بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة على مولانا رسول الله وعلى آله الطيبين الطاهرين وأصحابه النجباء والموالين في مشارق الأرض ومغاربها من الأولين والآخرين إلى قيام يوم الدين .
بداية أتمنى بأن يهتم الأخوة جميعا في هذا الموضوع , الذي أسميته ( كنوز لا تفنى ) وقد طلبت من أحد المشرفين في موقع أشارك به بأن يتم تفعيل هذا الموضوع ولكن توقفت عن ذلك بسبب عدم تفعيل هذا الموضوع .
وأجدد دعوتي هنا في موقع الناصرة الكريم , وفي هذا الموضوع بالذات كونه قريب التسمية ( من كنوز الإمام علي عليه السلام ) ولا مانع من أن نعيد تسمية الموضوع أو أن نستمر فيه كما هو على نفس الأسم المهم المضمون وهو بأن يبادر جميع الاخوة إلى تسجيل مداخلاتهم المباركة المتعلقة في خطب وأقوال مولانا سيد البلغاء والحكماء الأمير عليه السلام على أن تكون مداخلاتهم هذه تتعلق في وصف هذا الزمان وحال الأمة التي مزقتها الفتن , مستفيدين جميعا من الكتب التي اهتمت في جمعها وذكرها , وربما بذلك نتمكن سويا من أن نجد موضوعا آخرا قيما في هذا المنتدى العزيز , يساعدنا والأخوة المهتمين والمطلعين عليه بتحسين مسارهم في هذه الحياة الدنيا ليكون بابا من أبواب الإرشاد والإعداد والتوجيه والتذكير التي أرادها مولانا الأمير لنا , وبذلك نجعل جميع الإخوة من المشاركين فيه بأسهل الطرق , متمنيا التجاوب في هذا الطرح لننتقل بعد الإنتهاء منه إلى الخطوة الثانية في نفس الموضوع ولكن على لسان الأئمة عليهم السلام إماما بعد إمام , وننهي هذا الموضوع المبارك بما ورد على لسان مولانا صاحب العصر والزمان عج الله تعالى فرجه الشريف , وأعتقد أننا لو الزمنا أنفسنا والتزمنا بذلك فسنتطيع أن نجعل في هذا المنتدى مواضيعا مميزة وهادفة ولا مثيل لها , لنتعاون سويا من اجل إعلاء كلمة الحق التي ستبقى خفاقة رغم أنوف الظالمين والمفسدين والحاقدين مهما طال الزمن أو قصر , ان الصبح لآت اليس الصبح بقريب ؟ بلى ان النصر لآت إن الفجر لقريب .
والمداخلة الأولى لي في هذا المضمون هي كالتالي :
عن جابر بن يزيد قال دخلت على أبي جعفرٍ – ع - فقلت يا ابن رسول الله قد أرمضني اختلاف الشيعة في مذاهبها فقال يا جابر ألم أقفك على معنى اختلافهم من أين اختلفوا ومن أي جهةٍ تفرقوا ؟ قلت بلى يا ابن رسول الله , قال فلا تختلف إذا اختلفوا .
يا جابر إن الجاحد لصاحب الزمان كالجاحد لرسول الله – ص - في أيامه , يا جابر اسمع وع , قلت إذا شئت , قال اسمع وع وبلغ حيث انتهت بك راحلتك إن أمير المؤمنين – ع - خطب الناس بالمدينة بعد سبعة أيامٍ من وفاة رسول الله – ص - وذلك حين فرغ من جمع القرآن وتأليفه فقال :
الحمد لله الذي منع الأوهام أن تنال إلا وجوده , وحجب العقول أن تتخيل ذاته لامتناعها من الشبه والتشاكل , بل هو الذي لا يتفاوت في ذاته , ولا يتبعض بتجزئة العدد في كماله , فارق الأشياء , لا على اختلاف الأماكن , ويكون فيها , لا على وجه الممازجة وعلمها لا بأداةٍ , لا يكون العلم إلا بها , وليس بينه وبين معلومه علم غيره , به كان عالماً بمعلومه , إن قيل كان , فعلى تأويل أزلية الوجود , وإن قيل لم يزل , فعلى تأويل نفي العدم , فسبحانه وتعالى عن قول من عبد سواه واتخذ إلهاً غيره علواً كبيراً , نحمده بالحمد الذي ارتضاه من خلقه , وأوجب قبوله على نفسه .
وأشهد أن لا إله إلا الله , وحده لا شريك له , وأشهد أن محمداً عبده ورسوله , شهادتان ترفعان القول , وتضاعفان العمل , خف ميزانٌ ترفعان منه , وثقل ميزانٌ توضعان فيه , وبهما الفوز بالجنة , والنجاة من النار , والجواز على الصراط , وبالشهادة تدخلون الجنة , وبالصلاة تنالون الرحمة , أكثروا من الصلاة على نبيكم , إن الله وملائكته يصلون على النبي , يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليماً , صلى الله عليه وآله وسلم تسليماً .
أيها الناس , إنه لا شرف أعلى من الإسلام , ولا كرم أعز من التقوى , ولا معقل أحرز من الورع , ولا شفيع أنجح من التوبة , ولا لباس أجمل من العافية , ولا وقاية أمنع من السلامة , ولا مال أذهب بالفاقة من الرضا بالقناعة , ولا كنز أغنى من القنوع , ومن اقتصر على بلغة الكفاف فقد انتظم الراحة , وتبوأ خفض الدعة , والرغبة مفتاح التعب , والاحتكار مطية النصب , والحسد آفة الدين , والحرص داعٍ إلى التقحم في الذنوب , وهو داعي الحرمان , والبغي سائقٌ إلى الحين , والشره جامعٌ لمساوي العيوب , رب طمعٍ خائبٍ , وأملٍ كاذبٍ , ورجاءٍ يؤدي إلى الحرمان , وتجارةٍ تئول إلى الخسران .
ألا ومن تورط في الأمور غير ناظرٍ في العواقب فقد تعرض لمفضحات النوائب , وبئست القلادة الذنب للمؤمن .
أيها الناس , إنه لا كنز أنفع من العلم , ولا عز أرفع من الحلم , ولا حسب أبلغ من الأدب , ولا نصب أوضع من الغضب , ولا جمال أزين من العقل , ولا سوأة أسوأ من الكذب , ولا حافظ أحفظ من الصمت , ولا غائب أقرب من الموت .
أيها الناس , إنه من نظر في عيب نفسه اشتغل عن عيب غيره , ومن رضي برزق الله لم يأسف على ما في يد غيره , ومن سل سيف البغي قتل به , ومن حفر لاخيه بئراً وقع فيها , ومن هتك حجاب غيره انكشف عورات بيته , ومن نسي زللـه استعظم زلل غيره , ومن أعجب برأيه ضل , ومن استغنى بعقله زل , ومن تكبر على الناس ذل .
ومن وصية مولانا الأمير لولده الحسن المجتبى عليهما السلام يقول له فيها :
كيف وأنى بك يا بني , إذا صرت في قوم صبيهم غاو , وشابهم فاتك , وشيخهم لا يأمر بمعروف , ولا ينهى عن منكر , وعالمهم خب مواه , مستحوذ عليه هواه , متمسك بعاجل دنياه , أشدهم عليك إقبالا , يرصدك بالغوائل , ويطلب الحيلة بالتمني , ويطلب الدنيا بالاجتهاد , خوفهم أجل , ورجاؤهم عاجل , لا يهابون إلا من يخافون لسانه , ولا يكرمون إلا من يرجون نواله .
دينهم الربا , كل حق عندهم مهجور , يحبون من غشهم , ويملون من داهنهم , قلوبهم خاوية , لا يسمعون دعاء , ولا يجيبون سائلا , قد استولت عليهم سكرة الغفلة , إن تركتهم لم يتركوك , وإن تابعتهم اغتالوك , إخوان الظاهر , وأعداء السرائر , يتصاحبون على غير تقوى , فإذا افترقوا ذم بعضهم بعضا , تموت فيهم السنن , وتحيا فيهم البدع , فأحمق الناس من أسف على فقدهم , أو سر بكثرتهم , فكن عند ذلك يا بني كابن اللبون , لا ظهر فيركب , ولا وبر فيسلب , ولا ضرع فيحلب .
فما طلابك لقوم , إن كنت عالما عابوك , وإن كنت جاهلا لم يرشدوك , وإن طلبت العلم قالوا متكلف متعمق , وإن تركت طلب العلم قالوا عاجز غبي , وإن تحققت لعبادة ربك , قالوا متصنع مراء , وإن لزمت الصمت , قالوا ألكن , وإن نطقت قالوا مهذار , وإن أنفقت قالوا مسرف , وإن اقتصدت قالوا بخيل , وإن احتجت إلى ما في أيديهم صارموك وذموك , وإن لم تعتد بهم كفروك , فأصغاك من فرغ من جورهم , وأمن من الطمع فيهم , فهو مقبل على شأنه , مدار لأهل زمانه , ومن صفة العالم أن لا يعظ إلا من يقبل عظته , ولا ينصح معجبا برأيه , ولا يخبـر بما يخاف إذاعته , فهذه صفة أهل زمانك .
لا تودع سرك إلا عند كل ثقة , ولا تلفظ إلا بما يتعارفون به الناس , ولا تخالطهم إلا بما يعقلونه , فاحذر كل الحذر , وكن فردا وحيدا , العدد القوية , واعلم أن من نظر في عيب نفسه شغل عن عيب غيره , ومن كابد الأمور عطب , ومن اقتحم اللجج غرق , ومن أعجب برأيه ضل , ومن استغنى بعقله زل , ومن تكبر على الناس ذل , ومن مزح استخف به , ومن كثر من شيء عرف به , ومن كثر كلامه كثر خطاؤه , ومن كثر خطاؤه قل حياؤه , ومن قل حياؤه قل ورعه , ومن قل ورعه قل دينه , ومن قل دينه مات قلبه , ومن مات قلبه دخل النار .
فسلام الله عليك يا سيد البلغاء والحكماء والأوصياء والنجباء أبدا ما بقيت وبقي الليل والنهار , سلام الله عليك وعلى ابن عمك المختار وآله الأبرار حجة الله على العالمين الأخيار ورحمته وبركاته ملأ سماواته وأرضه ومداد كلماته وزنة عرشه ورضا نفسه .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
المفضلات