فياليت شعري من أنوح ومن له . . أبكي وماقلبي عليهِ بسالي
أأشجو عليَّاً حين عمّم رأسهُ . . بِمُنصلتٍ ذي رونقٍ وصقالِ
لهُ أُمٌّ لبنت المُصطفى بعد ماقضى..قضت لم تفُز مِن إرثها بِخلالِ
أم الحسن الزاكي سقتهُ جعيدةً . . مِن السُمِّ قِتالاً بغير قِتالِ
وإنّ حنيني للشهيد بكربلاء . . لباقٍ فلا يقضي لهُ بِزوالِ
روي إنّ إبن مُلجم قصد الكوفة مع الوفد الذين بعث بِهم حبيب بنت المُنتجب عامل أمير المؤمنين ليتربص الفُرصة ودخل في جُملتِهم عليه وسلّم كما سلموا,
وكان طلق اللسان حسن المقالِ, فأعُجب أميرُ المؤمنين عليهِ السلام لمّا سمِع مِن مقالته, ورأى حُسن تأدُبه في أقواله وأفعاله, فسأله عن اسمه؟
فلمّا أخبرهُ أطرق رأسهُ يُفكّر, ثُم رفع رأسُه وقال: أمُراديٌ أنت أنت ثلاثُ مرات وهو يقول: نعم, فاسترجع أميرُ المؤمنين عليهِ السلام وحولق وتمثّل ببيت إبن مُعد يكرب الزبيدي وهو يقول:
أُريد حياتهُ ويُريد قتلي . . خليلي مِن عذيري مِن مرادي
ثُمّ دعاه للبيعة واستحلفه مِراراً كثيرة وأخذ عليه العهود والمواثيق أن لايغدر بهِ, فقال: مارأيتُك يا أميرُ المؤمنين فعلت بغيري مِثلما فعلت بي.
أتُراك تؤكد عليّ البيعة ثلاثاً وتستحلفني ثلاثاً, فقال: إنّي لا أرى إنك تفي بِما عاهد عليه, وستُخضّب هذهِ مِن هذا وأشار إلى لحيته ورأسه ولقد قرُب وقتك وحان زمانك.
فقال: أُعيذك بالله يا أمير المؤمنين هذهِ يميني وهذهِ شمالي فاقطعهُما أوفقتُلني. فقال أمير المؤمنين وكيف أفعل ولم تستوجب قبل شيئاً
ولو أنني أعلم إنّك قاتلي لكن هل كانت لك حاضِنة يهودية وكُنت إذا بكيت تلطُم وجهك وتقولُ لك إسكت يامن هو أشقى مِن عاقر ناقةِ صالح؟ فقال: قد كان ذلك يا أمير المؤمنين .
فلمّا مضى مِن شهر رمضان شطره دخل المسجد يوماً فصلّى ركعتين, ثُمّ صعد المنبر وخطب خُطبة حسناء أكثر فيها مِن الحمد والثناء,
ثُمّ التفت إلى ولدهِ الحسن وقال له: يا أبا مُحمّد كم بقي مِن شهرنا هذا؟ فقال الحسن عليه السلام: ثلاثة عشر يوماً يا أمير المؤمنين,
ثُمّ التفت إلى ولدهُ الحسين عليهِ السلام وقال له: يا أبا عبدالله كم مضى مِن شهرِنا هذا؟ فقال الحُسين عليه السلام :
سبعة عشر ليلة يا أمير المؤمنين فضرب على لحيته وهي يومئذٍ بيضاء, فقال: اللهُ أكبر اللهُ أكبر ليُخضّبها بدمها إذا انبعث اشقاها.
فلمّا كانت الليلة التاسعة عشر مِن شهر رمضان أتى عليهِ السلام بعد أن صلّى المغرب وماشاء من النفل ليفطر, وكان سلام الله عليه يتعشّى ليلة عِند الحسن وليلة عِند الحُسين وليلة عِند عبدُالله بِن جعفر ولايزيد على ثلاث لُقم, وكان يقول: أرجوا أن القى الله وأنا خميص الحشى,
فقدمت اليه ابنته أُمّ كلثوم قرصين مِن شعير وقصمة فيها لبن وجريش ملح, فقال لها عليه السلام: قدمتي إليَّ إدامين في طبق واحد, وقد علمتِ أنني مُتبع ما كان يصنع إبن عمّي رسول الله ما قدم اليه إدامان على طبق واحد حتّى قبضهُ الله إليه مكرماً, إرفعي أحدهما فإن من طاب له مطعمه ومشربه طال وقوفهُ بين يدي الله يوم القيامة, ثُمّ أكل قليلاً فحمد الله كثيراً وأخذ في الصلاه والدُعاء إلى أن غفت عيناه, فاستيقظ وقال رأيت النبي فشكوت إليه ما أنا فيه مِن التبلّد بهذهِ الأُمّة, فقال لي: ادعُ عليهم فإنّ الله تعالى لايرُدّ دُعائكَ, فقلتُ: اللهم أبدلني بهم خيراً وأبدلهم بي شراً, ثُم إنهُ عليهِ السلام أسبغ الوضوء وأخذهُ الفكر مما لحِقهُ مِن التعب في طلب إصلاح هذهِ الأُمّة وماقصدوهُ بهِ من الأذية, فخرج يسعى.
المفضلات