الحلقة الرابعة عشرة
* * * * * * * * * *

قريب من العين و القلب



- تقولين ... قمر ؟؟؟؟

صاحت منال بدهشة و استنكار ...
لما قلت لها أن الطبيبة اللي كانت هنا
... هي قمر ...

و صارت تنقل نظرها بيني و بين سلطان ....
الجالس باستسلام على طرف السرير ...
و بحضنه
هبه نايمة بكل براءة ...
و عينه بس و بس مركزة على بنته ...


- لا ! مستحيل ....

لما قالت كذا ،،
رفع سلطان بصره و طالع بها ...

و ردت تأكد ...

- مستحيل أخلي بنتي تتعالج عندها ...
شوف لنا مستشفى ثاني ...


سلطان ...
منتهي و ما له حال ...
بس شال البنت و حطها بسريرها ...
و قام يبي يطلع ...


- وين ؟؟؟
- بـ أرد البيت باريح شوي ...
- و تخلينا هنا ؟
- منال ...
رجاءاً ... اللي فيني يكفي ....


قالها ...
و طلع من الغرفة ...

و جلست مدة مع منال ...
أحاول أهدي فيها ...
هدأت في النهاية ... بس ما اقتنعت ...
... و كنت ادري أنها بكرة بالكثير ...
بترجع للموضوع مرة ثانية ....

صحيح احنا انحطينا بموقف ما ننحسد عليه ...
الأقدار لعبت دورها بدهاء ...
و كلمة ((( النهاية ))) في القصة و اللي ظنيت أنها انطوت خلاص ...
ما شكلنا راح نقولها قريب .....


*
* *
*


رديت من مشاويري مع عمي قرب الساعة عشر الليل ،،
كنت متأكد أن أمي راح تعاتبني لأني طولت الغيبة ،،
و استغربت لأنها ما اتصلت علي كالعادة تتطمن ...؟


المهم ،،
أول ما دخلت البيت شفت خالي ثامر جالس يتكلم بالتلفون بالإنجليزي !
أكيد هذه خطيبته !
صار كله مشغول معها !


رحت أدور أمي ما لقيتها سألت عنها قالوا لي بدارها ...
و صعدت الدور الثاني و جيت عند باب غرفتها ...

كان النور ظاهر من تحت الباب ،،
دقيته و ناديتها ،، و ما جاني رد ...


دقيت مرة ثانية و ما سمعتني ،،
فتحته شوي شوي ...

لقيت أمي نايمة على سريرها ...
مو بالعادة أمي تنام هالوقت ،،
و لا بالعادة تنام قبل ما تتطمن علي ،،
بس شكلها غفت دون ما تدري ...


قربت منها عشان أنا متعود لازم أقبل راسها كل ليلة قبل النوم ،،
من يوم كنت صغير ...
و فيه شي
غريب لفت انتباهي ... !


كانت إيدها اليسرى ممدودة و براحتها ثلاث ( خرزات ) فضية .. !

استغربت ...
إش هذه ؟ ...
بس شلتهم من إيدها دون ما تحس ..
و أخذتهم معي ... قبلتها و طلعت من الغرفة ....


بعد ما ( انسدحت ) على سريري نمت بسرعة لأني كنت تعبان شوي ...

و ما لحقت أشبع نوم ...
صحيت على صوت خالي ثامر ينبهني عشان صلاة الفجر ...


بسرعة جا وقت الصلاة !
يمكن خالي غلطان بالوقت ؟؟

فتحت عيني و طالعت بالساعة و كانت أربع الفجر ...

- يالله بدر انتظرك بالسيارة لا تتأخر ...

ما مداني أرفع جسمي أبي أقوم إلا و وصلنا صوت صرخة قوية ....
فزعت ...
و هبيت جالس ...
و جت صرخة ثانية ...


- هذه أمي ... ! ! !

قفزت من السرير ...
ركضنا أنا و خالي بسرعة إلى غرفة أمي و دخلنا ...
و شفناها تصرخ في ذعر
و فزع مهول ...

ركضنا لها و حضناها ...
و صرنا نهدّي فيها و هي ترتجف ...
و تردد ...


- ( سلطان لا تموت .... سلطان تنفس .... سلطان تماسك .... )

خالي صار يقرأ آيات قرآن يهدّي فيها و أنا أبكي مفزوع عليها ...
أمي كانت تطالع فينا و لا كأنها تعرفنا ...
ما كانت بوعيها أصلا ً...
العرق كان يتصبب منها بغزارة ... و أشوفها تتنفس تنفس مو طبيعي ....

ظلت أمي على ذي الحالة دقايق ...
و بدت تهدا شوي شوي ...
رفعت راسها تطالع خالي ثامر و تقول ...


- بسام غرق ...

و خالي يهدي فيها ...

- خلاص قمر ...
أعوذ بالله من الشيطان ...
خلاص قمر اهدي ...


و يكرر آيات قرآنية ...
لين هدأت أمي ...
و طالعت فيني ... و شكلها توها تنتبه لي أو تعرفني ...
... نادتني و خذتني بحضنها و أنا أبكي و هي تبكي و خالي يهدي فينا ...


- خلاص بدر ... خلها تنام ...

رفعت بصري له معترض ...

- بـ أظل معها ...
- لا بدر ،،
خلنا نروح المسجد ... ما فيها شي راحت النوبة ...


تركت أمي نايمة على السرير و الوسايد ....
مغمضة عينها و حالتها زينة ...
و يوم جينا بنطلع من الغرفة
سمعناها تقول :


- ( ما أبي أعالج بنته .... )

الجملة الأخيرة اللي سمعناها ،،
و طلعنا ....


كانت الدموع بعدها بعيني ،،
و قال لي خالي باستنكار :


- إش بلاك ؟ رجال و تبكي ؟
- ما شفت كيف كانت ؟
- ما هي أول مرة ...
ما تعودت للحين ؟؟

- بس ما صار لها من جينا البلد ...

من رجعنا البلد ...
هذه أول مرة تجي أمي نوبة الذعر اللي كانت تجيها من فترة لفترة و احنا برى ...


خالي يقول أن هذا صار لها بعد ما شافت أبوي و ناس ثانيين يغرقوا في البحر ...
قبل ما أنولد أنا ....

و كان دايما يحذرني أني أذكر شي عن الموضوع قدامها و إلا بتمرض و تزيد حالتها أكثر ....

... من هو
... سلطان .......؟؟؟


*
* *
*


صحيت من النوم و لقيت نفسي متأخرة شوي ...
و حسيت روحي تعبانة و ما لي خلق ...
قلت أبي أتصل بالمستشفى و آخذه يوم إجازة ...
بس ...
بسرعة تذكرت المريض الجديد ...
و قفزت من سريري بسرعة ...


... عندي اليوم شيء مهم لازم أسويه ...

و أنا عند المراية أسرح شعري تذكرت فصوص السبحة الثلاث ...
كانو بإيدي لما نمت ..؟؟؟

و قمت أدور عليهم في السرير و حوله و بكل مكان و لا لقيتهم ...
وين اختفوا ؟


بس لأن الوقت متأخر ،،
تجهزت على عجل و طلعت من الغرفة و نزلت الدور الأرضي ...


كان ولدي بدر جالس هناك و أول ما شافني جا يصبح علي و يحضني ...

- هلا بدري ... ها حبيبي متى رديت البارح ؟

ابتسم بخجل و اعترف أنه جا متأخر شوي ،،
و طالع فيني كأنه يبي يقول شي ...
بس أنا كنت مستعجلة
سلمت عليه و طلعت ....


اللحظة اللي طول أمس و أنا قاعدة أعد لها ألف حساب جت أخيراً ....

كنت بالمكتب ،،
أنتظر والد المريضة يجي عشان أشرح له عن المرض و العلاج ...
و تفاصيل ثانية ...

بالنسبة لي كطبيبة ،،
صرت متعودة على هذه الأمور ،،
لكن ... .... .... ؟


جت الممرضة ... مع سلطان ....

حاولت بكل الطرق ...
إني أنسى أني كنت أعرف هذا الشخص يوم من الأيام و اتصرف معه كأي والد
مريضة أعالجها ...


صعب ...
و الله صعب ... !
إنتوا حاسين فيني ؟؟



بمجرد وصلني صوته أول ما دخل و سلم ...
انتفضت أوصالي كلها ...

هذا هو صوت سلطان ... ما تغير عن أول ...
جهور و رنان ...
كأنه لا وصل الطبلة يدغدغها !
و إذا جا للدماغ يخدره !
مع أنه قوي ،،
بس لا سمعته تتملكني رغبة غريبة في النوم !



رفعت عيني بنظرة خاطفة صوب عينه و رديت السلام ...
يا ذيك عيون ... يا ذيك نظرات ...
تاخذني فوق في السماء ...
أحسها ...
أحسها بحيرة ... و ودي أسبح فيها !


أي جنون ... ؟؟؟
إنتوا فاهميني ؟؟


أخذت حول أربعين دقيقة و أنا أتكلم معه و أشرح له بعض التفاصيل و أجاوب على أسئلته ...
وجود الممرضة يمكن عطاني شوية دعم ...


كنت أبي أعرف ...
هل هو راضي أني أنا ...
أعالج بنته ؟
.. إش قرر ...؟؟؟


سألت في النهاية :

- نبتدي العلاج اليوم ؟
- توكلنا على الله ....