بسم الله الرحمن الرحيم
مناظرة أمير المؤمنين عليه السلام مع رجل قَدَري في المشيئة

روى ابن عساكر ـ بسنده ـ عن الحرث ، قال : جاء رجلٌ إلى عليّ بن أبي طالب عليه السلام فقال : يا أمير المؤمنين أخبرني عن القَدَر ؟

قال عليه السلام : طريق مظلم لا تسلكه !!

قال : يا أمير المؤمنين أخبرني عن القَدَر ؟

قال عليه السلام : بحر عميق لا تلجه.

قال : يا أمير المؤمنين أخبرني عن القَدَر ؟

قال عليه السلام : سر الله قد خفي عليك فلا تلجه.

قال : يا أمير المؤمنين أخبرني عن القَدَر ؟

قال عليه السلام : سرّ الله قد خفي عليك فلا تفشه.

قال : يا أمير المؤمنين أخبرني عن القَدَر ؟

قال عليه السلام : أيّها السائل إذاً الله خلقك لما شاء أو لما شئت؟

قال : بل لما شاء.

قال : فيستعملك كما شاء أو كما شِئْت ؟

قال: بل كما شاء.

قال عليه السلام : فيبعثك يوم القيامة كما شاء أو كما شئت ؟

قال : بل كما شاء.

قال عليه السلام : أيّها السائل ألست تسأل ربّك العافية ؟

قال : نعم.

قال عليه السلام : فمن أي شيء تسأله العافية ، أمِن البلاء الذي ابتلاك به غيره ؟

قال : من البلاء الذي ابتلاني به.

قال عليه السلام : أيّها السائل تقول : لا حول ولا قوّة إلاّ بمن ؟

قال : إلاّ بـالله العلي العظيم.

قال عليه السلام : أفتعلم ما تفسيرها ؟

قال : تعلّمني ممّا علّمك الله يا أمير المؤمنين ؟

قال عليه السلام : إنّ تفسيرها ، لا تقدر على طاعة الله ، ولا يكون له قوّةٌ في معصية في الاَمرين جميعاً إلاّ بالله.

أيّها السائل ألك مع الله مشيئة (1) أو فوق الله مشيئة ، أو دون الله مشيئة ؟ فإن قلت ، إنّ لك دون الله مشيئة فقد اكتفيت بها عن مشيئة الله ، وإن زعمت أنّ لك فوق الله مشيئة فقد ادّعيت أنّ قوّتك ومشيئتك غالبتان على قوّة الله ومشيئته ، وإن زعمت أنّ لك مع الله مشيئة فقد ادّعيت مع الله شركاً في مشيئته.

أيّها السائل إنّ الله يشجّ ويداوي ، فمنه الداء ومنه الدواء (2) ، أعقلت عن الله أمره.

قال : نعم.

قال علي عليه السلام : الآن أسلم أخوكم ، فقوموا فصافحوه.

ثمّ قال علي عليه السلام : لو أن عندي رجلاً من القدرية لاَخذت برقبته ثمّ لا أزال أجأها حتى أقطعها ، فإنّهم يهود هذه الاُمّة ونصاراها ومجوسها.(3)