الحلقة الثانية عشرة
* * * * * * * * * *


عودة القمر




- روح مع خالك ،، و هو يشتري لك ..


طالعني ولدي (بدر ) باستنكار ،،
يبيني أنا أروح معه ،،
بس رديت قلت له :



- خلاص حبيبي أنت الحين صرت رجـّـال و لازم تساير الرجال !


شكله اقتنع ،،
و ابتسم ،، و قال :


- زين يمـّـه ،، بس لا تنسي اللي وعدتيني به ؟

ابتسمت له و قلت :

- حاضر ،، يالله روح الحين قبل ما يمشي عنك ...



و راح يركض بكل عفوية و بكل براءة ...
ولدي بدر خلـّـص 11 سنة من عمرة ،،
و بكرة باسوي له ( حفلة ميلاد ) للمرة الأولى بحياته ..

بصراحة ،،
كان هدفي من الحفلة هو أنا نعزم أهلنا و أصحابه الجدد ،،
عشان يتعود عليهم و يتقرب منهم ،،

بعد ما قضى عشر سنين و كم شهر برى البلد ...




ما صار لنا غير فترة قصيرة من ردينا للبلد ،،
و دخل المدرسة المتوسطة ،،
كل شي بالنسبة له جديد ...




ولدي بدر ،،
صار يعني لي كل شي بالدنيا ...
الدنيا كلها ...


فقدت حبيبي ،،
و فقدت زوجي ،،
و رحلت عن بلدي و أهلي و ناسي ...
ما ظل لي إلا وليدي ...



و صرت أشوف الحياة بس عن طريقه هو ...


اتصلت بـ سلمى ،،
و عزمتها و أولادها على الحفلة ،،
و أكدت لي أنها راح تكون من أول الواصلين ،،

و ما كذبت خبر ... !





- ماشاء الله على ولدك يا قمر !
اللي يشوفه ما يصدق أن عمره 11 سنة ! ما اعطيه أقل من 15 سنة !
الله

يحفظه لك !



قالت سلمى و هي تناظر ولدي ،،
وسط بقية الأولاد...


بدر طالع ضخم البنية ،، مثل أبوه الله يرحمه ،،
و كان لابس ثوب و غترة ،،
و يتصرف تصرفات أكبر من

عمره ..
و أحس بفخر لما أشوفه ...
الحمد لله ،،
الله عوضني به خير ...




- بس تصدقي متعلـّـق بي ،، تعلق الأطفال بأمهاتهم للآن ؟


قلت لسلمى ،،
و طالعتني و هي ترفع واحد من حواجبها و تنزل الثاني ،،
و تبتسم بمكر :



- هو اللي متعلـّـق بك ؟ و الا أنت اللي مهووسة به !
ها قمر ؟




ضحكنا ،،
ضحكات صادقة ،،
مثل الضحكات اللي كنا نضحكها أيام الدراسة ،،
قبل عشر سنين ...



ما كأن عشر سنين و زود ،،
فصلت بيننا ...
سلمى هي سلمى ،، و قمر هي قمر ...


أما شوق ....



- ذكرتيني بالأيام اللي راحت !
لما كنا نجلس بالساعات ،،
أنا و أنت ِ و شوق ،،
نسولف و نضحك

بكل سعادة ...
أيام الجامعة !
تذكرين ؟




- أكيد ...
- يا ترى وش أخبارها ؟
- الله أعلم ...



بسرعة ،،
وجهنا أنظارنا للأولاد ،، ما نبي نرجع للوراء و نذكر الماضي ...
خلنا نطالع قدام ...
المستقبل ...






بعد ما خلصت الحفلة ،،
و ولدي أخذ كفايته و زود من الانبساط ،،
و ثامر و أبوي و أمي راحوا غرفهم ،،

ظلينا أنا و بدر وحدنا ....





- ها بدري ! مبسوط ؟
- كثير ! مشكورة يمـّـه ...
- يالله حبيبي نروح ننام !



سكت شوي ،،
مع أن عيونه ظلـّـت تتكلم ...
لين رد قال :


- ما نسيت ِ شي ؟


ابتسمت له ،،
كنت أعرف أنه ينتظر على نار ...
و قمت ،،
و طلعت العلبة من الخزانة ،، و عطيتها له ...


- تفضل يا عين أمك يا أنت !
و هذه الهدية اللي طلبتها !
آمر بعد ؟




أخذ بدر العلبة بسرعة ،،
و فتحها بسرعة ،،
و طلع الـ ( هاتف الجوال ) و هو شوي و يطير من الفرح ...



كان يتمنى واحد من زمان ،،
و انا ما بغيت أجيب له ،،
و ادري أنه ما يحتاج له ...


بس ،،
وش يسوى ( جوّال ) مقابل لحظة يعيشها في حضن أبوه ؟

أبوه اللي مات قبل ما ينولد ...
لا عمره شافه و لا عمره عرف معنى كلمة أب

لو أملك الدنيا كلها ،،
و يطلبها وليدي مني ما أتأخر عليه ...




ناظرته و هو فرحان ،،
فرحة تسوى الدنيا و اللي فيها ،،
و طالع فيني ،،
يبي يعبر عن شكره ،،

و جا صوبي و ارتمى بحضني و ضميته بقوة ...



صرت أقبل جبينه و راسه و أنا فرحانه لفرحه ،،
فرحانه أكثر أن الناس كلهم مدحوا فيه و باركوا لي عليه ...





و أنا أقبـّـل راسه ،،
فجأة ...
داهمني شعور غريب ....






تسللت لأنفي ريحة ...
ريحة عطر ...
من الغترة اللي كانت على راس بدر ...




حسيت كأن جسمي تكهرب و سرت به رعشه ...
معقول ؟ ... معقول ...؟؟؟