الحلقة الثامنة عشر
* * * * * * * *


سلامات




من شهور ،،
و سلطان ما عاد يجي الشركة ،،
و العمل كله فوق راسي ...


لأني ظليت صاحي من قبل صلاة الفجر
– على غير عادتي –
و جيت العمل ...
حسيت بعد كم ساعة بتعب و صداع ،،

اللي خلاني أفكر أرد البيت بدري اليوم ،،
و استسلم للنوم !



الصدفة اللي فاجأتني ،،
بالأحرى فاجئتنا كلنا ،،
هي أني شفت سلطان ببيتنا ،،
جاي وقت الظهر


( و طبعاً الأمر مو على العادة )
و الظاهر أنه ما كان متوقع يشوفني ...
و لو قلتها بصراحة ،،
ما كان يبي يشوفني ...


- حيا الله بو نواف
... يا حظك ...
جيت و السفرة جاهزة تفضل بالهناء ...


الرجال ،،
رد بكلمة مقتضبة ،،
مطلعنها غصب من حلقه ...


- بالعافية


يعني ما وده يتغذى معنا ...
صحيح ما هوبغريب ...
بس ،،
مو بعدله نخليه بالصالة ،،
و نروح نتغذى بغرفة ثانية ...

أنا و شوق طالعنا بعض ...
قالت :


- خلاص ياسر ،،
تغدى أنت و الأولاد ،،
أنا ودي أكلم أخوي شوي ...



خليتهم و رحت ...
أعرف أنه فيه شي ما لي دخل فيه ...

بعد شوي ...
جت شوق و قالت أنها طالعة مع أخوها مشوار صغير ....

ما علقت ...
قلت خلني أنتظر لين تقول لي هي

وش اللي صاير ؟
في فترة غيابها اتصلت أم نواف تسأل عنها و عن بو نواف
... انشغل بالي ...
وين ممكن يكونون ؟؟



*
* *
*



الوقت ما كان وقت زيارة ،،
و ممنوع دخول غير موظفي المستشفى داخل المستشفى ،،
بس كوني دكتورة و لي معارف و علاقات هنا و هناك ...
سمحوا لنا أنا و أخوي سلطان ،،
نجي لعند غرفة قمر...



كانت هذه رغبة سلطان المفاجئة ،،
أنه يمر يسلم عليها و يتطمن على صحتها ...

و الظاهر ،،
أنه مثلي و مثل ياسر ما نام بعد مكالمة الليل ...
إذا كان نام قبلها أصلاً ..



طرقت الباب ،،
فتحته بهدوء ،،
و طليت أبي أشوف كيف هي ؟


كانت قمر شبه جالسة مستندة على السرير ...
و طبعاً ،،
ما كانت متوقعة إني أنا اللي عند الباب ،،
عشان كذا شفت الدهشة بعينها ،،،
و بعدها حلت ابتسامة جميلة مكان الدهشة



فرحت ...
و أنا أشوف ابتسامتها ...
يعني صحتها تحسنت
... الحمد لله ...



جيت لعندها ،،
و مسكت إيدها أسلم عليها بفرح ،،
و أنا أشد على إيدها...
لما سألتها

- ( أنت طيبة ؟ بخير ؟ )

هزت راسها بنعم ،،
ما تكلمت ...
إلى الآن قدرتها على الكلام ما استعادتها
... لكن ...
الحمد لله ...


- قمره ....
معي شخص وده يقول لك سلامات و ما تشوفين شر !



قلت الجملة ،،
و ركزت نظراتي على نظراتها أدقق ...
أستشف الإجابة ...
أتفحص ردة الفعل ؟


طالعت فيني قمر بنظرة لا تدعو لأي شك ...
بأنها عرفت بالضبط أقصد من ....

الحين ...
إيدها هي اللي شدت على إيدي
... رغم ضعفها ...

أخوي كان واقف ورا الباب ينتظر ...

سألت قمر :

- تسمحي له يجي .... ؟


لو كانت تبي تقول ( نعم ) ،،
كان هزت راسها بنفس الطريقة اللي هزتها بها قبل شوي لما سألتها ،،

( أنت طيبة ؟ بخير ؟ )


الطريقة اللي وقفت فيها نظراتها معلقة مع راسها
... لا فوق و لا تحت ...
لا يمين و لا شمال ...
خلتني أرتعد ...


ما بغيت أكرر السؤال ....

و بعد ،،
ما بغيت أخوي يظل واقف عند الباب
... تركت إيدها ...
و ابتعدت ...
و جيت لعند الباب ...


طالعت بها مرة ثانية ...
يمكن تقول أو تسوي شي ...
بس ظل كل شي فيها معلق مثل ما كان ....


طلعت لأخوي ،،
و أنا مو عارفة إش أقول له ؟
أقوله أنها ما تسمح يسلم عليها ...
أو أنها نايمة ...
أو إش أقول .... ؟


أخوي العرق كان يتصبب على جبينه ،،
كأنه تلميذ عنده امتحان عملي !
و بس شافني سألني :


- صاحية ؟

لا شعورياً ...
لقيتني أهز راسي بنفس طريقة قمر !


- أقدر أكلمها ؟


مديت ذراعي ،،
أسد فتحة الباب تلقائياً ،،
مثل اللي يبي يمنع دخول واحد عند الباب لداخل الغرفة ،،
أخوي بس شافني كذا قال :


- ما بغيت أدخل ،،
بس ودي أسلم عليها

و خطا خطوة أقرب للباب ،،
و مد راسه عند الفتحة و قال :


- السلام عليكم قمرة ....
حمد الله على السلامة
... ما تشوفي شر ....



هي كلمتين قالها ...
و ابتعد عن فتحة الباب ...
و جاء دوري عشان أدخل ...


لما دخلت ...
شفت قمر لافه راسها الجهة الثانية ،،
و مخبية وجهها بالوسادة ...

جا على بالي أنها تبي تغطي وجهها،،

قلت على طول :

- ما راح يدخل !


بس قمر ظلت على نفس الوضع ...
قربت منها و ناديتها
.. بس ما ردت علي ....

لفيت حول السرير عشان أجيها من الجهة الثانية
... و ناديت ... و لا ردت ....


شفت الدموع تسيل على خدها و على الوسادة ...
و هي عاجزة ترفع إيدها تمسحها ....


تقطعت ...
إذا كان فيني جزء من قلبي و جسمي بعده صاحي ما تقطع من موت هبة
... فها هو يتقطع الحين ...

و أنا أشوف ...
صديقتي و زميلتي الغالية ،،
ممدة على السرير
... مشلولة ...
بلا حول و لا قوة ...


و لا حول و لا قوة إلا بالله ...