غياب الخبرة في الحياة الزوجية

إنالزواج الذي يبدأ بالإهمال في المعرفة أويقومعلى تصورات خاطئة مجانبة للحقيقة ، أو الخداع أحياناً ، هو زواج قلق متزلزل ،ذلكأن الحياة الزوجية سرعان ما تكشف جميع الحقائق وتظهر جميع الخبايا . إذنفالحياةالزوجية يجب أن تقوم على الحقيقة والحق بعيداً عن الخدع والأباطيل .

أسرار النزاع :

يسعىالزوجان في بداية حياتهما المشتركة إلى إخفاء بعضميزاتهماالشخصية سواء على صعيد العيوب أو الأذواق ، ويحاولان في تلك الفترةالحساسةأن يغضّا طرفيهما عن بعضهما البعض .

ومن أجل البحث في الاسرارالكامنةوراء النزاع في الحياة الزوجية يمكن توزيعها إلى قسمين : عوامل ما قبلالزواج . وعوامل ما بعد الزواج .

القسم الاول ـ عوامل ما قبل الزواج :

إنالكثير من النزاعات ما كانت لتوجدلوأحسن الزوجان التفكير في الحياة ، وأننا نشير إلى هذه الناحية من أجل أن نلفتأنظارالشباب قبل إقدامهم على الزواج ونذكر الذين تزوجوا إلى الاهتمام بهذه المسألةوهمفي بداية صنع مستقبلهم المشترك . ويمكن تلخيص هذه العوامل في ما يلي :

1 ـ عدم التعارف :

يتطلبالزواج فرصة كافية من أجل أن يتعرف أحد الطرفينعلىالآخر ، وبالرغم من غنى هذه التجربة إلا أنها تبقى عاجزة عن رفع الحجب بينالطرفينإلا في الحالات النادرة . ومع ذلك فهي ضرورية جداً من أجل بناء حياة مشتركةعلىأرض صلبة وواضحة تقريباً .

2 ـ عدم التشاور :

مهمابلغ الشباب من العلم والمعرفة إلا أنهم يعتبرونعديميالخبرة في شؤون الحياة الزوجية . ومع بالغ الأسف فإن كثيراً منهم وبسبب أسلوبتربيتهميبقون بمنأىً عن تجارب الوالدين ولا يصغون إلى آرائهما في هذه المسائل .

إن تعاليم الإسلام توصي الشباب باستشارة من هم أكبر منهم سناً وأخذ وجهةنظرالوالدين في مسألة الزواج قبل الإقدام على تنفيذ هذه التجربة لتلافي تنائجهاالمرة ، وهذا التأكيد يتضاعف بالنسبة للفتيات اللائي يمكن خداعهن بسهولة .

3 ـ التصورات الخاطئة عن الحياة :

إنأغلب المشاكل والنزاعات التي تعصفبالحياةالزوجية ناجمة عن التصورات الخاطئة أو الخيالية عن الحياة والمستقبل ، إذأنالبعض يعيش في عالم من الأحلام الوردية ويتصور بأن المستقبل سيكون جنّة وارفةالظلال ، ولكن ، وبعد أن يلج دنياه الجديدة إذا به يبحث عن تلك الجنة الموعودة فلايعثرعليها ، فيلقي باللوم على زوجه محمّلاً إياه مسؤولية ذلك ، ويبدأ بذلك فصلالنزاعالمرير يفقد الحياة طعمها ومعناها ، في حين أن بعض الأماني والآمال تبلغ منالخيالبحيث لا يمكن أن تحقق على أرض الواقع . إن المرأة والرجل في واقع الأمر ليساملاكينوأننا نعيش في أرض الواقع بعيدين عن الجنة الموعودة وعوالم الخيال .

4 ـ الخداع :

قدينشأ النزاع بين الزوجين بسبب بعض الخدع والمكائد التييحوكهاأحد الطرفين أو كلاهما ، فمثلاً يقوم الفتى والفتاة ومن أجل جذب الطرف الآخرإليهوإقناعه بالزواج بالمبالغة أو الاختلاق على صعيد وضعه المالي أو الأخلاقيإضافةإلى الوعود الخاوية التي يطلقانها في الهواء ؛ فإذا دخلا ميدان الحياةوارتفعتجميع الحجب وبرزت الحقائق والاسرار ، عندها يبدأ النزاع أو التفكير بالتخلصمنبعضهما .

5 ـ الشهوانية :

يسعىأكثر الشباب ومن أجل إرواء غرائزهم إلى الزواجمعتقدينأن الحياة الزوجية هي مجرد إشباع هذا الجانب فقط ، غافلين عن أنهم بذلكينظرونإلى الجانب الحيواني الذي لا يمكن أن يكون هدفاً لتشكيل الاسرة ، هذا أولاً، وثانياً إن هكذا زيجات لن يكتب لها البقاء والاستمرار إذ سرعان ما تنطفىء الغرائزالجنسية ، ومن ثم ينهار البناء الذي نهضت على أساسه ، إذ يفقد الزوجان بعد ذلكالرغبةفي الاستمرار في الحياة المشتركة بعد إحساسهما بالارتواء الجنسي .

إنالحياة الزوجية يجب أن تنهض على أساس من التفاهم والألفة والمحبة والتكامل وأداءالواجبالإلهي حتى يمكن لها الاستمرار والدوام .

6 ـ الاقتصار على المظاهر :

ماأكثر الأفراد الذين يخفون حقيقتهم فلا يعرفمنهمسوى ظاهرهم فقط ، وما أكثر الذين يبحثون عن المظاهر فقط لدى بحثهم عن شريكلحياتهم ، إذ يقتصر همهم على الجمال والمستوى الاقتصادي والزي وغير ذلك ، حيث تتعددالمطبّات . . ولكن وبعد دخول الزوجين عالم الحياة الزوجية وحيث تضعهما الحياةالمشتركةعلى المحك دائماً تبرز الحقيقة كاملة وتنتهي المظاهر البرّاقة ، ويكتشفانأنتلك المظاهر لا أثر لها ولا دور في خلق السعادة المنشودة .

إن تعاليمالإسلامالحنيف يؤكد دائماً على أن انتخاب الزوج يجب أن لا يتم على أساس الجمالوالمالوأن الدين هو وحده أساس الاختيار في هذه المسألة البالغة الحساسية .

7 ـ الاتكاء على المصالح :

نشاهدبعض الأفراد يقدمون على الزواج انطلاقاًمنمصالح معينة أو من أجل أن يضعوا أيديهم على الثروة ، وفي مثل هذه الحالات وبعدأنيتحقق هدفهم تنتهي جميع المبررات والأسباب التي أدّت إلى الزواج وتبدأ حياةالنزاعوالاختلافات .إن الزواج ليس وليد المصلحة ، إنه أسمى من ذلك ،وهوعلى حد تعبير الآية الكريمة في قوله تعالى : ( هن لباس لكم وأنتم لباس لهن )البقرة:187.

8 ـ الزواج المفروض :

وهوأخطر حالات الزواج على الإطلاق ، حيث يقومالوالدانبتزويج الأبناء دون اعتبار لرغباتهم . إن مجرد الشعور بالقهر وحده سيدفعبالطرفينإلى الخلاص من هذه القيود ووضعها تحت الأقدام .

إن المرء قديتمكنمن إجبار الآخرين على تناول طعام معين ، ولكن سيكون عاجزاً عن إجبارهم علىالشعوربالشهية والميل والتلذذ .

ومن المسلّم به أن أي نزاع ينشب أو خلاففإنالزوجين سيصبّان لعناتهما على أولئك الذين فرضوا عليهما هذه الحياة وصنعوا لهماهذاالجحيم !.القسم الثاني ـ عوامل ما بعد الزواج :

ذكرنافي القسم الاول بعض الحالاتوالعواملالتي تؤدي إلى اضمحلال الأسرة وتدهورها وهي كما أشرنا تتعلق بفترة ما قبلالزواج ، والتي ينبغي الالتفات إليها وأخذها بنظر الاعتبار قبل الإقدام على الزواجوتشكيلالأسرة .

وفي مقابل ذلك ، وكما أشرنا أيضاً ، توجد عوامل وأسبابترتبطفي فترة ما بعد الزواج حيث ينبغي رعايتها هي الأخرى لتلافي وقوع الخلافاتونشوبالنزاعات ، ويمكن الإشارة إلى أبرزها .