الفصل الخامس والاخيييير :

في عيادة الدكتور (محمد)..
حيث أنهى إطلاعه على ملف مريضة،،
أمال برأسه لـ (حلا) بأن اتبعيني وهو يتجه خارجاً من مكتبه..
تبعته وبرفقتها هاتفها المحمول..
فقد أصبح شغلها الشاغل بعدما امتلأ صندوقه الوارد من رسائل الرقم المجهول..
وصلا لغرفة المريضة المقصودة..
وأخذ الدكتور يفحص المريضة بينما ( حلا ) التهت بهاتفها.. قامت بالضغط على أزراره..
وفجأة!
رن هاتف الدكتور!؟ توقف عن عمله ليتناول هاتفه من جيب معطفه..
وما إن وقع بصره على اسم المتصل حتى احمر وجهه.. اضطرب للحظات وحاول إخفائه..
وبسرعة اقفل جهازه وتابع عمله بعقل شارد...
وانتهى من تسجيل ملاحظاته وغادر الغرفة دون أن يعير (حلا ) أي التفاته..
تبعته ( حلا ) حتى إذا وصلا لمكتبه الخاص..
جلست (حلا) قبالة الدكتور..حتى استغرب منها ذلك.. فابتدأت :
- دكتور.. أيمكن أن أعرض عليك مشكلتي؟..
بدا هادئاً وطبيعياً:
- تفضلي..
_ في هذه الأيام والأيام القليلة الماضية.. تزعجني رسائل ترد لهاتفي من رقم مجهول..
_...........
_ وحاولت اليوم ولأول مرة افعلها.. الإتصال على ذلك الرقم لكنني لم ألقى أي جواب..
_ وماذا أستطيع أن أفعل لكِ؟.
- لو سمحت.. حاول الاتصال على ذلك الرقم من هاتفك فربما نلقى رداً..
- حسناً.. أملي عليَّ الرقم..
ففعلت وأجرى الاتصال.. وماهي إلا ثوان حتى أقفل الخط وهو يقول:
- الرقم مشغول!
فابتسمت:
- شكراً.. سأحاول أنا الاتصال الآن..
حاول أن يمنعها لكنه تراجع فقال:
- كما تشائين..
واتصلت..ثم أقفلت الخط وهي تقول:
- فعلاً..الرقم مشغول..
وسادت لحظات صمت..(حلا ) مشغولة تفكر..
والدكتور مندهش متردد..
بادرها بقوله:
- هل لي بسؤال يا (حلا ) ؟
- اسأل ما شئت....
- ما سر عرضكِ مشكلتكِ عليَّ.. بالرغم من انك سابقاً منعتني من التدخل في أموركِ الشخصية..
- فقط .. أحببت معرفة صاحب أو صاحبة الرقم..
فعندما اتصلت لم ألقى أي جواب فقلت ربما ألقاه عندما اتصل على نفس الرقم من هاتف آخر..
وأنا باستطاعتي أن أطلب من أحد والديَّ أو أختي ذلك لكنني فضلت ذلك الآن..!
*************

وفي منزل الدكتور محمد بدا يصارع هماً دفيناً..
يدور في غرفته ذهاباً وإياباً ..
يتوقف ..
يتطلع أنحاء الغرفة ..
ثم يدور من جديد ..
يشبك أصابع يديه ليخبئهما خلف رأسه .. دوامة من الأفكار.. ولا يعرف ماذا عليه أن يصنع ،، يتوقف فجأة!ليبتسم قائلاً:
- سأحسم الأمر وابدأ المواجهة!....
وقصد الدكتور محمد بيت ( حلا) ..
دق الجرس لتجيبه الخادمة:
- نعم...
- السلام عليكم
- وعليكم السلام..
- والد ( غلا ) موجود؟
- نعم .. تفضل ...
ففتحت له الباب أن تفضل .. فرافقته إلى غرفة الضيوف الخاصة بالرجال..
واستأذنته لتنادي صاحب البيت...
وماهي إلا ثوانٍ حتى تقدمت الخادمة ( تناكا ) بكوب من العصير،، بدت منهكة .. في حيرة..
قدمته إليه:
- تفضل ياسيد..
فقال مازحاً:
- بل قولي يا دكتور..
وما أن أتم كلماته حتى استبشرت وقالت:
- فعلاً ؟ أنت دكتور؟؟!
رد مندهشاً من ردة فعلها:
- نعم.. أنا الدكتور محمد...
- أهلا وسهلاً .. هل تستطيع مساعدتي؟
- على الرحب والسعة..
- أريدك أن ترشدني إلى طبيب الأمراض النفسية..
- خيرٌ إن شاء الله لعليّ استطيع مساعدتكِ..
- في الحقيقة .. لست أنا من أحتاج لذلك وإنما.....
- من؟..( قالها بانزعاج )
فردت وهي تتلفت خائفة:
- أخشى أن يأتي سيدي الآن...
- تكلمي لا عليكِ..
- في الحقيقة.. آنستي ( حلا ) تعاني من قصة حب قديمة ما زالت تتألم لها حتى الآن..
فقال وهو يزدرد ريقه:
- كيف ؟ أنا لم أفهم ...
- لديها صورة فوتوغرافية مع طفل.. التقطت لها منذ سنين.. وهي ما زالت تتذكر الطفل كما لو كان شاباً قريباً منها..
- وكيف عرفتِ ذلك؟
- حلا لاتخفي عني شيء وهذا من ضمن الأسرار التي أودعتني إياها..
وأنا لم أبح بهذا لأحد سواك أملاً في أن تدلني على دكتور يحاول تبديد ما هي فيه..
- إنه شيء طبيعي.. أن ترسم لها أحلاماً وأن لا تغيب عنها ذكريات الماضي..
- لكنها تبكي كلما تأملت الصورة حتى تودعها في كل مرة قبلة خالصة من الأعماق..
سكت للحظات ثم أردف:
- هل أستطيع رؤية الصورة؟!
فأخرجت له من جيبها الصورة وناولته إياها..
فما أن وقع بصره عليها حتى رفع حاجبيه مستغرباً..
ووصلهما وقع أقدام قادمة إلى المجلس فخطفت الصورة منه بسرعة ،، وخبأتها وخرجت بسرعة ،، حيث كان والد (غلا)قادماً..
رحب بالدكتور..
حتى استقر بهما المقام.. وخاضا أحاديث شتى...


******وبعد أيام******

في عيادة الدكتور محمد..
قدمت ( حلا ) متأخرة وآثار النوم القليل بادية على عينيها..
سلمت وكأنها متوقعة السيل الهادر من اللوم بسبب التأخير..
رد الدكتور محمد السلام بجدية مفتعلة:
- وعليكم السلام ، لم تأخرتِ؟!..
- انشغلت البارحة بأمور جعلتني أنام في وقت متأخر وهذا ماجعلني استيقظ متأخرة..
- وماذنب العمل هنا ؟! من المسؤول عن تأخيركِ.....
-...............
- أجيبيني ...
(قالها بحده وهو يضرب على الطاوله بقوه)
انتفضت صامته..
- أجيبي والا حسمت نصف مرتبكِ هذا الشهر..
- البارحة .. البارحة كان عيد ميلادي..
وهذا ما.......
فهدأت نبرة صوته:
- كل عام وانتِ بخير ..
مازالت عينيها ملازمتان الارض..
- قلت .. كل عام وانتِ بألف خير
فشهقت ببكائها .. استغرب منها ذلك
فقال:
- هل قسوتُ عليكِ ؟؟
مازالت مستمرة في بكائها الصامت وهي تمسح دموعها ..
فقام متوجهاً
إلى الباب :
- سأتركك الآن ريثما تهدئين..
فخرج للحظات ثم دخل ليرى ( حلا ) جالسه بهدوء.. فبتسم وهو يتوجه إلى مكتبه جالساً..
فابتدأ:
- لدي إليكِ شيئان .. احببت ان اهديهما لكِ في هذا اليوم خصيصاً..
- ولماذا في هذا اليوم ؟ وبأي صفة؟
- لاتنزعجي كثيراً.. فان أريتكِ إحداهما ربما شفعت لي بأن أُريكِ الأخرى..
أشعلت الكلمات في نفسها الحماس فقالت بشبه تردد:
- هات مالديك..
فأخرج لها صورة فوتوغرافية لطفلان أمام شاطئ البحر.. شهقت وهي تمسك بها قائلة:
- من أين لك هذه؟.. كيف وصلت إليك؟..و.....
فقاطعها:
- رويدكِ.. على مهلكِ ..
أيمكن أن تخبريني عن هذين الطفلين؟..
ردت وقد اغرورقت عيناها بالدموع:
- هذه أنا.. وهذا.. هذا رفيق الطفولة...
- من هو؟ هل تعرفينه الآن..
- لا.. ليتني أعرفه....
- مالذي يجعلكِ تفكرين به طوال هذه السنين؟!...
- لقد أحببته وأنا مازلت طفلة.. رافقني حبه في صباي وشبابي.. وحتى الممات ..
(قالت جملتها الأخيرة وهي تتنهد)
- إذا دللتكِ عليه فبأي شيء تجازينني..
- اطلب مني ما تريد.. فقط أريد رؤيته
- اطلب ما أريد.. آآ..أي شيء؟..
- أي شيء!..
- توافقين على الزواج مني..
- مـــــــــــــــــاذا؟!!...
- هل ستتراجعين في كلامكِ؟
- وكيف ستجعلني أراه..
- هاهو أمامكِ!!!!!
ففغرت فاها.. ثم قالت:
- ماذا؟
فرد مؤيداً..
نعم هذا أنا..(محمد)..
ذاك الصغير الذي أودعك سر كلماته في المطار و.....
- لا.. لاأصدق ما أسمع .. كيف يحدث هذا...
- حادثني إحساسي بأن شكلك ليس غريباً عليَّ ..
ومنذ أيام شاهدتُ الصورة واكتشفتُ أن لدي نسخةً منها التقطها والدي ..
عندها..
تيقنت أن ( حلا ) التي في الصورة هي ذاتها التي أمامي...
- لا أكاد أصدق.. أيعقل هذا؟.. كيف!...
- ولديَّ أيضاً شيء آخر...
- ماهو؟
فاخرج باقة ورد فخمة قدمها إليها قائلاً :
- كل عام وأنتِ بألف ألف خير..
ابتسمت قائلة:
- آسفة .. لا أستطيع قبولها..
- بل ستقبلينها لأنكِ الآن خطيبتي...
- من قال هذا الكلام؟
- أنــــــا.. لأنني حادثتُ والدكِ في الموضوع وقال أنه سيعرضه عليكِ وقتما تسمح الظروف..
فأنزلت رأسها صامتة ..
فقال:
- على فكرة .. خادمتك ( تناكا ) لا تكتم الأسرار إياكِ أن تبوحي لها بسر بعد الآن..
فاستفهمت قائلة:
- وما أدراك بـ (تناكا) وأسراري المودعة لديها؟!
- تلك قصة طويلة سأخبركِ بها ليلة عقد زواجنا ...
- ومن أخبرك أنني سأوافق على الزواج منك؟...
_ بقاؤكِ حتى الآن بدون زواج....


***********************
تــــــمــــــــت