النتائج 1 إلى 15 من 99

الموضوع: هدية لشبكة الناصرة الثقافية قبل الطبع : كتاب( رسائل من كشكول الحياة ) للمرشد الدولي

مشاهدة المواضيع

  1. #15
    عضو متميز الصورة الرمزية المرشد الدولي
    تاريخ التسجيل
    Aug 2008
    الدولة
    السعودية
    المشاركات
    261
    شكراً
    0
    تم شكره 0 مرة في 0 مشاركة
    معدل تقييم المستوى
    216

    رد: هدية لشبكة الناصرة الثقافية قبل الطبع : كتاب( رسائل من كشكول الحياة ) للمرشد الدو

    الرسالة الرابعة عشر :

    آهات على الرصيف .... من الأدب الهجري:



    كعادته صباح كل يوم ، ومع حركة طلبة المدارس وركوبهم الحافلات .... منتظراً وصول رفيق عمله وزميل دراسته ماهر، الذي يأخذه معه بسيارته مقابل المائة وعشرون ريالاً المخصومة من راتبه المتواضع آخر الشهر ، خرج فارس العريس الجديد حتى وقف لمسافة بضع خطوات عن الرصيف المجاور لمنزلهم ، ومن خلفه رجل عجوز متزر يفترش الأرض علىورق كرتون ، وآثار الزمن تلاحظها في تضاريس وجهه ، أما عينا فارس فتركزان على الطريق المزدحم بالمارة ، حتى يخرج من جيبه سيجارة ، ويشعلها مع التفكير بسؤال دائماً يردده مع نفسه :



    هل يوجد حل لحياتي الصعبة ؟




    دعنا نلقي نظرة مبسطة على حياته ، ولنصعد بعيوننا إلي سطح منزلهم ، نعم ، إنه مكان يقضي فيه فارس وزوجته شهر العسل ، مع إبنة خالته التي تكبره سناً ، ذات الخمسة وعشرون ربيعاً ، والمكان عبارة عن غرفة في الدور الثالث ، فوق السطح ، ويحتاج لبلوغها ، المشي في العراء من السلم حتى يصل إلي باب الزوجية .



    في أيام سابقة ، كانت تلك الغرفة حضيرة حمام متنوعة ، مكان لهواية أبيه ، حتى تحولت إلي قفص ذهبي !



    إنها فكرة بدائية لشاب في مقتبل عمره لم يجد حلاً سوى ، بصف الطابوق صفاً على البلاط ، وأغلاق كل الثقوب والعيوب التي بها ، ، ترميم سقفها الحديدي ، ثم تغطية سقفها بألواح حديدية مع بعض الديكور المتواضع ، حتى غدا فارس جاهزاً لتكوين أسرة جديدة ، مع قريبته القنوعة .



    كل يوم ، وعند دخول وقت العشاء ، تقف مريم ، المنتظرة قطار الزواج ، أمام غرفة أخيها ، في جوف ذاك السطح المظلم ، وهي ترتعد خائفة ، فأذا لم يفتح الباب ، تضع عشاء العرسان أرضاً وتطرق الباب وتنصرف، حتى تخرج أيادي من داخل الغرفة لتأخذ العشاء وإعادته فارغاً آخر الليل .... هكذاحتى أنقضت ثلاثة أسابيع.



    أخفت الحياة أبتسامتها المؤقتة ، وظهرت على حقيقتها ، و بانت أنيابها ، وخاصة بعد إنتهاء شهر التدليلوربما أخطأت وقلت بدأ التذليل مع غطرسة الحياة وجهادها ، بعد أن تقاسمت زوجته أعمال المنزل مع أمه وأخواته يوميا لخميس والجمعة بالذات ، وإن هذا يتصادم مع تحضير ومذاكرة الدروس والملازم باقي أيامالأسبوع لإنهاء الفصل الثاني من الكلية ، إنها تعلم ، إن :


    - هذا سيكون مصيرها .

    - وهذا الذي اختارته بإقتناع وفضلته على البقاء وحيدة بين جدران غرفتها .

    - هي من أتخذ القرار حتى وإن كان يعيل أهله!

    - إنه أهون عليها من البقاء في بيت أهلها بدون زوج وصديقاتها تزوجن ورزقن بأطفال ،هكذا قالت لأمها وأبيها.



    تهكم يليه تحلطم من قبل أخواته وأمه أمام زوجته ، ماعدا أخته الوسطى التي تميل قليلاً مع كفتها ، وتقف في صفها عند النقاشات الحادة ، وخاصة المتعلقة بمصاريف البيت ، وتقسيم راتب زوجها ومكافأتها الشهرية ، والنتيجة تساعدها في مراجعة مادة الرياضيات للمرحلة الثانوية .



    (كِله منك يا يبه ) تتبعها زفرة مع الدخان المملوءة بالآهات ( آه آه آه)،هكذا رددها فارس ، وهو يدخن سيجارته ذات الماركة الرخيصة ، وهو يحملق في نفسه من خلال زجاج السيارة الواقفة أمامه ، متأكداً من حسن مظهره ، ولقصة شعرهالمسترسل المملوئة بالجل .



    يتمتم بإلقاء اللوم على أبيه الذي تركهم وسكن بعيداً عنهم ، بعد أن باع البيت الكبير ، المملوء ذكريات سعيدة ومرحة ،أيام الدلال والجــخ ، حتى لحق نزواته المتهورة ، وتزوج بزوجة صغيرة بعمر أبنته ، مستوردة من أرض عربية ، حتى أخذت بأم فارس العزة بالإثم عن التنازل ، وأن لاترضى بضرة عليها وهي بنت فلان صاحبة الشخصية المرموقة في الفريج ، فخرجت من كنف أبيه ، وسكنت في بيت بالإيجار ، وقالت بأعلى صوتها لزوجها :



    ( فارس بـيّصرِف علينا وأحنا مو محتاجين لك ، روح لزوجتك الشقرة )



    أيامها، فارس المسكين لم يكمل دراسته ، بسبب انشغال أبيه وإهمال أمه ، فتوظف في شركة أهلية لا تحمل أي صفة ضمان مستقبلي ، فنفذ دعوة أمه وتحديها أمام أبيه ، وأنفصلوا عن كنفه ، وأعتمدوا بعد الله على فارس الضحية ، الكبش الأسود .



    مرت الأيام بسرعة ، أعباء وأثقال الحياة تزداد ، وتقع فوق رأسه كالصخر ، فارس الأصغر والوحيد من الذكور بين البنات ، نال الترتيب الخامس بين أخواته السبع ، ........إثنتان تزوجن وواحدة مطلقة ، والباقي فضلن الانتظار في محطة قطار الزواج تتقدمهن أخته الكبرى ، فقد كان زواج الأب الأول متأخراً ، وفارق السن كبير بينه وبين أم عياله .



    لقد سقطت هيبة الأب بعد نكسته المالية ، وزاد من الطين بلة ، هجرته أولاده ، فقد فشل في تجارته ، بسبب استهتاره بالمال وتعدد سفراته ، وبذخه الزائد في الملذات ، وخاصة النساء ، حتى أصبح آخر أيامه مع زوجته الثانية ، في شقة بالإيجار ، بعد أن كان يملك فيلا كبيرة بسائقين وثلاث خادمات ، تاركاً أم عياله دون سؤال ، لقد كان محباً للمظاهر والمفاخرة ، وولائمه اللامنتهية في مزرعته ، حتى صرف كلأموال بيته ومزرعته على أصدقاء غرائزه ، سيارته الفارهة ،وكماليات المنزل التي لا حاجة لها ، الكل ينهش من لحمه دون أن يشعر ، حتى السائقين ، يسرقونه ، وهو يتـقهقه .




    مع آخر نفس للسيجارة ، فجأة ! ، أنقطع حبل أفكار أخينا فارس ،بصوت بوق سيارة ماهر المزعج ، وهو يقف أمامه و يناديه ( يا الله تعال ) فركب فارس بجانبه بعد إلقاء السلام ومن غير نفس ، فسأله ماهر:



    شفيك ، ظايق خلقك من الصبح ؟



    فأجابه فارس : شتبي يعني أقولك ، الدنيا أجيها من هنا تروح هناك .


    ففهم ماهر أن الشغلة كالعادة ، مشكلة الفلوس والظروف مع العايلة .


    فارس ساكت ويخاطب نفسه بحرارة : ( إيه شعليك يا ماهر ، العب من حلالنا ، أبوك عامل في مكتب أبوي ، وسواه مدير، ولا هده الين خلص فلوسه ، وهو اللي طلع منها سالم ، وطاح أبوي ولاحد سمى عليه ، ... أه ، سيارة وشقة بلاش قاعد فيها ، وإلى الحين ما تزوجت ، ورابط بنت عمك ومخليها بيت أهلها مع إنك مواعد أختي بالزواج يالـ...!! ........آخ يمه على هالحال، كله منك يايـبه .




    في العودة آخر النهار ، وبعد العصر تحديداً ، تقف سيارة ماهر أمام منزل فارس ، وبالضبط أمام نفس العجوز القابع فوق الرصيف ،......يخرج فارس من السيارة ، ليدخل منزلهم ، فتخرج يد من باب بيتهم ، لتشير لفارس بحركة هو يفهمها ،فيعود فارس أدراجه ، إلى ذاك الرصيف ، فيركع ليحمل الرجل العجوز المترهل والخفيف الوزن من تحت رقبته ورجليه ، فيقبله فارس في خده ، ... ويهم العجوز بإخراج زفرات وونات ......... آه آه آه وهو يحدق في وجه فارس ، وعيونه تغرغـربالدموع الحائرة ، فيدخل فارس بيتهم منادياً :



    ( يالله يا يمه حطي الغدا ، آنا جبت أبويا )




    تنويه :


    القصة من جعبة المؤلف ، لكن من صميم الواقع الذي نعيشه ، ولربما تواردت أو تشابهت الأسماء صدفة مع بعض القصص الحقيقية .
    التعديل الأخير تم بواسطة المرشد الدولي ; 09-17-2008 الساعة 11:08 AM
    اللهم صل على محمد وآل محمد
    مادمت قادر على البكاء فأنا إنسان
    المرشد الدولي

    المؤلفات :
    1-إمرأة لم تــرَ الشمس 2 -الهروب إلى أبليس3 -القـفـز من قاع الفقر4-صديقي أبو كرش5 -بوليسية:حارس الحديقة 6- المومياء 7-تيس النساء8- زوجي الحمار9-بخيل العرب10-إمرأة بقلب رجل 11-الأصمخ 12-أنين الضمير 13-أيام الندم 14-القلب المفقود 15-الخطيئة 16-كتاب رسائل من كشكول الحياة17-مفاتيح العاشقين 18-حلول للمستحيل19-كتاب حوار مع الشيطان20-أميرة إبليس

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. هدية لشبكة الناصرة : عش العفاريت ( رواية العشق والإثارة والرعب )
    بواسطة المرشد الدولي في المنتدى منتدى القصص والروايات
    مشاركات: 203
    آخر مشاركة: 09-21-2011, 01:42 AM
  2. هدية لشبكة الناصرة الثقافية : (((( غيـث الخــواطـر ))) للمرشد الدولي
    بواسطة المرشد الدولي في المنتدى منتدى الشعر والنثر
    مشاركات: 23
    آخر مشاركة: 10-15-2008, 10:19 AM
  3. هدية المولد حصرياً الآن ،،، فقط مع شبكة الناصرة الثقافية ..
    بواسطة شبكة الناصرة في المنتدى المنتدى العام
    مشاركات: 28
    آخر مشاركة: 09-16-2008, 05:02 AM

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •