لابد من وجود عوائق وحدوث نكسات وخيبات في أي مشروع أو نمط عيش. فالإقدام في ذاته ليس ضمانا لإحراز النجاح. إلاّ أن من يحاول القيام بعمل ما ويخفق، هو أفضل كثيرا من الذي لا يحاول شيئا وينجح.
وغالبا ما تكون الثقة الكبيرة بالنفس والقدرة على أخذ القرارات سمة كبار رجال الأعمال.
يقول الخبراء إن هنالك ستة مخاوف أساسية يمكن أن يعانيها الإنسان، في أي وقت من الأوقات، وإن المحظوظ هو من يتخلص من جميعها في حياته وهذه المخاوف وفقا لترتيب ظهورها هي:
1- الخوف من الفقر.
2- الخوف من انتقاد الآخرين.
3- الخوف من المرض.
4- الخوف من خسارة.
5- الخوف من الشيخوخة.
6- الخوف من الموت. وما عدا هذه المخاوف فإن المخاوف الأخرى هي ثانوية، أو أنها تندرج ضمن هذه المخاوف.
ويأتي الخوف من الفقر من أشد المخاوف تدميرا، وبالرغم من أنه حالة ذهنية لكنه كاف لتدمير فرص الشخص بتحقيق أي إنجاز في أي ميدان كان. وهذا الخوف يشل العقل، ويدمّر الخيال، ويقتل الاعتماد على الذات، ويقوض أسس الحماس، ويمنع المبادرة ولا يشجع عليها، ويقود إلى ضياع الهدف، ويشجع التردد والمماطلة ويجعل من المستحيل تحقيق ضبط النفس والسيطرة عليها. وهو بالإضافة إلى ذلك يسلب قوة الشخصية، ويبدد تركيز الجهود، ويتغلب على المثابرة، ويضعف قوة الإرادة ويدمّر الطموح ويُضعف الذاكرة ويدعو إلى الفشل بكل أشكاله.
والخوف من الفقر يقتل الحب، ويغتال أفضل المشاعر في القلب، ولا يشجع الصداقة، ويجلب الكوارث بكل أشكالها، ويقود إلى الأرق وعدم النوم والبؤس والشقاء.
عوارض الخوف من الفقر
-اللامبالاة: يتم التعبير عن هذا العارض عادة في شكل فقدان الطموح، ومن ثم الاستعداد لتحمل الفقر والفشل وقبول أي تعويض توفره الحياة من دون تذمر مثل الكسل العقلي والجسدي، والنقص في المبادرة وفي الخيال والحماس وضبط النفس.
- التردد: وهو التعود الاعتماد على الآخرين، والبقاء دائما في موقع الحذر.
- الشك: ويتم التعبير عنه بشكل أعذار وحجج مصاغة للتبرير وتغطية الأمور أو الاعتذار عن الفشل، وفي بعض الأحيان يتم التعبير بشكل حسد أو غيرة من الناجحين.
- القلق: ويتم التعبير عنه بالتركيز على عيوب الآخرين، والنزعة إلى الإسراف، وإنفاق ما هو أكثر من المدخول، وإهمال المظهر الشخصي الخارجي والعبوس والتجهم. كذلك يتم الإسراف في شرب الكحول أو ربما المخدرات وكذلك يبدو الشخص القلق متوتر الأعصاب مع نقص في رباطة الجأش والوعي بالذات.
- الحذر الزائد: وتظهر على شكل النظر إلى الجانب السلبي من كل شيء، والتحدث عن احتمال الفشل بدلا من التركيز على وسائل النجاح، ومعرفة كل الطرق التي تؤدي إلى الكارثة دون البحث عن خطط لتجنب الفشل، وانتظار المجهول للبدء في وضع الأفكار والخطط موضع التطبيق حتى يصبح ذلك الانتظار عادة دائمة.
كذلك يتم دائما ذكر الأشخاص الذين فشلوا ونسيان أولئك الذين نجحوا. والحذر الزائد يقود إلى التشاؤم وإلى آفات جسدية كعسر الهضم، والتسمم.
- التأجيل: وهو التعود، إضاعة الوقت بأعذار واهية. وهذا العارض متصل بعوارض المبالغة في الحذر والشك والقلق وعدم تحمل المسؤولية والاستعداد للتراجع، بدلا من المواجهة مع الصعوبات واستعمالها كخطى نحو التقدم، وتقبل إمكانية الاستسلام للفشل، بدلا من حرق كل الجسور مع الماضي لجعل التراجع مستحيلا.
الخوف من انتقاد الآخرين
يسلب الخوف من انتقادات الآخرين من الشخص القدرة على المبادرة ويدمر قوة خياله ويحد من ثقته بنفسه، والاعتماد على نفسه، ويسبب له الضرر في كثير من النواحي الأخرى. وغالبا ما يسبب بعض الآباء الضرر لأولادهم بانتقاداتهم لهم.
فالنقد من الأمور الضارة التي يؤديها الكثيرون بعناية تفوق تأدية أي عمل آخر، و كل شخص يملك مخزونا جاهزا منها للتفريغ من دون أن يدعي إلى ذلك من قبل الآخرين. وغالبا ما يكون أسوأ المنتقدين من المقربين ويجب أن يُعتبر الانتقاد الذي يوجهه الأهل لأولادهم ويؤدي إلى نمو عقدة نقص فيهم جريمة من أسوأ الجرائم، على الرغم من أن ذلك لا يعني أن كل الانتقادات سيئة وسلبية. وهذا ينطبق على العلاقة بين أصحاب العمل وموظفيهم، فصاحب العمل الذي يفهم الطبيعة البشرية جيدا يحصل على أفضل الخدمات من موظفيه، ليس من خلال النقد بل من خلال الاقتراحات الإيجابية البنّاءة. ويمكن للأهل أن يحققوا النتائج ذاتها مع أطفالهم لأن الانتقاد بشكل عام يزرع الخوف في القلب البشري أو الامتعاض على الأقل، ولا يبني الحب أو التعاطف.
عوارض الخوف من الانتقاد
إن تأثير هذا الخوف مدمّر للقدرة على تحقيق الإنجازات الذاتية أساسا، لأنه يقضي على روح المبادرة، ولا يشجع على استعمال الخيال، وعوارضه الرئيسية هي:
الإفراط في حب الذات: وينعكس هذا في توتر عصبي تجاه الغير، وفي الضعف في لغة التخاطب مع الآخرين، وفي التعامل مع الغُرباء وفي حركات شاذّة في اليدين والأطراف وفي حركات متكررة ومتنقلة للعينين.
فقدان رباطة الجأش: وينعكس ذلك نقصا في القدرة على ضبط نبرة الصوت، وزيادة في التوتر العصبي بوجود أشخاص آخرين، وذاكرة ضعيفة.
- ضعف الشخصية: هي فقدان الحزم في اتخاذ القرارات اللازمة، وفي القدرة على التعبير بوضوح، مع عادة التنكر للمشاكل بدلا من مواجهتها، والموافقة السريعة على آراء الآخرين دون تفحصها بعناية.
-عقدة النقص: وهي تظهر في صورة الرضا بالذات لتغطية الشعور بالنقص تجاه الآخرين، واستعمال كلمات منمّقة للتأثير في الآخرين، وتقليد الآخرين في الثياب والكلام والسلوك والتفاخر بإنجازات وهمية، وهذا يعطي في بعض الأحيان مظهرا سطحيا بوجود شعور بالتفوّق والعظمة.
- النقص في روح المبادرة: ويبدو ذلك في الإخفاق في استغلال الفرص المتاحة لتحقيق التقدم الذاتي، والخوف من التعبير عن الآراء، وعدم الثقة بالنفس، وإعطاء أجوبة غامضة عن الأسئلة التي يوجهها الآخرون، الاضطراب في السلوك العام، ومحاولة خداع الآخرين بالكلام والفعل.
- فقدان الطموح:وينعكس ذلك في الكسل العقلي والجسدي، ونقص في القدرة على توكيد الذات وإبراز أهميتها، وبطء في الوصول إلى القرار، وسهولة التأثر بالآخرين، وغيبة الآخرين في حالة غيابهم، ومدحهم في وجههم، وقبول الهزيمة دون احتجاج والتخلي عن أي مشروع لدى بروز المشاكل والشك في الآخرين من دون سبب، ونقص عام في براعة السلوك وعدم الاستعداد لقبول اللوم بسبب ارتكاب الأخطاء.
الخوف من المرض وتدهور الصحة
وهو متصل عن قرب من حيث أصوله بمسببات الخوف من تقدّم السن والخوف من الموت لأنه يقود الشخص إلى الاقتراب من حدود عالم مجهول لا يعرفه الإنسان تماما. ولقد قدّر الأطباء بأن 57 % من الذين يزورون المستشفيات وعيادات الأطباء يعانون وهم المرض، وتبيّن بشكل شبه مؤكد أن الخوف من المرض حتى في حال وجود أدنى الأسباب له يولّد عوارض جسدية مماثلة للعوارض الحقيقية للمرض الذي هو موضوع الخوف.
وتوجد إثباتات كثيرة بأن المرض في بعض الأحيان يبدأ على شكل دافع فكري سلبي، وغالبا ما ينتقل ذلك من عقل شخص إلى عقل شخص آخر، بالإيحاء.
أمّا عوارض هذا الخوف فهي كالتالي:
- الإيحاءات الذاتية السيئة: وتنعكس في الاستعمال السلبي للإيحاءات الموجهة للذات بالبحث عن عوارض كل أنواع المرض.
- الوهم بالمرض: وهو التحدث عن الأمراض وتركيز الذهن في موضوع المرض، وتوقع ظهوره حتى يُصاب الشخص بانهيار عصبي بسببه ولا علاج لهذه الحالة التي تعتبر بحد ذاتها حالة مرضية إلاّ بالتفكير الإيجابي.
ويُسبّب توهم المرض، الذي هو تعبير طبّي عن هذه الحالة المرضية، ضررا يماثل الضرر الذي يمكن أن ينتج من المرض الحقيقي، وبعض حالات التوتر العصبي ناتجة من الوهم بالمرض.
-زيادة في القابلية للمرض:فالخوف من المرض يبدد مقاومة الجسم، ويصنع ظروفا مشجعة لكل أشكال المرض.
- تدليل الذات: وينعكس ذلك في طلب التعاطف والشفقة من الآخرين استنادا إلى المرض الوهمي، وغالبا ما يلجأ الكثيرون إلى هذه الوسائل هربا من العمل، وأكثرهم يتظاهر بالمرض لتغطية الكسل، وكعذر لقلة الطموح في الحياة.
- الإدمان: وهو استعمال الكحول والمخدرات لقتل الألم الناتج من مجرد صداع أو ألم بدلا من إزالة المسبب الحقيقي للمرض.
منقول
المفضلات