بسم الله الرحمن الرحيم

والصلاة والسلام على اشرف الخلق محمد على ال بيته الطيبين الطاهرين


حيوية الايمان

إن للايمان حيوية تربط نفوس المؤمنين بعضها ببعض وتجعلهم كنفس واحدة . وإن هذه الرابطة لا

تضاهيها أية رابطة اخرى ، هي الرابطة معنوية رفيعة اودعها الله الصلحاء من خلقه ) .

قال الله تعالى :
« محمد رسول الله والذين معه اشداء على الكفار رحماء بينهم »

. وقال جابر الجعفي ( رض ) : تقبضت بين يدي ابي جعفر ( ع ) فقلت : جعلت فداك ربما حزنت من غير

مصيبة أو امر ينزل بي حتى يعرف ذلك اهلي في وجهي وصديقي . فقال : نعم يا جابر ان الله عزوجل

خلق المؤمنين من طينة الجنان ، وأجرى فيهم ريح روحه فلذلك : المؤمن أخو المؤمن لأبيه وأمه ، فإذا

أصاب روحاً من تلك الأرواح في بلد من البلدان حزن حزنت هذه لأنها منه . وفي حديث آخر : ( المؤمن

أخو المؤمن ، عينه ودليله ، لا يخونه ولا يظلمه ولا يغشه ولا يعده عدة فيخلفه ) . وقال أبو عبد الله

الصادق ( ع ) : ( المؤمن أخو المؤمن كالجسد الواحد إن اشتكى شيئاً منه وجد ألم ذلك في سائر

جسده وأرواحهم واحدة ، وإن روح المؤمن لأشد اتصالاً بروح الله من اتصال شعاع الشمس بها ) . وعن

المفضل بن عمر قال قال أبو عبد الله ( ع ) : « إنما المؤمنون إخوة بنو أب وأم ، فإذا ضرب على رجل

منهم عرق سهر له الآخرون » . ( نعم إن المؤمنين يتألم بعضهم لألم الآخر بصورة غير اختيارية : ( لا

عن شعور ) ذلك لأن أشعة الايمان توصل بعضهم ببعض ، فيشعر هذا بحزن ذاك فيحزن ، ويحس

بسروره فيسر ) .
قال حفص بن البحتري : كنت عند أبي عبد الله الصادق ( ع ) فدخل عليه رجل ، فقال لي : تحبه ؟


فقلت : نعم ، فقال لي : ولم لا تحبه وهو اخوك وشريكك في دينك وعونك على عدوك ورزقه على

غيرك . وقال الرسول الأكرم محمد ( ص ) : ( لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنون حتى تحابو أولا

ادلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم : افشوا السلام بينكم ) .

وفي حديث آخر : قال ( ص ) : « لا يؤمن احدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه » . تكشف

هذه الأحاديث عن حيوية الايمان واتصال ارواح المؤمنين ، كما تنص في نفس الوقت على ان من اهم

شروط المؤمنين والزم صفاتهم : ان يكون الحب بينهم سائداً متبادلاً في اعلى مراتبه ، وان يكون ذلك

الحب حباً للخير والفضيلة ، حباً للطاعة الله واحكام دينه ، حباً نابعاً من صميم العقيدة التي تجمع

المؤمنين ، وتربط بعضهم ببعض ، لا من العواطف التي يسيرها الهوى ويتحكم بها كيفما شاء ، فذلك

ليس من صفات المؤمنين . إن الحب الايماني هو الذي يبني كيان المؤمنين ، حيث يحكم الصلات ويشد

الأواصر بينهم ، وهو الذي يرسم الخطوط الكبرى للوصول إلى السعادة الحقيقية ، وتحقيق الحياة الفاضلة

إذن فالمسلم الذي تنعدم المحبة من قلبه



يتلاشى الايمان وينضب من قلبه عندما يجفو احداُ من المؤمنين ، أو يسيء إليه بأي لون من الوان

الإساءة وإن كان ذلك المسلم قائماً بمستلزمات الدين وواجباته ، لأن المحبة هي مرآة الايمان تنعكس

عليها حقيقته ، والكراهة للمؤمنين التي تتمثل في الظلم والجفاء والحسد للناس تضفي على تلك

المرآة سواداً يحكي خلو القلب من الايمان .



قال رسول الله ( ص ) يوماً لأصحابه : أي عرى الايمان أوثق ؟ فقالوا : الله ورسوله أعلم ، فقال

بعضهم : الصلوة ، وقال بعضهم : الزكاة ، وقال بعضهم : الصيام ، وقال بعضهم : الحج والعمرة ، وقال

بعضهم : الجهاد ، فقال الرسول ( ص ) : لكل ما قلتم فضل وليس به ، ولكن أوثق عرى الايمان الحب

في الله ، والبغض في الله ، وتوالي أولياء الله ، والتبري من أعداء الله
.


نسئلكم الدعاء