فلسطين
في فلسطين بعد النكبة عام 48 كانت فلسطين وشعبها تنتظر اخوانها واهلها العرب ليكون لهم استراتيجية عربية واحدة، بلا طائل، وانتظرت المجتمع الدولي بلا طائل، وكادت ان تصبح نسيا منسيا لولا انطلاقة العمل المسلح الفدائي الفلسطيني في العملية الاولى والرصاصة الاولى والتي كان من اولى نتائجها تذكير العالم كله وتذكير المحتلين لفلسطين ان هناك شعبا فلسطينيا وان هناك ارضا فلسطينية وان هناك قضية فلسطينية وان هناك طالبا للحق يحمل السلاح ويقدم الدماء مهما غلت التضحيات. وانطلق الشعار الفلسطيني من جديد ليردد اننا بالملايين ذاهبون الى القدس وحتى اليوم ايها الاخوة والاخوات فان أي مكسب فلسطيني تحقق منذ الانطلاقة الاولى للمقاومة الى اليوم فانما هو بالدرجة الاولى بفضل المقاومة والجهاد والكفاح المسلح لشعب فلسطين وكل فصائله المقاومة والمجاهدة وصولا الى الانجاز الكبير والانتصار المهم في ظل تغيير معادلات العالم كان قطاع غزة المحاصر المقطوع عن الدنيا قادرا على الحاق الهزيمة بجيش الصهاينة وفرض عليهم للمرة الثانية بعد لبنان انسحابا ذليلا من قطاع غزة بلا قيدا ولا شرط ولا مكاسب. مرة اخرى نجحت استراتيجية التحرير لدى المقاومة, فيما كانت المفاوضات تعيد الارض شبرا شبرا ليتم التنازل في مقابل الأشبار عما لا يمكن ان يتنازل عنه, يعني حتى الآن من لبنان الى فلسطين أثبتت التجربة أننا كعرب وكأمة وكمسلمين مخرجنا الوحيد من النكبة من كل تداعياتها وآثارها الفكرية والنفسية والعسكرية والأمنية والسياسية والاجتماعية، ان مخرجنا الوحيد هو المقاومة نهجها , ثقافتها, ارادتها, وفعلها.

حول العراق
في الانتقال الى العراق وباختصار شديد ايضا: في العراق احتلال اميركي واضح وسيطرة اميركية على الارض والخيرات، لعب الاميركي في السنوات الاخيرة لعبة الاحتلال والديمقراطية واليوم بدأت تنكشف أهداف الديمقراطية الأميركية في العراق, كيف؟ بالعودة الى ما بعد الاحتلال الاميركي انقسم الشعب العراقي ككل الشعوب التي تحدثت عنها قبل قليل، ولكن كجمعين كبيرين بين مؤمن بالعملية السياسية، وبين مؤمن بالمقاومة وخصوصا المقاومة المسلحة. نحن في حزب الله من الطبيعي ان ننحاز الى تيار المقاومة في العراق من موقع إيماني وعقائدي وفكري وسياسي وواقعي وتجربي ايضا ومع ذلك فقد اخذ مؤيدو العملية السياسية وقتهم والآن وصلوا الى الامتحان العسير والصعب والفيصل وهو الموقف من المعاهدات والاتفاقيات التي تريد أميركا ان تفرضها على العراق وشعبه وتطلب من الحكومة ومن المجلس النيابي ان يوقعا عليها.

هنا ينكشف هدف الأميركيين الحقيقي من لعبة الديمقراطية, جاءوا وفتحوا المجال امام الجميع إسلاميين ووطنيين وقوميين ويعرفون هؤلاء أصدقاء من, وهؤلاء حلفاء من, أي فتحوا اللعبة الديمقراطية امام الجميع ليتكون مجلس نيابي منتخب وتنبثق منه حكومة منتخبة وبالتالي كل العالم يقول مجلس وحكومة منتخبة ليأتي اليوم الذي يطلب فيه من هذه الحكومة ومن هذا المجلس ان يشرعنا الاحتلال. ان يوقع على اتفاقية تعطي للامريكي سيطرة سيادية على العراق تجعل الأمن والقرار السياسي والنفط وخيرات العراق في تصرف الاميركيين, هنا ينكشف الامريكي وهنا يصبح المؤيدون والمؤمنون بالعملية السياسية في العراق سواء كانوا إسلاميين شيعة او إسلاميين سنة ام وطنيين ام قوميين امام الامتحان الصعب, انتم تقولون شاركتم في العملية السياسية للحد من الخسائر, وتقولون شاركتم بالعملية السياسية كوسيلة لردع الاحتلال. اليوم انتم امام الامتحان, هل تسلمون العراق للاميركي ابد الآبدين؟ ام تتخذون الموقف الذي يمليه عليكم دينكم واسلامكم وعروبتكم ووطنيتكم واخلاقكم وانسانيتكم؟
نداء للعراقيين
انني اليوم باسم جميع المحتشدين هنا وباسم احرار العالمين العربي والاسلامي اناشد الشعب العراقي وجميع قياداته الدينية والسياسية ان يتخذوا الموقف التاريخي العزيز الذي يمنع سقوط العراق نهائيا في يد المحتل, وكما استطاعت المقاومة في لبنان وفلسطين كذلك استطاعت المقاومة في العراق بفصائلها المختلفة ان تلحق الهزيمة تلو الهزيمة بالجيش الامريكي, هنا أيضا العراق مدعو لاعتماد استراتيجية التحرير لدى المقاومة التي اعتمدها لبنان واعتمدتها فلسطين, هذه الاستراتيجية هي السبيل الوحيد لإعادة العراق الجريح الغني القوي لشعبه ولأمّته.

ايها الاخوة والاخوات قبل ان اختم بحث المقاومة وانتقل الى الوضع اللبناني الداخلي اريد ان اقول لكم نحن ايضا قدمنا نموذجا في استراتيجية الدفاع كما في استراتيجية التحرير وكانت حرب تموز – آب 2006 هي النموذج, كيف يمكن لمقاومة شعبية؟ كيف يمكن كما قال القاضي فينوغراد لعدة الاف ان يقفوا لاسابيع امام الجيش الأقوى في منطقة الشرق الاوسط؟ اذن نحن لا نتحدث عن استراتيجية دفاعية مكتوبة في الكتب او في الجامعات وانما نتحدث عن استراتيجية دفاعية تم تطبيقها وألحقت هزيمة بالمعتدي والغازي باعتراف مجتمعه كله, وهذه الحرب في تموز غيرت الكثير من المعادلات, وأضعفت خيارات الحرب في المنطقة نعم, نعم ايها الأخوة والأخوات ان صمودكم في لبنان, ان دماء شهدائكم, ان شهامتكم وشجاعتكم, ان مقاومتكم التي افشلت حرب "إسرائيل" على لبنان واعتدائها على لبنان خففت احتمالات الحرب في المنطقة. بالنسبة لحرب امريكا على إيران تراجع احتمالها بعد درس لبنان, حرب اسرائيلية على سوريا اصبح احتمالها بعيدا جدا جدا جدا بعد تجربة الحرب على لبنان, اما الحرب على لبنان من قبل الاسرائيلي او من قبل الامريكي او من قبل من يراهن على الاسرائيلي والامريكي فنحن في لبنان اشرف الناس الذين قاتلنا في حرب تموز سنقاتل في أي حرب مقبلة.
عد حرب تموز استراتيجية الدفاع لدى المقاومة نشاهدها في قطاع غزة، وإسرائيل تقاتل قطاع غزة حرب عصابات كما يقاتلها قطاع غزة، ولا تجتاح القطاع لا كرم أخلاق ولا خوفا من رأي عام عربي أو موقف عربي أو دولي وهي التي تملك الضوء الأخضر الكامل من فرعون هذا الزمان جورج بوش، ولكنها تحسب كل حساب لقطاع غزة بشعبه الأبي ومقاتليه الشجعان من كل فصائل المقاومة، هذا القطاع المحاصر وهذا القطاع المجوّع هذا القطاع المظلوم تقف إسرائيل أمامه عاجزة وتضييع عندها الخيارات وتلتبس عليها الطرق. إذن هنا أيضا استراتيجية الدفاع تنجح في لبنان وفي غزة بالرغم من عدم وجود أي توازن وتكافؤ في القوى والإمكانات التسليحية والإقتصادية والمادية والدعم الدولي.
ولذلك نجد أنّ فرعون الزمان الراحل إنشاء الله جورج بوش عندما جاء إلى فلسطين وتجاه لنكبة شعبها وقدّم الدعم المطلق لإسرائيل صبّ جام غضبه على حركات المقاومة في لبنان وفلسطين والعراق، وعلى الدول التي تقف إلى جانب المقاومة والتي تدعم المقاومة، وَوَعَدَ العالم الإسرائيليين أنّ إسرائيل ستحتفل بالستين عاما الجديدة بعد مئة وعشرين عاماً. وَهِمَ بوش وخاب ظنّه، إسرائيل هذه إلى زوال. وَوَعَدَ العالم أنّ الهزيمة ستلحق بحزب الله وبحركات المقاومة وأنا أقول لبوش وكونداليزا رايس التي تحدثت عن خسارة حزب الله، ما دام حزب الله يلتزم الحق ويتكل على الله ولديه شعب كأشرف الناس هؤلاء، أنتم المهزومون .