السلام عليكم
دعواتي المخلصة بسعادة الدارين لمن قرء كتابي
من كنت مولاه فعلي مولاه-
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وال محمد وعجل فرجهم والعن اعدائهم
الفصل 23
وروى سبط ابن الجوزي هذا الموقف أيضاً فقال:
ثم جاء وقت صلاة الظهر، فصلّى بأصحابه صلاة الخوف، فبينا همفي الصلاة تكالبوا عليه، فحمل زهير بن القين يذبّ عن الحسين عليه السلام ويقول:
أنا زهير وأنا ابن القين...«.
ثم صاح زهيربالحسينعليه السلام:
أقدم هديت هادياً مهديا.
الحسينعليه السلام يخبر عن سؤال زهير وحبيب:
روى صاحب الهداية الكبرى بالإسناد عن أبي حمزة الثماليقال:
سمعت علياً بن الحسين عليهما السلام يقول:
لمّا كان اليوم الذي استشهد فيه أبو عبد اللَّه عليه السلام جمع أهله وأصحابه في ليلة ذلك اليوم، فقال لهم:
يا أهلي وشيعتي، اتخذوا هذا الليل جملاً لكم وانجوا بأنفسكم، فليس المطلوب غيري، ولوقتلوني ما فكروا فيكم، فانجوا بأنفسكم رحمكم اللَّه، فأنتم في حلّ وسعة من بيعتي، وعهد اللَّه الذي عاهدتموني.
فقال إخوته وأهله وأنصاره بلسان واحد:
واللَّه يا سيدنا أبا عبداللَّه، لا تركناك أبداً، أيش يقول الناس:
تركوا إمامهم وسيدهموكبيرهم وحده حتى قتل؟!
ونبلوا بيننا وبين اللَّه عذراً، وحاش للَّه أنيكون ذلك أبداً، أو نقتل دونك.
فقال عليه السلام :
يا قوم، فإني غداً أقتل وتقتلون كلّكم حتى لا يبقى منكم أحد.
فقالوا:
الحمد للَّه الذي أكرمنا بنصرتك، وشرّفنا بالقتل معك، أو لاترضى أن نكون معك في درجتك يا ابن بنت رسول اللَّهصلى الله عليه وآله؟
فقاللهم خيراً، ودعا لهم بخير...
فقال له القاسم ابن أخيه الحسن عليه السلام: يا عمّ وأنا أقتل؟
فاشفق عليه، ثم قال:
يا ابن أخي كيف الموت عندك؟
قال:
يا عمّ، أحلى من العسل.
قال:
أي واللَّه، إنّك لأحد من يقتل من الرجال معي بعد أن تبلو بلاءاً عظيماً، وابني عبد اللَّه.
قال:
يا عمّ، ويصلون إلى النساء حتى يقتل عبد اللَّه، وهورضيع؟!!
فقال:
فداك عمّك! يقتل عبد اللَّه إذا جفت روحي عطشاً، وصرتإلى خيامنا فطلبت ماء ولبناً، فلا أجد قط، فأقول:
ناولني عبد اللَّهأشرب من فيه أندي لهواتي، فيعطوني إياه، فأحمله على يدي،فأدني فاه من في، فيرميه فاسق منهم - لعنه اللَّه- بسهم، فينحره، وهويناغي، فيفيض دمه في كفّي، فأرفعه إلى السماء، وأقول:
اللّهم صبرا ًواحتساباً فيك، فتلحقني الأسنة منهم، والنار تحرق وتسعر فيالخندق الذي في ظهر الخيم، فأكرّ عليهم في آخر أوقات بقائي فيدار الدنيا، فيكون ما يريد اللَّه.
فبكى وبكينا، وارتفع البكاء والصراخ من ذراري رسول اللَّهصلى الله عليه وآلهفي الخيم.
ويسألني زهير بن القين وحبيب بن مظاهر عن عليعليه السلام فيقولان:
يا سيدنا، عليعليه السلام إلى ما يكون من حاله؟
فأقول مستعبراً:
لم يكن اللَّه ليقطع نسلي من الدنيا، وكيف يصلونإليه، وهو أبو ثمانية أئمة.
وكان كلّما قاله صار، فكان هذا من دلائله.
يكشف هذا السؤال عن مدى اهتمام حبيب وزهير - وهما يمثلان الأنصار، لأنّهما على ميمنة معسكر الحسينعليه السلام وميسرته التي تضمّ الأنصار جميعاً - بحرم الرسالة وسكان سرادق العزّة، ومخدراتأمير المؤمنينعليه السلام لأنّهما سمعا من الصادق المصدق، والسبط الزكي المطهر أنّ المعسكر كلّه سينتقل في يوم واحد الى رحاب اللَّه، حتى القاسم وعبد اللَّه عليهما السلام فمن يبقى مع النساء؟
وهل ستقطع بنات الرسالة وعقائل النبوة بقية المسيرة دون أن يكون معهن محرم أو وليوحمي؟!
إنّها الغيرة النبيلة على نساء الحسين عليه السلام وحرمه!
ثم إنّه سؤال يكشف أيضاً عن عمق معرفة هذين الرجلين المقدّسين بالولاء والإمامة، فهما يسألان ما إذا سيقتل علي بن الحسينعليهما السلام أيضاً، فهذا يعني أنّ الدنيا ستنتهي، ونظام الكونسيتفكك، وتقوم القيامة بعد الطف، لأنّهما يعرفان تمام المعرفة أنّأحاديث أهل البيتعليهم السلام نصت بما لا يعتريه شك ولا ريب :
أنّ الدنيا لاتقوم إلّا بإمام، ولو خلت الأرض من حجة وإمام ولو للحظة واحدة لساخت بأهلها، فإذا قتل زين العابدين وسيد الساجدين عليه السلام فكيف ستستمر رحلة البشرية حتى تدرك القائم المنتظر عجّل اللَّه تعالىفرجه؟!
زهير في جملة الممثلين للحسينعليه السلام
يستمهل القوم مع العباسعليه السلام
سيأتي مفصلاً في مناقشة اتهامه بالتعثمن.
موقف زهير ليلة العاشر
كتب عبيد اللَّه بن زياد الى عمر بن سعد كتاباً جاء فيه:
إذا أتاككتابي هذا، فلا تمهلن الحسين بن علي، وخذ بكظمه، وحل بين الماء وبينه، كما حيل بين عثمان وبين الماء يوم الدار.
فلمّا وصل الكتاب إلى عمر بن سعد - لعنه اللَّه - ، أمر مناديه،فنادى:
إنّا قد أجلنا حسيناً وأصحابه يومهم وليلتهم.
فجمع الحسين عليه السلام أصحابه عند قرب المساء، قال علي بن الحسين زين العابدينعليه السلام:
فدنوت منه لأسمع ما يقول لهم، وأنا إذذاك مريض، فسمعت أبي يقول لأصحابه:
أثني على اللَّه أحسن الثناء، وأحمده على السراء والضراء، اللّهمإنّي أحمدك على أن أكرمتنا بالنبوة، وعلّمتنا القرآن، وفقهتنا فيالدين، وجعلت لنا أسماعاً وأبصاراً وأفئدة، فاجعلنا من الشاكرين.
أمّا بعد:
فإنّي لا أعلم أصحابا أوفى، ولا خيراً من أصحابي، ولا أهل بيتأبرّ وأوصل من أهل بيتي، فجزاكم اللَّه عني خيراً.
ألا وإنّي لأظن يوماً لنا من هؤلاء، ألا وإنّي قد أذنت لكم،فانطلقوا جميعاً في حلّ، ليس عليكم حرج مني ولا ذمام، هذا الليلقد غشيكم فاتخذوه جملاً.
فقال له إخوته وأبناؤه وبنو أخيه وابنا عبد اللَّه بن جعفر:
لم نفعلذلك! لنبقى بعدك؟ لا أرانا اللَّه ذلك أبداً.
بدأهم بهذا القول العباس بن عليعليهما السلام واتبعته الجماعة عليه،فتكلّموا بمثله ونحوه.
فقال الحسينعليه السلام:
يا بني عقيل، حسبكم من القتل بمسلم بنعقيلعليهما السلام فاذهبوا أنتم فقد أذنت لكم.
فقالوا:
سبحان اللَّه! ما يقول الناس؟!
نقول:
إنّا تركنا شيخنا وسيدنا وبني عمومتنا، خير الأعمام ، ولم نرم معهم بسهم، ولم نطعنمعهم برمح، ولم نضرب معهم بسيف، ولا ندري ما صنعوا، لا واللَّه مانفعل ذلك، ولكن نفديك بأنفسنا وأموالنا وأهلنا، ونقاتل معك حتىنرد موردك، فقبّح اللَّه العيش بعدك.
وقام إليه مسلم بن عوسجة، فقال:
أنحن نخلي عنك؟!
وبما نعتذرإلى اللَّه في أداء حقّك؟
لا واللَّه حتى أطعن في صدورهم برمحي،وأضربهم بسيفي ما ثبت قائمه في يدي، ولو لم يكن معي سلاحأقاتلهم به، لقذفتهم بالحجارة، واللَّه لا نخليك حتى يعلم اللَّه أنا قدحفظنا غيبة رسول اللَّهصلى الله عليه وآله فيك.
أما واللَّه، لو علمت أني أقتل، ثم أحيى، ثم أحرق، ثم أحيى، ثمأذرى، يفعل ذلك بي سبعين مرّة، ما فارقتك حتى ألقى حماميدونك، فكيف لا أفعل ذلك، وإنما هي قتله واحدة، ثم هي الكرامةالتي لا انقضاء لها أبداً.
وقام زهير بن القين فقال:
واللَّه لوددت أنّي قتلت، ثم نشرت، ثمقتلت، حتى أقتل هكذا ألف مرّة، وأنّ اللَّه يدفع بذلك القتل عننفسك، وعن أنفس هؤلاء الفتيان من أهل بيتك.
وتكلّم جماعة أصحابه بكلام يشبه بعضه بعضاً في وجه واحد،فجزّاهم الحسينعليه السلام خيراً، وانصرف إلى مضربه.






رد مع اقتباس

المفضلات