وصايا لقمان لابنه
يا بني...
إنك منذ سقطت إلى الدنيا استدبرتها واستقبلت الآخرة، فدار لأنت إليها تسير أقرب إليك من دار أنت عنها متباعد .
يا بني ...
جالس العلماء وازحمهم بركبتيك ولا تجادلهم فيمنعوك ، وخذ من الدنيا بلاغًا ، ولاترفضها فتكون عيالا على الناس ولا تدخل فيها دخولا يضر بآخرتك وصم صومًا يقطع شهوتك ، ولاتصم صيامًا يمنعك من الصلاة، فإن الصلاة أحب الى الله من الصيام .
يا بني...
إن الدنيا بحر عميقٌ قد هلك فيها عالم كثير، فاجعل سفينتك فيها الإيمان، واجعل شراعها التوكل، واجعل زتدك فيها تقوى الله ، فإن نجوت فبرحمة الله ، وإن هلكت فبذنوبك .
يابني...
إن تأدبت صغيرًا انتفعت به كبيرًا ، ومن عنى بالأدب اهتم به ومن اهتم به تكلف علمه ، ومن تكلف عمله اشتد له طلبه ، ومن اشتد له طلبه أدرك منفعتك فتخذه عادة، فإنك تخلف في سلفك ، وتنفع به خلفك ، ويرتجيك فيه راغب ، ويخشى صولتك راهب.
وإياك والكسل عنه بالطلب لغيره، فإن غلبت على الدنيا فلا تغلبن على الآخرة ، فاتك طلب العلم في مظانه فقد غلبت على الآخرة، واجعل في أيامك ولياليك وساعاتك لنفسك نصيبا في طلب العلم ، فإنك لم تجد له تضييعًا أشد من تركه، ولا تمارين فيه لجوجًا ولا تجادلن فقيهًا ، ولا تعاجين سلطانًا، ولا تماشين ظلومًا ، ولاتصادقنّه ، ولاتؤاخينّ فاسقًا ولا تصاحبن متهمًا ، واخزن علمك كما تخزن ورقك .
المفضلات