الرسالة العاشرة:
النسيان في عالم الإنسان :
الإنسان ..... الطيني النشأة .....المزيج الصلصالي ..... الـُمسيّطر على الأرض منذ وطأها أبوه آدم عليه السلام ، ُخــلِـق منالأرض ،.... وتكيّف وعاش فوق الأرض .... ُوُدفِن وعاد في أعماقها..... مابرح يسايرها ويتلائم مع ظروفها ، ليظل الخليفة المهيمن عليها ،...... إنه مزيج من الماء والطين ، لكن بعـقل ، إنه مخلوق معـقـد التكوين لا يعرف مكنونه إلا صانعه ،...... فمهما تعـلمنا من العلوم ، ومهما تطببنا وشرّحَنا أجساد أسلافنا ......سوف نظل نجهل أعماقه و خفاياه ، قال تعالى (وَمَا أُوتِيتُم مِّنالْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً ) (85) سورة الإسراء
لقد أمرنا الباري بمعرفة ما يجري داخلنا ، وما تحويه أعماقنا ، قال تعالى ( فَلْيَنظُرِ الْإِنسَانُ مِمَّ خُلِقَ ) (5) سورة الطارق ، إنه أمر الهي بتسليط الضوء على جسم الإنسان وماهي خفاياه وأسراره ،وقال الإمام علي (عليه السلام ) : أتحسب إنك جرم صغير وفيك أنطوى العالم الأكبر
حسب فهمي القاصر ، أحببت أن أهرج عن نعمة يتمتع بها الإنسان دون أن يعلم ، وهو يعتقد إنها سلبية بالنسبة له سنتحدث عنها لاحقاً ، لكن بداية سنثرثرعن ماهية التكوين والتركيب الجسم الآدمي ، لذا سنبدأ الشرح فأرجوا التركيز.
أرى إن منظومة جسم الإنسان خليط من مكونين هما :
(حسي ) و ( مادي )
والحسي ينقسم إلى خطين :
( حسي داخل ) و ( حسي خارج)
أما المادي فمكون من خلـيطين :
( مائي وهو الماء ) و ( صلب وهو التراب)
بحثنا هنا سيركز على ( الخليط الحسي ) بالذات ، لكن لا يمنع أن نستطرد الحديث عن ( الخليط المادي ) ، فالمادي هو الشكل الذي نراه أمامنا ،إنه جميع أجهزة الجسم ( الخارجية ) و( الداخلية ) بشتى أشكالها و وظائفها .
بداية التكوين :
إنه وبقدرة الله عز و جل ( كن فيكون ) صنع وَحَور نشأته الأصلية أي ( آدم ) من صلصال الطين والماء ، إلى أمشاج لحمية التكوين ، قال تعالى بسم الله الرحمن الرحيم : {خَلَقَ الْإِنسَانَ مِن صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ} (14) سورة الرحمن ، وقال أيضا : {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ مِن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ} (26) سورة الحجر.
فجعل منه رجل وامرأة ( آدم وحواء)، قال تعالى : ( إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِندَ اللّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثِمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ (59) سورة آلعمران ، ثم أستمر الإنسان بالتكاثر وحفظ النوع ،عن طريق التـزاوج ، بوضع ماء الرجل في رحم المرأة ليعلق مع بويضتها : قال تعالى ( ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَاالْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ) (14) سورة المؤمنون.
والتكوين التركيبي لداخل وخارج الإنسان المادي ذو وجهين :
( مائي في خليط الدم ، ليّن في الشحم ، رطب في اللحم ) أو
(ترابي في قساوة العظام ، عصابي في الغضروف ، يابس في الشعر)
يتربع في قمة الإنسان الرأس ، ويتوسطه البطن ، وفي أسفله تحمله الأقدام ، وجوهر رأسه الدماغ ، ومركزه المخ وهو اللب الذي يشير إليه القرآن بأولي الألباب ، وبه جزء الذاكرة وعكسها ( النسيان ) ،إنه القسم الملاييني الخلاياً ، الذي يتكون من تعقيدات دقيقة جداً بحيث لا توصف ، ..... إنها الإبداع الرباني في الخلقة ، .....إنها تتحدث عن قدسية وعظمة المكان بين الكاف والنون ،إنها دليل على وجود خالق عظيم يقل للشئ ( كن فيكون ).
إن الرؤيا لدى الإنسان ليست محصورة بالعين ، فيمكن للإنسان أن يرى بعدة وسائل ، كالعين و الأذن و اللمس !!
1- فبالعين يرى صورة معكوسة للأشكال والألوان معاً ، والتي تقع عليها عيناه ، وذلك بعد تسليط الضوء عليها.
2- وبالأذن تتشكل صورة مركبة في مخيلته من خلال سماعها أو سماع أبعادها ،فيعيد تركيب شكلها في ذهنه ، وخاصة إذا كانت اختزلت من قبل في ذاكرته كأبعادها وصوتها معاً.
3- وباللمس يمكن أن يرى حدود وأبعاد الأشياء بلمسها بيده أورجله أو حتى بخده ، فيركب صورتها في مخيلته .
* الثانية والثالثة ، هي ماتبقى للمكفوفين الذين لا يبصرون بعيونهم ، كما يقول العوام ( يبصرون بقلوبهم ).
معلومات الوارد و إشارات الصادر:
لنعود إلى جوهر موضوعنا ( الخليط الحسي ) كما ذكرنا آنفاًَ ، وانقسامه إلى :
( حسي داخل .......... من داخل وخارج الجسم )
( حسي خارج .......... إلى داخل وخارج الجسم )
فالمقصود بالحسي هي جميع الإشارات والمعلومات الحسية التي لا يمكن رؤيتها بالعين ، وهي :
الواردة ( حسي داخل ) والصادرة ( حسي خارج ) إلى (( مركز إدارةالإحساس والأوامر العـليا )) الموجود في رأس أعلى مستوى من جسم الإنسان الطيني ،وهو ( جهاز الدماغ ) ويتكون من ثلاثة أعضاء أو أقسام : ( المخ ) و ( المخيخ ) و(النخاع المستطيل ).
الحسي الوارد :
إنها إشارات كهربائيةُ تبرمج وُترسل إلى المخ بعد مشاهدة وسماع ولمس ( تحسس ) الأشياء من حولنا وترجمتها إلى معلومات دقيقة وحساسة داخل خلايا قسم الذاكرة في المخ ، بحيث تصنف بطريقة الملفات المليونية حسب الوصول الزمني ،......... إنها أرشيف رباني يرتب المعلومات كذاكرة تتابعية ، واحدة تلو الأخرى ( بنظام الأدراج ) حتى تتجمع لدى الإنسان مجموعة كبيرةمن الملفات ( كالملفات الصفر " الفولدرز " ) تباعاً على حسب المعلومات التي تصدر من داخل الجسم إلى داخله أو من خارجه إلى داخله ، وُيصنف تدرجها ، حسب التاريخ الزمني الذي وصلت فيه إلى قسم الذاكرة (كررنا الشرح لترسخ المعلومة)
يتبع





رد مع اقتباس
المفضلات