ابن عباس قال:
صلّينا مع رسولاللَّه صلى الله عليه وآله ذات يوم صلاة الصبح في مسجده الان، فلما فرغنا من التعقيب إلتفت إلينابوجهه الكريم كأنّه البدر في ليلة تمامه، واستند الى محرابه، وجعل يعظنا بالحديثالغريب، ويشوقنا إلى الجنة، ويحذرنا من النيران، ونحن به مسرورون مغبوطون،وإذا به قد رفع رأسه وتهلل وجهه، فنظرنا وإذا بالحسنين مقبلين عليه، وكفّ يمينالحسن بيسار الحسين عليهما السلام، وهما يقولان:
من مثلنا وقد جعل اللَّه جدّنا أشرف أهل السموات والأرض، وأبانا خير أهلالمشرق والمغرب، وأمّنا سيدة على جميع نساء العالمين، وجدّتنا اُم المؤمنين، ونحن سيدا شباب أهل الجنة.
قال ابن عباس:
وزاد سرورنا واستبشرنا بعد ذلك، وكلّ منّا يهنىء صاحبه علىالولاية لهم والبراءة من أعدائهم، فنظرنا نحو رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وإذا بدموعه تجري علىخديه.
فقلنا:
سبحان اللَّه، هذا وقت فرح وسرور، فكيف هذا البكاء من رسولاللَّه صلى الله عليه وآله؟
فأردنا أن نسأله وإذا به قد إبتدانا يقول:
يعزني اللَّه على ما تلقيان منبعدى يا ولدي من الأهانة والأذى، وزاد بكائه.
وإذا به قد دعاهما وحطهما في حجره، وأجلس الحسنعليه السلام على فخذه الأيمن،والحسينعليهالسلام على فخذه الأيسر،
فقال:
بأبي أبوكما وباُمي اُمكما، وقبّل الحسن عليه السلامفي فمه الشريف، وأطال الشم بعدها، وقبّل الحسين عليه السلام في نحره بعد أن شمّه طويلا،فتساقطت دموعه وبكى، وبكينا لبكائه، ولا علم لنا بذلك.
فما كان إلّا ساعة وإذا بالحسين عليه السلام قد قام ومضى الى اُمه باكيا مغموما، فلما دخلعليها ورأته باكيا قامت إليه تمسح دمعه بكمها، وتسكته وهي تبكي لبكائه، وتقول:
قرة عيني وثمرة فؤادي ما الذى يبكيك؟
لا أبكى اللَّه لك عينا، ما بالك يا حشاشةقلبي؟
قال:
خيرا يا أماه.
قالت:
بحقي عليك وبحق جدك وأبيك إلّا ما أخبرتني.
فقال لها:
يا أماه كأنّ جدي ملّني من كثرة ترددي إليه.
قالت:
فداك نفسي لماذا؟
قال:
يا أماه جئت أنا وأخي إلى جدنا لنزوره، فأتيناه وهو في المسجد، وأبي وأصحابه من حوله مجتمعون، فدعى الحسن وأجلسه على فخذه الأيمن، وأجلسنيعلى فخذه الأيسر، ثم لم يرض بذلك حتى قبّل الحسن في فمه بعد أن شمه طويلا، وأمّاأنا فأعرض عن فمي وقبّلني في نحري، فلو أحبني ولم يبغضني لقبلّني مثل أخي؟
هلفي فمي شيء يكرهه يا أماه؟ شميه أنت.
قالت الزهراء:
هيهات يا ولدي، واللَّه العظيم، ما في قلبه مقدار حبة خردل منبغضك.
فقال :
يا أماه، كيف لا يكون ذلك وقد عمل هذا؟
قالت:
واللَّه يا ولدي إنّي سمعته كثيرا يقول:
حسين مني وأنا منه، ألا ومن آذى شعرة من حسين فقد آذاني،وحملك على عاتقه وهو يقول:
ألا ومن أحب حسينا فقد أحبني.
أما تذكر يا ولدي لما تصارعتما بين يديه جعل يقول:
إيها يا حسن، فقلت له:
كيف يا أبتاه تنهض الكبير على الصغير، فقال:
يا إبنتاه هذا جبرئيل ينهض الحسينوأنا انهض الحسنعليهما السلام.
وأنّه يا ولدي مرّ يوما جدك على منزلي وأنت تبكى في المهد، فدخل أبي وقاللى:
سكتيه يا فاطمة، ألم تعلمي أنّ بكائه يؤذيني؟
وكذلك الملائكة بكاؤه يؤذيهم.
وقال مرارا:
اللّهم إنّي أحبّه وأحبّ من يحبّه.
ولما مرضت قال لجبرئيل أن يأتي بتعويذ يعوذك به.
فكيف يا ولدي ملّك؟!
لكن سر بنا الى جدك.
فأخذت بيد الحسين وهي تجرّ أذيالها -وهما يبكيان- حتى أتت إلى بابالمسجد، فما رأت غير الإمام والنبى صلى الله عليه وآله، فلما رآها النبي صلى الله عليه وآله تنفس الصعداء وبكىكمدا، فجرت دموعه على خديه حتى بلت كميه.
فقالت:
السلام عليك يا أبتاه.
فقال:
وعليك السلام يا فاطمة ورحمة اللَّه وبركاته.
قالت له:
يا سيدي، كيف تكسر خاطر الحسين؟
أما قلت:
أنّه ريحانتي التي أرتاح إليها؟
أما قلت:
هو زين السموات والارض؟
قال:
نعم يا إبنتاه هكذا قلت.
فقالت:
أجل كيف ما قبّلته كأخيه الحسن وقد أتانى باكيا، فلم أزل أسكته فلميتسكت، وأسليه فلم يتسل، وأعزيه فلم يتعزّ.
قال: يا بنتاه هذا سرّ أخاف عليك إذا سمعته ينكدر عيشك وينكسر قلبك.
قالت:
بحقّك يا أبتاه ألّا تخفيه عليّ.
فبكى وقال:
إنّا للَّه وإنّا إليه راجعون،
يا بنتاه، يا فاطمة، هذا أخي جبرئيلأخبرني عن الملك الجليل أن لابد للحسن أن يموت مسموما، تسمّه زوجته بنتالأشعث -لعنها اللَّه-، فشممته بموضع سمه، ولابد للحسين أن يموت منحورا بسيفالشمر -لعنه اللَّه-، فشممته بموضع نحره(45).
فلما سمعت ذلك بكت بكاءً عاليا، ولطمت وجهها، وحثت التراب على رأسها،ودارت حولها نساء المدينة من المهاجرين والأنصار، فعلى النحيب وارتجّ المسجد بمن فيه حتى خلنا أنّ الجنّ تبكي معنا، فقالت:
يا أبتاه بأيّ أرض يصدر عليه؟
في المدينة أم في غيرها؟
قال:
المفضلات