أنا وهو000 على قارعة الطريق (قصة قصيرة)لسنين وسنين أراه جالسا على قارعة الطريق ، مادا بصره في الأفق من عينٍ نسرية واحدة مخترقا بها حجب القلوب ، منتظرا عروس يزفها له الدهر على مهرٍ يمتطيه ويقلب الأرض بالعباد ويصبغ الآفاق بالدماء 00 يجلس من غير استحياء لشكله الدميم المشوه ، يمزق الغادين والرائحين بنظراته فارضاً عليهم رؤياه الكريهة كل صباح ومساء وهنا أو هناك أو في كل مكان وبكل تشوهٍ في التاريخ 0 كنت أمر متفحصا شكله بفضول متأملاً دمامته من شعره الأغبر إلى عينه العورا إلى الظهر المحدودبة حتى قدمه الممدودة والعكاز ، تتقزز لرؤياه دمائي وتسري في رعدةُ نظراته لكن في كل مرة أحاول بالنظرات سبر أغواره كما أحس يسبر غوري ، لكني افشل وافشل وتظل أوصالي مرتعدة وأذناني تسمع قهقهته الخرساء وتشقُّ قلبي وتزعزع كياني وتعلن عن ضعفي وهزيمتي فأتمنى حينها لو أعيب له عينه الباقية أو اقطع رأسه كي أتخلص من تلك الضحكة الشرسة ، لكن أنى لي ذلك وهو في كل مكان وبصورٍ وأشكال شتى وأينما اذهب ! لأعوام وأعوامٍ بقيت تلك الضحكة تمزق آمالي وتدمر أمن حياتي وتهد بنائي 000 تفور دماي وتغلي مرات ومرات حد الانفجار ، فأقوم لحنقه بيدي القصيرتان تلكما فيتهرب مني كل مرة كالأفعى أو يتلون كالحرباء ، أطعن في جسده خناجري صائحاً به كفى لؤماً ، كفى تدميراً لحياتي فأجده في اليوم التالي على قارعة الطريق ممزقاً كل غادٍ ورائحٍ بنظراته الدهرية الشوهاء ويده الخفية في النفوس0 في هذه المرة ومثل كل مرة يصل بنفسي سيلها الزبى وتنطلق أمانيّ على نصال السيوف فأطعن في جسده واطعن بلا أمل في الخلاص ، ويجلس بعدها مُجدداً على الطريق غير مهتم فأدرك للمرة الألف ان لا خلاص لا خلاص من تشوه الدهر الشيطاني النظرات ، وأتمنى حينها منقذاً يدركني ينقذني يرحمني من نظراته وخبثه فلا يكون لي وقتها إلا ان اجلس بجانبه على الطريق ومع سيوفي وخناجري ، انتظر ساعة تزف لي على مهر لفارس ينقذني بعدِ ان نفذت حيلتي وتقطعت بي سبل الخلاص 000 سألته قاطعا لباب الصمت بيننا : ماذا تنظر وماذا تنتظر هنا ؟ ابتسم ابتسامة صفراء نمت عن أنياب غرزها في ألف قلبٍ وقلب قبل قلبي وأجاب بلا حياء:- إما نظراتي فأني امزقكم بها شر ممزق000 واما انتظاري ، فتحين الفرصة للحظة التي أسلبكم فيها حشاشة من قلوبكم أو ألـوك مزعة من لحموكم استعين بها في صمودي أمامكم ، ذلك باختصار جوابي، لكن نبئني أنت جواباً لسؤالك ، ماذا تنتظر أنت إذ تشحذ سيوفك الحمقاء تلك ، أتنتظر جزءاً من جسدي تغرسه فيها وقد علمت أن دهري أفنيك ولا أفنى ؟! ثم ماذا تأمل بانتظارك إذ تجلس على الطريق ؟ (( أردف بهزءٍ وسخرية)) اترك حماقاتك هذه وأهرب كما هرب الجميع ، لفّ رأسك في الضباب وادفن جسدك في أكمام الأزهار ونم مستريحاً ، فذلك أسلم لك من حدِّ سيفٍ من الممكن ان يتسبب بقتلك ولا يؤذيني أنا 000 نظرت في عينه بلا خوف هذه المرة إذ لاح لي فيها بريق سيفي وقلت بهمس صادح زلزل كيانه : لن ألف رأسي في الضباب ولن أنام في أكمام الزهور وسأبقى اشحذ سيفي هنا ما حييت ، لأنني انتظر وآمل عبادا صالحين بشرّني بهم ربي القوي العزيز يملأون الأرض قسطا وعدلا ليجعلهم الله أئمة ويجعلهم الوارثين0
المفضلات