النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: زحمة العواطف -قصة قصيرة-

  1. #1
    عضو فعال الصورة الرمزية احمد السهلاني
    تاريخ التسجيل
    Jul 2006
    المشاركات
    95
    شكراً
    0
    تم شكره 0 مرة في 0 مشاركة
    معدل تقييم المستوى
    231

    زحمة العواطف -قصة قصيرة-

    زحمة العواطف
    بقلم : احمد عبد الكريم السهلاني
    كان شفيق تواقا ليستذكر ما حدث في نهاية اليوم, بحيث أسرع على أن ينهي كل متعلقاته ويقطع كل صلاته مع المحيط الخارجي, ليراجع ما حدث في يومه هذا , أغلق دكانه وأسرع ليلحق بالباص ليمهد وعلى أنغام انطواءات الطريق يمهد لعناوين ما يستذكره في هذه الليلة , كان يعتقد إن يومه هذا أفضل أيام عمره بحيث أعطى له لقب الأفضلية من دون أن يراجع نفسه , كان يعتقد أن ما حدث اليوم انعطافة رومانسية في حياته, لم يمضي وقت حتى توقف الباص فجأة ليشاهد حادثا فاجعا على الطريق لم يسترعه ما حدث اكتفى بسؤال الجالس بجانبه عن الحادث ليجيبه: حادث دهس , الله يرحمه.. حاول أن يغمض عينيه ليعيد نفسه إلى نشوة الاستذكار, أراد أن يتقرب إلى اللحظة التي أسرته, تروى قليلا لكي لا يفسد نشوته فأجلها إلى أن يصل إلى بيته , تباعد نظره منتظرا أن يبرز بيتهم من بين البيوت المتناثرة , استحسن فكرة ركوبه لتلك الخيالات ,فرفع يديه خلف رأسه راح يحدق بسقف السيارة المتهرئ . ليرى ذكريات الركاب استوقفته عبارة (الحب عذاب ) تبسم حينها واستغرب , لا أرى فيه عذاب ! يجيب نفسه . .. لا . ابتسم ضاحكا على نفسه .استثار بضحكاته من جلس بجواره, ابتسموا لابتسامته . لم يكترث لذلك اذ انه اليوم غارق في نشوة العاطفة .بعدها استدار نحو النافذة ليقفز من مكانه ..نازل . نازل . استشاط السائق غضبا ليجيبه احد الركاب. (عمي على كيفك ما قلت من الأول ) أحس بخطئه وهم بالنزول واضطر ان يمشي دقائق ليصل الى بيته الذي يتميز بميلانه وعشوائية بنائه .
    كان باب بيته مفتوحا وثمة شخص جالس بقربه, توقعه شبح أمه التي تنتظره, تذكر انه لم يجلب معه العشاء.
    آه ... يا الهي ماذا ستأكل أمي هذه الليلة وقد أوصدت الدكاكين أبوابها.
    وحينما اقترب من باب بيته اكتشف ان صاحب الشبح الجالس بقرب باب بيتهم لم يكن لأمه ,بل وجد ابن جارهم سعيد قام مفزوعا إليه : أين كنت يا شفيق؟
    شفيق: كنت في دكاني. لماذا ..ماذا حصل ؟
    سعيد : الوالدة , مطأطئا رأسه , أصابتها جلطة ونقلها الجيران إلى المستشفى .
    لم يرى شفيق ما حوله من هول ما حدث , فخر جاثيا على ركبتيه , لمَ يحدث لي هذا ؟,قالها بصوت مبحوح وتيبست شفتاه رفع رأسه إلى السماء يا ألهي , لم يستطع أن يكمل, فأكملت عيناه بدموع أحرقت وجنتيه.
    وفجأة سمع همهمة وكلام خلفه ليرى إحدى جاراته وهي تبكي لتخبره بان أمه قد فارقت الحياة.
    صرخ شفيق صرخة لم يسمع لها صوت , حيث تحجر لسانه من الظمأ لانه كان صائما من غير قصد عن الطعام والشراب .
    عزاه الحاضرون بكل حزن وسكينة واخبروه بأنهم سيقيمون مراسم الفاتحة غدا صباحا, فأدخلوه إلى بيته استنادا على أكتافهم .
    لم يشأ شفيق إن يرى منزله من الداخل من دون من يستقبله , حيث استدرك إن لرحيل والدته ترك فراغا في كل جانب من جوانب حياته .
    انصاع لواقعه المرير فسحب إحدى شراشف غرفته ليتمدد عليه , ليسلط كل ما يحمله جسده الهزيل من متاعب وهموم وعواطف جياشة ليبكي بكاء الثكالى ,انهمرت دموعه بغزارة من دون أن يمسحها , ليسمح لدموعه ان تصنع غشاوة لتحجب رؤيته , فلم يعيره أي شئ من حوله . فلم يزل يقلب الذكريات والمواقف مع اغزر بقعة مليئة بالحنان عرفها في وجوده بالدنيا , حتى تذكر انها لم تتعشى , ذهبت جائعة منتظرة لولدها الوحيد , حينها لم تعرف ان المنية كانت تنتظرها ايضا .
    - سحقا لي ولما اشغلت نفسي ... اي حب شغلني عنها ... سامحيني يا أماه .. فلم اشأ ان اكون كذلك . نفسي اتعبتها الوحدة وجسدي اتعبته الحياة .. فصارت نفسي تطيب لزوجة تسد ما لا اعرفه من نقص ..هذه خلقتي خلقني الله كذلك ..يا أماه اتيت اليك لاحكي لك عن حبي الاول . الحب الذي سمعت عنه . الحب الذي احسست به موجودا بينك وبين أبي, وان لم أراه, احسست به موجودا لديك .
    أماه لم تنتظريني لآتي اليك بما أشبعني , حيث لم أحس بالجوع حينها... ولم احس بالعطش حينها, ,, حتى صرخت, عندها علمت باني لم اتكلم مذ اتت الى دكاني تلك الفتاة , واغرقتني بوابل الحب , اسرتني ابتسامتها العذبة وحركات بؤبؤها العسلي فلم تذكر هي ما تريد ان تشتري , علمت انها ارادت ان تشتريني ولم اذكر حينها انني في دكاني , حسبت المكان من خيالات الأحلام ..ام .. لا ادري , شيئا من الجنان , فقدت للحظة ذاكرتي وأخليتها لصورتها التي احتبستها من حسنها ... فبددت كل تعبي وكرهي لحياتي,, كل هذا شعرت به بأقل من ثوان ..
    أماه لم تقاطعيني .. لم اعهد منك ذلك ..
    لم تسألينني عن التفاصيل ,,
    اعلم انك موجودة روحك بقربي, ولو أعطيتِ لسانا لسألتيني بكل شغف عنها .. أماه .. اسرتني ابتسامتها واقحمتني بحبها فلم استطع تحريك شفتاي بكلمة ,ولم احاول ابدا .. لانها فهمت ما وددت قوله .. اعلم انك ستسألينني ما اردت ان اقوله , اماه .. لا زلت استحي قولها .. وانت مررت بيوم اسوء من يومي .. نعم احببتها من النظرة الثانية ,حيث انني لم يتسع لي الوقت فلم افكر حينها, لم تكن هناك نظرة ثانية .. لكنني كررتها اكثر من مرة داخل راسي لذلك تأخرت عليك , ونسيت عشائك الذي طال انتظاره مني ..
    أماه ... لم تستطع ان تتكلم ولم استطع ان أبدأ , توادعت عيوننا ومسكت بيد اختها الصغيرة التي لم الاحظ وجودها طيلة تلك الثواني ... لم يرضني خروجها من دون ان اعرف من اين اتت تلك الحسناء نظرت الى اختها الصغيرة عرفتها ... كانت تتردد عليَ بين حين وأخرى انها ابنت ابو ضحى .. خرجت مجدوها يا أماه,خرجت خلفها استمعن النظر بمشيتها .. فجلست في دكاني انتظر اللاشئ فمرت عليَ ساعات ولم ادري , حتى أوصدت الدكاكين أبوابها بعدها فززت من غيبوبتي واسرعت اليك لاجد ما ينتظرني ... أماه .. ارتجفت يداي طول الطريق ولم اعلم انك بأنتظاري كنت ارتجف ولا اعرف السبب , تصورت اني ارتجف عشقا ,, فلم اعرف ان جسدي الجائع اضطر الى ذلك حيث لم يتعود ان اتجاهله ...
    أماه .. افتقدتيني .. وانا اعتراني الذهول ,وجعتِ يا أماه وانا شبع المزاج, وأعتصرك الموت بينما أنا كنت أحيا في نشوة الحب ... اهذا جزاءك مني ...
    ظل شفيق يبكي الما وغضبا على نفسه . ظهرت خيوط الصباح واستيقظ جيرانه ليبدءوا مراسيم الدفن والعزاء . ومرت الأيام الثلاثة على شفيق يصارع نفسه ويستذكر أمه الماً وحزنا .
    نصحه الأصدقاء والجيران ان يعاود عمله ليتسنى له النسيان , فاستحسن الفكرة فلم يعد يطيق بيته الموحش . فخرج ذاك الصباح وهو متوجه الى دكانه, وفي الطريق اقترب من المكان الذي توقفت فيه الحافلة ذلك اليوم ليرى قطعة قماش اسود مكتوب فيها نعي للمرحومة الشابة ضحى اثر حادث مروري , لم يصدق ما رأى ...
    يا ألهي ايتسع قلبي لهذا الحزن من جديد , إنها أملي الوحيد , تجمدت أطرافه فلم يعد بمقدوره الالتفاف انهمرت دموعه وانعدمت الرؤيا حتى مرت لحظات توقفت عندها الحافلة لتصعد فتاة كانت واقفة على الطريق , فلم يكن هناك مقعد فارغ غير الذي بجواره فجلست بقربه سمع صوت سلام عليكم , التفت نحوها ودموعه لا زالت تعمي عينيه , رفع يده ليمسح دموعه اخرجت منديلا لتقدمه اليه فمسح عينيه ,وبكل هدوء , نظر الى صاحبة المنديل فلم يصدق ما رأى , انها نفس الفتاة ,
    .. يا الهي أنت ضحى ...
    ..لا , فضحى قد تعرضت لحادث دهس وتوفت اثره .
    ..اذا انت من ؟ الم تكوني ابنة ابو ضحى ؟
    .. انا ابنة جيرانهم , قبل ايام أتيت انا وابنتهم الصغيرة الى دكانك ,
    تغيرت معالم شفيق فمسح ما تبقى من دموعه واخبرها ان هذه الدموع قد ذرفها لاجلها بعد ان حسبها ضحى , نظر الى الطريق فوجد ان الحافلة قد اجتازت دكانه فلم يعرها اهتمام فلم يشأ ان يقاطع جلستهم هذه ومضت الحافلة تاركا ورائه احزانه وهمومه عند اجمل فتاة رآها واحبها ليمضي بقية عمره سعيدا معها .
    السهلاني

  2. #2
    مشرفة سابقة تستحق التقدير الصورة الرمزية الأمل البعيد
    تاريخ التسجيل
    Apr 2007
    الدولة
    القَطِيفْ ,, أمُ الجِزَمْ ..
    المشاركات
    4,620
    شكراً
    0
    تم شكره 0 مرة في 0 مشاركة
    معدل تقييم المستوى
    313

    رد: زحمة العواطف -قصة قصيرة-

    قصه جميله جدا ..
    حقا الحب عذاب ولاسيما بعد فقدان الحبيب ...
    الأم ,, فقدان الأم الم حقيقي ووجع مرير لايوفييه حب آخر
    وحمدا لله آن هناك من يمسح دموع هذا الفقدان..
    قصه جمليه جدا ,, وتعبير فصيح ورائع
    تستحق التقييم بكل جداره ..
    تحياي لكـ
    الأمل البعيد
    .. آسفه ع التقصــير ..


  3. #3
    عضو فعال الصورة الرمزية احمد السهلاني
    تاريخ التسجيل
    Jul 2006
    المشاركات
    95
    شكراً
    0
    تم شكره 0 مرة في 0 مشاركة
    معدل تقييم المستوى
    231

    رد: زحمة العواطف -قصة قصيرة-

    شكرا لك ايتها المشرفة الرائعة
    وشكرا على ذوقك الوديع
    السهلاني

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. اختبار بسيط .... أي من من العواطف تمتلك؟؟
    بواسطة جنون الذكريات في المنتدى منتدى المواضيع المكررة والمحذوفة
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 01-14-2009, 10:20 PM
  2. وتقولون البحر عندنا زحمة ....شوفو يعني وشو (( زحمة ))
    بواسطة ارسم العشق في المنتدى منتدى الصور
    مشاركات: 10
    آخر مشاركة: 09-08-2008, 04:24 AM
  3. الفلفل الاحمر يجعلك رومنسيا ..و الجزر يجلب العواطف
    بواسطة وردة البستان في المنتدى منتدى الصحة والسلامه
    مشاركات: 10
    آخر مشاركة: 02-15-2008, 04:32 PM
  4. المرأة مركز العواطف ..
    بواسطة شذى الزهراء في المنتدى منتدى الأسرة والطفل
    مشاركات: 8
    آخر مشاركة: 04-24-2007, 02:25 AM
  5. الشوكولاته تنشط العواطف
    بواسطة شبكة الناصرة في المنتدى منتدى الصحة والسلامه
    مشاركات: 6
    آخر مشاركة: 04-15-2005, 07:26 PM

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •