بسم الله الرحمن الرحيم
قال تعالى (وَإِذا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قالُوا آمَنَّا وَإِذا خَلَوْا إِلى شَياطِينِهِمْ قالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّما نَحْنُ مُسْتَهْزِئوُنَ، اللهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ)

سورة البقرة، الآيتان 14 و15.









(الحافظ) الحاكم الحسكاني (الحنفي) في شواهد التنزيل، قال: أخبرنا أبو العباس العلوي (بإسناده) عن مقاتل، عن محمد بن الحنفية قال: (


بينما أمير المؤمنين، علي بن أبي طالب قد أقبل من خارج المدينة، ومعه سلمان الفارسي، وعمّار، وصهيب، والمقداد، وأبو ذر، إذ بصر بهم عبد الله بن أُبَي بن سلول المنافق، ومعه أصحابه، فلما دنا أمير المؤمنين



قال عبد الله بن أُبي: مرحباً بسيّد بني هاشم وصي رسول الله، وأخيه، وختنه، وأبي السبطين، الباذل له ماله ونفسه





فقال (يعني علي): ويلك يا ابن أُبي أنت منافق، أشهدُ عليك بنفاقك.



فقال ابن أُبي: وتقول مثل هذا لي؟ ووالله إنّي لمؤمن مثلك ومثل أصحابك.



فقال علي: ثكلتك أُمّك ما أنت إلاّ منافق.





ثم أقبل إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) فأخبره بما جرى،



فأنزل الله تعالى: ((وَإِذا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا))



يعني: وإذا لقي ابن سلول أمير المؤمنين المصدّق بالتنزيل


((قالُوا آمَنَّا))



يعني صدّقنا بمحمد والقرآن



((وَإِذا خَلَوْا إِلى شَياطِينِهِمْ))


من المنافقين



((قالُوا إِنَّا مَعَكُمْ))


في الكفر والشرك



((إِنَّما نَحْنُ مُسْتَهْزِئونَ))


بعلي بن أبي طالب وأصحابه.





يقول الله تعالى: ((اللهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ))


يعني يجازيهم في الآخرة جزاء استهزائهم بعلي وأصحابه (رضي الله عنهم)[5].





* * * * *





وروى نحواً منه الفقيه الحنفي، الموفق بن أحمد الخوارزمي في مناقبه.[6]







* * * * *



(وفي غاية المرام) عن تفسير الهذلي:





((اللهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ))



يعني يجازيهم في الآخرة، جزاء استهزائهم بأمير المؤمنين.


قال ابن عباس: وذلك أنّه إذا كان يوم القيامة أمر الله الخلق بالجواز على الصراط، فيجوز المؤمنون إلى الجنّة، ويسقط المنافقون في جهنم. فيقول الله: يا مالك استهزئ بالمنافقين في جهنم، فيفتح مالك باباً من جهنم إلى الجنّة، ويناديهم معاشر المنافقين هاهنا هاهنا فاصعدوا من جهنم إلى الجنّة، فيسبح المنافقون في بحار جهنم سبعين خريفاً، حتى إذا بلغوا إلى ذلك الباب وهموا الخروج أغلقه دونهم، وفتح لهم باباً إلى الجنّة من موضع آخر، فيناديهم من هذا الباب فاخرجوا إلى الجنّة، فيسبحون مثل الأول، فإذا وصلوا إليها أغلق دونهم، ويفتح من موضع آخر، وهكذا أبد الآبدين.[7]




[5] شواهد التنزيل، ج1، ص 72.

[6] المناقب للخوارزمي، ص196.

[7] غاية المرام، ص423.