النتائج 1 إلى 15 من 99

الموضوع: هدية لشبكة الناصرة الثقافية قبل الطبع : كتاب( رسائل من كشكول الحياة ) للمرشد الدولي

العرض المتطور

  1. #1
    عضو متميز الصورة الرمزية المرشد الدولي
    تاريخ التسجيل
    Aug 2008
    الدولة
    السعودية
    المشاركات
    261
    شكراً
    0
    تم شكره 0 مرة في 0 مشاركة
    معدل تقييم المستوى
    218

    رد: هدية لشبكة الناصرة الثقافية قبل الطبع : كتاب( رسائل من كشكول الحياة ) للمرشد الدو

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة للدموع إحساس مشاهدة المشاركة


    بسم اللهـ الرحمن الرحيم ،،
    و الصلاة و السلام على أشرف المرسلين محمد وآلهـ الطاهرين ،،
    اللهم أكفنا شر مخلوقاتكـ ،، من أعداء الخير ،،
    و جنبنا أن أنصبو إليهم تحت أمرة النفس الأمارة بـ السوء دااائما ،،
    بحث راااائع ،،
    بوركـ سعيكـ مرشدنا ،،
    و إلى مزيد من التقدم ،،
    خااالص التحاااايااا ،،

    للدموع إحساس ،،

    أشكرك سيدتي
    اللهم صل على محمد وآل محمد
    مادمت قادر على البكاء فأنا إنسان
    المرشد الدولي

    المؤلفات :
    1-إمرأة لم تــرَ الشمس 2 -الهروب إلى أبليس3 -القـفـز من قاع الفقر4-صديقي أبو كرش5 -بوليسية:حارس الحديقة 6- المومياء 7-تيس النساء8- زوجي الحمار9-بخيل العرب10-إمرأة بقلب رجل 11-الأصمخ 12-أنين الضمير 13-أيام الندم 14-القلب المفقود 15-الخطيئة 16-كتاب رسائل من كشكول الحياة17-مفاتيح العاشقين 18-حلول للمستحيل19-كتاب حوار مع الشيطان20-أميرة إبليس

  2. #2
    عضو متميز الصورة الرمزية المرشد الدولي
    تاريخ التسجيل
    Aug 2008
    الدولة
    السعودية
    المشاركات
    261
    شكراً
    0
    تم شكره 0 مرة في 0 مشاركة
    معدل تقييم المستوى
    218

    رد: هدية لشبكة الناصرة الثقافية قبل الطبع : كتاب( رسائل من كشكول الحياة ) للمرشد الدو

    الرسالة الثالثة عشر :

    جامعة الإمام الحسين الإنسانية



    منذ أبصرت النور في ديارهجر ، ومنذ نعومة أظافري التي كانت تقلمها أمي ، وأنا أسمع عن فرع ( جامعة الإمام الحسين) بمنطقتنا ، كانت بالقرب من منزلنا ، نلعب كل يوم أمام بابها، وبسبب صغر سني حينها لم أدرك سبب وجودها هنا ، في بعض أيام الأسبوع وبالذات وقت العصر، كانت أمي تصطحبني معها إلى تلك الجامعة ، رأيتها تجمع كبير، إنها ساحة كبيرة جداً مغطاة بحيث لا تدخلها الشمس ، كنت لا أستطيع مقارنة أبعاد جدرانها بغرفتي الصغيرة ، لصغر جسمي وقصر طولي كان آخرالجدار بعيداً جداً عني ، كان السواد يغشي المكان .

    فجأة صعـق أذنيّ صوت صفير حاد صدر من أعلى المكان ، إنه كالبوق المعلق في الزاوية العليا منالجدار، ثم بدأ أحدهم يصدر صوتاً لا أبخصه ، سمعت تراتيل وآيات قرآنية ، يتلو القصص تلو القصص ، أصواتاً حزينة لا أفهم معانيها ، لكنني ومع محدودية إدراكي وجدت فيها نفس عباد ة وتقرب إلى الإله ، كان النسوة من حول أمي يبكين ويندبن أنفسهن ، كنت أنظر لأمي الجالسة خلفي ، فإذا هي مثلهم ، تأن وتبكي ، لم أعرف السبب ؟ لكن كان عندي شعور إنهم فقدوا عزيز ما !!.......

    مرة أتذكر إننا كنا في شهر شعبان ، والوقت بعد العشاء ، ألبستني أمي ثيابي الجديدة التي أشتراها لي أبي ً، مشطت شعري ، شدت أحزمة نفسي ، لطفتني برش من العطر ، أتقنت فنها في إظهار روعت هندامي ، فوقفتُ أمامالمرآة المكسورة معجباً بنفسي ً ، لقد دخلت نفسي النرجسية من كثر النظر إلى صورتي حينها كنت أخبر نفسي : إننا كالعادة نحتفل بالعيد ، لكنني لم أجد أمي تصوم كالعادة قبله ، وليس العيد الذي خلاله أشاهد أناس يلبسون الأبيض في التلفزيون ويصرخون لبيك اللهم لبيك ) ، أو ربما إننا سنذهب إلى حفلة زواج .



    كانت الدنيا لا تتسع فرحتنا ، وفجأة ونحن خارجين إلى الشارع ، شاهدت معظمالناس مثلنا ، ولبسوا كما لبسنا ، والبسمة ترتسم على وجوههم ، إذن لسنا وحدنا من يحتفل بهذا الحدث الذي لم أعرفه بعد .


    هل هو ميعاد من أجل عيد ؟
    أم احتفال مجيد ؟

    سأعرف لاحقاً .


    وصلنا إلى فرع الجامعة المذكورة ، كانت الزينة كثوب العروس ، والأنوار كالتاج ، كانت الروائح تفوح إلى نهاية الطريق ، رأيت الناس أفواجاً يتزاحمون ، هناك مَدخَلين واحد للرجال وآخر للنساء ، والمنظمون واقفون عند الأبواب كالحراس .

    دخلت بمعية أمي إلى ذات المكان السابق الحزين ،....... لكن حدث شئ غريب ، السواد اختفى ! والمكان أصبح كالعرس البهيج ، كانت الهدايا والحلويات تتساقط في كل مكان وكأنها من السماء ، لا أعرف من يرميها من كثرة النسوة حولي ، كن يصرخن بالفرحة ، وأنا بدوري أجمع ما يتناثر في حجري وأمامي لأرميه في حقيبة أمي ، خوفاً من أن يسبقني إليه غيري .

    أشعار و مواويل أطربت مسامعي يغنيها أشخاص غير عاديين ، سمعت مديحاً وتقديساً لأسماء ( أولهم محمد وآخر محمد ) صلوات الله عليهم ، كنت من الفرحة التي دخلتني ( أحس بمدد من نور يصدر من السماء كالعامود ويسقط في أم قلبي ) ، يصرخون أدركنا يامهدي حتى آخر الليل ، ضل صدى أسمائهم يدغدغ روحي وأنا مستلقي على سريري ، كنت أتذكر ما دار في هذا اليوم الحافل ، كنت أتذكرها كلوحة فنية جميلة ، أتقن رسامها مزج ألوانها .


    كبرت وترعرعت ،أزداد طولي وعرضي ، أصبحت أدرك بعض الأشياء من حولي ، التحقت بالمدرسة التي في آخرالشارع ، تحولت من صحبة أمي إلى ملازمة أبي ، وخاصة في خارج المنزل ، بالإضافة للمسجد ، كان والدي يأخذني معه إلى عدة مناسبات ، في الأفراح والأتراح ، ففي الأعراس كان اللقاء يتم في نفس فرع الجامعة جارتنا ، كنا نذهب لنشارك الناس فرحتهم ، ونأكل معهم ولائمهم ، لكن مع أبي تغير الوضع ، لقد أدخلني معه من باب الرجال ، لقد كان المكان أكبر مما شاهدته مع أمي ، حيث المنبر الكبير، والسماعات الكبيرة ، ورجال يحملون صحونا بها أكواب من الشاي وضيفة من القهوة العربية .

    هنا شاهدت الناس يلتقون ببعضهم، حتى من يقطن بعيداً ، من المدن والدول المجاورة ، كانوا يحضرون ويشاركون الأفراح والأتراح ، ويلتقون مع أقربائهم وأحبتهم دون ميعاد.


    أما بالنسبة للأتراح فقد رأيتها بأمي عيني ، نعم إنها ُتعقد هنا ، كان العزاء الخاص بفقدان قريب يعقد هنا ، فيحضر أهل المتوفى في فرع الجامعة ويستقبلون المعزين ثلاثة أيام ، وذلك مواساتهم بقراءة القرآن والدعاء للفقيد .

    كباقي الناس، كبرت وعشت في أحضان فرع الجامعةالإنسانية حتى بلغ مني الرشد نصيباً ، زداد تسجيل حضوري شخصيا ، دون حضور أبي ، لقد تبرمج عقلي مع المكان ، وصرت أحضر للتزود من المفاهيم الجميلة والحكم المفيدة وأهمها التشريعات السماوية ، ففهمت أكثر الأمور، وتعلمت كيف أذهب لوحدي ، بدأت أدون كل ما أسمعه ، محاضرات طوال العام ، وخطبو مواعظ ترن مسامعي ، محاضرات يلقيها عدة أساتذة ، ممن يحملون شهادات حسينية، وممن تخرجوا من بين الكفتين أو الثقلين ، القران وجامعة آهل البيت ( جامعة مكارم الأخلاق ).

    تلقت مسامعي ، أو بمعنى أصح تلقت مسامعنا بصفة الجمع ، محاضرات متنوعة ومختلفة ، غطت كل التخصصات ، مثلاً في العقائد وخاصة علاقتك بخالقك وعلاقتك بمنحولك ، سواء أهلك أو مجتمعك ، علمونا إن معرفة الله ورسله والصالحين من عباده ومحبتهم تأتي أولاً ، وبر الوالدين ثانيا .

    قالوا لناكيف كان الأب المثالي يعامل أبناءه ، وكيف كان الأبن يعامل أبيه، علمونا كيف نبر والدينا ، وكيف نرعاهم ، في حياتهم ومماتهم ، وحتى بعد رحيلهم ، ضربوا لنا الأمثلة والعبر الجمة ،( كيف كان الإمام السجاد (ع) يتحاشى أن تسبق يده الأكل على ماوقعت عليه عينا والديه ، واستدلوا بقوله تعالى :بسم الله الرحمن الرحيم :وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُوَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا (23) سورة الإسراء

    وفي العبادات ، علمونا إن الصلاة نوعين ، صلاة بين العبد وربه ، وصلاة بين العبد والعباد من حوله وهي صلاة ( مكارم الأخلاق ) واستدلوا بقوله صلى الله عليه وآله : ( إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق ) ، وأمرونا بالمحافظة على الصلاتين معاً .

    فأفهمونا خلاصة : ( إن الله خلق العباد لعبادته واستدلوا) بقوله تعالى بسم الله الرحمن الرحيم :وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56) سورة الذاريات ، وأرسل لهم الرسل ليعلموهم ويتمموا عليهم مكارم الأخلاق .


    كما ُعلمنا باقي العبادات كالحج والخمس والزكاة وعلمنا العلاقات الإجتماعية والاقتصادية والوطنية والنفسية والتعليمية ومعظم علوم الحياة .



    كيف كانت الزوجة تخاطب زوجها ، وكيف كانالزوج يساعد زوجته ، .....كيف كان الأمام علي (ع) يساعد الزهراء ( ع) في شؤون منزلها واستدلوا : وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (21) سورةالروم.



    علمونا كيف كانت زوجة الأب تفدي بأعز ماعندها لأبناء زوجها ، ( كما كانت أم البنين (ع) تفدي بأربعة ليوث لأجل عيون الأٍسد الإمام الحسين (ع) أبن ضرتها.



    كيف كان الأخ يشد بعضد أخيه ( كما فعل العبد الصالح العباس مع أخيهالحسين (ع) واستدلوابقوله تعالى بسم الله الرحمن الرحيم : قَالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجْعَلُ لَكُمَا سُلْطَانًا فَلَا يَصِلُونَ إِلَيْكُمَا بِآيَاتِنَا أَنتُمَا وَمَنِ اتَّبَعَكُمَا الْغَالِبُونَ (35) سورة القصص


    وإن الناس إخوة ، يفدي كلم منهما الأخر بنفسه ، واستدلوا : إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (10) سورة الحجرات ، والكبير يرحم الصغير ،والصغير يحترم الكبير .

    صدقوني إنها جامعة يصعب علي وصفها واختصار أهدافها في رسالة ، إنها مدرسة عظيمة أشبعت كل جوانب الحياة ، وعبأت كل الفراغات الموجودة داخل أنفسنا وبيننا ، إن القلم يعجز أن يترجم بما في جعبتي ، واللسان يتمتم بما يريد طرحه قلبي .

    إني أقف حائراً عن بلوغ مرادي في الكلام والإسهاب، صدقوني هذه الجامعة صنعت منا أجيالاً إنسانية بمعنى الإنسانية وأخلاقيةبمعنى الوصف ، فهي أكثر من أن نسميها ثقافة أو تعليم ، فالصغير قبل الكبير، والفقير قبل الغني ، كلهم متساوون في نظر الجامعة ، فهم يأتون ويشبعون عقولهم طول العام (بالغذاء الروحي ) ويشبعون بطونهم ( بالغذاء المادي) مجاناًودون أن يمّن عليهما أحد !! ، إنه رزق وضمان من السماء للمستضعـفين في الأرض ، فليس لي إلا أن أعلنها وأصرخها بقوة :

    إن الباب مفتوح للتسجيل ، وللجميع وبدون أي أتعاب ُتذكر ، وفروع الجامعة منتشرة في أصقاع العالم ، فهيا للإنظمام لهذه الجامعة ، ولنحجز كرسياً في سفينة نوح ، حتى لو بالإنتساب ، ولو بعد الكِبَر في السن ، فالفرصة لا تعوض والزمن يسير ، وسيكتشف الكثيرون من البشر مستقبلاً إنهم فوتوا على أنفسهم أهم فرصة في حياتهم ، وهي الإنظمام لهذه الجامعة ، وسيعرفون يوما إن منسوبي هذه الجامعة محسودون في الدنيا والآخرة ، وإنهم سيتشرفون بلقاء الأساتذة الربانيين والمعلمين الأوائل .
    التعديل الأخير تم بواسطة المرشد الدولي ; 09-13-2008 الساعة 02:52 PM
    اللهم صل على محمد وآل محمد
    مادمت قادر على البكاء فأنا إنسان
    المرشد الدولي

    المؤلفات :
    1-إمرأة لم تــرَ الشمس 2 -الهروب إلى أبليس3 -القـفـز من قاع الفقر4-صديقي أبو كرش5 -بوليسية:حارس الحديقة 6- المومياء 7-تيس النساء8- زوجي الحمار9-بخيل العرب10-إمرأة بقلب رجل 11-الأصمخ 12-أنين الضمير 13-أيام الندم 14-القلب المفقود 15-الخطيئة 16-كتاب رسائل من كشكول الحياة17-مفاتيح العاشقين 18-حلول للمستحيل19-كتاب حوار مع الشيطان20-أميرة إبليس

  3. #3
    عضو متميز الصورة الرمزية المرشد الدولي
    تاريخ التسجيل
    Aug 2008
    الدولة
    السعودية
    المشاركات
    261
    شكراً
    0
    تم شكره 0 مرة في 0 مشاركة
    معدل تقييم المستوى
    218

    رد: هدية لشبكة الناصرة الثقافية قبل الطبع : كتاب( رسائل من كشكول الحياة ) للمرشد الدو


    حكمة المؤلف


    جامعة الإمام الحسين جعلتني أصغر في نظر نفسي ، و أكبر في نظر الآخرين
    اللهم صل على محمد وآل محمد
    مادمت قادر على البكاء فأنا إنسان
    المرشد الدولي

    المؤلفات :
    1-إمرأة لم تــرَ الشمس 2 -الهروب إلى أبليس3 -القـفـز من قاع الفقر4-صديقي أبو كرش5 -بوليسية:حارس الحديقة 6- المومياء 7-تيس النساء8- زوجي الحمار9-بخيل العرب10-إمرأة بقلب رجل 11-الأصمخ 12-أنين الضمير 13-أيام الندم 14-القلب المفقود 15-الخطيئة 16-كتاب رسائل من كشكول الحياة17-مفاتيح العاشقين 18-حلول للمستحيل19-كتاب حوار مع الشيطان20-أميرة إبليس

  4. #4
    عضو متميز الصورة الرمزية المرشد الدولي
    تاريخ التسجيل
    Aug 2008
    الدولة
    السعودية
    المشاركات
    261
    شكراً
    0
    تم شكره 0 مرة في 0 مشاركة
    معدل تقييم المستوى
    218

    رد: هدية لشبكة الناصرة الثقافية قبل الطبع : كتاب( رسائل من كشكول الحياة ) للمرشد الدو

    الرسالة الرابعة عشر :

    آهات على الرصيف .... من الأدب الهجري:



    كعادته صباح كل يوم ، ومع حركة طلبة المدارس وركوبهم الحافلات .... منتظراً وصول رفيق عمله وزميل دراسته ماهر، الذي يأخذه معه بسيارته مقابل المائة وعشرون ريالاً المخصومة من راتبه المتواضع آخر الشهر ، خرج فارس العريس الجديد حتى وقف لمسافة بضع خطوات عن الرصيف المجاور لمنزلهم ، ومن خلفه رجل عجوز متزر يفترش الأرض علىورق كرتون ، وآثار الزمن تلاحظها في تضاريس وجهه ، أما عينا فارس فتركزان على الطريق المزدحم بالمارة ، حتى يخرج من جيبه سيجارة ، ويشعلها مع التفكير بسؤال دائماً يردده مع نفسه :



    هل يوجد حل لحياتي الصعبة ؟




    دعنا نلقي نظرة مبسطة على حياته ، ولنصعد بعيوننا إلي سطح منزلهم ، نعم ، إنه مكان يقضي فيه فارس وزوجته شهر العسل ، مع إبنة خالته التي تكبره سناً ، ذات الخمسة وعشرون ربيعاً ، والمكان عبارة عن غرفة في الدور الثالث ، فوق السطح ، ويحتاج لبلوغها ، المشي في العراء من السلم حتى يصل إلي باب الزوجية .



    في أيام سابقة ، كانت تلك الغرفة حضيرة حمام متنوعة ، مكان لهواية أبيه ، حتى تحولت إلي قفص ذهبي !



    إنها فكرة بدائية لشاب في مقتبل عمره لم يجد حلاً سوى ، بصف الطابوق صفاً على البلاط ، وأغلاق كل الثقوب والعيوب التي بها ، ، ترميم سقفها الحديدي ، ثم تغطية سقفها بألواح حديدية مع بعض الديكور المتواضع ، حتى غدا فارس جاهزاً لتكوين أسرة جديدة ، مع قريبته القنوعة .



    كل يوم ، وعند دخول وقت العشاء ، تقف مريم ، المنتظرة قطار الزواج ، أمام غرفة أخيها ، في جوف ذاك السطح المظلم ، وهي ترتعد خائفة ، فأذا لم يفتح الباب ، تضع عشاء العرسان أرضاً وتطرق الباب وتنصرف، حتى تخرج أيادي من داخل الغرفة لتأخذ العشاء وإعادته فارغاً آخر الليل .... هكذاحتى أنقضت ثلاثة أسابيع.



    أخفت الحياة أبتسامتها المؤقتة ، وظهرت على حقيقتها ، و بانت أنيابها ، وخاصة بعد إنتهاء شهر التدليلوربما أخطأت وقلت بدأ التذليل مع غطرسة الحياة وجهادها ، بعد أن تقاسمت زوجته أعمال المنزل مع أمه وأخواته يوميا لخميس والجمعة بالذات ، وإن هذا يتصادم مع تحضير ومذاكرة الدروس والملازم باقي أيامالأسبوع لإنهاء الفصل الثاني من الكلية ، إنها تعلم ، إن :


    - هذا سيكون مصيرها .

    - وهذا الذي اختارته بإقتناع وفضلته على البقاء وحيدة بين جدران غرفتها .

    - هي من أتخذ القرار حتى وإن كان يعيل أهله!

    - إنه أهون عليها من البقاء في بيت أهلها بدون زوج وصديقاتها تزوجن ورزقن بأطفال ،هكذا قالت لأمها وأبيها.



    تهكم يليه تحلطم من قبل أخواته وأمه أمام زوجته ، ماعدا أخته الوسطى التي تميل قليلاً مع كفتها ، وتقف في صفها عند النقاشات الحادة ، وخاصة المتعلقة بمصاريف البيت ، وتقسيم راتب زوجها ومكافأتها الشهرية ، والنتيجة تساعدها في مراجعة مادة الرياضيات للمرحلة الثانوية .



    (كِله منك يا يبه ) تتبعها زفرة مع الدخان المملوءة بالآهات ( آه آه آه)،هكذا رددها فارس ، وهو يدخن سيجارته ذات الماركة الرخيصة ، وهو يحملق في نفسه من خلال زجاج السيارة الواقفة أمامه ، متأكداً من حسن مظهره ، ولقصة شعرهالمسترسل المملوئة بالجل .



    يتمتم بإلقاء اللوم على أبيه الذي تركهم وسكن بعيداً عنهم ، بعد أن باع البيت الكبير ، المملوء ذكريات سعيدة ومرحة ،أيام الدلال والجــخ ، حتى لحق نزواته المتهورة ، وتزوج بزوجة صغيرة بعمر أبنته ، مستوردة من أرض عربية ، حتى أخذت بأم فارس العزة بالإثم عن التنازل ، وأن لاترضى بضرة عليها وهي بنت فلان صاحبة الشخصية المرموقة في الفريج ، فخرجت من كنف أبيه ، وسكنت في بيت بالإيجار ، وقالت بأعلى صوتها لزوجها :



    ( فارس بـيّصرِف علينا وأحنا مو محتاجين لك ، روح لزوجتك الشقرة )



    أيامها، فارس المسكين لم يكمل دراسته ، بسبب انشغال أبيه وإهمال أمه ، فتوظف في شركة أهلية لا تحمل أي صفة ضمان مستقبلي ، فنفذ دعوة أمه وتحديها أمام أبيه ، وأنفصلوا عن كنفه ، وأعتمدوا بعد الله على فارس الضحية ، الكبش الأسود .



    مرت الأيام بسرعة ، أعباء وأثقال الحياة تزداد ، وتقع فوق رأسه كالصخر ، فارس الأصغر والوحيد من الذكور بين البنات ، نال الترتيب الخامس بين أخواته السبع ، ........إثنتان تزوجن وواحدة مطلقة ، والباقي فضلن الانتظار في محطة قطار الزواج تتقدمهن أخته الكبرى ، فقد كان زواج الأب الأول متأخراً ، وفارق السن كبير بينه وبين أم عياله .



    لقد سقطت هيبة الأب بعد نكسته المالية ، وزاد من الطين بلة ، هجرته أولاده ، فقد فشل في تجارته ، بسبب استهتاره بالمال وتعدد سفراته ، وبذخه الزائد في الملذات ، وخاصة النساء ، حتى أصبح آخر أيامه مع زوجته الثانية ، في شقة بالإيجار ، بعد أن كان يملك فيلا كبيرة بسائقين وثلاث خادمات ، تاركاً أم عياله دون سؤال ، لقد كان محباً للمظاهر والمفاخرة ، وولائمه اللامنتهية في مزرعته ، حتى صرف كلأموال بيته ومزرعته على أصدقاء غرائزه ، سيارته الفارهة ،وكماليات المنزل التي لا حاجة لها ، الكل ينهش من لحمه دون أن يشعر ، حتى السائقين ، يسرقونه ، وهو يتـقهقه .




    مع آخر نفس للسيجارة ، فجأة ! ، أنقطع حبل أفكار أخينا فارس ،بصوت بوق سيارة ماهر المزعج ، وهو يقف أمامه و يناديه ( يا الله تعال ) فركب فارس بجانبه بعد إلقاء السلام ومن غير نفس ، فسأله ماهر:



    شفيك ، ظايق خلقك من الصبح ؟



    فأجابه فارس : شتبي يعني أقولك ، الدنيا أجيها من هنا تروح هناك .


    ففهم ماهر أن الشغلة كالعادة ، مشكلة الفلوس والظروف مع العايلة .


    فارس ساكت ويخاطب نفسه بحرارة : ( إيه شعليك يا ماهر ، العب من حلالنا ، أبوك عامل في مكتب أبوي ، وسواه مدير، ولا هده الين خلص فلوسه ، وهو اللي طلع منها سالم ، وطاح أبوي ولاحد سمى عليه ، ... أه ، سيارة وشقة بلاش قاعد فيها ، وإلى الحين ما تزوجت ، ورابط بنت عمك ومخليها بيت أهلها مع إنك مواعد أختي بالزواج يالـ...!! ........آخ يمه على هالحال، كله منك يايـبه .




    في العودة آخر النهار ، وبعد العصر تحديداً ، تقف سيارة ماهر أمام منزل فارس ، وبالضبط أمام نفس العجوز القابع فوق الرصيف ،......يخرج فارس من السيارة ، ليدخل منزلهم ، فتخرج يد من باب بيتهم ، لتشير لفارس بحركة هو يفهمها ،فيعود فارس أدراجه ، إلى ذاك الرصيف ، فيركع ليحمل الرجل العجوز المترهل والخفيف الوزن من تحت رقبته ورجليه ، فيقبله فارس في خده ، ... ويهم العجوز بإخراج زفرات وونات ......... آه آه آه وهو يحدق في وجه فارس ، وعيونه تغرغـربالدموع الحائرة ، فيدخل فارس بيتهم منادياً :



    ( يالله يا يمه حطي الغدا ، آنا جبت أبويا )




    تنويه :


    القصة من جعبة المؤلف ، لكن من صميم الواقع الذي نعيشه ، ولربما تواردت أو تشابهت الأسماء صدفة مع بعض القصص الحقيقية .
    التعديل الأخير تم بواسطة المرشد الدولي ; 09-17-2008 الساعة 11:08 AM
    اللهم صل على محمد وآل محمد
    مادمت قادر على البكاء فأنا إنسان
    المرشد الدولي

    المؤلفات :
    1-إمرأة لم تــرَ الشمس 2 -الهروب إلى أبليس3 -القـفـز من قاع الفقر4-صديقي أبو كرش5 -بوليسية:حارس الحديقة 6- المومياء 7-تيس النساء8- زوجي الحمار9-بخيل العرب10-إمرأة بقلب رجل 11-الأصمخ 12-أنين الضمير 13-أيام الندم 14-القلب المفقود 15-الخطيئة 16-كتاب رسائل من كشكول الحياة17-مفاتيح العاشقين 18-حلول للمستحيل19-كتاب حوار مع الشيطان20-أميرة إبليس

  5. #5
    عضو متميز الصورة الرمزية المرشد الدولي
    تاريخ التسجيل
    Aug 2008
    الدولة
    السعودية
    المشاركات
    261
    شكراً
    0
    تم شكره 0 مرة في 0 مشاركة
    معدل تقييم المستوى
    218

    رد: هدية لشبكة الناصرة الثقافية قبل الطبع : كتاب( رسائل من كشكول الحياة ) للمرشد الدو

    حكمة المؤلف




    عقولنا كالنوافذ ... إذا ُفتحت وصل النور إلى قلوبنا.... المؤلف
    اللهم صل على محمد وآل محمد
    مادمت قادر على البكاء فأنا إنسان
    المرشد الدولي

    المؤلفات :
    1-إمرأة لم تــرَ الشمس 2 -الهروب إلى أبليس3 -القـفـز من قاع الفقر4-صديقي أبو كرش5 -بوليسية:حارس الحديقة 6- المومياء 7-تيس النساء8- زوجي الحمار9-بخيل العرب10-إمرأة بقلب رجل 11-الأصمخ 12-أنين الضمير 13-أيام الندم 14-القلب المفقود 15-الخطيئة 16-كتاب رسائل من كشكول الحياة17-مفاتيح العاشقين 18-حلول للمستحيل19-كتاب حوار مع الشيطان20-أميرة إبليس

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. هدية لشبكة الناصرة : عش العفاريت ( رواية العشق والإثارة والرعب )
    بواسطة المرشد الدولي في المنتدى منتدى القصص والروايات
    مشاركات: 203
    آخر مشاركة: 09-21-2011, 01:42 AM
  2. هدية لشبكة الناصرة الثقافية : (((( غيـث الخــواطـر ))) للمرشد الدولي
    بواسطة المرشد الدولي في المنتدى منتدى الشعر والنثر
    مشاركات: 23
    آخر مشاركة: 10-15-2008, 10:19 AM
  3. هدية المولد حصرياً الآن ،،، فقط مع شبكة الناصرة الثقافية ..
    بواسطة شبكة الناصرة في المنتدى المنتدى العام
    مشاركات: 28
    آخر مشاركة: 09-16-2008, 05:02 AM

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •