عمرٌ تقاصرَ دونه الزمنُ*** وشواطىءٌ صلّت لها السفنُ



وجراحُ قلب كلّما نزفت*** ذابت بفيض دمائها المحنُ



ياصدرُ خذ وهج الدموع فقد*** خصبَ الأسى وتبرعم الشجنُ



ياصدرُ إنّا اُمّهٌ ولدت*** في غربة مالّمها سكنُ



جاءت إليك ولم تبع غدها*** أنّى تبيعُ ونحرُها الثمنُ




هذا عراقُكَ راح يصلبُهُ*** حقدُ الغزاةِ ليُعبدَ الوثنُ



خسئوا فأنت اليوم أكبرُ من ***قدرِ الطغاة لأنّك الوطنُ



عمرٌ وأنتَ قتيلُ دمعته*** والقاتلان الحزنُ والفتنُ



أدميت شفرتَها وأرعبها*** ما يحتوي غَدها ويحتضنُ



فاجأتها بدم تقدّسَ أن*** يخبو فسارَ القبرُ والكفنُ



وحملتَ روحك ما تناهبها*** خوفُ ولا استرخى لها بدنُ



فرداً تُحدّقُ في جراحتنا*** وسواك لا عينٌ ولا أُذنُ



تخطو الرجالُ وأنتَ سابقُها*** وثَبتْ بك الآياتُ والسننُ



ويداك أندى غيمتين سقت*** شجرَ العراق فأورقَ الغصنُ



من بعد أن ألوى ببسمته*** عطشُ الثرى والموردُ النتنُ





ياصدرُ طيفكُ جُنحُ غربتنا*** خافقةً والأفقُ مرتهنَ



نعلو فيدنينا تمزّقنا***... نغفو فيسرقُ حُلمنا الوسنُ



دُفن العراق بنا لنبعثه*** فنودُّ أنّا بعضُ مَن دُفنوا



شوكُ الصحاري في أناملنا*** وخيامُنا الحسراتُ والوهنُ



يَبُست قوافلنا وقد تعبت ***ظمأى فلا ضرعٌ ولا لبنُ





إلا رؤاك تلمُّ حيرتنا*** فهي اليدُ البيضاء والمننُ



وهي الربيعُ يَمرُّ في دمنا*** دفئاً فيصحو الجذرُ والفتنُ



رُحماك لا تغضب لدمعتنا*** فالدمعُ في ذكراك ممتحنُ



إن سال أطفأ جمرَ أعيننا*** أو جفَّ فهو الباخلُ الضغنُ



عذراً إذا طالتك أحرفُنا*** فلأنتَ أنتَ البحرُ والسفنُ