الفصل 39
اللهم صل على محمد وال محمد وعجل فرجهم والعن اعدائهم
يَا هِشَامُ
مَنْ سَلَّطَ ثَلَاثاً عَلَى ثَلَاثٍ فَكَأَنَّمَا أَعَانَ عَلَى هَدْمِ عَقْلِهِ
مَنْ أَظْلَمَ نُورُ تَفَكُّرِهِ بِطُولِ أَمَلِهِ
وَ مَحَا طَرَائِفَ حِكْمَتِهِ بِفُضُولِ كَلَامِهِ
وَ أَطْفَأَ نُورَ عِبْرَتِهِ بِشَهَوَاتِ نَفْسِهِ
فَكَأَنَّمَا أَعَانَ هَوَاهُ عَلَى هَدْمِ عَقْلِهِ وَ مَنْ هَدَمَ عَقْلَهُ أَفْسَدَ عَلَيْهِ دِينَهُ وَ دُنْيَاهُ
يَا هِشَامُ
كَيْفَ يَزْكُو عِنْدَ اللَّهِ عَمَلُكَ وَ أَنْتَ قَدْ شَغَلْتَ قَلْبَكَ عَنْ أَمْرِ رَبِّكَ وَ أَطَعْتَ هَوَاكَ عَلَى غَلَبَةِ عَقْلِكَ يَا هِشَامُ
الصَّبْرُ عَلَى الْوَحْدَةِ عَلَامَةُ قُوَّةِ الْعَقْلِ فَمَنْ عَقَلَ عَنِ اللَّهِ اعْتَزَلَ أَهْلَ الدُّنْيَا وَ الرَّاغِبِينَ فِيهَا وَ رَغِبَ فِيمَا عِنْدَ اللَّهِ وَ كَانَ اللَّهُ أُنْسَهُ فِي الْوَحْشَةِ وَ صَاحِبَهُ فِي الْوَحْدَةِ وَ غِنَاهُ فِي الْعَيْلَةِ وَ مُعِزَّهُ مِنْ غَيْرِ عَشِيرَةٍ
يَا هِشَامُ
نَصْبُ الْحَقِّ لِطَاعَةِ اللَّهِ وَ لَا نَجَاةَ إِلَّا بِالطَّاعَةِ وَ الطَّاعَةُ بِالْعِلْمِ وَ الْعِلْمُ بِالتَّعَلُّمِ وَ التَّعَلُّمُ بِالْعَقْلِ يُعْتَقَدُ وَ لَا عِلْمَ إِلَّا مِنْ عَالِمٍ رَبَّانِيٍّ وَ مَعْرِفَةُ الْعِلْمِ بِالْعَقْلِ
يَا هِشَامُ
قَلِيلُ الْعَمَلِ مِنَ الْعَالِمِ مَقْبُولٌ مُضَاعَفٌ وَ كَثِيرُ الْعَمَلِ مِنْ أَهْلِ الْهَوَى وَ الْجَهْلِ مَرْدُودٌ
يَا هِشَامُ
إِنَّ الْعَاقِلَ رَضِيَ بِالدُّونِ مِنَ الدُّنْيَا مَعَ الْحِكْمَةِ وَ لَمْ يَرْضَ بِالدُّونِ مِنَ الْحِكْمَةِ مَعَ الدُّنْيَا فَلِذَلِكَ رَبِحَتْ تِجَارَتُهُمْ
يَا هِشَامُ
إِنَّ الْعُقَلَاءَ تَرَكُوا فُضُولَ الدُّنْيَا فَكَيْفَ الذُّنُوبَ وَ تَرْكُ الدُّنْيَا مِنَ الْفَضْلِ وَ تَرْكُ الذُّنُوبِ مِنَ الْفَرْضِ يَا هِشَامُ
إِنَّ الْعَاقِلَ نَظَرَ إِلَى الدُّنْيَا وَ إِلَى أَهْلِهَا فَعَلِمَ أَنَّهَا لَا تُنَالُ إِلَّا بِالْمَشَقَّةِ وَ نَظَرَ إِلَى الْآخِرَةِ فَعَلِمَ أَنَّهَا لَا تُنَالُ إِلَّا بِالْمَشَقَّةِ فَطَلَبَ بِالْمَشَقَّةِ أَبْقَاهُمَا
يَا هِشَامُ
إِنَّ الْعُقَلَاءَ
زَهِدُوا فِي الدُّنْيَا وَ رَغِبُوا فِي الْآخِرَةِ لِأَنَّهُمْ عَلِمُوا أَنَّ الدُّنْيَا طَالِبَةٌ مَطْلُوبَةٌ وَ الْآخِرَةَ طَالِبَةٌ وَ مَطْلُوبَةٌ فَمَنْ طَلَبَ الْآخِرَةَ طَلَبَتْهُ الدُّنْيَا حَتَّى يَسْتَوْفِيَ مِنْهَا رِزْقَهُ وَ مَنْ طَلَبَ الدُّنْيَا طَلَبَتْهُ الْآخِرَةُ فَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ فَيُفْسِدُ عَلَيْهِ دُنْيَاهُ وَ آخِرَتَهُ
يَا هِشَامُ
مَنْ أَرَادَ الْغِنَى بِلَا مَالٍ وَ رَاحَةَ الْقَلْبِ مِنَ الْحَسَدِ وَ السَّلَامَةَ فِي الدِّينِ فَلْيَتَضَرَّعْ إِلَى اللَّهِعَزَّ وَجَلَّ فِي مَسْأَلَتِهِ بِأَنْ يُكَمِّلَ عَقْلَهُ فَمَنْ عَقَلَ قَنِعَ بِمَا يَكْفِيهِ وَ مَنْ قَنِعَ بِمَا يَكْفِيهِ اسْتَغْنَى وَ مَنْ لَمْ يَقْنَعْ بِمَا يَكْفِيهِ لَمْ يُدْرِكِ الْغِنَى أَبَداً
يَا هِشَامُ
إِنَّ اللَّهَ حَكَى عَنْ قَوْمٍ صَالِحِينَ أَنَّهُمْ قَالُوا:
رَبَّنا لا تُزِغْ قُلُوبَنا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنا وَ هَبْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ
حِينَ عَلِمُوا أَنَّ الْقُلُوبَ تَزِيغُ وَ تَعُودُ إِلَى عَمَاهَا وَ رَدَاهَا
إِنَّهُ لَمْ يَخَفِ اللَّهَ مَنْ لَمْ يَعْقِلْ عَنِ اللَّهِ وَ مَنْ لَمْيَعْقِلْعَنِ اللَّهِ لَمْ يَعْقِدْ قَلْبَهُ عَلَى مَعْرِفَةٍ ثَابِتَةٍ يُبْصِرُهَا وَ يَجِدُ حَقِيقَتَهَا فِي قَلْبِهِ وَ لَا يَكُونُ أَحَدٌ كَذَلِكَ إِلَّا مَنْ كَانَ قَوْلُهُ لِفِعْلِهِ مُصَدِّقاً وَ سِرُّهُ لِعَلَانِيَتِهِ مُوَافِقاً لِأَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ اسْمُهُ لَمْ يَدُلَّ عَلَى الْبَاطِنِ الْخَفِيِّ مِنَ الْعَقْلِ إِلَّا بِظَاهِرٍ مِنْهُ وَ نَاطِقٍ عَنْهُ
يَا هِشَامُ
كَانَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عليه السلام يَقُولُ:
مَا عُبِدَ اللَّهُ بِشَيْءٍ أَفْضَلَ مِنَ الْعَقْلِ وَ مَا تَمَّ عَقْلُ امْرِئٍ حَتَّى يَكُونَ فِيهِ خِصَالٌ شَتَّى :
المفضلات