الرسالة الرابعة :
رحلة إلى عالم ياماها
الكثيرمنا سمع عن الهندوس ، والكثيرأخبرنا إنهم يعبدون البقر أو الفئران أو البحر !
هل هذا صحيح ؟
ما علاقة الهندوسية بالبوذية ؟
وما هو عمر الديانتين ؟
الهندوس يشكلون معظم سكان بلادالهند وبعض مناطق الصين الغربية ، وهم ينتمون إلى العرق القوقازي الأسمر ، أي أبناءعمومتنا نحن العرب العرق القوقازي الأصفر ، ومعظمهم ينتمي إلى الطبقة الفقيرة الكاسبة ، فنجد جلهم يعمل في الزراعة وصيد السمك والباقي في الصناعات الحرفية الأخرى ، كأعمال القش والخياطة والصناعات اليدوية .
خطوط الديانة الهندوسية شبه غامضة ، وليست واضحة كباقي الأديان ، بل مبهمة ، فالكثير ينظر إليها بنظرة سطحية ساخرة ، والسبب في ذلك عدم شملهم مع الديانات السماوية الكتابية ، كالمسلمين واليهود والنصارى . وأغلب المسلمين يجتنب الولوج في نقاش عن الديانة الهندوسية ، وماهي أفكارها وأبعادها ، ولذلك باتت الديانة غامضة على مر العصور.
أعتقد إن الجميع رأى أو ربما سمع عن كلمة - ياماها- YAMAHA المشهورة ، وهي ماركة يابانية عالمية ، للمعدات البحرية والمكائن والإلكترونيات وأدوات الموسيقى ، حيث توجد في كل دول المعمورة،
لكن ما علاقة هذه الماركة بموضوعنا ؟
يحكى إنه وقبل خمسة آلاف سنة ، كان هناك شاباً يدعى – ياماها- ، وهو الابن الوحيد للملك في مملكة التبت غرب الصين ، وكان ياماها شابًا خلوقا ، هادئا محباً للخير ، وفي الوقت نفسه، كان أباه شرساً ظالماً لشعبه ، يسرق محاصيلهم وتجارتهم ، ويزيد عليه الضرائب ، ويستعبدهم ويذلهم ، ويحلق رؤوسهم كعلامة لعبوديتهم ، ويأمرهم بالسجود له قسراًوعدوانا .
ناضل ياماها الشاب ضد دولة أبيه سراً وخفية ، مطالباً بتحقيق الحرية ونشرها ، وعدم استعباد الناس لكونهم فقراء ، وكان حليق الرأس تواضعاً كالفقراءوالعبيد ، ويمارسعبادة التأمل والتفكير فوق الجبل آخر الليل ، والنضال المسلح فيالنهار ، دون علم والده الذي ظن إنه مازال يدرس عند المملكة المجاورة ، وإنه سيعود بعد سنوات ، فأستحوذ على قلوب الناس وخاصة الفقراء ، فمكث بعضهم يتعبد معه فوق الجبال ، بعبادة التأمل الحسي – اليوجا - ، وفي النهار يقودهم للنضال المسلح .
دام الصراع المرير بين الدولة بقيادة أبيه ووزيره الماكر من جهة ، والفقراء والعباد القديسين بقيادة ياماها من جهة أخرى لمدة ثلاثون سنة ، حتى أنتشر صيته وذاع أسمه بين الناس في كل أرجاء الصين والتبت وشرق الهند ، حتى أصبح معظم الشعب يتبعه فكراً ويحلف باسمه ، أما الملك والوزير قد صعقا ولم يصدقا ما سمعا ، إن أبن الملك يناضل ضد أبيه و يعصيه ويحاربه !!
فأمر الملك بطلب رأسه حياً أو ميتاً ، ووضع الجوائز القيمة ، وأسس الوزير مجموعة أسمها " فرقة الصيد " ، فبدأت المطاردة لياماها واستمرت لعدة سنوات ، حتى شاهدوه يوماً في مزرعة يلقي المواعظ ، فحوصر بإحكام ، فأضطر إلى تحوير نفسه إلى بقرة ( التحوير وليس التحويل أي قابل إلى الرجعةإلى أصله ، كما تحور الورقة نفسها إلى شوكة في الصيف ) وزج بنفسه داخل القطيع ، فأمر الوزير بقتل الأبقار الموجودة في البلاد ، حتى قضي على معظمها ، واضطر الناس إلي إخفاء أبقارهم في أماكن خاصة .
فأغتاظ الشعب وعبأ نفسه ، وقام بثورة ضد الملك وأنتصر أخيراً ،فأصبح السلام يعم البلاد ، وعين حاكماً دينياً من تلاميذ ياماها لحكم بلاد التبت ، وضل طلابه يكتبون عنه مواعظه وحكمه ، وألف الكثير ممن آتى بعد الكتب الدينية التي تخبر عن ياماها ، وأتخذ الجبل معبداً كبيراً ، وتحول الناس من الإعجاب به إلىعبادته .
مع مرور الزمن ذهب بعض تلاميذه لنشر علومه ودينه الجديد إلى بلاد الصين الشرقية ومنغولياً ، وآمنوا إن الله الخالق موجود ، لكن على صورة ياماها في الأرض ، فسموه هناك بـ - بوذا - أي بو وتعني الرب ، وذا وتعني الرحيم ، فصنعوا له التماثيل والأصنام ،وتطور وتفرع مع الزمن إلى عدة أديان ومذاهب وأفكار ، فمنهم جعله على صورة إنسان يملك أربعة أيدي(يد العطاء الماء ، ويد السلام التراب ، ويد القوة النار ، ويد الحساب الهواء).
أما في بلاد الهند فأصبح ياماها أب الديانة الهندوسية ، فاختلقوا القصص والروايات ، وألفت الكتب الدينية ، فأخبروا وآمنوا به كمن سبقهم من البوذيين ، وقالوا إن ياماها يرسل رسله إلى الهندوس بواسطة رسل يتجسد فيهم ( بمفهوم التناسخ ) أوبمعنى أصح يتجسد كروح من خلال أناس خلقوا من جديد ، وروحه تتنقل من جيل إلى جيل ليبقى الناس سعداء وآمنين تحت رعايته ، وآخر من أرسل ( كريشنا kreshnna) الذي يحمل المزمار ويرعى الغنم ، ويدعي آخر رسالته ويسمى ( ساي بابا)saybaba ) بربوبيته وإنه مخلص للناس ويغفر الذنوب حتى خروج ياماها ، وقد وصل رقم ساي بابا إلى 51 رجل أو رسول حتى الآن !!.
مازال الهندوسية والبوذية تنتظر خروج ياماها من قطيع الأبقار ، وإنه مازال بشكل بقرة ، ومع مرور الزمن تنوعت الديانة وتطورت ، إلى أن أصبح الفقراء يتخيلون إنياماها مازال بقرة أو أنه أتجه إلي حيوان آخر كالفيلة او الفئران أو التمسايح أو الثعابين وغيرها ، وإنه لايجوز قتل أي منها ، وإنه سيخرج يوماً ليخلص البشرية من الظلم ، فحرض رجال الدين على أن لاتقتل أو تضرب أي بقرة ، وأن لاتأكل لحومها وكذلك حرموا باقي اللحوم وأصبحوا نباتيين ، وأصبح الهندوس يقدسون كثير من الحيوانات ، عل نمط اعتقادهم ،وأكثرهم يعتقد في الهندوسية الكبرى الأم ، ويعبدون تمثالاً له رأس فيل وعنده أربعة أيدي الماء والنار والتراب والهواء.
ونلاحظ الآن أن البوذية مازالت تتعبد بطريقة ياماها الأصلية ، وبنفس المواصفات – رجل أصلع ، يلبس إحرام برتقالي بدون خيوط – وتجريد من ملذات الحياة ، لا زواج أو لذائذ دنيوية ، يجلس في خلوة مع نفسه مع تجريد الروح من القيود الدنيوية ( اليوجا )) ، وعادة يفضلون أن تبنى المعابد فوق الجبال بعيداً عن الضوضاء ، وانصهاراً مع الطبيعة أسوة بياماها .
وليس ببعيد عنهم فيالهند ، فديانتهم أثرت على سلوكهم وتصرفاتهم كثيراً . فتجدهم هادئين ، يتعبدون في معابد تميل إلى الصلوات الخفيفة الكلاسيكية ، ودون صراخ ، ودائماً ينشدون المساعدة الإلهية والتخليص من الظلامة والجبروتية الأنسانية ، ولهذا نجد إن كل الأفلام الهندية تحتوي على بطل مخلص ينقذ الفقراء ويقتل الظالم في آخر القصة . كي يعوض الهنود عما فقدوه من حرمان في الواقع والفقر المدقع والمعيشة الصعبة ، فيخرج معظمهم من دور السينما ، سعداء مبتسمين باقي اليوم .كتعويض مؤقت .
الخلاصة من موضوعنا إن معظم الأديان تنشد الخلاص ، وخاصة آخر الزمان ، وكل أهل الأرض ينتظر المخلص الذي يرسمه في عقله ، فالمسيح ينتظرون ( عيسى عليه السلام ) ، والهندوس والبوذيون ينتظرون كريشنا الأب ( ياماها ) ، والمجوس ينتظرون رجل النار( إبراهيم عليه السلام ) ليخرج من النار ويطفأها ويقتل الشيطان الأكبر ويعم السلام في الأرض منذ أن أشعلها الملك نمرود ، والمسلمون ينتظرون المهدي عجل الله فرجه وسهل مخرجه ، ليقضي على الجبارين العتاة ويملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجورا .
المرشد الدولي
المفضلات