القصة الرابعة

ثمن الجنة

مرت زبيدة زوجة هارون الرشيد الخليفة العباسي ببهلول وهو يلعب مع الصبيان
ويخط على الأرض باصبعه، فلما رأت زبيدة ذلك تأملت فيما يصنع ثم قالت : ماذا تفعل؟
قال بهلول للصبيان وهو يخط تراب الارض باصبعه ( لاتهدموا البيت الذي بنيته )
ثم التفت الى زبيدة وقال: اما ترين اني مشغول ببناء البيت؟
أرادت زبيدة مساعدة بهلول الا انها كانت تعلم انه يرفض ذلك
تأملت زبيدة ثم قالت (( اراك تبني بيتا جميلا يليق بالعظماء ، وها انا ارغب في شرائه منك ))


أجابها بهلول وهو منكس راسه للارض يخط على ترابها باصبعه ( هذا البيت ؟ نعم ، ابعه اياك)

نظرت زبيدة الى الخطوط المعوجّة التي رسمها بهلول على الارض وقالت: اشتريت منك هذه الدار فكم يكون ثمنها ؟؟؟
قام بهلول على قدميه وسوى ظهره وقد كانت بيده عصا اشار بها الى الصبية وقال : (( بالف دينار لي ولهؤلاء الذين اعانوني في بنائها ))


اشارت زبيدة الى أحد خدمها وقالت (( اعطه الف دينار )) ثم انصرفت عنه .
أخذ بهلول الداننير وكانت سككا ذهبية وقسمها بين الفقراء فلم يبق في كيسه دينارا واحدا..

مضت على هذا الحدث عدة ايام وذات ليلة راى هارون الرشيد في المنام امرا عجيبا راى كانه يساق الى الجنة فلما بلغ ابوابها قيل له : هذا قصر زوجتك زبيدة فلما اراد الدخول منعوه من ذلك .
وفي صباح اليوم التالي قص هارون رؤياه على علماء قصره فقالو له(( سل زبيدة عما فعلت من البر؟ )) فلما سالها اخذت تفكر في العمل الي استحق اجله قصرا في الجنة فلم تتذكر شيئا سوى انها اعطت بهلول الف دينار وقصت خبرها في ذلك على هارون.

أدرك هارون ضرورة البحث عن بهلول ليشتري منه بيتًا البيت الذي ليس له في الدنيا قرار لكنه يكون في الاخرة قصرا مشيدا فاين بهلول ؟؟


خرج هارون من قصره ومعه احد اقربائه يبحث عن بهلول فوجده في احدى ازقة بغداد جالس وحوله عدة صبيان وهو يخط تراب الارض باصبعه
حاول هارون التظاهر بعدم الاكتراث ببهلول فقال : ((ارى اقرب اقربائي يلعب مع الصبيان ويبعث باصبعه على التراب ))
اجابه بهلول وهو يخط اصبعه الارض : (( نحن نتمتع بما رزقنا الله في هذه الدنيا ةها انت تراني مشغولا بيت على ارضه الله لكي ابعه ))

قال هارون بكل سرور وصوته يرتعش: ليس قصور الملوك كالبيوت التي انت مشغول ببنائها ، إلا اني مع ذلك او في شراء احدها ..

رفع بهلول اصبعه من التراب ووضعه نصب عينيه ثم اغمض احدى عينيه واخذ ينظر الى اصلعه بالعين الاخرى ، ثم اشار الى الارض باصبعه وقال: هل تشتري مثل هذا البيت
؟؟؟

جثا هارون على ركبتيه الى جانب تلك الخطوط التي رسمها بهلول وقال (( رضيت بهذه الدار واني قد اشتريتها منك ))
نظر بهلول لهارون نظرة تامل ثم هزا منه ضاحكا وقال (( ثمن هذه الدار باهض جدا ))

قال هارون وهو يتظاهر بعدم المبالاة بضحك بهلول : كل ما تعلقت به رغبتنا واردناه لا يصعب علينا الحصول ليه وان كان ثمنه باهضًا ))

ّذكر بهلول آلاف الاكياس من الذهب والبساتين الكبيرة والاموال الطائلة قيمة لتلك الدار



سكت هارون حتى اتم بهلول كلامه والغضب قد استولى عليه لان ا طلبه بهلول لم يكن بالشيء القليل فانه لو جمعت ثروات جميع الاغنياء وتكدست على بعضها لم تبلغ
معشار ما طلبه بهلول ثمنا لداره.
فما هو اللغز الكامن في كلام بهلول ومايريد من ورا ذكره هذا الثمن الخيالي ؟

اراد هارون ان يعرف سر ذلك و لذا قال: لقد بعت عين هذه الدار من زبيدة بثمن اقل من ذلك بكثير فقد بعتها منها بالف دينار ولما اردت شرائها منك اراك تقول قولا شططا ؟؟

نهض بهلول من الارض وبعثر ما كان قد رسمه على الارضباطراف اصابع قدمه وقال : ليعلم الخليفة ان بينه وبين زوجته زبيدة فرقا شاسعا فان زبيدة اشترت وهي لم تر و انت رايت وتريد ان تشتري)) ثم عاد مرة اخرى يلعب مع الصبيان ..