شكراا
ساعتك البيولوجية...
=============
كيف تقومين بعمل أكثر وأفضل من دون أن تشعري بالإرهاق في نهاية النهار؟ الأمر سهل، إسمعي قليلاً ما يريده جسمك كلّ ساعة، تعيشين على إيقاع أفضل.
إكسبي الوقت، حوّليه إلى وقت إيجابيّ، وخصوصاً لا تضيّعيه! تفرض علينا ضغوط العالم العصريّ أن يكون أداؤنا ممتازاً، فيتحوّل نمط عيشنا إلى سباق، في عملنا، عائلتنا، مجتمعنا وحتّى أوقات تسليتنا، وعادةً ما يكون ذلك على حساب الإيقاع الطبيعيّ لجسمنا واحتياجاته. أمّا اليوم، وبفضل التوقيت البيولوجيّ، تمكّننا من معرفة سبب تغيّر نشاط الجسم بين ساعة وأخرى بسبب «توقيتنا الداخليّ».
يقع نظام التوقيت في دماغنا على مستوى نواة الألباب في الهايبوتالاموس، وهو عبارة عن مجموعة أعصاب تقع وراء العينين وتتّصل بالمشاشة وهي غدّة صمّاء، وتنظّم هذه الساعة، تماماً كآلة ضبط الإيقاع، بعض الوظائف الأساسيّة عبر الهورمونات العصبيّة: الحرارة، فرز الهورمونات، دقّات القلب، ضغط الدمّ، التنفّس وكذلك النعاس، بالتالي الذاكرة، وتصحيح الجسم.
انتظام جسدنا
يعمل نظام جسدنا بشكل مستقلّ معتمداً على الضوء، على الأقلّ لفترة من الزمن. أظهرت الدراسات التي أجريت على متطوّعين عُزلوا في كهوف أو على أشخاص غارقين في غيبوبة مرضيّة أنّ ساعتنا الداخليّة ترتكز على وقت يمتدّ من 24 إلى 25 ساعة، وهو الإيقاع اليوميّ.
نستطيع التحكّم بوقتنا لإخضاعه لحتميّات الحياة الإجتماعيّة، شرط الأكل والشرب والنوم بصورة منتظمة. إذ يعاني جسمنا من معركة منهكة عندما نجبره على الدخول إلى اجتماع عمل في الوقت الذي يحتاج فيه إلى الراحة!
توقيت جسمنا
يحتّم تغيير الإيقاع الطبيعيّ لجسمنا آثاراً جانبيّة: لا يستطيع الجسم القيام بعمل ما في أيّ وقت كان. على المدى الطويل، يؤدّي العمل بعكس ايقاعنا الطبيعيّ إلى خطر الإصابة، بنسبة أكبر بأربع أضعاف، بمرض السرطان، أمراض القلب والأوعية الدمويّة، الكآبة. يتعلّق الموضوع خصوصاً بالأشخاص الذين يعملون ليلا فتتبدّل أوقات نومهم. غير أنّ تغييراً بسيطاً لإيقاع جسمنا يمكن أن يؤدّي إلى بعض المشاكل الصغيرة، منها زيادة الوزن، اضطرابات في النوم، هبوط في الثقة بالنفس، الضغط... لذا لنحافظ على إيقاع جسمنا لتجنّب تلك المشاكل!
إليك يوماً مثاليّاً لتستمعي أكثر إلى وقت جسمك...
الصباح: ابدأي نهارك برويّة
7h00– 5h00: ما زلنا تحت تأثير النوم، غير أنّ جسمنا عاد إلى العمل. بعد هبوط حرارته إلى أدنى مستوى عند الرابعة صباحاً، ما يفسّر الرعشات الليليّة، تعود وتعلو تدريجياً، وتبدأ الغدّة الكظريّة بإنتاج الكورتيزول، هرمون الضغط واليقظة، ما يسمح لجسمنا بتخزينه فيكون حاضراً للردّ على التعدّيات التي ستقابله نهارًا. في حال كنت تستيقظين منذ أسبوع، الخامسة صباحاً، من دون أن تتمكّني من معاودة النوم، لا تتردّدي في استشارة طبيبك المعالج، ففرز جسمك المتزايد للكورتيزول هو من الأعراض الكاشفة للكآبة.
8h00–7h00: عندما يصل الكورتيزول إلى ذروته، يعلو معدّل الأدرينالين، مسبّباً تسارع دقّات القلب وزيادة في ضغط الدمّ. إنّه الوقت الذي نفتح فيه أعيننا، على الرغم من أنّ الإستيقاظ صباحاً قد يكون صعباً بعض الشيء عند بعض الأشخاص. حان وقت فطور غنيّ بالكربوهيدرات الذي يحتاجه الدماغ لفترة الصباح، البروتينات والليبيدات، ليستطيع الجسم الإنتظار حتّى وقت الغداء. اختاري الشاي أو الحليب، عصير الفواكه وبعض الفاكهة، الخبز بالزبدة أو الحبوب القليلة السكّر، الجبنة البيضاء أو الزبادي، مارتديلا حبش أو البيض.
10h00– 8h00: انطلقي! لكن برويّة! فيومك الطويل بالكاد بدأ... توصلين أولادك إلى الحضانة أو إلى المدرسة، تقصدين مكان عملك، ترتشفين فنجان القهوة وأنت تدردشين مع زملائك. يساعد هذا الإتّصال الإجتماعيّ صباحا في تحفيز اللحاء، وهو الجزء الموجود في الدماغ والذي يسمح لنا بالتفكير. غير أنّه من غير المفيد أن تبدئي باختيار الملفّات التي تتطلّب مجهوداً أو أن تدخلي إلى اجتماع عمل، فمرحلة الإستعداد لم تنته بعد! إنّه الوقت لتحديث مواعيد اللقاءات، قراءة الرسائل الإلكترونيّة، القيام بالأعمال الضروريّة التي لا تتطلّب تفكيراً وتركيزاً...
10h00: امتص جسمك المواد الغذائيّة التي تناولتها على الفطور وبلغت حرارته أوجّها، الآن انتقلي إلى إيقاع أسرع. انكبّي على ملفّاتك الصعبة لأنّ الأمر لن يدوم طويلاً! وصلت قدرتك على الحفظ إلى ذروتها، إنّما على المدى القصير فحسب. إذ يمكنك إعادة نصّ حفظته خلال هذه الساعة عند فترة ما بعد الظهر، لكّنك ستنسينه في الغدّ. لذا، من الأفضل إعادته في منتصف النهار أو قبل النوم لكي تطول مدّة حفظ ما تعلّمته.
11h30: تعبت! أمر طبيعيّ، هبطت إحتياطاتك بالطاقة. كلّ ساعة ونصف الساعة من العمل، يغيب ذهننا في أحلام اليقظة، لذا لا بدّ من استراحة من خمس إلى عشر دقائق! إجري اتّصالاً هاتفياً، إشربي كوب ماء، مارسي بعض الحركات الرياضيّة لتريحي عنقك... أيّ شيء ما عدا العمل، إذ تشير الدراسات إلى أنّ النشاط سيعاودك بعد ذلك، وستقومين بالعمل اللازم بفاعليّة أكبر.
وقت الغداء: لا بدّ من استراحة
14h00– 12h30: مضى وقت طويل على الفطور وبدأ الأنسولين يتزايد في جسمك ليحضّره لعمليّة الهضم الآتية. فجأة، تشعرين بالجوع. هيّا بنا إلى الغداء! ليكن غداءً خفيفاً: طبق لحم أو سمك مع خضار، قليل من النشويات، فواكه. لا تنسي شرب الماء للتعويض عمّا خسره احتياطي الماء في جسمك. لا تفكّري بممارسة الرياضة الآن! الأفضل أن تتمدّدي على كنبة مريحة وتأخذي قيلولة من خمس إلى عشرين دقيقة.
15h00– 14h00: عاودي الإنطلاق برويّة، لأنّ قدرتك على التركيز ما زالت ضعيفة! بعد هبوط مستوى الكورتيزول، انخفضت قدراتك على الإنتباه والتركيز بشكل كبير. قومي ببعض الترتيبات والأعمال السهلة، أو راجعي طبيب الأسنان.
بعد الظهر: النشاط في أوجّه
18h00– 15h00: حان وقت الإنطلاق من جديد. مع ارتفاع معدّل السكّر في الدمّ، هورمونات اليقظة، الحرارة، عادت فاعليّتك للعمل جيّداً. إنّه الوقت المناسب للإنكباب على كميّة كبيرة من العمل، لكن لا تنسي أن تستريحي كل تسعين دقيقة. تتمتّعين الآن بأقصى قدرة على الإستيعاب والحفظ، نشاطك الجسديّ في ذروته، كُسرت أرقام قياسيّة في الرياضة خلال هذا الوقت من النهار. كذلك أخرجي مع أصدقائك للمرح قليلاً، تصل إفرازات السيروتونين، هرمونات المزاج والعاطفة، إلى أوجّها في هذا الوقت.
المساء: عودة الهدوء
21h00 – 19h00: عند السادسة والنصف، تبدأ حرارة جسمك بالإنخفاض لتحضيره لفترة النوم. حان وقت العشاء! يفضّل أن يكون خفيفاً، قليل الدهون، إنّما تناولي بعض النشويات مثل المعكرونة لتفادي الجوع الشديد ليلا، من ثمّ إمشي قليلاً، لتعودي وترتاحي. هل اشتركت في ناد رياضيّ خلال هذا الوقت؟ لا بـأس. لكن بعد عودتك، ولخفض الحرارة التي ارتفعت خلال ممارستك الرياضة، ضعي قفّازات وجوارب لتدفئي أطراف جسمك، فذلك يخدعه ويؤدّي إلى خفض حرارته فتنامين بصورة أفضل.
23h30 – 22h00: تتثاءبين وترتجفين. انخفض مستوى التوتّر، كذلك هبطت حرارة جسمك، في حين بدأ الميلاتونين، هرمون النعاس، بالإرتفاع ليصل إلى ذروته عند منتصف الليل. كلّ من يستيقظ باكراً سيكون أوّل من يخلد إلى النوم. إنتبهي، فليلا، تتقلّص القصبات إذ تنخفض إفرازات الأدرينالين بانتظار يوم جديد. إذا كنت تعانين من الحساسيّة لا تنسي أن تأخذي الدواء. ليلة سعيدة.
شكراا
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)
المفضلات