· كيفية قراءة القرآن من ناحية الباطن:
أولاً: تعلم القرآن وفهمه: إن للقرآن ظاهرا وباطنا، ولربما باطن القرآن الكريم، قد يكون أعمق في المعاني والمباني من ظاهره.. فللقرآن -وكما ورد- سبعون بطناً، لذا لابد لنا من فهم القرآن الكريم بشكله الصحيح، وذلك عن طريق قراءة كتب التفاسير المبسطة أو الميسرة.. ويجب على كل منا وضع جدول حياتي للقراءة السليمة، ويتم ذلك ويعتمد على وضع جدول على مدار الحياة، يحاول أن يعطي القارئ للقرآن الكريم حقه، وتصحيح الأخطاء، وأن يراعي التجويد أثناء القراءة.. فالقرآن (القرآن مأدبة الله فتعلموا مأدبته ما استطعتم).. فالقرآن الكريم ليس كتاباً تخصصياً، بل بسط الله تبارك وتعالى الآيات، ووجه خطابه فيها: للصغير والكبير، وللعالم والجاهل على حد سواء.. إذ قال تعالى: {وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ}.. لذا فمن الجميل جداً إيجاد أجواء إيمانية اجتماعية، لتلاوة كتاب الله فيها.. فقد وردت الأحاديث، ترغب في هذا العمل الإيماني الجماعي -ما مضمونها-: (ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله، يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم، إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم فيما عنده).
ثانياً: حفظ القرآن: حينما يفكر كل منا بحاله يوم القيامة، وما سيحصل عليه من النعيم، فإنه حتماً سيبادر للعمل من أجل الوصول إلى أعلى المراتب، ولا يتم ذلك بمجرد التفكير، بل يتم بمعايشة الحقيقة والتي لابد منها.. فالأحاديث التي ترغب بحفظ الآيات كثيرة ومتعددة، قد يقصر المجال في ذكرها.. لكن هنالك أحاديث ترغب الحافظ للقرآن، أن يداوم على حفظه، ويحاول -قدر المستطاع- أن لاينسى أي سورة حفظها، لأنه قد تكشف له يوم القيامة درجات عليا من درجات النعيم، ويخبره الله -عز وجل- أنه لن ينالها إلا بحفظ تلك السور، التي حفظها ثم نسيها.. ومن الجميل جداً أن يكون كل منا من (حملة القرآن) كما ورد في الرواية فهم قد وصفوا بإنهم (هم المعلمون كلام الله، والمتلبسون بنور الله.. من والاهم فقد والا الله، ومن عاداهم فقد عادى الله)!..
ثالثاً: الأنس بالقرآن: كما ورد في الأحاديث: أن الدنيا سجن المؤمن، وجنة الكافر.. فالله -عز وجل- لايرضى أن يعيش المؤمن -وهو حبيب الرحمن- في سجنه من دون أنيس ولا صاحب، فتخير له المولى خير جليس، وخير صاحب.. فالأنيس هو الله تبارك وتعالى، فالمؤمن يخاطب الرب أثناء صلاته، والله يخاطب المؤمن أثناء تلاوته لكتابه.. فليس بالغريب إن عاش المؤمن غير مستوحش لمفارقة الأصحاب، وملازمة القرآن.. فقد ورد عن علي بن الحسين (ع) أنه قال: (لو مات من بين المشرق والمغرب، لما استوحشت بعد أن يكون القرآن معي).
· كيفية قراءة القرآن من ناحية الظاهر:
أولاً: تنظيف الفم: وهو أن يستاك القارئ بالسواك قبل تلاوته لكتاب الله، لتجتمع آيات الله العطرة بفم القارئ المعطر، لينتشر شذى الإيمان على شفتيه.
ثانياً: الاستعاذة: إن للشيطان الرجيم مداخل في نفوس بني آدم، وهو يعلم جيداً الطرق التي يتصيده من خلالها، ليبدأ الوسوسة له بالأمور الدنيوية، ليصرفه عن العبادة، وليشغله عن ذكر الله.. فهو العدو اللدود، لذا ينبغي التعوذ من شره ومن وسوسته.
ثالثاً: الترتيل: وهي القراءة الخاشعة لكتاب الله، حيث يستشعر المعاني، ويفهم أسرار الآيات.. ويتم ذلك بالتروي في تلاوة كتاب المولى.
رابعاً: التدبر: قال تعالى: {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا}.. ويتم التدبر بقراءة الكتب المتيسرة والمتكفلة بشرح كتاب الله، ليفهم الإنسان ما يقرأ وما يتلو من آيات عظيمة.. وقد يكون الإنصات وحسن الاستماع، أحد موجبات التدبر قال تعالى: {وَإِذَا قُرِىءَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُواْ لَهُ وَأَنصِتُواْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ}.
خامساً: ترك التفسير بالرأي: يجب أن نرجع إلى خزائن العلم في تفسير الآيات؛ لأنهم عليهم السلام قرناء القرآن.
· ومن هنا، وجب علينا أن نفهم أن كتاب الله الكريم، وبحكم تعبدنا الدائم بالاسترسال في تلاوته، وحفظه، والتركيز على معانيه العميقة ومدلولاته البعيدة.. لا تعد تلك الأفعال المجردة بحد ذاتها عبادة، إلا إذا ما قورنت بصدق النية، والتطبيق الفعلي لآيات الله في الحياة؛ ليجسد كلاً منا معنى القرآن الناطق بالفعل والعمل؛ داعياً إلى سبيل الرشاد.. لنواكب ذاك القرآن الصامت، كما هم آل البيت عليهم السلام.
اختكم |61| نور علي
المفضلات