تكملة
هكذا جوابك تحليلياً لوضح المراجع ووضع الأمة ، حتى لو كان هذا المرجع إماماً معصوماً كأمير المؤمنين يدعوهم إلى الخروج للقتال ويذهب إلى النخيلة ثلاثة أيام ويتخلف القوم ، ومعاوية يدعوهم ويخرجون ، لنتفهّم هذا الموضوع ولا نحمّل المراجع ما لا نكلفهم أو لا ننتظر منهم ما لا يسأل الله عنهم ذلك لأنه ما عندهم في أوساط الأمة من قبول أو غيره . (1)
س : بالنسبة للخطباء ؟
ج : الذي أرى أن على الخطباء أن يستفيدوا من الأسلوب القرآني وقد ذكرت في عدة محاضرات أن خطباء الجمعة يدعون الناس إلى التقوى ، إنهم يقولون عليكم بالتقوى أو من أمثال هذه الجمل لأنه من آداب الخطبة في صلاة الجمعة . في حين أن الدعوة إلى التقوى لا تكون بهذا وإنما يكون بطرح الآيات التي طرحها القرآن عن مشاهد يوم القيامة وعن القبر وعن العذاب وعن الصراط وعن الحساب بحيث يصبح الإنسان المسلم يعيه كأنه يرى يوم القيامة . يعلم علم اليقين ، هذا هو الأساس لكل عمل إسلامي ، هذا هو الأساس لأن يخشى الإنسان ربه ثم يتقيه ثم ينطلق من التقوى في كل عمل يعمل ، هذا هو الأساس والذي تركناه نحن وقد رأيت في أساتذتي من كان يدأب على ذلك في خطبه – رضوان الله تعالى عليهم – ولذلك هذا المجتمع يومذاك مجتمعاً في حدود ما يخطب ويتكلم العالم فيه مجتمعاً متقدماً إسلامياً والآن لما تركنا ذلك واختصرنا على الثرثرة السياسية التي ، تؤذينا ولا تنفعنا
نفطر على الثرثرة السياسية ونتغدى على الثرثرة السياسية ونتعشى على الثرثرة السياسية وما عندنا عملاً سياسياً صحيحاً ولا .. نعم أصبح عندنا شيء من الفكر الإسلامي بعد قيام جماعة العلماء في النجف وكربلاء والكاظمية وبغداد والبصرة وصار عندنا شيء من الوعي الإسلامي وأننا بحاجة اليوم وفي كل يوم وفي زمن الأنبياء وإلى اليوم بأن نتدبر آيات القرآن التي منها تخويف عن يوم القيامة – إذاً من واجب الخطباء أن يلقوا هذه الآيات على المسلمين ويذكرون المسلمين بمشاهد يوم القيامة عذاباً كان أو نعيماً في الجنة والأمر الثاني كنت أقول وأنا في كل مكان كنت أقول ان ازمتنا معاشر المسلمين في كل مكان أزمة أخلاقية يقول رسول الله (إني بعثت لأتمم مكارم الأخلاق) ونحن بعيدون كل البعد عن التحلي بمكارم الأخلاق ينبغي أيضاً على الخطباء والعلماء أن يهتمون بهذا الجانب ويمكن نشر الآداب الإسلامية من خلال بيان الآثار الأعمال في الدنيا قبل الآخرة من قبيل أن صلة الرحم منماة للعدد مجلبة الرزق وأن قطع الرحم أمر عظيم .. فإذا ذكرنا آثار الأعمال للناس للمسلمين لابد أنه يرغبون ويقومون ويتخلقون بالآداب الإسلامية .
س : ما هي كلمتكم للعاملين في الحقل الإعلامي ؟
ج : عرض الآداب الإسلامية وبحاجة إلى الوعي السياسي ولا ينبغي أن نترك العمل بذلك فنحن بحاجة إلى أن يكون المسلمون – المسلم للمسلم كالبنيان المرصوص – وتختلف حاجة مجتمع عن مجتمع آخر ينبغي . هذه النشرة – أين تنشر – إذا كانت تنشر في بغداد ينبغي أن تعالج الأمراض المنتشرة في بغداد وإذا كانت تنشر مثلاً في الشام تعالج الأمراض المنتشرة في هذا المجتمع فإذاَ حاجة المجتمع ما هي ينبغي أن نغير فيها على كل حال وفي مقدمة ما أرى أن مطبوعتنا أو مجلات سيارة تقوم به – ينبغي أن تعرف الكتب التي تطبع حديثاً وفي نشرها فائدة للمسلمين لأن الكتب تنشر في هذا اليوم بشكل واسع والقارئ قد لا يعلم أي كتاب يقرأ فإذا قامت المجلة بتعريف الكتب النافعة وانتقدت الكتب غير النافعة قد خدمت خدمة جليلة أو يربي الجيل كالمغفور له السيد محسن الأمين رضوان الله عليه ، إذا كان عندنا واحد من هذا القبيل في أي مكان ينبغي أن المجلة تقوم بتعريفه بشكل أو بآخر إلى المجتمع – وأيضاً تذكير المجتمع إن كان هناك حاجة للمسلمين مثلاً في هذا البلد إلى تأسيس صندوق للقرضة الحسنة على سبيل الإفتراض ، يعني ينبغي أن ينظر إلى الحاجة الموجودة في المجتمع وينبه المجتمع إلى تلك الحاجة وينبه المجتمع إلى العالم أو إلى الخطيب الذي ينفع ، الخطيب الواعظ الذي يفيد المجتمع من خطباء المنبر الحسيني ويستطيع صاحب هذه المجلة أن يعرّف هذا الخطيب إلى الناس فليقم بذلك وهناك كان يجب أن يعرفه ولكني أوصي أهل الصحف إلا يبادروا إلى ذم أي إنسان من أهل العلم فإن في ذلك خطر عظيم على الساحة الإسلامية. إذا كان هناك خطيب ناجح ومفيد عرّفه ولكن إذا كان هناك خطيباً لا تعتقد به ، دعه ، واسكت عنه فكذلك الأمر بالنسبة إلى العالم ، أما في موضوع الكتاب إذا رأيت كتاباً نافعاً عليك أن تعرفه للناس وإذا رأيت كتاباً غير نافع والمفاهيم المطروحة فيه ضارة فان واجبك أن تري ذلك للملأ الذي يقرأ مجلتك.
س : الإتحاد الإسلامي الشامل ، كيف تنظرون إليه ؟ وما هو السبيل إلى تحقيقه ؟
ج : يجب على مليار ونصف مليار مسلم اليوم أن يتّحدوا فإنّنا لو اتحدنا لا تستطيع إي قوة في العالم أن تواجهنا . نحن اليوم بحاجة إلى إتحاد إسلامي ووحدة إسلامية أما الإتحاد الإسلامي الإتحاد الإقتصادي بإقامة أسواق إقتصادية كما فعله الغرب وكذلك الإتحاد السياسي والثقافي إلى غير ذلك من أنواع الإتحاد وإقامة هذه كلها من شأن الدول الإسلامية وليس من شأننا أما الوحدة الإسلامية فهي من شأن أهل العلم وفي سبيل تحقيق الوحدة الإسلامية فينبغي لنا أن ندرس ما بين مدرسة أهل البيت ومدرسة الخلفاء من وجوه الوفاق ووجوه الخلاف .
س : أشرتم الآن إلى مدرستي أهل البيت والخلفاء فلماذا تركتم التسمية بالسنة والشيعة وما هي وجوه الخلاف بين المدرستين ؟
ج : لقد تركت التسمية بالسنة والشيعة لأن فيها حزازات وسميتهما بمدرسة الخلفاء ومدرسة أهل البيت ومن وجوه الخلاف بين المدرستين : أنه ممن نأخذ سنة الرسول (ص) ؟ هل نأخذ سنة الرسول من الصحابة فقط ، ومن جميعهم ، وكلهم عدول . وهذا ما يقوله ويراه ويؤمن به إخواننا أصحاب مدرسة الخلفاء . ويقابل هذا الرأي ما عليه مدرسة أهل البيت ، بأن سنة الرسول (ص) نأخذها من الصحابة العدول ومن أئمة أهل البيت . إذاَ فالخلاف بيننا فقهي ، وإنه ممن نأخذ سنة الرسول (ص) ؟ وفي هذا المقام يقدم هذا الفريق ما عنده من دليل سواء أقَبِلَهُ الجانب الآخر أم لم يقبله . وكذلك يفعل الجانب الآخر ، وبالإضافة إلى ذلك للوصول إلى هذه الوحدة العلمية نحن بحاجة إلى دراسة مصطلحات القرآن ومصطلحات العقائد الإسلامية ، لأننا في حوزاتنا العلمية وفي الأزهر والجامعة الإسلامية وجامعة الزيتونة ، في حوزة النجف وقم درسنا الإصطلاحات الفقهية وتركنا الإصطلاحات الإسلامية ، مثلاً : عندنا إن الله إسم جنس وأصله الإله وحذفت الهمزة وأدغمت اللام بينما (الله) : علم مرتجل ، وكذلك (خليفة الله) عندنا كل البشر ، بينما خلفاء الله في الأرض هم الأئمة الذين جعلهم الله أئمة لهداية الناس .
س : إذاَ فالوصول إلى هذا الهدف يقتضي القيام بنهضة شاملة لتجديد الحياة الإسلامية . ترى ما هي برأيكم الركائز التي يجب الإنطلاق منها لتحقيق ذلك ؟
ج : إن العالم الإسلامي بدأ ينهض فعلاَ بتجديد حياته الإسلامية ومن أجل تحقيق وحدة عالمنا الإسلامي يجب القيام بدراسة موضوعية لما ورثه جميع المسلمين من مصادر سنة الرسول (ص) سيرة وحديثاً وعدم البقاء على تقليد السلف الصالح لا في إستنباط الأحكام الشرعية ولا في دراية الحديث .
وأنا بنفسي أرجع إلى صحيح البخاري وآخذ من الحديث فيه ما أراه صحيحاً كما أرجع إلى أصول الكافي وآخذ منه الحديث الذي أراه صحيحاً فيه وبذلك يتحقيق الوصول إلى معرفة الإسلام من الكتاب والسنة ويتيسر توحيد كلمة المسلمين حولهما للقيام بتجديد الحياة الإسلامية .
س : نرجو أن تتفضلوا بشواهد واقعية من منهجكم في كتابة التاريخ ومن خلال خوضكم وبحثكم في كتب الفريقين أو المدرستين فيما تعتقدون أنها تؤدي عملياً إلى الوحدة المنشودة التي تدعون إليها ؟
ج : عندنا مثلاً في مدرسة أهل البيت أن (من لم يقرأ البسملة فصلاته باطله) ولا أستطيع أن أصلي خلفه ولكن بما أن أخي المسلم الحنفي لا يرى ذلك ويقرأ الحمد بدون بسملة ، جاء عن أئمتنا في كتاب (وسائل الشيعة) في ثلاثة أحاديث عن الإمام الصادق (ع) أنه قال : "من صلى خلفهم كان كمن صلى خلف رسول الله" ، وفي حديث آخر : "إذا صليت معهم غُفر لك بعدد من خالفك – في قراءة البسملة – وحضر الصلاة في المسجد" .
ويشكو راوٍ آخر إلى الإمام الصادق (ع) ويقول : إن لنا إماماً مخالفاً وهو يبغض أصحابنا كلهم ، فقال : "ما عليك من قوله ، والله لئن كنت صادقاً لأنت أحق بالمسجد منه ، فكن أنت أول داخل وآخر خارج وأحسن خلقك مع الناس وقل خيراً " .
يظهر من كلام الإمام الصادق (ع) انه لم يرض بكلامه وانتقاده فقال له أحسن خلقك مع الناس "وقل خيراً " .
والراوي الآخر يقول له الإمام الصادق (ع) : "يا إسحاق ! أتصلي معهم في المسجد ؟ " قال ، قلت : نعم . قال : "صلّ معهم فإن المصلي معهم في الصف الأول كالشاهر سيفه في سبيل الله" . هكذا تتحقق الوحدة الإسلامية التي أصبو إليها .
وكان الإمام الصادق (ع) بنفسه يجلس مع أبي حنيفة ويناظره في العقائد والأحكام . وكان ذلك جارياً إلى عصر الشيخ المفيد في بغداد ، وكان الشيخ الطوسي ، أستاذ كرسي دار الخلافة لكن السلاجقة لما ذهبوا إلى بغداد أحرقوا كرسي الشيخ الطوسي وفرّقوا بيننا ، ثم صارت خلافات بين الصفوية والخلافة العثمانية ، والواقع هو ان هذه الأمور سياسية وليست من الدين .
س : ما تفضلتم به مفهوم ضمن الطبقة الواعية من الفريقين وهم قلّة على كل حال ، فكيف يعالج الأمر مع العامة وأقصد منهم الفئات المتشددة التي تتنابز ما بينها وتتجاوز حدود التلاعن إلى إستباحة الدماء كما يجري في الباكستان حيث المذابح التي تقوم بها ميليشيات ما يسمى (بجيش الصحابة) ضد الأقلية الشيعية هناك ؟
ج : نعم … في عصرنا الحاضر وبتأثير من أعدائنا إستطاعوا أن يدفعوا بعض الجهلة من المسلمين في الداخل أن يحملوا رشاشاتهم ويقتلوا المسلمين في المسجد أثناء الصلاة وأشرت فيما تقدم إلى ما ينبغي عمله .
أما ما ذكرتم من التلاعن فإنما يحز في النفوس مثل ما انتشر أن بعض الشيعة كان يلعن بعض الصحابة ، أقول لكم إن اللعن بدأ به معاوية منذ سنة (40) هجرية ، ولُعِنَ الإمام علي بن أبي طالب على جميع منابر المسلمين في خطب الجمعة واستمر ذلك إلى آخر عهد الأمويين ما عدا سنتين من خلافة عمر بن عبد العزيز ، يا ترى في كل هذه المدة ، ألم يقابلهم شيعة علي وآل بيت علي ؛ بلى قابلوهم وما نحن اليوم وذلك فلنترك هذا . ونترك الخلاف الآخر : الخلاف حول من كان خليفة رسول الله (ص) ، علي أو أبو بكر! لندع هذا الجدال العقيم اليوم وندرس فقط من أين نأخذ سنة الرسول (ص) ، وتفسير القرآن ، كلٌّ منا يقدم دليله على ما يراه ويسمع دليل أخيه سواء اقبله أم لم يقبله أما في مقابل العدو المشترك فإنا نحتضنك ونموت دونك كما فعلت الجمهورية الإسلامية مع المسلمين في فلسطين . إن جميع الدول العربية الإسلامية تريد أن تصافح إسرائيل عدا الجمهورية الإسلامية وهي التي كونت حزب الله من أبناء الشيعة في جنوب لبنان لتحارب بهم الإسرائيليين ويُقتلوا دون إخوانهم الفلسطينيين ، وتساند الإنتفاضة داخل فلسطين ، وأقام الإمام الخميني (رضوان الله تعالى عليه) يوم القدس ، هكذا نحن وإلى هذا ندعو أبناء الأمة الإسلامية . وآخر حديثي : ((قل هذه سبيلي أدعوا إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني وسبحان الله وما أنا من المشركين)) .
(1)كان ذلك في 7/6/1969 ، وقد ظهر مدحت الحاج سري على شاشة التلفزيون ، وأدلى باعتراف مفاده "ان السيد مهدي الحكيم" حضر بعض الاجتماعات التي كانت تتم بأوامر من المخابرات المركزية الأمريكية أن هذا الإعتراف انتزع من مدحت الحاج سري بالقوة فقد هددوه بعرضه وقد بين ذلك في كتابة كتبها على نسخة من القرآن الكريم أرسلها إلى أهله (سليم العراقي : لماذا قتلوه ص 83) وراجع التحرك الإسلامي في العراق / ص 88 . والسبب الرئيسي لخذلان المرجعية كما يذكر – الباحث صلاح الخرسان – هو حالة الخوف والإرهاب غير الطبيعي التي أشاعها النظام في أوساط الجماهير .. بإقامته لحفلات الإعدام الجماعي في الساحات العامة في بغداد والبصرة تحت ستار تصفية الجواسيس ، حيث مشاهد الجثث المتدلية بالعشرات وهي تنقل عبر شاشات التلفزيون (حزب الدعوة حقائق ووثائق /164) .
(1) و(2) الكلام موجّه لرئيس التحرير .
(1) الكلام موجه إلى رئيس التحرير .
(1) مدينة شعبية معروفة من ضواحي بغداد .
(1) واضح أن السيد العسكري متشائم من موضوع طاعة الناس لمراجعهم ربما يرجع السبب إلى
قدرات المرجع وامكانياته وآفاق تحركه والظرف الذي يعيشه ، وهناك ما يدحض رأي السيد
العسكري بصورة لا تقبل الشك ، بعد انتصار الثورة في إيران وتنفيذ جماهيرها لفتاوى وتعليمات
الإمام الخميني (المحرك الرئيسي للثورة ) وبالأمس القريب كان (ثورة التنباك) ضد الشاه القاجاري
بسبب سطور كتبها مرجع زمانه السيد محمد حسن الشيرازي وبقدر ما يتعلق الأمر بالعراق ، فإن
الجماهير التفت حول مراجع الدين وقاتلوا معهم في حرب غير متكافئة ضد المحتلين الإنكليز في
واقعة الشعبية عام 1911، ولم تنطلق ثورة النجف سنة 1918 ولا ثورة العشرين التحريرية في
العراق عام 1920 إلا بسبب فتاوى مراجع الدين .. نعم إن الجماهير بعد ذلك لم يحسن تربيتها
روحياً ولا توعيتها سياسياً ولا تثقيفها إجتماعياً بالإضافة إلى غموض العلاقة بين السلطة الحاكمة
والمرجعية من جهة ، وبُعد المرجعية عن أبنائها من جهة أخرى مع ازدياد الخواء الفكري والفراغ
العقائدي والجهل واستغلال الأحزاب والحركات الوافدة من الخارج لهذه الحالة ، فازدادت حالة
الأمة سوءاً وتدهوراً وهو ما أفضى إلى ما نحن عليه من الإحباط .
المفضلات