انتظار 83




السلام عليكم


شكرا لمروركم آجركم الله ووفقكم لكل خير
من كنت مولاه فعلي مولاه

بسم الله الرحمن الرحيم

اللهم صل على محمد واله وعجل فرجهم


والعن اعدائهم


واعطاه الطبيب نوع من الحليب نادر الوجود لانه ولد لسبعة اشهر فكنت اتحمل الويلات للحصول عليه ففي ليلة من الليالي قالت العلوية انتهى الحليب ؛ حاول حصوله باي شكا كان.


فخرجت مسلما امري الى الله تعالى ومتوكلا عليه الى العاصمة ؛ وتبعد حدود الساعتين عنا ولما وصلت كان الوقت حدود نصف الليل ؛ وكنت اسير من اول الشارع الى نهايته واسال الصيدليات ولا اعثر عليه ؛ الى ان وصلت لشارع مظلم جدا ولشدة انشغال فكري في امر الحليب لم اعي ولم التفت الا والسيارة القادمة من امامي فتحت انارتها في لحظة فوجدت نفسي يا سبحان الله مرتفع على تل هائل جدا من التراب وانا الان على قمته ؛ ولو لم يفتح انارته صاحب السيارة لسقطت على الارض فلا الحليب ولا ابو الطفل المحتاج للحليب ؛ واخيرا وبعد اللتيا والتي حصلت عليه ورجعت للبيت والحمد لله رب العالمين


الى ان كبر ولدي واصبح يشرب الحيلب البقري ؛ وفرج بهذا عنا ؛ ولكن في يوم من الايام قالت زوجتي :


اشتري له كيلو حليب بقري . فقلت لها:


لم املك حتى الفلس الواحد ولكن قومي لنذهب الى بيت الشيخ الفلاني وهو من المجتهدين من اصدقائي وهو استاذي لعدة سنين لعلي اقترض منه ؛ فاشتملت بعبائتها وحملنا الطفل وذهبنا الى بيت الشيخ الاستاذ ولما وصلنا ودخلت الاهل لداخل البيت وانا جلست امامه وعيوني تدوران في راسي كانني في حالة الاحتضار ؛ وقلبي متصدع كانه الطين وقد اصيب بظمأ فتفطر بمنظر موحش يوحي لك الاطلال الدارسة وقد هجرها الحبيب وترك الم الفراق ؛ والشيخ منطلق بكلماته وقصصه التي يتلذذ بنقلها لي ؛ وانا اسمع صريخ عبد المهدي ابني كأن شفرة حرمله لعنه الله على عنقه وهي تحز وريدي انا ؛ فكلما فكرت ان اخبر الشيخ بحاجتي لمبلغ اشتري به الحليب اشعر وكأن عظما في عنقي من الغصة ويمنعني الكلام ؛ والقلب يبدء بالاضطراب كلما عزمت لاخبره وصممت ان اطلعه ؛ الى ان قال وكانه منزعج من صوت حبيبي وقلبي ؛ ولدي و مدللي ؛ ماله يبكي هذا الطفل ؟!


فقلت له الظاهر انه جائع ويحتاج الى الحليب فلو امكن ان تبعثوا ولدكم حفظه الله تعالى ليشتري له قليلا من الحليب ؛ فنادى ولده علي وقال له اذهب واشتري له حليب فلما ذهب تذكرت قول الله تعالى :


لِلْفُقَراءِ الَّذينَ أُحْصِرُوا في‏ سَبيلِ اللَّهِ لا يَسْتَطيعُونَ ضَرْباً فِي الْأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجاهِلُ أَغْنِياءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُمْ بِسيماهُمْ لا يَسْئَلُونَ النَّاسَ إِلْحافاً وَ ما تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَليمٌ


فقلت في نفسي لو كان متفرسا لوجد قلبي كقلب شاة مذبوحة تضطرب امامه وهي تنبض مع صرخات ولدي الجائع ؛ ثم افكر بحال زوجتي وهو ترى هذا المنظر من ابنها فاكاد ان اصرخ يا صاحب الزمان ادركني ثم قلت: آه اليس قال الرسول صلى الله عليه واله



وسائل‏الشيعة 12 38


قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه واله :


اتَّقُوا فِرَاسَةَ الْمُؤْمِنِ فَإِنَّهُ يَنْظُرُ بِنُورِ اللَّهِ فِي قَوْلِهِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ‏


ثم عدت اخاطب استاذي في نفسي قائلا حقا ان المتفرسين هم الائمة عليهم السلام والا لعرفت كيف اني اتقلب على صخرة الغسال

مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الصَّفَّارُ فِي بَصَائِرِ الدَّرَجَاتِ عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ مَعْرُوفٍ عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِيسَى عَنْ رِبْعِيٍّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عليه السلام فِي قَوْلِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى: إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ قَالَ:

هُمُ الْأَئِمَّةُ عليهم السلام


وتذكرت امامي عليه السلام زين العابدين حينما كانوا يغسلونه بعد شهادته ‏


بحارالأنوار 93 23


وَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ أَنَّهُ لَمَّا غَسَّلَ أَبَاهُ عَلِيّاً عليه السلام نَظَرُوا إِلَى مَوَاضِعِ الْمَسَاجِدِ مِنْ رُكْبَتَيْهِ وَ ظَاهِرِ قَدَمَيْهِ كَأَنَّهَا مَبَارِكُ الْبَعِيرِ وَ نَظَرُوا إِلَى عَاتِقِهِ وَ فِيهِ مِثْلُ ذَلِكَ فَقَالُوا لِمُحَمَّدٍ يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه واله قَدْ عَرَفْنَا أَنَّ هَذَا مِنْ إِدْمَانِ السُّجُودِ فَمَا هَذَا الَّذِي نَرَى‏ عَلَى عَاتِقِهِ قَالَ:


أَمَا لَوْ لَا أَنَّهُ مَاتَ مَا حَدَّثْتُكُمْ عَنْهُ كَانَ لَا يَمُرُّ بِهِ يَوْمٌ إِلَّا أَشْبَعَ فِيهِ مِسْكِيناً فَصَاعِداً مَا أَمْكَنَهُ وَ إِذَا كَانَ اللَّيْلُ نَظَرَ إِلَى مَا فَضَلَ عَنْ قُوتِ عِيَالِهِ فَجَعَلَهُ فِي جِرَابٍ فَإِذَا هَدَأَ النَّاسُ وَضَعَهُ عَلَى عَاتِقِهِ وَ تَخَلَّلَ الْمَدِينَةَ وَ قَصَدَ قَوْماً لا يَسْئَلُونَ النَّاسَ إِلْحافاً وَ فَرَّقَهُ‏ فِيهِمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ وَ لَا يَعْلَمُ بِذَلِكَ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِهِ غَيْرِي ؛ فَإِنِّي كُنْتُ اطَّلَعْتُ عَلَى ذَلِكَ مِنْهُ يَرْجُو بِذَلِكَ فَضْلَ إِعْطَاءِ الصَّدَقَةِ بِيَدِهِ وَ دَفْعِهَا سِرّاً وَ كَانَ يَقُولُ إِنَّ صَدَقَةَ السِّرِّ تُطْفِئُ غَضَبَ الرَّبِّ كَمَا يُطْفِئُ الْمَاءُ النَّارَ فَإِذَا تَصَدَّقَ أَحَدُكُمْ فَأَعْطَى بِيَمِينِهِ فَلْيُخْفِهَا عَنْ شِمَالِهِ


وانا افكر بهذه الافكار واسرح وامرح في بحور همومي وصريخ ولدي واذا بولده علي يدخل للبيت واني ما احسست الا وعيوني تركض امامه لترى ما في انائه الذي اخذه ليملئه حليبا لولدي


آ ههه آه