فضل لَيلَة ثلاث وعَشرين من شهر رمضان المبارك
عَن كتاب دعائم الإسلام أنَّ رسول اللّه(صلى الله عليه وآله وسلم) كان يطوي فراشه ويشّد مئزره للعبادة في العشر الأواخر مِن شَهر رَمَضان وكان يوقظ اهله لَيلَة ثلاث وعَشرين وكانَ يرش وجوه النيّام بالماء في تِلكَ اللّيلة ، وكانت فاطمة صلوات اللّه عَليها لا تدع أهلها ينامون في تِلكَ اللّيلة وتعالجهم بقلَّة الطعام وتتأهَّب لها مِن النَّهار أي كانَت تأمرهم بالنوم نهارا لئلا يغلب عليهم النعاس ليلا وتقول محروم من حرم خَيرها.

وَروي أن الإمام الصادق(عليه السلام) كانَ مدنفاً فأمر فاخرج الى المسجد فكان فيهِ حتى أصبح لَيلَة ثلاث وعَشرين مِن شَهر رَمَضان.

قالَ العّلامة المجلسي(رض): عَلَيكَ في هذه اللّيلة أن تقرا القرآن ما تيسّر لَكَ وأن تدعو بدعوات الصحيفة الكاملة لا سيّما دعاء مكارم الاخلاق ودعاء التَوبة وينبغي أن يراعى حرمة أيام ليالي القَدر والاشتغال فيها بالعبادة وتلاوة القرآن المجيد والدُّعاء فَقد روي بأسناد معتبرة أنَّ يَوم القَدر مثل ليلته.

وهِيَ أفضل مِن الليلتين التاسعه عشر والواحده والعشرين ويستفاد مِن أحاديث كثيرة أنّها هِيَ لَيلَة القَدر وفيها يقدر كُل‌ أمر حكيم ولهذه اللّيلة عدة أعمال خاصّة سوى الأعمال الَّتي تشارك فيها الليلتين الماضيتين:

الأول:قراءة سورتي العنكبوت والروم وقَد اَّلى الإمام الصادق(عليه السلام) أنَّ مَن قرأ هاتين السورتين في هذه اللّيلة كانَ مَن أهَل الجَنَّةَ.

الثاني: قراءة سورة حَّم دخان.

الثالث:قراءة سورة القَدر «ألف مرةٍ».

الرابع: أن يكرر في هذه اللّيلة بل في جَميع الأوقات هذا الدُّعاء: ((اللَّهُمَّ كُنْ لِوَلِيِّكَ الحُجَّةِ بْنِ الحَسَنِ صَلَواتُكَ عَلَيْهِ وَعَلى آبائِه فِي هذِهِ السّاعَةِ وَفِي كُلِّ ساعةٍ وَلِيّاً وَحافِظاً وَقائِداً وَناصِراً وَدَلِيلاً وَعَيْناً حَتّى تُسْكِنَهُ أَرْضَكَ طَوْعاً وَتُمَتِّعَهُ فِيْها طَوِيلاً)).

الخامس: يَقول: ((اللَّهُمَّ امْدُدْ لِي فِي عُمْرِي، وَأَوْسِعْ لِي فِي رِزْقِي، وَأَصِحَّ لِي جِسْمِي، وَبَلِّغْنِي أَمَلِي، وَإِنْ كُنْتُ مِن الأشْقِياءِ فَامْحُنِي مِنَ الأَشْقِياءِ وَاكْتُبْنِي مِنَ السُّعَداء، فَإِنَّكَ قُلْتَ فِي كِتابِكَ المُنْزَلِ عَلى نَبِيِّكَ المُرْسَلِ صَلَواتُكَ عَلَيْهِ وَآلِهِ يَمْحُو اللّهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ اُمَّ الكِتابِ)).

السادس: ((يَقول: اللَّهُمَّ اجْعَلْ فِيْما تَقْضِي وَفِيما تُقَدِّرُ مِنَ الأَمْرِ المَحْتُومِ وَفِيما تَفْرُقُ مِنَ الأَمْرِ الحَكِيمِ فِي لَيْلَةِ القَدْرِ مِنَ القَضاءِ الَّذِي لا يُرَدُّ وَلا يُبَدَّلُ أَنْ تَكْتُبَنِي مِنْ حُجَّاجِ بَيْتِكَ الحَرامِ فِي عامِي هذا المَبْرُورِ حَجُّهُمُ، المَشْكُورِ سَعْيُهُمُ، المَغْفُورِ ذُنُوبُهُمُ، المُكَفَّرُ عَنْهُمْ سَيِّئاتُهُمْ، وَاجْعَلْ فِيْما تَقْضِي وَتُقَدِّرُ أَنْ تُطِيلَ عُمْرِي، وَتُوَسِّعَ لِي فِي رِزْقِي)).

السابع: يدعو بهذا الدُّعاء المروي في(الاقبال): ((يا باطِناً فِي ظُهُورِهِ، وَيا ظاهِراً فِي بُطُونِهِ، وَيا باطِناً لَيْسَ يَخْفَى، وَيا ظاهِراً لَيْسَ يُرى، يا مَوْصُوفاً لا يَبْلُغُ بِكَيْنُونَتِهِ مَوْصُوفٌ وَلا حَدٌ مَحْدُودٌ، وَيا غائِباً غَيْرَ مَفْقُودٍ، وَيا شاهِداً غَيْرَ مَشْهُودٍ يُطْلَبُ فَيُصابُ وَلَمْ يَخْلُ مِنْهُ السَّماواتُ وَالأرْض وَما بَيْنَهُما طَرْفَةَ عَيْنٍ، لا يُدْرَكُ بِكَيْفٍ، وَلا يُؤَيَّنُ بِأَيْنٍ وَلا بِحَيْثٍ، أَنتَ نُورُ النُّورُ وَرَبُّ الاَرْبابِ، أَحَطْتَ بِجَمِيعِ الاُمور، سُبْحانَ مَنْ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيٌْ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ، سُبْحانَ مَن هُوَ هكَذا وَلا هكَذا غَيْرَهُ)). ثم تدعو بما تَشاء .

الثامِن:أن يأتي غسلاً آخر في آخر الليل سوى ما يغتسله في أوله.
واعلم أنَّ للغسل في هذه اللّيلة وإحياؤها وزيارة الحسين(عليه السلام) فيها والصلاة مائةَ ركعة فضل كثير وقَد أكّدتها الاحاديث.

الصلاة ... الصلاة ... الصلاة
روى الشَيخ في التهذيب عَن أبي بصير قالَ: قالَ لي الإمام الصادق(عليه السلام): ((صلّ في اللّيلة الَّتي يرجى أن تكون لَيلَة القَدر مائةَ ركعة تقرأ في كُل ركعة قل هُوَ اللّه (احد عَشر مرة)، قالَ: قُلتَ: جعلت فداك فأن لَمْ أقو عَليها قائما قالَ: صلّها جالسا قُلتَ فإن لَمْ أقو قالَ: أدها وَأَنْتَ مستلق في فراشك)).

دعاء
((يا رَبَّ لَيْلَةِ القَدْرِ وَجاعِلَها خَيْراً مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ، وَرَبَّ اللّيْلِ وَالنَّهارِ وَالجِبالِ وَالبِحارِ وَالظُّلَمِ وَالأنْوارِ وَالأرْض وَالسَّماءِ، يا بارِيُ يا مُصَوِّرُ يا حَنّانُ يا مَنّانُ، يا اللّهُ يا رحَمنُ يا اللّهُ يا قَيُّومُ يا اللّهُ يا بَدِيعُ، يا اللّهُ يا اللّهُ يا اللّهُ لَكَ الأَسْماءُ الحُسْنى، وَالأَمْثالُ العُلْيا، وَالكِبْرِياء وَالآلاء أَسْأَلُكَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَأَنْ تَجْعَلَ اسْمِي فِي هذِهِ اللّيْلةِ فِي السُّعداءِ، وَرُوحِي مَعَ الشُّهَداء، وَإِحْسانِي فِي عِلِّيِّينَ، وَإِسائَتِي مَغْفُورَةً، وَأَنْ تَهَبَ لِي يَقِينا تُباشِرُ بِهِ قَلْبِي، وإِيْمانا يُذْهِبُ الشَّكَّ عَنِّي، وَتُرْضِيَنِي بِما قَسَمْتَ لِي، وَآتِنا فِي الدُّنْيا حَسَنَةً، وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً، وَقِنا عَذابَ النّارِ الحَرِيقِ، وَارْزُقْنِي فِيْها ذِكْرَكَ وَشُكْرَكَ وَالرَّغْبَةَ إِلَيْكَ وَالاِنابَةَ وَالتَّوْبَةَ وَالتَّوْفِيقَ لِما وَفَّقْتَ لَهُ مُحَمَّدا وَآلَ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِمُ السَّلامُ)).
وَروى مُحَمَّد بن عيسى بسنده عَن الصّالحين(عليهم السلام) قالوا: كرّر في اللّيلة الثالثة والعِشرين مِن شَهر رَمَضان هذا الدُّعاء ساجداً وقائماً وقاعداً وعَلى كُلّ حال وفي الشّهر كُلِّهِ وَكيفَ أمكنك ومتى حضرك مِن دهرك تقول بَعد تمجيده تَعالى والصلاة عَلى نبيّه(صلى الله عليه وآله وسلم):
((اللَّهُمَّ كُنْ لِوَلِيِّكَ الحُجَّةِ بْنِ الحَسَنِ صَلَواتُكَ عَلَيْهِ وَعَلى آبائِه فِي هذِهِ السّاعَةِ وَفِي كُلِّ ساعةٍ وَلِيّا وَحافِظا وَقائِدا وَناصِرا وَدَلِيلا وَعَيْناً حَتّى تُسْكِنَهُ أَرْضَكَ طَوْعاً وَتُمَتِّعَهُ فِيْها طَوِيلاً))