من كنت مولاه فهذا علي مولاه
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وال محمد وعجل فرجهم والعن اعدائهم


الفصل 9
أجل واللَّه، إنّها تلك المحبّة المكنونة التي جعلت دمع الموالي ينهمر بالرغم من أنّه‏سمع حديث غصة الغم، وغصة الكبد الملتهب، ومصيبة العطشوالغربة آلاف‏المرات، إلّا أنّه لا يتمالك حينما يسمع أنّ ذلك الغريب المهموم كان يوم عاشوراءذابل‏الشفاه من العطش، مفتت الكبد،جائع الحشى، وقد أحاط به أعداء الدين المبين كماتحيط دائرة الكفر بمركز التوحيد واليقين، فتنهمر الدموع رغما عنهوينطلق لسانه‏يرتل:
يا ليتني كنت معك.
وليس ذاك إلّا من تلك المحبّة المكنونة،فالأب والأم أحبّ عند الانسان من كلّ‏شي‏ء، ومع ذلك فهو ينساهما بعد سنة أو سنتين وكأنّه لا يعرفهما من قبل.
ثم إنّ الروايات والأخبار صرحت بأنّ قطرة دمع واحدة في مصيبة فخر بني‏آدم، فيها ثواب مائة شهيد.
ثم إنّ حبّ زيارته والميل الى قصده علامة على محبّة أهل البيت وقبول الإيمان،والإعراض عن زيارته نقص في الدين والإيمان، وقد صرحت بذلك الأحاديث‏والأخبار.
ثم إنّ مفاتيح الشفاعة الكبرى في يوم الجزاء تكون بيد سيد الشهداءعليه السلام روحي‏له الفداء، فقد ورد في بعض الروايات:
أنّ أمة محمدصلى الله عليه وآله تصطف يوم القيامة في ألف‏صف، يدخل الجنة منهم تسعمائة وتسعة وتسعون صفا بشفاعة ذاك المقرّب من اللَّه،ويدخل الصف الباقي بشفاعة باقي الأئمة الأطهار.
أجل واللَّه، إنّ هذه الفضائل التي لا تكون عشر معشار مناقب مولى الأخيار،إنّما صارت له لمكان ما ورد على قلب ذاك المظلوم الغريب المهموم من الإنكسار،وما أظهره من الخضوع والخشوع والصبر في سبيل رضا اللَّه ربّ العالمين.
ومن هناعجزت العقول عن إدراك أساس جلاله، وتحيّرت الأوهام في تصور مراتب ومحال‏رفعته ومقاماته.