صفحة 2 من 6 الأولىالأولى 1 2 3 4 ... الأخيرةالأخيرة
النتائج 16 إلى 30 من 83

الموضوع: ..*.*.. مـذكـرات مخطـوبة..*.*..

العرض المتطور

  1. #1
    عضو ذهبي الصورة الرمزية ورد الياسمين
    تاريخ التسجيل
    May 2008
    المشاركات
    1,417
    شكراً
    1
    تم شكره 0 مرة في 0 مشاركة
    معدل تقييم المستوى
    3398

    رد: ..*.*.. مـذكـرات مخطـوبة..*.*..

    الج ـزء (7)



    لم يكن عصام ليعطيني أية فرصة لأن أقلق وهو يطمئنني مبتسماً بين حين وآخر ونحن في سيارته.. بأني سأحب أهله كثيرا ..
    و ما طفق عصام يمدح أهله.. و يتفاخر بطيبهم .. حتى ارتحت لكلامه و اطمأنت نفسي نوعاً ما ..

    -" تفضلي يا عروسي الحلوة .. "
    كذا همس لي عصام و هو يقودني إلى داخل بيتهم .. وقد وضع يده على كتفي .. مما أشعرني بحرارة شديدة تنبع من موضع كفه ..
    استقبلنا والده الهرم عند المدخل .. و الذي كان بالكاد يستطيع الوقوف ..
    ثم عانق عصام عناقاً أبوياً حاراً .. أشعرني للوهلة بحنين جارف إلى والدي المتوفى منذ سنين طويلة ..
    ثم دار أبو عصام لي مرحباً مصافحاً ..و يا ألله لكم شعرت برجفة خفية تتسلل إلي و أنا أبداله المصافحة ..
    بل أن ما لفت نظري في الحقيقة و أنا أغرس يدي الناعمة في أحضان كفه الخشنة .. و التي أرهقتها السنون بلا شك .. و زحفت عليها تجاعيد الزمان المرة ..
    هو الفرق الكبير جدا بين يدي الناعمة جدا .. و يد عمي أبو عصام .. الضخمة جداً .. الخشنة جداً .. و كذلك الهرمة جداً ..

    " هل ستصبح يدي مثل يده يوما ؟! ..
    حفر الزمن عليها أثاره المرة .. لتتعمق التجاعيد عليها .. كعمق هموم هذا الهرم المسكين ..

    تنبهت من تفكيري هذا على صوت أم عصام و التي أسرعت باتجاهنا حال ما لمحتنا ..
    أم عصام امرأة كبيرة في السن أيضاً ..إلا أنها لا تزال تحتفظ بشيء من شبابها و قواها ,, و الأهم من هذا أن ابتسامة رائعة تكاد لا تفارق وجهها الحاني أبدا ً ! انحنى عصام ليقبل يدها .. في حين أنها أسرعت إلى ضمه إلى صدرها بكل قوة .. و طال عناقهما.. و قد تخلل إليه بشيء من الدموع و العبرات .. "مشهد درامي مؤثر .. أليس كذلك ؟! ..

    هييي.. يلا جففوا دموعكم .. و بلاش دموع ..! "
    قادتني أم عصام و هي تزغرد فرحة بي .. إلى حيث مجلس النساء ..
    بينما ودعني عصام بنظرة حانية منه .. و هو يتبع أباه إلى حيث مجلس الرجال ,,
    " و يا ألله !!!! ..لم أكن أبدا أتوقع كل هذا العدد من الوجوه تنتظرني في صالة النساء .."
    قفزت من بين المتواجدين هناك أخت عصام الوحيدة و من كانت تدعى سلمى .. لتقبلني مرحبة بي ..

    و سلمى هذه تكاد تقاربني في العمر ..أو هكذا خمنت .. لذا ارتحت لها كثيراً ..
    ثم بدأت سلمى معي مراسيم التعارف المعهودة في مثل هذه المناسبات..
    -" هذه خالتي منى .. و ابنتيها أحلام و منال .. و هنا عمتي .. و تلك ابنتها .. و تلك خالة أمي .. و هذه إحدى جاراتنا .. ""
    و لا تسألوني أرجوكم عن مدى معاناتي و أنا أتعرف على كل هذا الكم من الناس و الوجوه الجديدة .. تخيلوا معي جميع معارفهم و أهلهم في مرة !!

    "كنت أكرر اسم كل وجه أسلم عليه في أعماقي على أمل أنه سيتركز في أعماقي ,,
    لكن مستحيل أن أحفظهم جميعا ..حفظت ما حفظت من أسماء .. و تركت الباقي للزمن ..
    إذ لابد أني مع الأيام .. سأحفظهم يوما !!
    مرت مراسيم التعارف على خير ..
    و لله الحمد فإن جميع من سلمت عليهم و سلم علي كان لطيفاً معي .. مرحباً بوجه بشوش ..
    ما عدا تلك المرأة ذات الثوب الأزرق الداكن .. و الجالسة في تلك الزاوية .. و ابنتها تلك .. !!
    لست أتذكر ما صلة قرابتهن بعصام
    ..
    أمم .. أظنها خالته ..لا .. لا .. بل عمته..نعم عمته ..أم .. أم سلمان .. و ابنتها ما اسمها ..سهى .. منى ..
    أو ربما عـُلا !
    لست أستطيع في الواقع تذكر اسم ابنتها .. ليس مهما .. !
    و لسبب خفي انقبض قلبي لمرآهما .. بل في الواقع أن هم من بدأوا حرب النظرات ،،

    فعاملوني بنظراتهم بشيء من الجفاء .. أجهل كنهه !
    " لا يهمني أبداً هدف نظراتهم الغريبة تلك و سرها .. فالجميع عداهما رحب بي و أيما ترحيب ! .. لذا لا يهمني أسلوبهم القاسي الجاف هذا !! "
    هكذا حدثت نفسي و أنا أقنع نفسي تهميش عمة عصام و ابنتها ..!
    فأنا قد حزت على رضا و قبول الجميع سواهما .. و الأهم من الجميع هو عصام .. خطيبي !
    و لكن ما أعاد تفكيري إليهما مجددا بعد حين ..

    هو تلك النظرة الهازئة التي رمتني بها ابنة عمة عصام .. و هي تشير لي بإصبعها محدثة أمها بصوت أبعد من أن يصل إلى أذني ..
    لتنفجر ضاحكة هازئة في الدقيقة التالية ..
    أشعرني ضحكها هذا بأن هناك شيئا خاطئا في مظهري .. لذا رفعت يدي أعدل بها خصلات شعري المتموجة ..
    وحركتي البريئة هذه زادت من ضحكها الهازئ ..
    و زاد بالطبع من توتر أعصابي ..
    " ما بال هذه المرأة !! هل جنت ؟؟
    أم أن بي شيئاً مثيراً للضحك و السخرية إلى تلك الدرجة !! "
    و أنقذتني سلمى من توتري .. إذ تنبهت على ما يبدو لما يجري ..

    فتقدمت لتجلس إلى جواري هامسة لي ..
    -"دعك منها عزيزتي مرام .. فهي تغار منك .. !! "
    -( تغار مني ؟؟!! )

    عبارة سلمى هذه دارت في خلدي كثيرا و عصفت بوجداني ..فلما تغار مثلها مني .. و هي بالكاد تعرفت على للتو .. !!
    هكذا حدثت نفسي و أنا أشرد بنظراتي متسللة إلى حيث كانت هي ..

    مراقبة تصرفاتها و حركاتها الاستفزازية بطرف خفي ..
    " لا أهتم بها .. أنا لا أهتم .. "
    هكذا صرخت في أعماقي .. مؤكدة على تهميش التفكير في أمثالها !
    و أنقذتني منها سلمى و هي تحيطني بصديقاتها الرائعات .. ليتجاذبن معي شتى الأحاديث الراقية ..

    فقد تحدثنا في كل شيء بدءاً من الخطوبة و مسؤوليتها .. و انتهاءاً بالدراسة و مصائبها .. و وجود مثل هذه الثلة الرائعة التي تحيط بي .. أراحني نفسياً و صرف تفكيري عن ابنة عمة عصام .. و تصرفاتها السخيفة !
    امتدت بعد حين سفرة الغداء العامرة بكل ما لذا وطاب ..

    بل أن كل ما تتخيلونه من طعام كان هناك ..
    .." و يا ألله .. كل هذا الطعام على شرفي أنا و عصام ! "
    و مع أن عمتي أم عصام و سلمى قد اهتمتا بي كثيراً و أحاطتاني برعايتهما ,, و قد أجلساني إلى جوارهما على مائدة الغداء الممتدة ..
    إلا أني فقدت شهيتي إلى الطعام و أنا ألاحظ نظرات تلك العمة و ابنتها تحتويني متفرسة مراقبة ..
    و قد تعمدتا الجلوس أمامي ..كانت نظراتهما تحتويني و ترصد علي كل حركة أقوم بها ..
    ربما ليسجلوها في تقرير سيرفعونه عني إلى من لست أدري فيما بعد ..
    و مع توتري الشديد ..
    إلا أني حاولت قدر الامكان أن أضبط زمام أعصابي ..
    و أن لا أهتم لمثل هذه التصرفات ..
    و ما أثار ضحكي الصامت هو انقلاب الموقف عليهما ..
    إذ أنني و بنظرة صارمة عميقة مني .. احتويتهما و قد أثارت تصرفاتهما سخطي و حنقي ..
    ارتبكت الابنة كثيراً ..

    لدرجة أن كأس العصير الذي كان في يدها قد اضطرب لاضطرابها .. لينسكب محتواه على ثوبها القصير و الذي كان في الواقع يكشف أكثر مما يستر !
    اعذروني لمثل هذا الوصف ..

    فمنظر كليهما مثيراً للسخرية .. بل ربما الشفقة !



    لي عوده


    اِلـهي هَبْ لي كَمالَ الانْقِطاعِ اِلَيْكَ،
    وَاَنِرْ اَبْصارَ قُلُوبِنا بِضِياءِ نَظَرِها اِلَيْكَ،
    حَتّى تَخْرِقَ اَبْصارُ الْقُلُوبِ حُجُبَ النُّورِ فَتَصِلَ اِلى مَعْدِنِ الْعَظَمَةِ,
    وتُصيِر ارَواحنَا مُعلقةُ بعزِّ قُدسِكً.



    [ يا مولاتي يا فاطمة أغيثيني]






  2. #2
    عضو متميز الصورة الرمزية آنسة دراقة
    تاريخ التسجيل
    Apr 2008
    الدولة
    في بيت العز يا بيتنا
    المشاركات
    375
    شكراً
    0
    تم شكره 0 مرة في 0 مشاركة
    معدل تقييم المستوى
    235

    رد: ..*.*.. مـذكـرات مخطـوبة..*.*..

    والله القصة رووووعة



    بالأنتظاار

  3. #3
    عضو متميز الصورة الرمزية ..انين الروح..
    تاريخ التسجيل
    Aug 2006
    الدولة
    في قلب جروحي
    المشاركات
    307
    شكراً
    0
    تم شكره 0 مرة في 0 مشاركة
    معدل تقييم المستوى
    236

    رد: ..*.*.. مـذكـرات مخطـوبة..*.*..

    تسلم اناملك اختي ورد الياسمين علي النقل الرائعه
    واتمنى منك التكمله
    تحياتي

  4. #4
    عضو فعال الصورة الرمزية آسوآآر الآلــمـ
    تاريخ التسجيل
    Jul 2008
    الدولة
    سيهات .. ريحة أهلي ،،
    المشاركات
    55
    شكراً
    0
    تم شكره 0 مرة في 0 مشاركة
    معدل تقييم المستوى
    207

    رد: ..*.*.. مـذكـرات مخطـوبة..*.*..

    جميل أختي

    ننتظر الأجزاء الجاية

    الله يعطيكـ العافية ،،

    أختكـ ..

    _____________

  5. #5
    عضو فعال الصورة الرمزية نسمات السحر
    تاريخ التسجيل
    May 2008
    الدولة
    في خلايا دمهـ
    المشاركات
    55
    شكراً
    0
    تم شكره 0 مرة في 0 مشاركة
    معدل تقييم المستوى
    209

    رد: ..*.*.. مـذكـرات مخطـوبة..*.*..

    ننتظر

    مو تطولي

    عجبوني المذكرات كثير غاليتي

  6. #6
    عضو ذهبي الصورة الرمزية ورد الياسمين
    تاريخ التسجيل
    May 2008
    المشاركات
    1,417
    شكراً
    1
    تم شكره 0 مرة في 0 مشاركة
    معدل تقييم المستوى
    3398

    رد: ..*.*.. مـذكـرات مخطـوبة..*.*..

    أنين الروح





    عزف الرموش





    آسوآآر الآلم





    نسمات السحر





    شاكرة لكن جميعاً مروركن،،





    واتمنى لكن متابعة طيبة





    كما وعدت سأدرج لكن اليوم جزئين





    لي عودة،،





    دمتن عزيزاتي بجمال أرواحكن





    اِلـهي هَبْ لي كَمالَ الانْقِطاعِ اِلَيْكَ،
    وَاَنِرْ اَبْصارَ قُلُوبِنا بِضِياءِ نَظَرِها اِلَيْكَ،
    حَتّى تَخْرِقَ اَبْصارُ الْقُلُوبِ حُجُبَ النُّورِ فَتَصِلَ اِلى مَعْدِنِ الْعَظَمَةِ,
    وتُصيِر ارَواحنَا مُعلقةُ بعزِّ قُدسِكً.



    [ يا مولاتي يا فاطمة أغيثيني]






  7. #7
    عضو ذهبي الصورة الرمزية ورد الياسمين
    تاريخ التسجيل
    May 2008
    المشاركات
    1,417
    شكراً
    1
    تم شكره 0 مرة في 0 مشاركة
    معدل تقييم المستوى
    3398

    رد: ..*.*.. مـذكـرات مخطـوبة..*.*..

    الج ـزء (8)


    و لم أسلم منهما بعد الغداء أيضاً..
    فقد تعمدت العمة أن تخلق حواراً جافاً بيني و بينها ..
    -" مرام .. ماذا تدرسين ؟!! "
    -" هندسة حاسوب .. في سنتي الأخيرة .. "

    -" ابنتي تدرس الطب .. و ستصبح دكتورة بعد سنتين .. "
    -" أووه ،، ما شاء الله .. بالتوفيق ! "
    -" مرام .. كم عمرك ؟! "
    و مع تورد خدي لمثل هذا السؤال و الذي جاء على أسماع الجميع ..
    إلا أني لم أكن لأخفي عمري أبداً كما الأخريات ..

    فالإنسان لن يعمر أبداً أكثر من عمره المكتوب له !
    -" اثنان و عشرون عاما .. "
    -" ابنتي عمرها عشرون سنة ! "
    و على الرغم من التناقض الواضح بين عمر ابنتها و تخرجها بعد سنتين من الطب ..

    أو لنقل بين عمرها المفترض و بين تلك التجاعيد الخفية التي كانت تحت عينيها .. و التي تعطيها من العمر على أقل تقدير.. ثمان و عشرين سنة !
    إلا أني رددت عليها و بنبرة حاولت قدر الامكان أن تكون هادئة مصدقة نوعا ما ..
    -" العمر كله يا رب ! "
    " و ماذا بعد ؟!!

    هل هناك مزيدا من المقارنات بيني وبين ابنتك المصون ؟!!"
    هكذا همهمت بيني و بين نفسي ..

    و ما أنقذني بالفعل منهما هذه المرة هو نداء أم عصام لي .. لتخبرني أن عصام يريدني في الصالة !
    أسرعت إلى عصام..

    و لا أخفيكم أن شيئا من الشوق قد انتابني فجأة .. و أنا لم أغب عنه إلا منذ ساعتين فقط !
    -" إدارة العمل في الشركة تريدني لأمر مهم ،، و يتحتم علي الذهاب فورا ! "
    -" أو لست في إجازة ؟! "
    سألته و قد زحف العبوس تلقائياً على نظرات وجهي !
    -" نعم عزيزتي .. لكنه أمر مهم كما أخبرتك ! "
    ( عزيزتي )
    إنها المرة الأولى التي يناديني فيها عصام بعزيزتي !

    لذا ابتسم كياني كله و هو يتلقى ببطء تأثير هذه الكلمة السحرية عليه.. و التي أنستني بالفعل الجميع عداه .. و بين الجميع كانت العمة و الابنة أيضاً !!
    -" أهااا .. ! إذن ستذهب و ستتركني هنا ! "
    -" لا بل سأوصلك في طريقي إلى بيتكم .. لأني ربما سأتأخر قليلا ً ! "
    -" لحظة ..أو لسنا قد قررنا العشاء الليلة في الخارج في أحد مطاعم العاصمة ؟!! "
    -"ليلة غد إن شاء الله .. اعذريني مرام .. فشغل طارئ .. "
    و مع تكدري قليلاً لانشغال عصام الطارئ.. و اضطراره المفاجئ للذهاب إلى الشركة و تركه إياي لوحدي ..

    و خلفه لموعد العشاء الأول .. و كل هذا و نحن لا نزال في ثاني أيام الخطوبة ..إلا أن ما باليد حيلة ..
    أمر طارئ كما يقول .. لذا الله يستر !
    عدت أدراجي إلى البيت ،،

    و قد أنزلني عصام على أعتاب البيت .. و تعذر عن الدخول لإلقاء التحية على أمي على الأقل ..
    وقفت لبرهة من الزمن .. و أنا أتأمل سيارته الزرقاء المسرعة و هي تشق طريقها في الشارع باتجاه بعيد جدا عني !
    ثم ولجت إلى داخل الدار ..

    هناك لم أرغب برؤية أي أحد بعد أحداث اليوم السريعة .. و بعد لقائي الأول المربك جدا مع أهله .. و مع عمته تلك و ابنتها المعقدة !
    و من ثم ترك عصام لي .. و تعذره بشغل طارئ .. يؤثره علي .. و أنا خطيبته العزيزة كما ناداني !
    و بمجرد وصولي في حلبة التفكير إلى كلمة عزيزتي هذه .. تسلل رغم القهر الذي كان يكتنفني شيء من ابتسامة رسمتها على وجهي .. و أنا أتذكر وقعها الخفي علي !
    مر الوقت بطيئاً جداً .. و أنا لا زلت رهينة غرفتي .. لا زلت أرفض الاحتكاك بأي كائن كان ..
    و عيناي تكاد لا ترتفعان عن هاتفي ( الموبايل )..
    و الذي كنت أتوقع رنينه في أي لحظة .. وفاءاً لوعد عصام إياي باتصال.. حال ما ينهي شغلته الطارئة تلك !
    لكن لا زال الهاتف صامتاً ..

    و عقارب الزمن تشير إلى ما بعد الحادية عشر بقليل ! ..
    و لكأن أمي الحبيبة قد شعرت فعلاً بمدى معاناتي ..

    لذا اعتلت طرقاتها باب غرفتي .. و لم يتسنى لها النوم كعادتها دون أن تطمئن علي..
    فتحت لها الباب .. حيث تسمرت مكاني .. و قد جمدت دون حراك ..
    و لكأن هموم الكون كلها قد تفجرت في أعماقي .. و في سبيلها إلى الانفجار خارجاً ..
    لذا .. و من دون سابق إنذار .. رميت نفسي في أحضان أمي ..
    و شرعت في بكاء عنيف ..
    و اضطربت أمي لحالتي هذه .. لذا احتوتني بكل ما لديها من أمومة و قوة ..
    ثم حاولت قدر الامكان أن تهدئني .. إلا أنه لا جدوى !
    فعندما تبكي مرام .. فإنها لا تبكي إلا للأمور الجسام ! .. و عندما تبكي مرام .. فإنها تبكي بكل قوة الألم التي تشعر به ..!
    -" خير يا ابنتي .. ماذا هناك ؟! "
    و لا جواب.. فقط مزيداً من الدموع و البكاء ..
    -" ابنتي .. حبيبتي .. ماذا هناك ..؟؟!!
    هل ضايقك عصام ؟؟! .. أو أهل عصام !! "

    و تطرق سؤال أمي إلى عصام زاد من حدة بكائي ..و من بين خلجات دموعي صرخت ..
    -" سأنفصل عن عصام .. لست أريده ! "
    -" ها ؟؟!!!!!!! "
    -" نعم .. سأنفصل .. فلا أريد أن أكون مخطوبة بعد اليوم ! "
    -" مرام .. ابنتي .. حبيبتي .. ماذا حدث لك مع عصام !! "
    -" الخطوبة فقط مزيداً من الارتباطات و المسؤوليات و الهموم .. و التي أنا في غنى عنها ! ..كما أن .. أن ..أن عمة عصام لا تحبني !! "
    صمتت أمي و قد انفرجت شفتاها عن ابتسامة باهتة ..
    -" حبيبتي .. و هل تزوجت أنت عصام أم عمته ؟؟!! .. ثم و ما يدريك أنها لا تحبك .. بإمكانك كسب محبة الجميع و احترامهم بأسلوبك الرائع يا ابنتي .. و أدبك الجم و أخلاقك الرفيعة .. "
    -" عصام أيضاً لا يحبني .. إنه يحب شغله أكثر مني ! "
    هنا أمي ضحكت .. بل ضحكت كثيراً علي .. حتى اغرورقت عيناها من الدمع
    -" أمااااه .. لما تضحكين .. إنه لا يحبني و الدليل على هذا أنه لم يتصل بي كما وعدني .. "
    قلت عبارتي هذه و أنا أرفع هاتفي ( الموبايل ) أمامها .. و لكأن حركتي هذه لتتأكد فقط من صدقي ..
    -" حبيبتي .. إياك و أن تغاري من شغله .. إذ أنه لا جدوى أبدا ً من هكذا غيرة!"
    -" لكنه لم يتصل بي حتى الآن .. الساعة ستتجاوز الثانية عشرة .. و لم يتصل السيد عصام بعد !
    سأنفصل !!!!!! "
    عبست أمي في هذه اللحظة .. و هي تهمهم لي ..
    -" أعذريه يا ابنتي .. فلعصام مشاغله في الحياة أيضا ً .. سيتصل بك لاحقاً أنا متأكدة .. ! "
    -" إذا لم يتصل بي الليلة كما وعدني .. فإني سأنفصل عنه .. لأنه رجل لا يحترم وعوده ..
    و رجل لا يحترم وعوده .. لست أفخر أبداً بالارتباط بمثله ! "




    .. للحديث بقيه ..
    اِلـهي هَبْ لي كَمالَ الانْقِطاعِ اِلَيْكَ،
    وَاَنِرْ اَبْصارَ قُلُوبِنا بِضِياءِ نَظَرِها اِلَيْكَ،
    حَتّى تَخْرِقَ اَبْصارُ الْقُلُوبِ حُجُبَ النُّورِ فَتَصِلَ اِلى مَعْدِنِ الْعَظَمَةِ,
    وتُصيِر ارَواحنَا مُعلقةُ بعزِّ قُدسِكً.



    [ يا مولاتي يا فاطمة أغيثيني]






  8. #8
    عضو ذهبي الصورة الرمزية ورد الياسمين
    تاريخ التسجيل
    May 2008
    المشاركات
    1,417
    شكراً
    1
    تم شكره 0 مرة في 0 مشاركة
    معدل تقييم المستوى
    3398

    رد: ..*.*.. مـذكـرات مخطـوبة..*.*..


    الج ـزء (9)

    ضحكات هازئة كانت ترتفع بشدة ،،
    و قد إلتف حولي حشد كبير من الناس بملامح مرعبة ..
    بعضهم بأنوف معقوفة .. و آخرون بآذان كبيرة جداً .. و البعض الآخر كان لهم أنياب حادة بارزة .. أو عيون حمراء ثاقبة !
    كان الجميع يدور حولي و هو يقهقه بشدة .. و إذ بتلك العمة و الإبنة تظهران فجأة من بين الزحام .. و معهم كان عصام أيضاً !!

    العمة كانت تمسك بدلو كبير من الفخار .. اقتربت صوبي و هي تحمل تلك الآنية الفخارية بين يديها .. و ابتسامة هازئة مخيفة كانت عالقة على شفتيها ..و بدأت تسكب و هي تضحك بشدة محتويات الآنية على رجلي ..و إذ بعقارب لاسعة بدأت تزحف على قدمي .. !!

    ثم لكأن لكل عقرب من تلك العقارب كان يحمل إسماً معيناً ..فعقرب مثلاً يختص بابتساماتي و لكأنه يحاسبني على كم الإبتسامات التي وزعتها في أيام حياتي .. و آخر يختص بنظراتي .. و ذاك بحركاتي !

    عصام و الحشد كلهم بدأوا يضحكون لمنظري المرعب .. و هم يرون العقارب جميعها تزحف علي ببطء شديد ..إلا أن لا أحد منهم هب لنجدتي .. حتى ذاك المدعو عصام !
    ابنة عمة عصام اقتربت مني و هي تسحب عصام من يده.. ثم أتت إلي لتسحبني من شعري ..
    و ترميني بعدها على الأرض و قد أنشلت جميع أطرافي فجأة من سم العقارب الذي كان قد استشرى في جسدي .. و من هول الموقف أيضا !!


    و عند هذا الحد .. ارتفع أنين تلفوني المحمول .. لينبهني من نوم مزعج ..!!

    دار بصري في أنحاء الغرفة باحثة عن بقايا الكابوس فيها ..
    و قد وضعت كفي على صدري .. أحاول ضبط لهاثه المتسارع !!
    " يا الله .. الحمد لله إنه كان حلما ليس إلا .. يا كافي الشر .. كابوس و لا أفظع .. "

    و لم يكن عصام المتصل كما تتوقعون ..
    فتلك كانت ابنة خالتي صفاء .. تطمئن علي و قد اتصلت لها في الليلة السابقة أبكي لها حالي و تصرفات عصام اللا مسئولة .. و عمته و ابنتها ..
    و لأني حال ما سمعت صوتها شرعت في البكاء مجددا .. و لم أكن لأتوقف عنه أصلا طوال الليلة المنصرمة ..
    أصرت علي صفاء بالخروج معها إلى أي مكان لتغيير الجو .. و الترويح عن النفس ..
    و لأني كنت لا أزال لست أدري ما هو وضعي مع المدعو خطيبي ..
    و إن كان سيتصل بي اليوم أو سيمر علي ..أو أنه و كما على الأرجح قد نساني تماما و علقني على رف النسيان في ثالث أيام الخطوبة ..
    طلبت منها تأجيل الخروج إلى يوم آخر .. و لتأتي اليوم عوضاً عن خروجنا
    بهدف الزيارة ليس إلا و تناول الغداء معنا .. !

    بعد حين ..
    قررت النزول إلى الطابق الأسفل ..
    و قد قررت أن أجرب نصيحة صفاء لي بأن أمارس اليوم حياتي الطبيعية كما كنت أفعل سابقا .. و أتناسى عصام .. و هجرانه لي .. !
    لذا انطلقت أحتك بالناس مجدداً .. بعد أن حبست نفسي في غرفتي بسبب إنسان لم يفكر فيّ أصلاً .. فلما أفكر أنا فيه و أحبس نفسي لأجله !
    سأعيش كما كنت أعيش حياتي سابقاً ..
    أي قبل ثلاث أيام بالضبط .. و سأحاول العودة إلى حياة العزوبية مجدداً و إلى الحرية المطلقة !
    ابتسمت لمثل هذا التفكير الذي قد راق لي كثيراً ..
    لذا أسرعت إلى مائدة الإفطار .. حيث استقبلني أخي محمد بتحية الصباح المعهودة ..
    في حين أن أسماء كانت لا تزال نائمة .. و أمي في المطبخ ..
    طلبت من محمد أن يقوم من الكرسي المجاور إلى كرسي والدتي .. إلا أنه أبى أن يتحرك من مكانه !!
    و مع أني لم أكن أبداً في مزاج للتعارك ..
    إلا أنه و كما يقال أنه و في بعض الأحيان يكون الإنسان بحاجة ماسة إلى تفريغ الشحنات المضطربة في أعماقه على من يحب .. لذا أصررت على موقفي و على الكرسي !
    و إذ بنظرة عناد طويلة رمقني محمد بها أججت غضبي عليه ..
    لترتفع نبرة صوتي مطالبة بالكرسي ..
    و مع سخف الموقف و الذي لا يستدعي أبداً العراك أو حتى الشجار ..

    أصررت أنا و أصر هو .. و اشتد العراك بيننا .. لأبدأ في بكاء لا مبرر له !
    جاءت أمي مسرعة على صوت بكائي ..
    و بدأتنا ترويضنا فنهرت محمد و عنفته بشدة قبل حتى أن تدرك ما هي المعضلة و المشكلة الكبيرة جداً و التي سببت لي هذا البكاء ,،
    فقد كنت أنا ابنتها المدللة في جميع الحالات ..

    و كانت تميزني أمي على باقي إخوتي بشيء من الدلال ..
    و هذا ما أثّر كثيراً في نفس محمد ..
    الذي ارتسمت علامات الغضب و الاستياء الشديد من موقفها اتجاهه .. وتفضيل أمي إياي عليه ..
    -" لم أفعل بها شيئاً .. !! عروس لم و لن تكبر .. أنانية ,, و مستبدة !! "
    هكذا رد محمد على تعنيف أمي له ..
    و ترك بعدها مائدة الطعام ساخطاً هو الآخر و غاضباً أشد الغضب من موقف أمي السلبي منه دون أن يكون له أي ضلع في بكائي ..!!
    " عذراً محمد .. أنا جد آسفة .. "
    هكذا همست في نفسي و أنا أرقب غضبه الطفولي مني ..

    " يا الله.. ما لي متوترة و عصبية المزاج اليوم .. كل هذا لأجل عصام ..خير .. لم كل هذا يحصل لي !! "
    أريد استرجاع حريتي .. أريد أن أرجع إلى طبيعتي السابقة ..
    دون أن أشعر بأن مصيري مرتبط بإنسان ما .. أو إن إنسان ما قد ملك حياتي كلها ..
    هل ترى الخطوبة سجن و قيد كما أشعر بها ..أم أنها فترة وردية حالمة كما وصفوها لي بعض الكاذبين !! "
    و اشتدت نبرة بكائي و أنا لا زلت بين ذراعي أمي ..
    لألمح على أعتاب الباب وجهاً ملائكياً حانياً ..
    لا ليس عصام .. كفوا أرجوكم عن التفكير به و ربطي به في كل مرة ..
    فتلك الملائكية الواقفة على الباب كانت هي صفاء ..
    أغلى و أعز و أحلى ابنة خالة و صديقة لي ,, أسرعت لي صفاء .. و عيناها تتقدان بوميض الخوف الشديد المزدان بالمحبة الصادقة ..
    -" مرام .. حبيبتي .. ما بك .."
    -"عصام .."
    -" ما به ؟؟ "
    -" سأنفصل عنه .. "
    -" و ماذا سيقول عنك الناس يا مرام .. انفصلت عن زوجها في الأسبوع الأول لزواجها !! "
    -" و ليقولوا ما يقولون !! فلست ذا أكترث ! من تابع الناس مات هما .. "

    -" مرام .. أرجوك أعطيه فرصة .. البداية دوماً صعبة .. لكنك مع العشرة ستحبينه .. صدقيني ! "
    -" لا .. لن أحب رجلاً يتناسى خطيبته و وعوده و يؤثر عليها عمله و وظيفته!"
    -" أعطيه فرصة أرجوك .. و أنا مستعدة للسعي في تطليقك منه إن أثبت عدم جدارته بك .. "

    صمت ..إذ لم أجد أي عبارة أرد بها عليها ..
    فهل في رأيكم أن عصام يستحق فرصة ليثبت لي أنه نعم الزوج الصالح و الذي قد ارتضيت دينه و خلقه عندما تقدم لي ..
    أم أن عصام واحداً من الرجال ..و .. و الرجال جميعهم في نظري سواسية .. أي عديمي المشاعر و المسؤولية !
    " عذرا أخوني الرجال .. فتلك هي مجرد وجهة نظر ! "





    .. يتبـع ..
    اِلـهي هَبْ لي كَمالَ الانْقِطاعِ اِلَيْكَ،
    وَاَنِرْ اَبْصارَ قُلُوبِنا بِضِياءِ نَظَرِها اِلَيْكَ،
    حَتّى تَخْرِقَ اَبْصارُ الْقُلُوبِ حُجُبَ النُّورِ فَتَصِلَ اِلى مَعْدِنِ الْعَظَمَةِ,
    وتُصيِر ارَواحنَا مُعلقةُ بعزِّ قُدسِكً.



    [ يا مولاتي يا فاطمة أغيثيني]






  9. #9
    عضو فعال الصورة الرمزية آسوآآر الآلــمـ
    تاريخ التسجيل
    Jul 2008
    الدولة
    سيهات .. ريحة أهلي ،،
    المشاركات
    55
    شكراً
    0
    تم شكره 0 مرة في 0 مشاركة
    معدل تقييم المستوى
    207

    رد: ..*.*.. مـذكـرات مخطـوبة..*.*..

    جميل أختي

    الله يعطيكـ العافية

    موفقه ..

    ننتظر الجديد ،،
    ____

  10. #10
    عضو ذهبي الصورة الرمزية ورد الياسمين
    تاريخ التسجيل
    May 2008
    المشاركات
    1,417
    شكراً
    1
    تم شكره 0 مرة في 0 مشاركة
    معدل تقييم المستوى
    3398

    رد: ..*.*.. مـذكـرات مخطـوبة..*.*..

    اسوآآر الألم





    شاكرة لكِ تواصلكِ






    واتمنى لكِ متابعة ممتعة
    اِلـهي هَبْ لي كَمالَ الانْقِطاعِ اِلَيْكَ،
    وَاَنِرْ اَبْصارَ قُلُوبِنا بِضِياءِ نَظَرِها اِلَيْكَ،
    حَتّى تَخْرِقَ اَبْصارُ الْقُلُوبِ حُجُبَ النُّورِ فَتَصِلَ اِلى مَعْدِنِ الْعَظَمَةِ,
    وتُصيِر ارَواحنَا مُعلقةُ بعزِّ قُدسِكً.



    [ يا مولاتي يا فاطمة أغيثيني]






  11. #11
    عضو ذهبي الصورة الرمزية ورد الياسمين
    تاريخ التسجيل
    May 2008
    المشاركات
    1,417
    شكراً
    1
    تم شكره 0 مرة في 0 مشاركة
    معدل تقييم المستوى
    3398

    رد: ..*.*.. مـذكـرات مخطـوبة..*.*..

    الج ـزء (10)

    -"سأنتظر إلى المساء و إن لم يتصل عصام بي سأتصل بأخته سلمى لأستشف الأمر منها ..
    ها ما رأيك ؟! "

    هكذا حادثت صفاء في عصر ذلك اليوم ..
    و قد هدأت أعصابي قليلاً .. و ربما بدأت حينها التفكير فقط بعقلي ..
    على غير عادة النساء ..
    -" و لما لا تحادثينها الآن ! .. فلربما بالفعل قد طرأ أمر ما على عائلة عصام منعه من الاتصال بك .. !
    ثم لتريهم أنك جد مهتمة بهم و لأخبارهم .. و ما إلى ذلك .. "

    سرحت إلى ما وراء كلمات صفاء ..
    ففي واقع الأمر لكم أرعبتني جملتها الأخيرة .. فيا ربي سترك ..
    أسرعت نحو الهاتف مباشرة .. لأدير رقم سلمى ..
    و قد خطر لي بأني سأبدأ حديثي معها بأمور جد عادية ..
    و ليكن السبب الرئيسي لاتصالي هو سؤالها عن وصفة طبق الحلاوة الذي أذاقتني منه ذاك اليوم ..
    سبب مقنع و جوهري .. أليس كذلك ؟!!
    طال رنين الهاتف .. و لا من مجيب ..

    مما زاد في انقباض صدري .. و تجهم وجهي ..
    و لربما بدأ حدس الأنثى يستفيق عندي ..
    فكما تعلمون جميعاً أن للأنثى حدس .. عادةً لا يخيب ..
    كررت المحاولة بعد ربع ساعة ..
    ليجيئني صوتها باكيا بالكاد استطعت تمييزه من حدة البكاء ..
    -" سلمى .. عزيزتي .. ماذا هناك .. ؟؟"

    هتفت بكل ما امتلكت من عاطفة و تفاعل لحظتها ..
    ثم أني بالكاد بدأت أفهم منها بضع كلمات متقاطعة ..
    -" أبي .. المستشفى .. خطيرة .. عناية قصوى ..!! "
    أنهرت على الكرسي المجاور و أنا أحاول ربط تلك الكلمات في جملة مفيدة .. لأستوعب الحدث الجم الذي قد طرأ على عائلة عصام ..
    -" أووه ،، يا ربي ! "
    بعدها بدأت أهذي بجمل مواساة و تعاطف ..
    تقال عادة في مثل هذه المواقف ..
    و لست أتذكر في واقع الأمر أي جملة قلتها أو ما هذيت به في تلك اللحظة .. لذا أنهيت المكالمة بسرعة .. لأرفع عيني و قد ازدانتا بالدمع .. !
    -" أبو عصام .. في العناية القصوى ! "
    و لم أكن لأسمع ما قالته لي صفاء رداً على عبارتي تلك ..
    فقد شرد بي ذهني بعيداً .. و تجسد لي في أعماقي أبو عصام و هو يستقبلنا مبتسماً على أعتاب بيته .. مرحباً بنا و أيما ترحيب ..

    " يا ألله .. ابتسامته تكاد لا تفارق مخيلتي .. فلا تزال مطبوعة على وجداني ."
    أسرعت إلي أمي .. و هي تلمح من بعيد علامات خبر سيء ..
    و لمّـا سمعت بالخبر ..
    طلبت مني أن أرتدي عباءتي على عجل .. لنذهب لنزور أبا عصام في المستشفى و نقوم بالواجب .. فلا يزال وقت الزيارة مفتوحاً ..
    و أخذنا معنا صفاء أيضاً ..
    هناك ،،
    و بعد مرورنا على دهاليز طويلة و متشعبة ..
    لمحت سلمى منهارة على كرسي أخضر بالقرب من وحدة العناية المركزة .. و قد اتشحت بهالة من الحزن و الهم العميق ..
    أسرعت إليها لأحتضنها مواسية متعاطفة .. و وقفت معي صفاء و أمي تشاركاني مهمة التخفيف عنها ..
    و إذ بي في تلك اللحظة ألمح خيال عصام أمامي .. و قد كان يذرع الممر جيئةً و ذهاباً !
    ألقى عصام تحية شملنا بها جميعاً ..
    و كانت أمي هي أول من استلمت مضمار الحديث معه ..
    و في واقع الأمر لست أدري ماذا كانت تقول أمي له ..
    إذ أن جل تفكيري كان يتمحور حينها حول ماذا أقول إلى عصام ..
    هل أظهر له "زعلي" مثلا في مثل هذا الموقف أم أني أؤجل "الزعل" إلى ما بعد ؟!
    أممم ,,
    لكن من حقي أن أزعل .. و أن أغضب و أن أعاتب ..
    وقت ما أريد .. أليس كذلك !
    لا .. لا ..تريثي يا مرام ..
    ليس هذا أبداً وقت العتاب ..
    عصام بأمس الحاجة إلى وقوفي إلى جانبه في هكذا محنة ..
    مهما كان موقف عصام مني ..
    أو موقف عمته السلبي معي ..
    هكذا كنت أحادث نفسي كالمجنونة ..
    لأهمس أخيراً لعصام بأن يتصبر ..
    فإن أباه سيتعافى إن شاء الله .. من هذه الأزمة القلبية الطارئة ..و أن لا شر عليه أبداً !
    ولا أدري كيف امتلكت يدي الجرأة حينها لتبحث عن يديه في صميم الموقف .. لتشد عليها حانية متعاطفة ..
    كما أن ابتسامة شفافة مواسية كانت قد ارتسمت أيضاً على شفتي ..
    هذا بالإضافة إلى الدعاء بالشفاء لأبيه من محنته المرضية ..
    هو جل ما أستطيع فعله في هكذا موقف ..
    و لأني لحظتها شعرت بالفعل بأن عصام مع اضطرابه الشديد و مع كم القلق الذي كان يعصف به في تلك اللحظة ..
    قد ارتاح نفسياً و لو نسبياً ..
    ربما لتواجدي معه..
    أو ربما لشعوره بأني سأواجه الموقف معه ..
    مهما كان سيئاً و أني أسانده بكل ما لي من طاقة و قوة ..


    رفعت رأسي ..
    و قد تناهى إلى سمعي صوت كعب ثقيل ..

    يكاد يدك الأرض دكاً ..
    و يعكر صفو الجو العاطفي الحميم وجدانياً و الذي كان يحتويني و عصام في تلك اللحظة ..
    و لكم أن تتخيلوا أن كل ألوان العبوس و الاشمئزاز و القرف ..
    قد ارتسمت على وجهي و هي تلمح وجوه أصحاب الكعب العالي ..

    " يا ألهي ..مالذي جاء بهم إلى هنا .. هؤلاء هم بالفعل آخر من أرغب في لقياهم في هكذا موقف ! "



    .. للحديث بقيه ..

    اِلـهي هَبْ لي كَمالَ الانْقِطاعِ اِلَيْكَ،
    وَاَنِرْ اَبْصارَ قُلُوبِنا بِضِياءِ نَظَرِها اِلَيْكَ،
    حَتّى تَخْرِقَ اَبْصارُ الْقُلُوبِ حُجُبَ النُّورِ فَتَصِلَ اِلى مَعْدِنِ الْعَظَمَةِ,
    وتُصيِر ارَواحنَا مُعلقةُ بعزِّ قُدسِكً.



    [ يا مولاتي يا فاطمة أغيثيني]






  12. #12
    عضو ذهبي الصورة الرمزية ورد الياسمين
    تاريخ التسجيل
    May 2008
    المشاركات
    1,417
    شكراً
    1
    تم شكره 0 مرة في 0 مشاركة
    معدل تقييم المستوى
    3398

    رد: ..*.*.. مـذكـرات مخطـوبة..*.*..

    الج ـزء (11)

    رميت بنظراتي على ابنة خالتي صفاء و التي شعرت بمدى اضطرابي لظهور العمة و ابنتها المفاجئ ..
    وما كان من صفاء إلا أن تطرق لي إيماءة خفيفة برأسها ..
    كانت كرسالة قلبية لي بأن لا عليك منهما و أن دعي الموقف يمر بسلام .. تجاهليهما ..
    أسرعت المعتوهة الابنة اتجاه عصام و هي تتمايع في مشيها بذلك الكعب العالي ،،
    و أقسم أني شعرت بها و هي في تموجها تكاد تقع في أي لحظة ,,
    إذ أنها كانت بالكاد تعرف كيف تمشي بمثل هذا الكعب !!
    -" عزيزي عصام ..
    كيف هو خالي ؟! .. أنا جد قلقة عليه ! "

    لحظة ..
    كأن أذني قد سمعت كلمة عزيزي ..
    هل نادت تلك المعتوهة خطيبي بعزيزي ..!! أم أني أتخيل الموقف فقط ؟!! و لأني لم أكن بقادرة بعد على ترجمة تلك الكلمة التي تفوهت بها الابنة للتو .. ظللت جامدة في مكاني ..
    أحاول كبت بركان كان على وشك أن يتفجر في أعماقي ..
    إلا أن نظرات صفاء أسعفتني و للمرة الثانية ..
    " حسنا .. سأفوتها هذه المرة أيضا .. هذه المرة فقط .. "
    هكذا همست لنفسي .. و أنا أجاهد للضبط من زمام ثورتي المرتقبة !
    -" حالته مستقرة نوعا ما .. إلا أنه بحاجة ماسة للدعاء ! "
    -" لا تتخيل أبداً مقدار خوفي الشديد عليه .. و حزني لما ألمَّ به .. ! "
    -" سيكون بخير .. "

    يا لهذه المعتوهة .. !!
    أو ليست هي الطبيبة و الأدرى بحال خالها الصحية.. فيما لو أرادت أن تسأل الممرضة الموجودة هناك !
    ثم ما بال لهجتها تصبح بمثل هذه الرقة و النعومة أمام عصام فقط .؟؟!
    و ما بال مشيتها تصبح بمثل هذا الدلال و الغنج وأمام عصام فقط !!
    و ما بها ..

    تصبح بعواطف متفجرة .. و بركان من الحب و الخوف لعمها ..
    و أمام عصام فقط !
    ثم مال هذا العصام يسمح لها بكل هذا.. و أمام من تدعى رسمياً بخطيبته !!!!
    تقدمت العمة بعد حين ..

    لتزيد من توهج الموقف اضطراباً ..
    فكان أول ما تفوهت به هو جملةً استفزازية قصدتني بها و لو بأسلوب غير مباشر ..
    -" يا ربي سترك على أخي .. أمنن عليه بالعافية و الصحة .. و لكأن خطوبتكما فآل شر عليه و علينا جميعاً !! "
    " هييييي ،، لحظة .. هل خطوبتي الآن أصبحت فآل شر و على الجميع !! "

    اتسعت عيناي على آخرهما و أنا أغلي في أعماقي ..
    لا بل بالأحرى أن حمم غضب شديد كانت قد بدأت تتفجر في أعماقي و أنا أرقب وجه عصام الجامد ..
    " هييي.. إن لم تحسن التصرف يا عصام و تدافع عن خطوبتنا و زوجتك الشرعية .. فلا حياة و لا خطوبة بيننا ..!! "


    هكذا همست في أعماقي قبل أن يتناهى إلي صوت أمي و هي تخبرني أنه قد انتهى وقت الزيارة ..
    و أنه يتحتم علينا الانصراف ..
    و مع استيعابي الكامل لما نطقت به أمي للتو ..
    إلا أني أبيت الحراك قبل أن أرى ردة فعل خطيبي عصام على ما تفوهت به العمة ضد خطوبتنا للتو .. و هي ترميها بأنها فآل شر على الجميع ..
    إلا أنه وجه عصام كان لا يزال جامدا دون أي ملامح ..
    و لكأن لا موقف صار أصلاً و لا جملة غبية و اتهاماً شنيعاً تفوهت به العمة للتو ،،
    لا لحظة ..

    ها هو شيء من العبوس قد بدأ يزحف إلى عينيه أولاً ..
    ثم إلى حاجبيه..
    و شيئاً فشيئا ً بدا وجه عصام يعبر عن ما يعتري خاطره و يتعارك في أعماقه في تلك اللحظة ...
    " هييي عصام .. أنا لا زلت أنتظر ردة فعلك .. هيا أرني ماذا ستقول إلى مثل هذه العمة ! "
    ارتفع أخيرا ً صوت عصام عنيفاً حاداً ..
    و كانت هذه هي المرة الأولى التي أرى فيها عصام ثائرا ً بمثل هذه الدرجة .. كدت ألتصق في أمي و أنا أتراجع خطوتين إلى الوراء ..
    و التي كانت هي الأخرى واقفة جامدة .. ترقب معي الموقف بصمت ..
    كان هناك شرراً خفياً يتطاير من عيني عصام الغاضبتين . .
    و هو يهتف صارخاً في وجه عمته ..
    -" انصرفي يا عمتي رجاءا ً .. أنت و ابنتك .. و دعي والدي و شانه .. كفاه ما عانى منكما ..
    فأنتما أعلم بسبب الأزمة القلبية الحادة التي طرأت على والدي

    على حين غرة !!! "
    و مع عنف عبارات عصام التهزيئية المبهمة و التي لم أستوعبها جيداً ..
    و مع حدة لهجة عصام و التي لم آلفها من قبل ..
    إلا أني لا أخفيكم سراً أن ابتسامة عز و انتصار قد زحفت على وجهي ..
    و أنا أرى العمة و هي تلملم أطراف عباءتها .. و تنسحب مع ابنتها الدكتورة .. في شيء من الانكسار !!
    " أيوووه يا سي عصام .. كذا تعجبني !!
    الله يخليك إلي .. و تحميني و تدافع عني .. من كل الشرور !!
    " و على أولة أم كلتوم .. ضمني بحنانك ضمني .. و أبعدني من الشرور ! "


    أهديت عصام إحدى أحلى ابتساماتي ..
    و لكأني بها أشكره على حسن تصرفه الدفاعي عن خطوبتنا . . و على ردعه و إيقافه لعمته عن حدها !
    و مع ذلك فإن فضولاً مبهماً أثاره عصام فيّ بعبارته التي وجهها لعمته ..

    و التي كانت تدور حول أن العمة أدرى بسبب أزمة أبيه القلبية !
    يا ترى ..ماذا كان عصام يقصد بمثل هذه العبارة ؟!
    هل تراه يقصد أن العمة بطريقة ما قد سببت جلطة قلبية لأبيه .. أم أن في الأمر سراً !!
    " إيييييه .. يا خبر النهارده بفلوس .. بكره يبئى ببلاش !! "


    وصلت إلى هذه المحطة من التفكير ..
    عندما وصل إلي ّ صوت أمي مجددا ً و هو ينبهني إلى ضرورة الانصراف ..
    فقد تأخر الوقت و انتهى وقت الزيارة ،
    -" سأوصلها في طريقي إلى البيت .. يا عمتي ! "

    انفرجت شفتي بابتسامة أخرى و أنا أسمع عرض عصام الرائع بتوصيلي ..
    " أيييوه يا عم "
    هكذا سأتمكن من الحديث مع عصام .. و هكذا سأخلو بعصام .. كحال أي خطيبين في الكون ! "
    اِلـهي هَبْ لي كَمالَ الانْقِطاعِ اِلَيْكَ،
    وَاَنِرْ اَبْصارَ قُلُوبِنا بِضِياءِ نَظَرِها اِلَيْكَ،
    حَتّى تَخْرِقَ اَبْصارُ الْقُلُوبِ حُجُبَ النُّورِ فَتَصِلَ اِلى مَعْدِنِ الْعَظَمَةِ,
    وتُصيِر ارَواحنَا مُعلقةُ بعزِّ قُدسِكً.



    [ يا مولاتي يا فاطمة أغيثيني]






  13. #13
    عضو ذهبي الصورة الرمزية ورد الياسمين
    تاريخ التسجيل
    May 2008
    المشاركات
    1,417
    شكراً
    1
    تم شكره 0 مرة في 0 مشاركة
    معدل تقييم المستوى
    3398

    رد: ..*.*.. مـذكـرات مخطـوبة..*.*..

    في طريقنا نحو سيارة عصام ..
    كان عصام يمشي أمامي بخطوتين .. و أنا أمشي وراءه كالمعتوهة ! ..
    أحاول اللحاق به قدر الامكان !
    و لمـّا رأيت أن اللحاق به يعد من المستحيلات الأربعة ..

    وقفت في مكاني رافضة الحراك خطوة أكثر .. آملة أن ينتبه خطيبي المبجل إلى سوء تصرفه هذا و إلى إهمالي !
    كنا لا نزال نمشي في دهاليز المستشفى المتهالكة عندما لمح عصام مقدار الفرق الشاسع الذي خلّـفه وقوفي و سرعته في المشي ..

    لذا اعتلت وجه عصام ابتسامة اعتذار رقيقة و هو يعود أدراجه إلى حيث كنت واقفة ..
    و قد مد لي يده هذه المرة لتعانق يدي و يسحبني في المشي إلى جواره ..
    " أيووه كذا يا سي عصام .. عشان أحس إني مخطوبة زي بئية البنات ! "

    -" عذرا عزيزتي مرام ..فذهني مشغول ٌ نوعاً ما بوالدي .. و أكاد لا أحسن التصرف بتاتًا !! "
    " لا بأس بذلك عصام .. أكاد أشعر بمشاعرك ..
    لكن أرجوك لا تمشي بسرعة! "
    و هكذا مشينا جنبا إلى جنب .. نتنقل عبر دهاليز المستشفى المتشابكة ..
    و من وحدة إلى أخرى و نحن في طريقنا إلى بوابة الخروج الجنوبية ،،
    و بعد أن جاوزنا بوابة الخروج ببضع خطوات ..
    قفز أمامنا و على حين غرة .. كائنا أسود .. !!
    مما أصابني بالهلع فعلاً .. و قد ارتفعت أنفاسي بشهقة مكتومة !!
    .. أثارها الظهور المفاجئ لذلك الكائن المخيف !
    و لم انتبه إلى نفسي إلا و أنا بين ذراعي عصام ..
    و قد رميت نفسي على ما يبدو بين أحضانه على إثر الرعب الشديد الذي أثاره فيني ظهور ذلك الفأر ..!
    و لكم أن تتخيلوا أن كل ألوان الطيف السبعة بلا أي استثناء قد تعاقبت على وجهي ، من شدة الحرج الشديد الذي أوقعني ظهور ذلك الكائن المخيف فيه !
    " مستشفى متهالك و قديم .. ماذا تتوقعون أن يوجد فيه سوى الفئران و الحشرات المخيفة و التي آلفت المكان و ألفها!
    لا أدري لما لا تسعى البلدية أو الحكومة الموقرة لبناء مستشفى آخر يكون صحياً بمعنى الكلمة و هي تملك من الأموال ما تملك ! "

    و لا أدري بالفعل كيف عدا موقف الفأر هذا ..
    لكني أسرعت لأن ألج داخل سيارة عصام هاربة من الحرج الشديد الذي كنت لا أزال أشعر به ،،
    عدا على أن نبض قلبي كان لا يزال متسارعا يكاد يصل إلى سرعة الضوء ...
    و صدري يهبط و يعلو بنفس السرعة !!
    بعد دقائق من انطلاقة سيارة عصام .. لتجوب أنحاء العاصمة ..

    ابتدأ عصام الحديث معي معتذراً عن عدم اتصاله في ليلة البارحة .. فقد انشغل بوالده المريض و حالة الطوارئ التي سببها لهم !
    -" لا داعي أبدا ً للاعتذار .. فقد نسيت الموضوع تماما ً ! "
    هكذا همهمت بيني و بين نفسي ..

    و لربما أني في أعماق نفسي قد شعرت للوهلة بأني أنا من تدين باعتذار حقيقي لعصام ..
    ربما لسوء ظني به.. و لعدم إدراكي الحقيقي لجوهر شخصيته !
    أو ربما لأني شعرت أنه عندما تنخطب الفتاة تـُحب أن تكون هي محور حياة خطيبها بلا أي منازع ..

    و أن رحى حياة خطيبها تدور حولها فقط .. و أنها مركز حياته كلها ..
    و قد جاء لي هذا الموقف ليثبت لي خطأ هذه النظرية ..
    إذ أن في حياة عصام غيري الكثير من الارتباطات و المسؤوليات و الأحداث و التي قد تكون أهم مني و من الخروج للمطاعم أو النزهات التي تبحث عنها أي مخطوبة في الكون !
    و إحدى هذه الأوليات التي أقصد هي والده مثلاً .. أو حتى شغله !
    هكذا وصلت إلى هذه المحطة من التفكير ..

    لأستوعب بعد حين أن ثمة سؤال عالق قد سألني عصام إياه للتو .. لم أكن قد سمعته .. فقد كنت شاردة الذهن بعيداً عنه ..
    " لكم هي سيئة عادة السرحان و عدم التركيز هذه .. و التي صرت أعيش فيها منذ أن انخطبت ! "
    -" عذراً عصام .. لكني لم أسمع سؤالك فقد شردت بذهني قليلاً ، "
    -" لقد لاحظت شرودك هذا .. لكن بصراحة .. لكم تعجبني عينيك العسليتين عندما تسرحان إلى عالم آخر .."

    و زحف الخجل بطيئاً على وجنتي و أنا أتعذب بسماع مثل هذا الغزل البريء،،

    -" هيا .. أخبريني فيما كانت عروسي الحلوة تفكر فيه ! "

    و قبل أن أبحث له عن إجابة مقنعة ..
    ارتفع صوت هاتفه المحمول ,, ليقطع علينا حديثه جذريا ً !!
    كلمات مبهمة المعنى وصلتني من عصام و هو يحادث الطرف الآخر ..
    -" شيكات مفقودة .. رصيد مغلق .. اجتماع .. ضريبة ! "

    كلمات متشابكة ربطتها مخيلتي بعمل عصام في الشركة ..
    " أووه لا يهمني الأمر كثيراً .. ما دام يتصل بعمله في الشركة .. فهو أدرى بمثل هذه الأمور .. و بصراحة لا أفهم أنا فيها شيئاً و تخصصي الجامعي بعيد كل البعد عن المحاسبة و الشيكات المفقودة ! "

    أنهى عصام حديثه الهاتفي و قد زحف عرق بارد على جبينه ..
    مما أشعرني باضطراب عصام .. !
    " اممم ،،لابد أن الأمر خطير جد و طارئ ! و إلا لما سرح عصام و تعرق جبينه ! "
    سألني عصام بعد حين مبدداً الصمت الذي سيطر علينا ..

    إن كنت أرغب في تناول أي شيء من المطعم !
    و لما تطرق الحديث إلى الطعام ..

    ارتفع صوت معدتي الخاوية مجيبا على سؤال عصام ..
    أمسكت يدي بمعدتي تمنعها من أن تحدث أي صوت محرج ..

    لكنها لم تفلح في ذلك .. مما سبب لي الكثير من الإحراج ..
    و قبل أن أتدارك الموقف و أخبره بلساني عن تأييدي لعرضه ..
    مزق هاتفه المحمول الجو علينا مجدداً !
    خطف عصام هاتفه بسرعة من جانبه ..

    و مجدداً تناهى إلى سمعي كلمات ألغاز مضطربة ..
    أشعرتني بالفعل أن هناك موقفا خطيرا جدا في شغله ..!!
    عاد عصام إلى حديثه معي بعد عدة دقائق مع ذلك المتصل ..

    إلا أنه لم يكاد ليكمل حديثه معي الا و قد ارتفع أنين الهاتف مجدداً ..
    طالعني عصام بطرفه و هو يدرك اضطراب الموقف ..
    -" عذرا مرام .. و لكنها حالة طوارئ ! "
    " أووه حقا !!!جميع الحالات عندك حالات طوارئ !!"

    هكذا هممت أن أصرخ عليه مدافعة عن حقي عليه كمخطوبة تريد و لو شيئاً من الاهتمام بها..
    لولا أني آثرت الانسحاب من شجار ولوم على شفا أن يقع بيني و بينه !
    " تجاوزي يا مرام عن هذا الموقف أيضاً .. فلربما الموقف موقف طوارئ حقيقي .. !!
    إييييه .. يا لكثر مواقف الطوارئ هذه .

    و نحن لا نزال في بداية حياتنا معنا .. الله يستر مما قد تحمله الأيام لنا ! " أنهى عصام حديثه الهاتفي الثالث ..
    ليخبرني أنه مضطر للمرور على الشركة ليأخذ بضع أوراق من هناك قبل أن نذهب للمطعم ..
    " لا مانع .. عادي يا عصام .. فلتفعل ما تريد ..

    فلست ذا أكترث كثيراً ! "
    حادثت نفسي بشيء من الغضب الخفي الذي قد زحف إليّ لشدة اضطراب الموقف ولكثرة إهمال عصام إلي ،،

    و بالتالي عدم شعوري الحقيقي بأني قد صرت مخطوبة رسمياً له ..
    لي مثل ما إلى أي مخطوبة أخرى في العالم من حقوق ..

    تبحث عن قليل من الحب و الاستقرار الذي يغدقه عليها خطيبها أو زوجها .. لكن و إن فضل عصام علي والده و اعتبر مرضه حالة طوارئ ..
    فوالد عصام أحق مني في الواقع بمراعاة عصام إليه ..
    و لكن و إن آثر عصام علي كل شيء .. فأين أنا إذا في حياة عصام ..؟؟!!
    ربما في المرتبة الأخيرة .. أو التي تسبقها !
    -"أرجعني إلى البيت إذا .. فلم أعد أرغب في الذهاب إلى أي مطعم .. "
    هيا دعني و انصرف إلى أشغالك و هواتفك .. و حالات الطوارئ الكثيرة التي و على ما يبدو لن تنتهي ..!!
    كان صوتي هذه المرة يتعدى حديث النفس ..

    فقد ثارت أعصابي على ما يبدو فمهما تحاملت على نفسي ..
    فإني في النهاية أرفض أن أكون كقطعة أثاث ابتاعها عصام .. دون أن يحيطها برعايته و اهتمامه !
    بل لربما قطعة الأثاث تلك.. تلقى من الرعاية و الاهتمام أكثر ما ألقاه أنا من خطيبي المبجـّل !
    -" أعدني عصام إلى البيت أرجوك .. و لتذهب إلى أي مكان تشاء ! "
    لقد كنت في كامل قواي العقلية و أنا أصر تمام الإصرار على موقفي و قد ارتفع هاتف عصام للمرة الرابعة .. ليحسم الموقف ..
    -" هيا رد على هاتفك و أعدني إلى البيت ! "
    و طال صمت عصام ..

    و هو يطالعني بشيء من الاستغراب على ما يبدو .. و قد زادت حبات العرق المتجمعة على جبينه ..
    قبل أن يجيبني ..

    -" مرام .. أرجوك .. تفهمي الموقف !


    البقية تأتي..
    اِلـهي هَبْ لي كَمالَ الانْقِطاعِ اِلَيْكَ،
    وَاَنِرْ اَبْصارَ قُلُوبِنا بِضِياءِ نَظَرِها اِلَيْكَ،
    حَتّى تَخْرِقَ اَبْصارُ الْقُلُوبِ حُجُبَ النُّورِ فَتَصِلَ اِلى مَعْدِنِ الْعَظَمَةِ,
    وتُصيِر ارَواحنَا مُعلقةُ بعزِّ قُدسِكً.



    [ يا مولاتي يا فاطمة أغيثيني]






  14. #14
    مشرفة مالذ وطاب في فن الاطباق الصورة الرمزية دمعة طفله يتيمه
    تاريخ التسجيل
    Jun 2008
    الدولة
    هناك عند مرقد سيدتي رقيه
    المشاركات
    13,755
    شكراً
    7
    تم شكره 76 مرة في 68 مشاركة
    معدل تقييم المستوى
    11281

    رد: ..*.*.. مـذكـرات مخطـوبة..*.*..

    مذكرات جداااااااااااااا راااااااااااااااائعه
    تسلمين غناتي على الطرح المميز
    موفقه لكل خير

    يا أبا الفضل أغثني بحق زينب الحوراء أدركني


  15. #15
    عضو سوبر مميز الصورة الرمزية مضراوي
    تاريخ التسجيل
    Jul 2008
    الدولة
    الـQـطيف ..
    المشاركات
    2,712
    شكراً
    129
    تم شكره 65 مرة في 51 مشاركة
    معدل تقييم المستوى
    1495

    رد: ..*.*.. مـذكـرات مخطـوبة..*.*..

    يسلمووووووووو



صفحة 2 من 6 الأولىالأولى 1 2 3 4 ... الأخيرةالأخيرة

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •