رواية ( فجعتَ قلبي )
للكاتبة الدكتورة منى المرشود ( قمرة / تمر حنا )

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ




الحلقة الأولى
* * * * * * *



- جالك عريس
امتقع وجهيي و تغيرت ملامحي ، بعد لحظة ،
سألت أمي :

- من ؟؟
- ولد عمة أبوك ، بسام ...

انصدمت ، بس ما تفاجأت ، أمّه لمحت أكثر من مرة قبل .
كنت بصراحة متوقعة يجي يوم رسميا .
بس ما كنت أتمناه ...


- متى جوا ؟
- عارفة أنها كلمتني قبل تلميح ، أمس دخلت في الموضوع رسمي .
الولد استقر بعمله و صار جاهز..

صمتُّ صمْت طويل ، حتى النقاش بالموضوع ما يثير أي ذرة اهتمام فيني ، من يصدق هذا حال عروس تنخطب ؟

- بما أنك عارفة عنه كل شي ... ما يحتاج أقول أكثر

- بس أنا أحتاج أفكر ...

- فكري ، ما رح تلقي أحسن منه ، و رقعة الثوب منه و فيه..

تجاهلت الموضوع أول يوم ، و بعد ما ردت الوالدة فتحته يوم ثاني ، و كلمني الوالد بعد ...
بديت أحس
بالجدية ...

يا قمر ، الموضوع جدي ، صحصحي ...

غصباً علي ، لا جيت أفكر ، مو صورته هو اللي تجي ببالي ، لا ...
صورة حبيبي الهاجر ...
آه يا عسل
للآن مرت شهور على زواجه ...

ما ادري من وين جت هذي الدموع ؟ ما ابي اعيد فتح الجرح انسي يا قمر خلاص
انسي ..



ما نمت ذيك الليلة ، و ظليت سهرانه للصباح ،
و اللي طلعت به من تفكيري الطويل ، فكرة وحدة بس ....

*
* *
*



- معقول ؟؟ ما .... أصدق عيوني ....
- ... صدّق ... قمر قدّامك الحين ....

كانت أطرافي كلها ترتجف ، و قلبي يركض ، ما توقعت أني أظل حيّة ...
كان هو ... آه ... ما تغير فيه
شي ...

نفس الصورة و نفس الصوت ...
نفس النظرات ...
نفس الشعور اللي يعتريني لاشفته قدامي ...
ما كأن الزمن فرق بيننا و لا لحظة وحدة ...


- فيه شي ، بغيت أقل لك عليه ، و أمشي ...
- تفضلي ؟ آمري ...؟ خير ...؟؟؟


مرت دقايق ... و انا جامدة بمكاني ، لا عرفت اجلس و لا أتكلم ، الرجّال عنده عمل ،
و أنا ... ؟؟
هو ... بعد كان مرتبك ... و حس بتوتر الجو ، حاول يلطفه شوي و سألني عن الدراسة ...


- كيف الدراسة معك ؟
- الحمد لله
- الله يوفقك ، و تتخرجي بامتياز ان شاء الله
- إذا ... إذا واصلت ...
- ليه ؟ لا يكون ببالك تتركيها ؟ بعد كل
هالسنين ؟؟؟
- حسب الظروف ...

توجس ، تغيرت نبرة صوته ، و قال :


- ... فيه شي ... جديد ...؟؟

وقف قلبي عند هذا السؤال ، بدون شعور ، رفعت وجهي صوبه و ظليت احدّق بنظراتي في عينه ، بدأ صدري
تنكتم أنفاسه و تتلخبط ...

ما وعيت ، الا و الدموع تنجرف من عيني بغزارة ...

- .... قمر ....؟؟

ما ادري كيف طلعت الكلمة مني ... قلت فجأة :

- بسام خطبني ..

هل كان تخيل مني و الا بالفعل ...
شفت الذهول يظهر فجاة على وجهه ، و تتغير
ملامحه ، ما ادري كيف
قدرت أشوفها وسط دموعي ...

أظنه تفاجأ ...
و استنكر ...

- بسام ، ما غيره ؟؟؟
- .... نعم ....

بعد صمت قصير

- لكن ... بسام ما يناسب مستواك الدراسي ...


هزيت راسي : لا
باسلوب المغلوب على أمره ...
و مسحت دموعي باستسلام ...

- ... و ... ايش رايك ... وافقتِ ؟
- بعد ، ما قررت
- قمر ... لا تتسرعي ...
- إش تفرق ؟ بسام أو غيره ...
- على الأقل ، اختاري رجّال يناسب مستوى ثقافتك ... أحسن لك و له ...
- ... النصيب نصيب ... ما به شي ينعاب ...
- ...... هذه حياتك ...... أنتِ حرة .....

طالعت فيه بشكل غريب ... و استغرب نظراتي ، و بعدها قلت :

- أتزوجه ؟ ...

تفاجأ من السؤال ، و بدا و كأنه يحاول يتمالك نفسه ، او كذا أنا تخيلت ، و قال :

- ... اذا تشوفيه يناسب لك ، وهو رجّال للحق جيد ، فـ ... على بركة الله ...


على بركة الله ....
كلمة غرزت خنجر بصدري و صحت

- بس أنا أحبك أنت ...

طلعت الكلمة بلا شعور ، بلا وعي ،
ما اكتشفت أني قلتها إلا بعد ما اهتز
و انتفض قدّامي ،

و شاح بوجهه عني و بدت يديه تتحرك باضراب على وجهه ،
تنقبض بشدة ...
انتظرت منه ردة الفعل
التالية ...
و جت أقسى من الطعنة الأولى ...


- قمر ... لا تهذري مشاعرك على رجال متزوج و خالص ...


حسيت بصفعة قوية على وجهي ، و فقت منها ... أنا وش جابني هنا ...
أنا إيش سويت ...
وقفت بسرعة ، و جريت صوب الباب اداري دموعي بيديني ...

كنت اسمعه و هو يناديني

- قمر لحظة ... لحظة يا قمر ...أرجوك ..

تمنيت ذيك اللحظة أني أقدر اطير ... أختفي ... أتبخر ...
مشيت و مشيت على غير هدى ، وصلت البيت ، حذفت جسمي على سريري ، و صرخت بوجه الوسادة ، بصرخة
مكبوتة :


- أكرهك يا عسل ، أكرهك أكرهك أكرهك ....


بعدها بساعة وحدة ، كنت عند أمي أقول لها :
- خلي العريس يجي الليلة .....



*
* *

*



... يتبع ...