البحث العام في أهمية المعاد وأدلته:

تعريف المعاد :
تعريف المعاد : هو بعد أن تفارق الروح البدن بالموت تعود إليه في يوم القيامة للجزاء .
وبحوث المعاد كما تشمل أهمية الإيمان به والأدلة عليه ورد الشبهات تشمل أحوال الموت و كيفية مفارقة الروح للبدن واحوال القبر والبرزخ إلى النفخ بالصور والنشر والحشر في يوم القيامة ومواقفه من ورود حوض النبي والحساب والسراط والأعراف والجنة والنار وجميع ما يتعلق به .

البحث الأول : أهمية البحث في المعاد :
الإيمان بالمعاد
أحد أصول الدين وأركانه وأحد الأسس التي يقوم بها تأثير دعوة الله تعالى .
فإن مجرد الإيمان بالله تعالى وكونه تعالى خالق للكون وأنه يعتني بخلقه ويهديهم للسراط المستقيم وأنه يبعث الانبياء بتعاليم لسعادة البشر ويحافظ عليها بعد الأنبياء بالأئمة لا يوجب العمل بها بين الناس ما لم يستوجب العدل الالهي مجازاة الناس في يوم القيامة .
وذلك لأن مجرد الإيمان بباقي اصول الدين و عدم الإيمان بالمعاد و البعث والجزاء فيه ، لا يؤثر مثل هكذا إيمان إلى بالإنسان الكامل مثل النبي أو الوصي والولي كقول الإمام علي عليه السلام (( إلهي ما عبدتك خوفا من عقابك ولا طمعاً في ثوابك ولكن وجدتك أهلاً للعبادة فعبدتك )) وأما باقي الناس لمشاغل الدنيا وزخارفها وهوى النفس وشهواتها يمتنع الإنسان عن الاشتغال بتعاليم الله وتطبيقا ؛ وذلك لعدم وجود النفع والضرر بدون الثواب لمن يطيعها أو العقاب لمن يخالفها .
فإذن الإيمان بالمعاد والحساب والجزاء بالثواب والعقاب هو الذي يكون له أكبر الأثر في توجه الإنسان لطاعة الله تعالى ، وإقامة العبودية له والعمل بتعاليمه وأحكامه ، وعمل الأعمال الصالحة والأفعال الخيرة ويتحلى بالأخلاق الفاضلة ، ويتوجه الإنسان بجد لتحمل المسؤولية الدينية والبحث عن الحق وفق الطريق المستقيم والاجتناب عن كل ما يخالف اوامر الله تعالى ، ويحاول كل إنسان أن يزكي ويطهر نفسه من المعاصي والذنوب والأخلاق السيئة .


البحث الثاني أدلة المعاد :
الإيمان بالمعاد في يوم القيامة
والاستمرار للحياة بعد الموت فرع الإيمان بوجود الله سبحانه وتعالي وعدله وحكمته ، وأنه سبحان لم يخلق الخلق باطلاً ولا انه كلف الإنسان عبثاً , وتعالى الله من أن يوعد ولا يفي بقوله تفضلاً أو يعاقب أن أراد أن لا يمن على من خالف أوامره .
هذا وقد عد ما يقارب ثلث آيات القرآن تذكر المعاد وأحواله أما تصريحاً أو تلويحاً ، كما ان رسول الله قد فصل كثير من مباحث المعاد واحواله ، فلذا يعد المعاد من اصول الدين ومن ضروراته التي يجب الإيمان بها بالدليل والبرهان .
وأما ما يقام من الأدلة عليه هي من غير القرآن والسنة النبوية المطهرة ففي الغالب لكي يطمئن المؤمن بإيمانه ولرد شبه الكفار والمنافقين واضرابهم .
ومن أدلة المعاد التي قد تعتبر مستقلة بعض الشيء عن الإيمان بباقي أصول الدين ـ وأن كان لا ينفع الإيمان بالمعاد بدون الإيمان بباقي أصول الدين الأخرى كما قد لا ينفع الإيمان بها بدونه ـ هي :


الدليل الأول : الفطرة تدل على المعاد :
أن الله تعالى غرس في طبيعة الإنسان وذاته حب الكمال والبحث عنه وتحصيله
وهذه الغريزة الذاتية كما تدعوا الإنسان للإيمان بالله تعالي تدعوه لحب البقاء المنعَم الخالي من المزاحمة والتعب وهو عبارة أخرى للإيمان بالمعاد واحواله ، والتدبر في أحوال النفس وحالاتها من حب البقاء والسعي لتحصيل الراحة في المستقبل اكبر شاهد على ما ذكرنا .
ويكفي لصدق هذا المطلب النظر في تاريخ الإنسان المؤمن أ و الكافر، المتحضر منه أو البدوي ، المدني أو القبلي تراهم يعتنون بامر موتاهم ويضعون ويتعاملون معهم بما يعتقدون انه سوف ينفعهم في قبورهم او عند رجوع أرواحهم لابدانهم حين البعث بعد الموت لكي ستفادون منها ، وما كشف في الآثار في جميع بقاع الأرض يدل على ما حكيناه .
هذا وما يحكى عن الكفار بعدم الاعتناء بامر المعاد وتكذيبه هو مخالف للفطرة السليمة ، وهذا لترجيحهم حب الراحة والمتعة العاجلة على الباقية الدائمة ، ولأن المعاد يوجب تحمل للمسؤولية الدينية ويضع بعض الحدود والالتزام بالأخلاق الفاضل التي قد تفوت مصالحهم .

الدليل الثاني : التدبر في الكون يوجب الإيمان بالمعاد:
كل أن إنسان ينظر في الكون ويتدبر في حسن وجوده ودقة النظام الحاكم و البداعة الحاكمة على مخلوقات وتسخيرها لخدمة الإنسان ، لابد له من الاعتقاد انه يسير لغاية وهنالك أهداف تحكمه يراد منه الوصول إليها ، وهذا التفكر كما يدل على خالق الوجود بنفسه يدل على استمرار الوجود سواء مثل ما يثبته الدين او مثل ما تثبته النفس مستقلة عنه .

فإن الإنسان كما أنه لا يرضى أن يصنع أو يوجد الشيء الجميل بدون غاية وغرض ، كذلك يأبى أن يكون هذا الكون وبالخصوص الإنسان منه خالي من الغاية والغرض ، وهذا يدعوه للتفكر في حقيقة نفسه ومصيرها ويجره للإيمان بالمعاد واحواله وحقائقه كما يدعوه للإيمان بخالقه .


البحث الخاص في أحوال المعاد من الموت إلى يوم القيامة وجزاءه :

تقديم في تجرد الروح :
الروح موجود لطيف مجرد عن المادة دون لوازم هيئتها من الشكل ، وهي متعلقة بالبدن المادي بالدنيا وفي كل نشأة ببدن مناسب لتلك النشأة لا أنها ترجع لبدن أخر في الدنيا حتى يقال بتناسخ الأرواح بل بدنها في نشأة أخرى ، و الروح هو نفس الإنسان أو المرتبة العالية منها .
وإن حقيقة الإنسان بروحه لا ببدنه
وينسب للروح جميع الاعمال النفسية سواء ذهنية من التصور والتصديق إلى الوهم والشك إلى التفكر والتذكر أو أن تكون أمور غريزية عاطفية كالحب والشوق والكراهية والبغض إلى الأمور الوجدانية والاطمئنان كالضمير واللذة والألم والخوف والأخلاقية كالكرم والشجاعة وغيرها.
بل حتى الأفعال العضلية والأعمال التي تعتمد على الجهود البدنية مبادئها نفسية ويتم عملها حسب رغبات النفس واوامرها هنا .
واستدل لوجود النفس ببحوث مطولة أهمها :
أن الإنسان يغفل عن أعضائه البدنية ولا يغفل عن وجود ذاته التي هي نفسه ، وإن البدن متغير وتتبدل اجزائه ولا تتبدل النفس الفكرية ، والخواص المكتسبة الخلقية باقية بتبدله ، كما استدل عيها بتحضير الأرواح ، ووجود الأحلام ، و التنويم المغناطيسي ، وعدم انقسامها وتركبها من أجزاء ، وأنها تسما الأنا .

واعلم أن النفس بالإيمان بالله تعالى وبباقي الأصول الدينية حتى تكمل خمسة يتحول جوهر النفس إلى روح نورانية لطيفة لها القابلية على الأعمال الصالحة والطاعات المقبول إذا وافقت الفروع الدينية العشرة ، ومن لم يؤمن بأصول الدين خمستها مجتمعة تتحول روحة إلى نفس ظلمانية كثيفة لا يقبل لها عمل سواء وافق الأحكام الشرعية أو خالفتها .

وعلى هذا النفس بالإيمان والعمل بما يوافق أوامر الله تعالى وعدمهما تتحول ذاتها و تكتسب صفات وحالات بها تثاب وتعاقب حتى تصفى سواء في البرزخ او يوم القيامة ثم تستقر إما بالجنة أو في النار ، و ما الثواب والعقاب بعد الموت والآخرة هو للنفس الذي هو ذات الإنسان حسب إيمانها وأعمالها