[grade="FF1493 800080 008000 4B0082 FF1493"][align=center]الدرس السابع
قوله عليه السلام ) وَجَلَّ عَنْ مُلاءَمَةِ كَيْفِيّاتِهِ (
معاني الكلمات :
جلَّ : عظم
الملاءمة : الموافقة . لاءم زيد بين شيئين إذا جمع بينهما
الكيفية : حالته و صفته ، لذلك قالوا أن الكيفية ما يقال في جواب : كيف هو ؟ .
الشرح
الضمير في قوله ( ع "( كيفياته ) " يعود يمكن أن يعود إلى الله سبحانه و تعالى
، و يكون المراد من الكيفية ( كيفياته، و صفاته جلت عظمته .
أما المعنى التقديري للجملة فهو :
أنه سبحانه أجلُّ و أرفع من أن يكون صفاته و كيفياته تتلاءم و تجتمع مع
صفات غيره من االمخلوقين ، بل صفاته خاصة به كما قال الإمام
جعفر الصادق (ع) في حديث له تطرق فيه إلى صفات الله و كيفياته :
" و لكن لا بد من إثبات أن له كيفية لا يستحقها غيره ، و لا يشارك فيها
و لا يحاط بها و لا يعلمها غيره "
وقد علق الشيخ المجلسي على هذا التفسير بقوله :
" في الكلام تقدير " و التقدير هو هذا الذي بيناه من أنه سبحانه أجلُّ
من أن تلائمه كيفيات غيره ، لأن كيفيات غيره من المخلوقين تتعرض
إلى التغيير و التبديل و التعديل و الزيادة و النقصان حسب عمر الانسان
و تجاربه . و لكن هذا لا يحدث لله سبحانه .
و يمكن أن يعود الضمير إلى المخلوق المذكور في قوله ( ع (
" مخلوقاته " في الفقرة السابقة من الدعاء ، و يكون المعنى
على هذا التقدير : إنه سبحانه أجلُّ و أرفع من أن تجتمع و تلتئم صفاته
مع صفات مخلوقاته و كيفياتهم .
النتيجة :
و على كلا التقديرين فإن ترفُّعه على ملاءمة كيفياته و صفات المخلوقين
أمر يفرضه الالتزام بكماله الذاتي ، و أن صفاته عين ذاته و ليست زائدة
عليها ، إذ لو كانت زائدة عليه لكانت الصفات محددة للموصوف و الله لا يحدُّ بحد .
الدرس الثامن
قوله عليه السلام ( يا مَنْ قَرُبَ مِنْ خَطَراتِ الظُّنُونِ (
معاني الكلمات :
1ــ الخطرات : جمع خطرة ، ما يخطر من الأمور بالقلب أو العقل
2ــ الظنون : الأوهام وهو ما يقع في القلب من الخاطر .
الشرح :
إن الإنسان عندما يطلق لنفسه عنان التفكير يرى نعم الله عليه متوالية متصلة ،
و أن الحالات التي ترد عليه من الصحة ، و السقم ، و العسر ، و اليسر ، و تقدم
عمره من الطفولة إلى البلوغ إلى دور الشباب إلى الكهولة إلى الشيخوخة ، كل
ذلك لا بد أن يكون بتدبير مدبر و فدرة قادر ، و أنه لم يترك سدى كما هو الحال
في بقية الفصائل الحيوانية ، بل هو محطُّ التكاليف الشرعية بأقسامها المختلفة .
كل هذا أو غيره يمر بالقلب و يرد على العقل فيأخذ قسطه من التفكير فيه .
والقرب هنا ليس القرب بحسب المكان ، لأن ذلك من صفات الأجسام حيث تفصل
بين الأشياء المسافة و على تحديد المسافة يتحدد القرب و البعد ، و هذا منتفٍ
بالنسبة إلى الله سبحانه و تعالى لا ستلزام ذلك : التحديد و التخصيص له وهو محال . بل القرب و البعد هنا المعنويان كما جاء مثله مصرحاً به في الآية الكريمة :
( و نحن أقرب إليه من حبل الوريد (
نتيجة
1ــ أن الله قريب من عقل و قلب الإنسان لأنهما مركز التفكير و الظنون ،
و من ذلك نرى أن النية التي محلها القلب جزء من العمل .
1ــ أن القرب لله و البعد عنه هو أمراً معنوي و ليس مادي ، فلو كان القرب
مادي لكان الله مادي ، و المادة تحتاج لمكان و الله كم نعلم غير محتاج .
الدرس التاسع
قوله عليه السلام ( وَبَعُدَ عَنْ لَحَظاتِ الْعُيُونِ(
هنا بيان لعدم إمكان مشاهدته سبحانه بالعين الباصرة ، إذ لا يمكن
ذلك بالنسبة إليه سبحانه لا ستلزام الرؤية تحديد المرأي و حصره
في جهة معينة من الجهات ، و هذا كله من لوازم الجسمانية للشيء
المرئي أيضاً التي لا بد لها من اشغال حيز.
قال تعالى " لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار " الانعام ( 103 )
نتيجة
إن رؤية الله بالعين الباصرة مستحيلة ، لأن هذه العين لا ترى خلقت
لترى الأشياء المادية و الله سبحانه و تعالى يتجلى عن ذلك
الدرس العاشر
قوله عليه السلام ( وَعَلِمَ بِما كانَ قَبْلَ اَنْ يَكُونَ (
إن الله سبحانه و تعالى يعلم جميع الأشياء علماً شاملاً ، لا يخفى عليه
شيء حتى أسرار القلوب ، و خواطر الأفكار يعلمها قبل حدوثها كعلمه
بها بعد حدوثها .
قال أمير المؤمنين ( ع( قد علم السرائر ، وخبر الضمائر ، له الإحاطة بكل شيء
ــ يقول الحكيم السبزواري ، في شرح هذه الفقرة :
" ليس المقصود التخصيص بما كان في الماضي بل المعنى :
هو تعالى عالم بالكائن قبل كونه ، سواء كان ما كان ، أو ما يكون في الحال
، أو في الاستقبال ، لأن الأفعال المنسوبة له جل شأنه منسلخة من الزمان ،
بل المقصود بالكون ما يراد في الوجود "
و يكون التقدير في هذه الفقرة:
" يا من هو عالم بالموجود في جميع مراحله الماضية و الحالية و الاستقبالية "
نتيجة
من صفات الله سبحانه علمه بجميع الأمور ( ماحدث و ما يحدث و ما سيحدث )
الدرس العاشر
قوله عليه السلام ( يا مَنْ اَرْقَدَني في مِهادِ اَمْنِهِ وَاَمانِهِ(
معاني الكلمات :
الأمن : اطمئنان القلب و سكون النفس
الأمان : الحراسة و الكلاءة
الشرح
بدأ الامام علي (ع) بذكر نعم الله ، و بدأها بذكر هذه النعمة و هي
نعمة النوم ، حيث قدر الله لهذا البدن المتعب أن يهدأ أو يطمئن فينام
هادئاً مطمئناً ( هو الذي جعل لكم الليل لتسكنوا فيه و النهار مبصراً (
يقول الحكيم السبزواري :
" الفقرة من باب التمثيل لرأفته و شفقته ، فإنه أشفق بك من الأم الشفيقة
... فقد مثل رأفته و عطوفته بحال أم شفيقة ، أو أب رحيم ينيم الولد في المهد
مراقباً ، محارساً له ."
نتيجة
1ــ النوم نعمة عظيمة من الله على عباده و ذلك مظهر لرحمته و رأفته بخلقه .
2ــ علينا أن نشكر الله على هذه النعمة حين النوم و في كل الأحوال .
الدرس الحادي عشر
قوله عليه السلام ( وَاَيْقَظَني اِلى ما مَنَحَني بِهِ مِنْ مِنَنِهِ وَاِحْسانِهِ (
معني الكلمات
المنحة : العطاء
المنن : جمع المنة ، أي النعمة
الشرح
يقول الحكيم السبزواري :
" أي نبهني عن سِنة الغفلة حتى صرت شديد التوجه إلى
ما جاد عليَّ به ، منذ أول عمري من عطاياه ، فحاسبت
ووازنت بين طاعتي القليلة و مِنَنِهِ الكثيرة ، و تفضلاته
الجمة الغفيرة .
و حسَّن تربيتي بأن عدَّلني و سوَّاني ... و نفخ فيَّ من
روحه . و ألهمني مصالحي حيث كنت في الظلمات
الثلاث و بعدها ، و ألقى في قلب الأم من رحمته و عطوفته .
و لولا أن الرحمة من عنده ، لما سلب فيها الراحة و الدَّعة
للاشتغال بحضانتي و لما أثرتني على نفسها ، وهكذا و كًّل
عليَّ جماَ غفيراً و عدداً من الأسباب خطيراً ( أي عظيماً(
لحفظي و كلاءتي ، حتى بلغت أشُدي ، فوفقني لمعرفته
و الإيمان به علماً و إيقاناً ، و شهوداً ، وعياناً ، حتى نوَّه
باسمي في الملأ الأعلى ، كما جاء في دعاء أبي حمزة
" فيا من رباني صغيرا ، و نوَّه باسمي كبيرا "
و بالجملة ، فوجدت طاعتي في جنب نعمه و آلائه كقطرة
ببحرٍ لجيٍّ ، بل لاشيء في الحقيقة ، لأن الطاعة أيضاً
بتوفيقه و قوته ، كما قال تعالى :
" قل لا تمنوا علىَّ إسلامكم بل الله يمنُّ عليكم أن هداكم للإيمان "
فالكل من مننِه و إحسانه "
الدرس الثاني عشر
قوله عليه السلام ( صَلِّ اللّـهُمَّ عَلَى الدَّليلِ اِلَيْكَ فِي اللَّيْلِ الاَْلْيَلِ )
معاني الكلمات :
الدليل : المرشد ، وما به يقوم الإرشاد
الليل الأليل : ليل شديد الظلمة ، و يستعمل في المبالغة كمل يقال : ظل ظليل ، أي مكثف
الشرح
إن من آداب الدعاء ذكر النبي (صل الله عليه و آله ) و ذكر آله ( عليهم السلام (
بالتمجيد و التعظيم ، و الصلاة عليه و عليهم في مقدمة الدعاء لضمان الاستجابة
و الدليل إلى الله هو رسول الله (ص) و فد طلب الامام (ع) من ربه أن يصلي عليه
كما قال تعالى:
) إن الله و ملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه و سلموا تسليما( الاحزاب ( 56 (
و تمثل هذه الجملة جهاد النبي (ص) في الظروف و الفترات المظلمة التي مرت
بها الدعوة الإسلامية ، و ما لقي فيها من مشاق لم يتحمله قبله أي نبي و لا رسول و قد كنَّى الدعاء هذه الفترة بالليلة المظلمة ، و طبيعي أنه (ص) كان علماً يدلهم
على الله و يدعو إليه ، و يرشدهم إلى سننه و أحكامه .
فقد بالغ النبي (ص) في النصيحة ، و مضى على الطريقة (المستقيمة ) و دعا
لربه بالحكمة و الموعظة الحسنة .
الدرس الثالث عشر
قوله عليه السلام ( وَالْماسِكِ مِنْ اَسْبَابِكَ بِحَبْلِ الشَّرَفِ الاَْطْوَلِ (
تشير هذه الجملة لصفة أخرى كان يمتاز بها رسول الانسانية ، فهو
متمسك بسببٍ من الأسباب التي توصل إلى الله و التي تعتبر من أشرف
الأسباب و أعلاها . و الحبل المتمسك به هو القرآن المجيد ، و قد وصفه بالأطول لأنه متطاول على بقية الكتب السماوية ، و الشرائع الإلهية ، و لبقائه دستوراً يقارع الزمن إلى يوم يبعثون . و قيل : إن هذا الحبل هو الدين الإسلامي .... فهو (ص) ماسك بهذا الشرف ، لأنه القيم على تنفيذه ، المبلغ له للناس أجمعين .
و قد استعملت كلمة الحبل في كلا هذين السببين الكتاب و الإسلام ففي الكتاب
جاء قوله تعالى( و اعتصموا بحبل الله جميعاً و لا تفرقوا(
و قد فسر فسر حبل الله في هذه الآية بالإسلام و قد ورد في الأخبار أن القرآن
حبل الله الله ممدود من السماء إلى الأرض ، و في خبر آخر :
" هو حبل الله المتين " ويراد ب عهده و أمانته .
و جاء عن أبي سعيد الخدري أن النبي (ص) قد قال :
" أيها الناس إني قد تركت فيكم حبلين : كتاب الله ممدود من السماء إلى الأرض
و عترتي أهل بيتي ألا و إنهما لن يفترقا يردا علي الحوض "
و إنما شبه القرآن بالحبل لأن التمسك به سبب للنجاة .
يتبع
اختكم .... نور علي[/align][/grade]
المفضلات