التاجر والعطار
مر بهلول يوما بإحدى أزقة بغداد فرأى رجلا غريبًا قد أسند
رأسه إلى الحائط وهو يبكي..
وقف بهلول عنده وسأله: (( علام تبكي ؟ ))
قال الرجل: (( لاتسألني عن ذلك فانك تؤلمني ، وها أنا أعوذ بالله من ظلم بعض الناس لي )).
وضع بهلول يده على كتف الرجل، وقال : (( إن معاذنا جميعًا هو الله تعالى، لكن قل لي ما حدث لك وما هو سبب بكاؤك ؟ ))
أخذ الرجل - بعد أن رأى إصرار بهلول للتعرف على خبره ، عسى ولعله
يتمكن من حل مشكلته- في قص الخبر على بهلول فقال: (( إني رج تاجر جئت هذه البلاد ومعي بضع دنانير اتجر بها ، وحيث اني كنت اخرج
للتجول في المدينة خفت على الدنانير من الضياع أو السرقة ، فأخذت صرة الدنانير وأودعتها عند رجل عطار في السوق )).
جرت دموع الرجل وأخذته العبرة ، ثم أخرج منديلا مسح به دموعه ،
وقال : (( كنت اعتقد صلاح الرجل ، فإن ظاهره غرّني لما عليه من سيماء الصالحين ، لكن ... ماذا جرى لي بسببه ؟! ))
حاول بهلول تسكين آلامه ومواساته ثم قال له: (( إعلم أني قادر على استرداد أمانتك من العطار بكل سهولة ، فلا تغتم لذلك أبدًا ))
وهكذا تمكن بهلول من أخذ عنوان العطار من التاجر ، وقال له بعد ذلك : (( سوف اذهب غدا صباحا إلى محل العطّار فإن استطعت أنت فاذهب قبل الزوال بساعة ))
سأله التاجر وقال : (( ماذا أقول وماذا أفعل ؟ )).
قال : (( إذا جئت إلى العطار لاتتحدث معي أبدا كأنك لاتعرفني وقل للعطار : جئت استرد منك أمانتي )) وهكذا ودع التاجر بهلول على أمل الحصول على ما استودعه عند العطار..
وفي صباح اليوم التالي ذهب بهلول قبل الزوال بساعة الى العطار فقال له : (( كنت قد نويت السفر الى خراسان ))
قال العطار- وهو يريد التعرف على نوايا بهلول بسرعة -: أرجو ان يكون سفرا موفقا
قال بهلول : (( وانا ارجو ذلك ايضا ، لكن الذي جاء بي اليك امر اقلقني كثيرا ))
حاول العطار التظاهر باتخاذ موقف مواسي، فقال: (( ما الذي أقلقك ؟ ))
قال بهلول : (( عندي مقدار من الجواهر ما يعادل قيمته الثلاثين دينارا ذهبيا ، أريد إيداعها عند شخص امين فان رجعت من سفري سالما استرجعتها ))
تشاغل العطار عن بهلول وأخذ ينقل متاعه من موضع إلى آخر ويتظاهر بعدم المبالاة بهذا المال والإعراض عن الدنيا ، لكن بهلولا اخذ يراقب حركات العطار وسكناته لعلمه بما يجري في قلبه ، وان ذهنه منصرلاف الى كيس الجواهر الخيالي فقط وفقط ، قال بهلول : (( طبعا اني سالت اهل البلد عن امانتك فحصل لي الاطمئنان بذلك ، لذا جئت لاودع هذه الجواهر عندك ))
ارتعش صوت العطار من شدة الفرح، لكنه حاول التظاهر بالعتدال فقال: (( اتمنى ان اكون عند حسن ظنك ))
القى بهلول بصره الى خارج الدكان فراى التاجر ياتي من الطرف المقابل الى محل العطار ، فاخرج بهلول ما معه من جواهر وهي في الكيس فوضعها امام العطار فلما رآها العطار اخذت ببصره وازداد شوقا الى رؤيتها.
لكنكم يا اصدقاء تعلمون ان الكيس خال من الجواهر ، لكن ماذا كان في الكيس ؟ !
نعم ، ان الكيس زجاج مرضوض ورمل ناعم لاشيء آخر وفي هذه الأثناء دخل التاجر وقال : (( جئتك استرد منك وديعتي ))
خاف العطار من أن ينكشف أمره أمام بهلول لأن ماعنده من مال التاجر
لايعد شيئا أمام الجواهر التي كانت لبهلول، لذا صاح العطار بخادمه قائلا : (( وديعة هذا الرجل في الموضع الفلاني إذهب شريعا وائت بها )).
أخذ العطار وديعته وخرج من الدكان وتبعه بهلول حيث خرج هو أيضا بعد التاجر بقليل ولما اطمئن العطار بأن بهلولا قد ابتعد كثيرا أخذ الكيس وصار يرفعه من الأرض ثم يضعه و كان خادمه ينظر اليه في كل ذلك ، فلما نظر اليه العطار صاح بان يذهب الى عمله ثم اخذ يفتح الكيس الذي كان مشدودا وعيناه مليئتان بالدموع من شدة الفرح ..
نعم ايها الاصدقاء احدسوا ماذا حدث للعطار عندما وقع بصره على مافي الكيس >> اتوقع مات بسكتة قلبية هه <<<
__________________
المفضلات