من(ماتعرفونه ومالا تعرفونه عن الشيخ حسين الأكرف)
وفي هذا الجزء
سنتناول موضوع كيفية نشأته الحوزوية..
وأيام الدراسة في النجف ...
كيف تولَّدتْ لديكَ فكرةُ الدراسةِ الحوزوية ؟
في بداياتنا كرواديدٍ كانتْ هناكَ أنشطةٌ إسلاميةٌ ثقافيةٌ مصاحبةٌ لخطواتِ الدُّخولِ في الموكبِ وهذا ما نفتقدهُ الآن .
في تلك الأيام حتى تكونَ رادوداً لا بُدَّ أن تكونَ لك ثقافةٌ دينيةٌ تتبلورُ وتتكونُ بحضوركَ مجالسَ العلماءِ والتزامَ المساجد ،
لا بد أن تتتبع أين تقعُ الدروسُ الثقافية ،
حسين الأكرف بدأ مع فوزي الدرازي
في تلقي الدروس عند الشباب أمثال سلمان يوسف أو في الجامع مع مشروع تعليم الصلاة و في مساجد القرية ثم توسعنا من خلال علاقتنا كرواديد ومن خلال علاقاتنا كمنشدين لإنَّ الإِنشادَ تركتُهُ عام 1988 .. منذ 85 إلى 88 أنا مواصل رادود ومنشد معا ..
توسعت علاقتنا عن طريقة الإنشاد أكثر من توسُّعِها من خلال كوننا رواديداً ..
احنا رواديدٌ بالديرة فقط كنّا ، أمَّا الانشادُ فكنَّا نخرج برّه .. في المنامة
تأسَّست علاقاتٌ بشكلٍ خاصٍّ معَ كثيرٍ من الإخوةِ النشطين على المستوى الثقافي والديني فكانت علاقتنا قوية جداً >>بحسين التتان ..
كان لنا بمثابةِ الأستاذِ ، ولدينا علاقةٌ خاصةٌ بهذه المجموعة التي تحيطُ بحسينٍ آنذاك .
كنَّا نجتمع في الدروس ، ففي كل يومِ جمعةٍ كانت لدينا جلسة في إسكان جِدحَفصْ في بيت احد الإخوةِ يحضرها حسين التتان وهي جلسةٌ استثنائيةٌ يحضرها عبد الجبار وحسين الأكرف وبعض الشباب من المنامة وبعض القرى و كنا عشرة..
وقبل الجلسة يسمّع كل واحد البقيةَ حديث .. حديث عن أهلِ البيت نحفظُهُ وكلَّ أُسبوعٍ واحد يدرّسنا ، أنا كنتْ صغير ، ومع ذلك كنت اضطر احضّر واحفظ وانقب الكتب واسمع محاضرات ،
وانقل بعض النقاط واطرحها كموضوع ،
ويتم مناقشتي بعدين من وين جبت هالفكرة أو هالحديث ويناقشوني في مضامينه .. والجماعة يعودونا على إلقاءِ الدُّروس مو فقط تَلقّيها وكان هذا الدرس من أهم الدروس اللي استفدت منها إنصافاً.
ثمَّ التحقتُ بالمدرسةِ الدينيةِ في جدحفصٍ وكان مديرُها الأستاذ جواد السرور خطيب ورجل دين درازي ،
كان على علاقة وثيقة جداً مع الشيخ عيسى احمد قاسم - أسالُ اللهَ لهُ الشفاءَ العاجِلْ - درَّسنا مواضيع متعددة ، الفقه ، المنطق ، العقائد ، النحو ، التجويد ، وكُلَّ الُمقدِّماتِ التي يحتاجُها المُثقَفُ الصغيرُ آنذاكٍ .
ولي أساتذة أعتزّ فيهم
وكنت أحافظ على الحضور ويبدأ الدوام الساعه 3 أربعة أيام اسبوعياً
.. هذا الجانب شجعني أن أكون طالب علوم إسلامية و هو من المحفِّزات وليس البدايات.
كبرنا وكبر حبنا للتدريس ..
كنت أدرِّس في مشروع تعليم الصلاة بعض أحكام الفقه الميّسر مِنْ كتابِ الفقهِ الميسَّر ونحضر عند بعض علماء القرية ..
الأن نكمل معكم ونتعرف على ماقراره شيخنا الكريم>> شيخ حسين الاكرف
في 1989 قررت أن أكون طالب علوم إسلامية من خلال علاقتي بصديق عزيز جدا هو الشهيد الشيخ رضا الشهابي ،
من خلال هذه العلاقة الحميميَّةِ جِداً ولأنَّي صديقهُ الحميم عرض علي مواصلةَ دراستنا في النجف وكان الموضوعُ بالِّنسبةِ لي اسطور
.. بأن أكون مع الفقهاءِ الذين نسمع عنهُم وكان اِنشدادُنا لمدينة قمٍّ المقدسة وقتها أكثرُ من أي مكانٍ آخر وللظروف الأمنيةِ والسياسية كان التواصل مقطوع مع إيران، فاستشرنا العلماء شيخ عيسى احمد قاسم والشيخ عباس الريس رحمة الله عليه وشجعونا وذهبنا بمباركة خاصة جداً من الشيخ عباس الريس برسالة لأساتذتِه والوالد أيضاً كتب ليَ رسالةً لِأُستاذه اللي درس عنده في النجف.
سماحة الشيخ حسين الأكرف مع زميليه الشيخ حميد العرادي (في الوسط)
و الشيخ حسن الصيبعي (اليسار) في انتظار الأستاذ الميلاني
في قاعة دار العلم التي يلقي فيها السيد الخوئي بحثه الخارج
سماحة الأستاذ السيد محمود الميلاني ،،
في ليلةٍ خاصَّةٍ وجدتُ نفسي إنساناً مختلفاً جداً ،
من قميص وبنطلون ولبس الشباب والشعر الكبير .. لحظة شفت روحي شعري مثل الآن ولابس الثوب لأول مرة في حياتي ، والغترة لما لبستها في النجف كنت أَحِّسْ نفسي ما أشوف من اليمين واليسار ما أشوف إلا قِدَّام ..
كل هالتحول بلطف خاص من الله وتوجهنا للنجف الخامسة إلا ربع عصراً بالتحديد
أقلعتِ الطائرةُ وكنتُ لأول مرة اركب طائرة .
كيف استطعت أن توفِّقْ بين الدراسة والمشاركة في خدمة أهلِ البيت عليهمُ السلام ؟
عندما قررت أن أكون طالب علوم إسلامية كانت نفسي تنازعني بين أن أكون طالب علوم إسلامية، ورادوداً في نفس الوقت لأنَّهُ لم يكن أمامي نموذج عملي بأن هناك طالب علوم إسلامية رادود ،
كنت أتصور أنَّ بمُجرَّد أن أكون طالب علوم إسلامية فان حلمي كرادود سيتوقف وذلك أهمني ،
وفي المطار كنت حزين ولم يكن لدي حالة من الفرحة والبهجة للالتقاء بالنجف والتحول من رادود إلى طالب علوم إسلامية لأن ذلك يعني أنه يلزمني تجميد دوري كرادود والتوجه لأصبح طالب علوم إسلامية وكنت أنا هنا في منعطف خطير جداً تقسمت فيه نفسي تقسم فضيع.
ولما وصلت النجف>>>
لم يكن هناك طالب علوم إسلامية رادود في الوقت ذاته !!
إلا حسين الأكرف والشهيد الشيخ رضا الشهابي
فكلما مر موسم محرم الطاغوت صدام على رأسنا ،
المخابرات تسكن معنا في نفس الحوزات ، في الشوارع ، مخابرات في المكتبة ، في الخباز في كل مكان مخابرات ،
عندما يتحدث أحمد مطر في قصائده في كل مكان مخابرات فهذا شي واقع ليس بخيالي .
أتذكر وأنا هناك نقلوا لي قصة أنَّ الحكومة العراقية البعثية أعدمت رب العائلة لأنَّ طفل ابن هذا الرَّجُل - وهو جارنا في النجف - راح المدرسة أول يوم في الإبتدائي منذ أن دخل الصف كانت صورة صدام معلقة فقال للأستاذ : أستاذ أبي كل ما يرى هالصورة يبصق عليها ! والأستاذ بعثي ..
فبلغ على أب الصبي وأُعدم !.
و كانَ أَحدُ الخُطباءِ يقرأُ المنبر ونحضر معه كل يوم ولم يتطرق لشأن سياسي فقط قال: رافعا يده اللهم اشغل الظالمين بالظالمين
فكل من الحضور هناك خاف على الرجل ..
بعد شهر من محرم زرت آية الله الشيخ محمد أمين زين الدين رضوان الله تعالى عليه وجدت ذلك الخطيب مكسر مقعد ..
شالسالفة سيدنا ؟!!
قال : ذاك اليوم طلعت قلت اللهم اشغل الظالمين بالظالمين خلصت وخبطتني سيارة بطلعتي وكل ما ابتعد عن السيارة هي وراي ركبت الرصيف ، ركبت وهي تلاحقني وداس فوق رجلي!!
صورة تجمع من اليمين الشيخ علي اللبناني، الشيخ حسين الأكرف، الشيخ عبد الشهيد الحوري، الشيخ سلمان الشاخوي .
مثل هذا الوضع كان مخيفاً والناس في نفس الوقت بحاجة أن تعيش الشعائر ،
أنا سافرت بعد رمضان وكلها 3 أشهر ويعود محرم ..
أنا وشيخ رضا قررنا أن نشارك والشيخ رضا كان على درجة من الجرأة وكان يكبرني سناً بعامين أو ثلاثة ، ما يهم أنّا رتبنا لقراءة القصائد وقررنا القراءة في غرفنا بالسر وطلبنا من أحدهم أن يراقب فوق السطح وكنا نعزي في غرفة خاصة أو بالسرداب ..
ولم يكن هناك رد فقط لطم ونحن نقرأ اللطميات بهمس ..
حتى إنَّ الشيخ رضا ألقى القصيدة " زهراء يا مدد الشهادة " للرادود علي المحرقي قرأها في السنابس في وفاة الزهراء وكنا انتقلنا لمدرسة أخرى وأقبلت ذكرى وفاة الزهراء والأوضاع كانت في تحسن نوعاً ما بعد وقوف الحرب
بين إيران والعراق
فقال:
لنكسر الحاجز " زهراء يا مدد الشهادة القتل للاحرار عادة " ، فصدر قرار اليوم الثاني بفصل الشيخ رضا وطرده من المدرسة بتهمة أن القتل للأحرار عادة كيف تقول ذلك كيف تنطق بالشهادة ؟! تريد تطير رووسنا؟؟
صورة للشهيد الشيخ رضا الشهابي رحمة الله عليه ،،
فوجدت أن كوني طالب علم لا يمنع أن أكون رادوداً في الوقت نفسه ووجدت أن جهادي وأمري بالمعروف وكسري لحاجز المنكر في ظل هذه الضغوطات الأمنية هو في ظل بقائي كرادود وهذا هو الجهاد الأكبر في ظل هالظروف القاهرة ..
وجدت أن كوني رادوداً ليكون لي زكاةً لما أتعلمه من أحكام الإسلام لأن زكاة العلم تعليمه ،
بالتالي
اقتنعت أنه لا يمكن فصل الدورين رادود وطالب علم .. كلاهما خط واحد ورسالة واحدة وبالعكس كوني طالب علوم إسلامية كثيراً دعمني لأكون رادود من ناحية
خيارات الفكرة وأصالة الفكرة التي اطرحها ومعرفتي بانتماءها لمصدر أصيل من رواية ونص قرآني أوخطاب إسلامي أصيل ،
ساعدني لأن اختار الصحيح من الأفكار وأن اختار السيرة الصحيحة ولأني طالب علوم إسلامية اعرف أن هناك الغث والسمين في السيرة الكربلائية يجب أن تنقح فليس كل ما بالتاريخ صحيح ،
فلا أطرح فكرة إلا واعرف أن لها مصدراً وهذا مطلوب
الرادود مطالب بأن يكون على ثقافة في العقيدة والتاريخ واللغة .
أعتقد أن الرادود إذا لم يكنمثقفا فهو نصفُ رادود ..
مجرد صوت يردد كلمات الآخرين .
ولا أقصد الثقافة المنطلقة عن قراءة فقط بل يجب أن يدرس عند الأساتذة ويجلس في مجالس العلم ،
الثقافة تأتي بالتعلم بالتربية لا القراءة فقط ..
تربية العلم التدريس والتعلم أنت تتروض عندما تجلس وتدرس ..
آمل أن يكون لنا مشروع يكمل النصف الآخر لنا كرواديد .. مشروع يثقفنا ،،
كم دامت فترة اقامتك بالنجف في ظل هذه الظروف الصعبة ؟؟
سنتين بقيت في النجف على فترتين ..
الجزء القادم
سيشرح لنا شيخنا الكريم رحلة حياته بالنجف










رد مع اقتباس
المفضلات