السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مع هذه القصة ستعرف ان لا مستحيل مع بهلول
البغل الذي يقرا
كان الوالي يؤتى بكل شيء جديد يدخل المدينة ، وذات يوم جاء رجل ببغل يسوقه الى دار
الحكومة في مدينة الكوفة ليقدمه هدية للوالي، وكان ذلك اليوم عيدًا قد اجتمع فيه أكابر
الكوفة لهينئون الوالي ، فلما دخل الرجل مع البغل لفت انظار الحاضرين ذلك فأخذوا يضحكون منه
ويسخرون من البغل، وكان كا منهم يتكلم بشيء لكي يضحك الحاضرين ، حتى ضاق والي الكوفة
- الذي كان يتظاهر بالسروور - بذلك لما يسمعه من بعض الحاضرين حيث كان يتكلم كناية ويقصد
به الوالي، لكن الوالي كان لكل ذلك بالمرصاد ، حيث كان يترقب الفرصة المناسبة ليفرغ غضبه فيها .
قال أحد الحاضرين - وهو يسخر من البغل - مخاطبا الوالي:
إذا يسمح لي الوالي ان اعلم هذا البغل القراءة .
وعندما سمع الوالي ذلك أفرغ جم غضبه على المتكلم وصاح به : ثكلتك أمك ، أتعلم ما تقول
، لابد لك من إثبات ذلك .
هيمن على المجلس سكوت عجيب، فان الحاضرين علمو بانه لا مجال للمزاح والضحك بعد غضب الواليوقد استولة الرعب ايضا على المتكلم الذي ادعى انه يستطيع أن يعلم البغل القراءة .
القى الوالي الرعب في قلوب الحاضرين وهو فرح بذلك ، ولما رأى أن صوته وإرجافه أثر أثره بالحاضرين ، قال لهذا الرجل : ان استطعت تعليم هذا البغل القراءة كان لك عندي أجرا حسنا، وان لم تستطع ذلك سوف نامر بقتلك ..
ندم الرجل على كلامه كثيرا حيث صار اسير ذلك ، لكنه أ راد امتصاص نقمة الوالي ، وكسر
طوق السكوت الذي استولى على المجلس فقال : اعطني يا حضرة الوالي وقتا لذلك .
مسح الوالي شاربه وقال :كم يكفيك من الوقت ؟
قال الرجل - وهو لا يدر ي ما يقول - : 10 ايام .
اخذ الرجل البغل- بعد موافقة الوالي على ذلك - الى بيته
وهو لا يعلم ما ينتظره من مصير اسود .
نعم أيها الاصدقاء ، ذهب الرجل المسكين الى بيته وعنان االبغل بيده ، فلما دخل على زوجته – التي كانت تنتظره وهدايا الوالي معه – قصّ عليها خبر البغل فارتفع صياحها، واخذت تضرب راس زوجها بكل شي قريب منها > مسكين
، ثم طردته من البيت !
خرج الرجل المسكين من البيت طريدا لا يدري ماذا يفعل، فاخذ يجول في ازقة الكوفة ومعه البغل وهو يكرر في نفسه ويقول :
(( كل ما نزل بي أنا السبب فيه، فماذا أفعل؟ فكم انا من مسكين ))
مر هذا الرجل ببهلول وكان جالسا على دكة المسجد فرآه بهلول وهو يمشي ويبكي و يتكلم مع نفسه، سأله بهلول عن ذلك وقال : ما بك؟
اخذ الرجل يقص خبره مع الوالي وزوجته على بهلول وأشار بيده الى البغل الذي
كان واقفًا قريبًا من المسجد .
قال له بهلول : لا تغتم لذلك ، فإني أعلمك طريقة تتخلص بها من ورطتك.
كان الرجل المسكين مستعدًا لقبول كل اقتراح، فقال: وماذا أفعل ؟
قال بهلول: اسمع جيدًا ماذا أقول لك ، اترك البغل اليوم جائعا ولا تعطه طعامًا
ومن الغد إبدأ معه إلى 10 أيام بأن ضع له حبات من الشعير بين صفحات كتاب
ثم اعرض الكتاب عليه وتصفح أنت له ورق الكتاب فيلتقط البغل حبات الشعير بطرف لسانه لانه جائع ، فان كررت ذلك معه إلى عشرة أيام سوف يتعلم
البغل على الاكل من الكتاب وتصفح اوراقه ، وفي اليوم العاشر إذا أردت أن تذهب الى الوالي اترك البغل جائعًا.
كان يعتقد الرجل ان طريق خلاصه من هذه الورطة هو الاخذ بكلام بهلول
فلما انصرف وودع بهلول ذهب متوجها الى بيته عسى ولعله يتمكن من اقناع زوجته بما اقترحه بهلول والبقاء في البيت 10 ايام.
فلما راته زوجته بدات بالصياح والعويل من جديد، فلما ذكر لها ما سمعه من بهلول
هدأت ثم طلب من زوجته ان تعطيه رخصة البقاء 10 ايام في البيت، فلما سمحت له بذلك اخذ البغل الى موضع من البيت ثم بدأ معه بما اقترحه عليه بهلول، وهكذا استمر معه الى تسعة ايام يعلمه كيف يأخذ حبات الشعير من بين صفحات الكتاب .
وفي صباح اليوم العاشر كان فرحًا جدًا ، أخذ معه البغل وذهب الى الوالي، فلما
دخل عليه كان الوالي وجماعة من حاشيته في انتظار الرجل – صاحب البغل – ليرو ماذا سيكون مصيره ؟
فسحوا له المجال فدخل ومعه البغل، وكان البغل قد أوقف أذناه من شدة الجوع، فوقف الرجل ومعه البغل امام الحاضرين ، وعرض عليه الكتاب الذي كان يعرضه عليه ، بدأ البغل يتصفح الكتاب على عادته على أمل أن يجد شيئا من الشعير، لكنه لم يجد شيئا من الشعير وكان كلما تصفح من ورق الكتاب أكثر كلما اشتد جوعه أكثر حتى يئس من الشعير.
ظل البغل جائعا ، لكن كيف يمكنه ان يفهم صاحبه بانه جائع لم يكن ليده سبيل سوى النهيق، وكان الحاضرون يتصورون بأن البغل يقرأ – لكن بلغته –
فأخذو يصفقوون له وللرجل المسكين الذي علمه.
ولما هدأت الصيحة وسكن المجلس ، أمر الوالي بالبغل وإكرامه بشيء من الطعام ، ثم التفت الوالي الى الرجل وقال : حسنا أخبرنا كيف استطعت تعليم هذا البغل القراءة ؟
ضحك الرجل قليلا ثم قال : يقولون ان النجاة في الصدق وأنا أريد ان أخبرك بالحقيقة كما هي لكني أريد منك الأمان .
قال الوالي : أنت آمن .
أخذ الرجل يقص عليه لقاءه ببهلول وان نجا من الورطة بفضل ما علمه بهلول.
وهب الوالي بعد ذلك الى الرجل شيئا جميلا ، ثم التفت الى الحاضرين وقال لهم : ليت أن لكل واحد منا مثقال ذرة من عقل بهلول المجنون ..
وهنا انتهت حكاية البغل الذي يقرأ..
المفضلات