من ينتظر من
الدكتور الشيخ عبد الهادي الفضلي
يقول فضيلة الشيخ عبد الهادي الفضلي في بداية حديثه ( هل نحن ننتظر الإمام المهدي عليه السلام أم هو الذي ينتظرنا )
نحن ننتظر الإمام هذا واضح ، ننتظر ظهور الإمام ليقوم بواجباته الشرعية وهو بين ظهرانينا ، أما هو ينتظرنا : ماذا يعني ؟
ماذا ينتظر منا ؟ 000هذا الذي ستدور حوله المحاضرة
وللإجابة على السؤال المطروح : هناك عدة افتراضات تساعد على ظهور الإمام المهدي والقيام بواجبه ، واجب الإمام المهدي يختلف إلى حد ما من حيث التطبيق لا من حيث النظرية ، من حيث النظرية لا يختلف عن واجب جده رسول الله صلى الله عليه وآله ، وعن واجبات آبائه الأئمة عليهم السلام وإنما من حيث التطبيق هناك اختلاف ، التطبيق أن الإمام المهدي عندما يظهر يقيم دولة عالمية ، الرسول صلى الله عليه وآله لم يتسنى له أن أقام الدولة العالمية ، وكذلك الأئمة سلام الله عليهم أو من غير الأئمة 0
والقرآن يقول { لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ } (33) سورة التوبة ، يعني أن الإسلام يكون هو النظام العالمي الوحيد ، وهذا لم يتحقق على مختلف فترات التاريخ الذي مر به المسلمون ، وهذا لا بد أن يتحقق على يد الإمام المهدي 0
هنا تأتي الافتراضات
الافتراض الأول : أن الله سبحانه وتعالى يحقق هذه الدولة والنظام على يد الإمام المهدي على نحو معجز ، يعني لا يحتاج إلى أي مساعدة ، كما أنه لا يحتاج منا أن نقوم بأي مساعدة ، كيف يتحقق هذا لا نعلمه ، نعلم عندما يظهر 0
الافتراض الثاني : أن يقوم الإمام المهدي كما قام أي داعية لأي مبدأ ، كجده رسول الله صلى الله عليه وآله ، كالدعاة والمصلحين الآخرين ، الذين دعوا إلى مبادئ معينة ، وقاموا بأدوار إصلاحية معينة ، يعني يتبع الطريق المألوف ، هو أن يخرج ويتحرك بشكل سري كما كان رسول الله صلى الله عليه وآله تحرك إلى ثلاث سنوات الفترة السرية ، ثم أعلن الدعوة ، يتصل بالإفراد ويدعوهم إلى اعتناق هذا المبدأ ، ا والى الاشتراك معه في النهوض بهذه الدعوة ، وتطبيق هذا المبدأ ، ثم قد تنتهي المرحلة السرية قد تطول وقد تقصر فيعلن حركته إلى أن تصبح الحركة قوية تستطيع أن تصمد وتستطيع أن تجابه وتقاوم حتى تصل إلى الهدف ، كما فعل الأنبياء السابقون والدعاة والمصلحين 0
الافتراض الثالث : هو أن الإمام المهدي عليه السلام يخرج ، وهناك دولة قد مهدت له ، يعني هيأت له متطلبات النهوض ، من نشر الفكر ، من السلاح الذي يحتاج إليه ، من الجنود الذين يحتاج إليهم ، وهو يأتي ويتسلم هذا ويتحرك 0
إذا حاولنا أن نقارن بين هذه الروايات ( التي تختص بالافتراضات السابقة )
من حيث الكثرة : الروايات التي تقول بالتمهيد هي أكثر ، والروايات التي تقول أنه يخرج ويصلح على نحو الإعجاز ، هذه قليلة جدا ، ومن هنا تأولها بعضهم بتأويلات أخرى ليستبعد هذا المعنى ، الروايات التي تقول بالرأي الثاني ، تأتي من حيث الكثرة أكثر من الروايات الأولى ، لكنها أقل بكثير من الروايات التي تشير إلى التمهيد 0
من حيث الاعتبار : الروايات التي تشير إلى أن هناك من يمهد لظهور الإمام المهدي هي روايات معتبرة ، وهي من الكثرة قد تصل إلى حد الاعتماد عليها ، بينما الروايات الأخرى يؤخذ على أسانيدها بعض الملاحظات والإشكالات 0
إذا حاولنا الآن أن نتعرف على هذا من خلال الواقع العالمي الذي نعيشه ، ماذا يساعد : هل يساعد الواقع على الافتراض الأول أو الثاني أو الثالث 0
الوضع العالمي نأخذ صورة عنه
الاتحاد السوفييتي انهار ، وانهياره كان داخلي ، وكان في الواقع غير متوقع ، ماذا خلف انهياره ، خلف دول موجودة وما فيها من ويلات ، وقد حصل لدى الناس يأس ، وعندما يحصل يأس ، يحصل شيء من التطلع إلى مصلح آخر غير هؤلاء 0
الدولة الأخرى التي تتوازن وتتعادل مع الاتحاد السوفييتي هي الولايات المتحدة الأمريكية ، وما يكتب وما يقال – طبعا هذا ليس من عندي – من ناحية اقتصادية تعاني ، اهتزازات داخلية عنيفة تؤدي إلى الانهيار من الداخل كما انهار الاتحاد السوفييتي ، أيضا تعاني من تحلل خلقي فضيع ، والإحصائيات التي تنشر الآن كثيرة جدا ، المحاولات لتلافي هذا أصبحت تخفق ، ولا تصل إلى تحقيق غايتها 0
إذا الناس أيضا أصبحوا في حال من اليأس ، أصبحوا متطلعين إلى مصلح آخر غير هؤلاء المصلحين ، من هنا تسمعون المناداة لإيجاد نظام آخر ، نظام بديل 0
من حيث الحكم : ثبت للعالم فشل النظامين الدكتاتوري متمثلا بالاتحاد السوفييتي ، والديمقراطي متمثلا بالولايات المتحدة الأمريكية 0
من حيث الاقتصاد : ثبت للعالم أيضا فشل الاشتراكية في الاتحاد السوفييتي ، والرأسمالية في الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا وما يتبع المعسكر الغربي 0
من ناحية العقيدة : هناك المسيحية والعلمانية ، يعني لا يوجد في تلك البلدان إسلام منتشر كما هو هنا ، المسيحية أصبحت تعيش داخل الكنائس ، وتعنى في الجانب الأخلاقي في حدود ضيقة ، والعلمانية تعني لا عقيدة ، تعني الأخذ بالعلم ، وطرح الدين وطرح العقيدة الدينية ، لأنهم يذهبون إلى أن الدين ليس من صنع الله تعالى ، وإنما هو من صنع البشر ، وقد انتهى بهم العلم إلى إحصائيات ضخمة ليكون عندهم خمسين مليون حالة إجهاض 0
هذه الإحصائيات تقول أن العلم متجه اتجاه مادي ، بعيد كل البعد عن الجوانب الروحانية ، والجوانب الأخلاقية ، طبعا لا يستطيع أن يصلح من سلوك الناس ، هذا كله دعا الناس يفتشون عن النظام البديل ، ما عاد يؤمنوا بالأنظمة التي جربوها ، وجربوها حوالي مائة عام ، وهي تأخذ في الإخفاق 0
لذا توجه الناس إلى النظام البديل الذي يوجد توازن ، يوجد عدالة ، يوفر للإنسان حقه كإنسان ، بالشكل الذي يعيش حياة حرة ، كريمة ، معزز ، لا يوجد نظام كما هم يقولون ، إلا الإسلام ، ولهم كتاب اسمه ( الإسلام النظام البديل ) ، وكثير منهم يدعوا إلى الإسلام كنظام بديل لهذه الأنظمة 0
الإسلام يقوم على أساس من عقيدة التوحيد ، وعقيدة التوحيد تعني : إن أي تصرف يقوم به المسئولون عن النظام هم مسئولون إمام الله ، الإمام علي عليه السلام يستطيع أن يأخذ من بيت مال المسلمين ، لكنه يشعر ، عنده عقيدة عنده إيمان بأنه سيحاسب من قبل الله ، لا يقدم على هذا ، هذا اللون من العنصر الذي يكبح جماح المسئولين من أن يقوموا بأطماعهم غير موجود في الديمقراطية ، وهو موجود في الإسلام 0
قد تقول إن في الإسلام حكام يبتزون هذه الأموال ، صح هذا موجود ، في التاريخ موجود وفي الحاضر موجود ، لكن هذا ليس هو الإسلام ، هذا جاء من تقصر المسلمين ، في محاسبة الحكام ، المسلمون مسئولون ، وأنت مسئول أن تدافع عن حقك ، أنت لم تدافع عن حقك ، هذا فرق يلمسه الآن العالم
0
كل هذا جعل الناس يتطلعون إلى المصلح ، وهناك يهتمون بهذه القضايا أكثر مما نهتم نحن هنا ، يهتمون للمستقبل كثير ، يهتمون بالمصير كثير ، نحن نهتم بالحاضر ، المهم أن نؤدي العبادات ، حتى لا نحاسب يوم القيامة ، أما المستقبل ، عندنا كلمة نرددها ، المستقبل غيب ولك الساعة التي أنت فيها 0
من هنا التطلع إلى المصلح ، الذي ينقد الإنسانية مما انحدرت إليه الآن ، الانفتاح الذي جعل هؤلاء ينفتحون على الإسلام ، انفتحوا على الإسلام الشيعي أكثر من انفتاحهم على الإسلام غير الشيعي ، لماذا ؟ لشيء واحد أنهم متابعون 0
أعطي مثل : الحركة الإسلامية في مصر ، من قبل خمسين سنة تقريبا ، تعطي فكر إسلامي ، وأثرت المكتبة الإسلامية بمئات من الكتب ، لكن كل هذه الكتب التي ترجم بعضها إلى لغات العالم ، لم تستطع إن تقدم للعالم ما يسمى نظام ، نظام يحقق للإنسان حقوقه العادلة ، بينما تحركت النجف وتحركت إيران ، والتحرك بدا في النجف على يد السيد الشهيد قدس سره ، وأعطت كتب قليلة ، يعني قد تكون بالعشرات ، لكن هذه الكتب قدمت للعالم أن الإسلام فيه نظام ، نظام فكري ، يرتبط بالجانب العقائدي ، ويرتبط بالجانب الاقتصادي ، ويرتبط بالجانب السياسي ، ويستطيع أن يكون النظام البديل 0
من هنا انفتح العالم على الإسلام الشيعي ، الذي يعرف هذا النظام ، الذي يصلح لان يكون بديلا لأنظمتهم التي أخضعوها للتجربة وأخفقت ، طبعا لما نقول فكر شيعي ، يعني فكر أهل البيت عليهم السلام ، استطاع إن يثبت وجوده في العالم ، وان يكون له حضور في العالم ، وان يعطي المؤشر وبشكل واضح ، انه يمكن أن يحل الإسلام كنظام بديل محل الأنظمة التي أخفقت 0
أيضا لو جئنا إلى البلاد الإسلامية الآن ، الحركات الإسلامية ، ليس هدفها استلام أنظمة الحكم في البلدان التي يتحركون فيها ، ليس هو هذا الهدف الوحيد ، هناك هدف عندهم اسمي من هذا ، هو أن يحققوا للإنسان المسلم كرامته ، وعزته التي أرادها الإسلام له { وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ } (8) سورة المنافقون ، { وَلَن يَجْعَلَ اللّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً } (141) سورة النساء ، فالله سبحانه وتعالى من خلال التشريع الإسلامي ، أراد للمسلم أن يعيش كريما عزيزا 0
وما نشاهده من الضربات الآن قاسية جدا قاسية ، وضربات إبادة ، ومع هذا ، الصمود موجود ، لان الهدف اسمي ، الهدف يستحق التضحية في نظر هؤلاء الذين يتحركون هذا التحرك ، التنبؤات والتوقعات كلها تتوقع ظهور المصلح 0
نعود إلى بعض الروايات منها ما يتحدث عن العراق ، هذا الوضع المزري الذي انتهى إليه الشعب العراقي المسكين ، اقرؤوا في الروايات موجود تماما ، كعلامة من علامات الظهور ، طبعا هذا لا يعذرنا أن لا نكون إلى جانب الشعب العراقي ، والعالم لا يستجيب إلى المجازر التي حدثت وتحدث في فلسطين أو البوسنة والهرسك 0
كل هذه تدعونا أن نؤمن بأنها تمهيد لظهور الإمام المهدي عليه السلام ، كيف تكون تمهيد ، الناس تنتظر مصلح عادل ، ونحن من خلال تجربتنا ، أي واحد يأتي من هؤلاء لا يكون عادلا { كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَّعَنَتْ أُخْتَهَا } (38) سورة الأعراف 0
الروايات تقول ، { إذا رأيتم الرايات السود قد أقبلت من خراسان فإن فيها خليفة الله المهدي } ، أيضا هناك روايات تشير إلى أنهم هم الذين يمهدون لظهور الإمام المهدي ، وهم الذين يسلمون الدولة للإمام المهدي عليه السلام ، ماذا نعمل ونحن الآن في انتظارنا للإمام المهدي ، الذي أريد أن أقوله شيء واحد 0
{{ أن لا نحارب هذا الكيان الشيعي }}
نحن لا نؤيد ، نحن قد يأخذنا الكبرياء ويأخذنا الجبروت ونحن ضخمين جدا ، ومهدنا كل التمهيدات للإمام الحجة فما في داعي نؤيد هؤلاء ، على الأقل ما نحاربهم ، لانحارب ولا نسمع هؤلاء الذين لهم مصالح معينة يحاربون فنحارب معهم ، هذا لا يجوز ، كيان ، هذا الكيان ، أعطى للشيعة ، وللإسلام وجودا لم يعطه أي كيان آخر من الكيانات الموجودة في العالم ، دعونا نستفيد من هذا الكيان ، في التمهيد ، وعمل جاد ، هم يدركون هذا ، ويعملون عمل جاد للتمهيد للإمام المهدي عليه السلام ، ليكن منا فقط ، عدم محاربة ، إذا ما نريد نؤيد ، لا نحارب ، وهؤلاء الذين يحاربون ، انتم تدركون هذا الشيء أكثر مما يحتاج الآن أن أقول حوله شيء 0
الوعد الذي وعده القرآن { وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ } (105) سورة الأنبياء ، راح يتحقق إن شاء الله { وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ } (5) سورة القصص ، أيضا كذلك راح يتحقق ، بس يحتاج من عندنا وقفه تأييد ، لا نتأثر بهؤلاء (،،،،،) لا أقول أكثر من هذا عن هؤلاء ، لا نتأثر بهؤلاء ، هؤلاء سيلقون مصيرهم عندما يخرج الامام المهدي عليه السلام ، ( ،،،،،، )0
في الواقع كما نحن ننتظر الإمام المهدي هو ينتظرنا أيضا ، وليكن انتظارنا بأن نؤيد هؤلاء الذين يعملون من اجل خروج الإمام المهدي ، لا نكن مع الآخرين 0
والحمد لله رب العالمين
دمتم بمودة 000000000000000000000000000000 والسلام
المفضلات