من كنت مولاه فهذا علي مولاه

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وال محمد وعجل فرجهم والعن اعدائهم

الفصل 11
وعَنِ الدِّلْهَاثِ مَوْلَى الرِّضَاعليه السلام قَالَ:
سَمِعْتُ الرِّضَاعليه السلام يَقُولُ:
لايَكُونُ الْمُؤْمِنُ مُؤْمِناً حَتَّى يَكُونَ فِيهِ ثَلاثُ خِصَالٍ:
سُنَّةٌ مِنْ رَبِّهِ
،وسُنَّةٌ مِنْ نَبِيِّهِ،
وسُنَّةٌ مِنْ وَلِيِّهِ.
فَأَمَّا السُّنَّةُ مِنْ رَبِّهِ:
فَكِتْمَانُ سِرِّهِ،قَالَ اللَّهُ -عَزَّ وجَلَّ-:
عالِمُ ‏الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلى غَيْبِهِ أَحَداً إِلا مَنِ ارْتَضى مِنْ رَسُولٍ.
وأَمَّا السُّنَّةُ مِنْ نَبِيِّهِ: فَمُدَارَاةُ النَّاسِ، فَإِنَّ اللَّهَ - عَزَّ وجَلَّ - أَمَرَنَبِيَّهُ‏صلى الله عليه وآله بِمُدَارَاةِ النَّاسِ فَقَالَ:
»خُذِ الْعَفْوَ وأْمُرْ بِالْعُرْفِ«.
وأَمَّا السُّنَّةُ مِنْ وَلِيِّهِ: فَالصَّبْرُ فِي الْبَأْسَاءِ والضَّرَّاءِ
هذه هي بعض صفات المؤمن، وقد اتصف بها زهير وتزيّن بها،وأقامها بحدودها، حتى صار معلماً تشعّ منه أنوار الأخلاق ‏الكريمة، والصفات الحميدة، وينتشر لذكر اسمه عبق المكارم ‏والفضائل والمناقب والمحامد والعلى والسؤدد.

إنّه عامل بالتقية
شبهه سيد الشهداءعليه السلام بمؤمن آل فرعون، والصفة الأهم التي‏وصفه بها القرآن بعد أن أثبت له الإيمان أنّه كان »يكتم إيمانه«، قال‏اللَّه تعالى:
»وَقالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمانَهُ«
، وكتمان ‏الإيمان خصلة ممدوحة لا تصبغ إلّا من امتحن اللَّه قلبه للإيمان من ‏العظماء، وقد ورد الحثّ عليها كشرط للشيعي والموالي لأهل ‏البيت‏عليهم السلام.
عَنْ أَبِي حَمْزَةَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْن‏عليهما السلام قَالَ:
وَدِدْتُ واللَّهِ أَنِّي‏افْتَدَيْتُ خَصْلَتَيْنِ فِي الشِّيعَةِ لَنَا بِبَعْضِ لَحْمِ سَاعِدِي:
النَّزَقَ، وقِلَّةَالْكِتْمَانِ.
وعَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ خَالِدٍ قَالَ:
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّه‏عليه السلام:
يَا سُلَيْمَانُ، إِنَّكُمْ‏عَلَى دِينٍ مَنْ كَتَمَهُ أَعَزَّهُ اللَّهُ، ومَنْ أَذَاعَهُ أَذَلَّهُاللَّهُ.
وعَنْ عَبْدِ الأعْلَى قَالَ:
سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّه‏عليه السلام يَقُولُ:
إِنَّهُ لَيْسَ مِنِ‏احْتِمَالِ أَمْرِنَا التَّصْدِيقُ لَهُ والْقَبُولُ فَقَطْ، مِنِ احْتِمَالِ أَمْرِنَا سَتْرُهُ‏وصِيَانَتُهُ مِنْ غَيْرِ أَهْلِهِ،فَأَقْرِئْهُمُ السَّلامَ وقُلْ لَهُمْ:
رَحِمَ اللَّهُ عَبْدا ً اجْتَرَّمَوَدَّةَ النَّاسِ إِلَى نَفْسِهِ، حَدِّثُوهُمْ بِمَا يَعْرِفُونَ واسْتُرُوا عَنْهُمْ مَايُنْكِرُونَ.
ثُمَّ قَالَ:
واللَّهِ مَا النَّاصِبُ لَنَا حَرْباً بِأَشَدَّ عَلَيْنَا مَئُونَةً مِنَ النَّاطِقِ‏عَلَيْنَا بِمَا نَكْرَهُ، فَإِذَا عَرَفْتُمْ مِنْ عَبْدٍ إِذَاعَةً فَامْشُوا إِلَيْهِ ورُدُّوهُ عَنْهَا،فَإِنْ قَبِلَ مِنْكُمْ وإِلا فَتَحَمَّلُوا عَلَيْهِ بِمَنْ يُثَقِّلُ عَلَيْهِ ويَسْمَعُ مِنْهُ، فَإِنّ‏الرَّجُلَ مِنْكُمْ يَطْلُبُ الْحَاجَةَ فَيَلْطُفُ فِيهَا حَتَّى تُقْضَى لَهُ، فَالْطُفُوا فِي‏حَاجَتِي كَمَا تَلْطُفُونَ فِي حَوَائِجِكُمْ، فَإِنْ هُوَ قَبِلَ مِنْكُمْ وإِلا فَادْفِنُوا كَلامَهُ تَحْتَ أَقْدَامِكُمْ، ولا تَقُولُوا إِنَّهُ يَقُولُ ويَقُولُ، فَإِنَّ ذَلِكَ يُحْمَلُ‏عَلَيَّ وعَلَيْكُمْ.
أَمَا واللَّهِ، لَوْ كُنْتُمْ تَقُولُونَ مَا أَقُولُ لاقْرَرْتُ أَنَّكُمْ أَصْحَابِي، هَذَا أَبُوحَنِيفَةَ لَهُ أَصْحَابٌ، وهَذَا الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ لَهُ أَصْحَابٌ، وأَنَا امْرُؤٌ مِنْ‏قُرَيْشٍ قَدْ وَلَدَنِي رَسُولُ اللَّهِ‏صلى الله عليه وآله وعَلِمْتُ كِتَابَ اللَّهِ، وفِيهِ تِبْيَانُ كُلّ‏شَيْ‏ءٍ، بَدْءِ الْخَلْقِ، وأَمْرِ السَّمَاءِ وأَمْرِ الأرْضِ، وأَمْرِ الأوَّلِينَ وأَمْرِالآخِرِينَ، وأَمْرِ مَا كَانَ وأَمْرِ مَا يَكُونُ، كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى ذَلِكَ نُصْبَ‏عَيْنِي.
وعَنْ حَرِيزٍ عَنْ مُعَلَّى بْنِ خُنَيْسٍ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّه‏عليه السلام:
يَامُعَلَّى،
اكْتُمْ أَمْرَنَا وَلا تُذِعْهُ، فَإِنَّهُ مَنْ كَتَمَ أَمْرَنَا ولَمْ يُذِعْهُ أَعَزَّهُ اللَّهُ بِهِ‏فِي الدُّنْيَا، وجَعَلَهُ نُوراً بَيْنَ عَيْنَيْهِ فِي الآخِرَةِ يَقُودُهُ إِلَى الْجَنَّةِ.
يَا مُعَلَّى،مَنْ أَذَاعَ أَمْرَنَا ولَمْ يَكْتُمْهُ أَذَلَّهُ اللَّهُ بِهِ فِي الدُّنْيَا، ونَزَعَ‏النُّورَ مِنْ بَيْنِ عَيْنَيْهِ فِي الآخِرَةِ، وجَعَلَهُ ظُلْمَةً تَقُودُهُ إِلَى النَّارِ.
يَا مُعَلَّى، إِنَّ التَّقِيَّةَ مِنْ دِينِي ودِينِ آبَائِي، ولا دِينَ لِمَنْ لا تَقِيَّةَ لَهُ.
يَا مُعَلَّى، إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ أَنْ يُعْبَدَ فِي السِّرِّ كَمَا يُحِبُّ أَنْ يُعْبَدَ فِي‏الْعَلانِيَةِ.
يَا مُعَلَّى إِنَّ الْمُذِيعَ لأمْرِنَا كَالْجَاحِدِ لَهُ.